-قديمآ تعلمنا أن الصيام كتبه الله تبارك وتعالى ليشعر الغني بالفقير ، هذا كلامٌ لا يُسمن ولا يُغني من جوع فلو أن لهذا الكلام وجهةٌ في التلقي عن الله تبارك و تعالى لما صام الفقير ولكتب الله هذه الفريضة على الأغنياء فقط.
-هنا أساس الفهم الخاطئ فهذا التعريف يُسرِّبُ إلى النفس البشرية أن المسألة تقف عند حد الطعام والشراب والجماع و فقط ، و هذا الفهم يجعل صاحبه لا يصوم على مُراد الله تبارك وتعالى وإنما يصوم على ما شاع من الفهم الخاطئ .
-الله تبارك وتعالى أوجد الحكمة والعلة في مطلع آيات الصيام (( لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون )) ولعل في كلام الله تبارك وتعالى تُفيد الغاية
“غايتي من فرض الصيام عليكم أن تخرجوا منه على التقوى”.
-أطرح عليكم سؤالآ و من خلال السؤال والإجابة نتعرف على ما يجب أن يكون عليه الواحد منا يوم الصيام :-
الرجل في المثال مُمسِكٌ بلا شك عن الطعام والشراب والشهوة الحلال في الجماع-وهذا هو تعريف الصائم بلا شك- افترض أنه جآئه وسواسٌ في الخيال عن أي شهوة أو عن أي شئ حرام فأخذ يتصور ويفكر ويتذكر وأطلق لخياله العنان ؟؟
بل وإني أصعد وأصعب الأمر- أو حتى في شئ آخر حلال-فأخذ يتخيل زوجته مثلآ في مسألة الجماع ، إن لم ينته عن هذا الفكر و هذا التخيل فهل هو على هذه الحالة صائم ؟؟!!
الصيام ” إمساك عن الطعام والشراب والشهوة ” هذا هو الشائع في التعريف ولكن هل عرَّف أحدنا الصيام على أنه ” الإمساك عن التنقل من حالةٍ إلى حالةٍ ولو بالفكر ولو في الخيال ” ؟؟!!.
-من منا يستطيع أن يقول لهذا الذي يتكلم في الأعراض في نهار صيامه كُل و اشرب بالمرَّه فلستَ بصائم ؟
، أو لهذا الذي يأتي مسألةً حراماً-أو حتى فيها شُبهةٌ-في نهار صيامه لستَ بصائم؟
أو لهذا الذي يخطط لمعصية في نهار الصيام ليفعلها بعد المغرب (ليكون حينها قد أفطر )لست بصائم؟؟
رسول الله قالها وبقوةٍ في الأداء مُنقطعة النظير في الصياغة اللغوية :
“من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجةً في أن يدَعَ طعامه وشرابه ” ،
*[و العمل به أي بالزور ]
،
أي أن من ظلم في نهار الصيام ليس بصائم من تكلم في الأعراض في نهار صيامه ليس بصائم (و هذا في تعريف الصيام الغالب الذي أرى أنه يحتاج إلى مراجعة ) لأن مسألة من الفجر إلى المغرب متعلقة بالطعام والشراب والجماع فقط ، لكن أنت بعد العشاء يظل اسمك صائمآ ولو سابَّك أو قاتلك أو شاتمك أحدٌ هل سترُد عليه ؟؟
لا… فأنت صائم وارجع لتعريف حديث رسول الله
” فإذا كانَ يومُ صومِ أحدِكُم فلا يرفُثْ ، ولا يصخَبْ ، فإن شاتمَهُ أحدٌ أو قاتلَهُ ، فليقل : إنِّي امرؤٌ صائمٌ “
لم يقل رسول الله فإذا كان ( نهار ) صوم أحدكم ، لذلك الذي تكلم مثلآ في الأعراض ( بعد المغرب ) هذا أيضآ ليس بصائم وهذه الأمور كلها أرادها الرسول من قالة “فإذا كان يوم صوم أحدكم”
الرسول يُريد أن يُعلمك أن الصيام يقودك الى البِّر ، التقوى ، الإحسان ، وكل الأمور التي ساعة يُوسوس لك الشيطان بعكسها ، الصيام يُذكِّرك و التقوى تدفعك أن ترد هذه الوساوس بعد رمضان .
الغاية والعلة والحكمة من الفريضة أن تخرج من هذا الشهر بتقوى مُنقطعة النظير تختلف عن تقواك قبله ،
لذلك الذي يأتي الحرام بعد رمضان فليعلم تلقائيآ أنه ما صام على مراد الله بل وهناك شكٌ كبير هل قبل الله منه هذا الصيام الأعوج ، لأنه ما تحقق فيه قول الله (( لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون ))
الصيام فريضةٌ غايتها التقوى فإن لم تتحقق التقوى فما فائدة الفريضة ؟؟!!!