كنز البطاقة 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

بسم الله الرحمن الرحيم .الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله(صلى الله عليه وسلم). 

أهلاً وسهلا ًبكم والحلقة الثالثة من برنامج الكنز المفقود. 

موضوع حلقة اليوم "حديث البطاقة". قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "إن الله سيٌخلـِّص رجل من أمتى (أى يوقفه امامه) فينثر له (اى يفتح له) تسعة وتسعون سجلاً (اى تسعة وتسعون كتاباًمن السيئات) كلها مد البصر فيقول له رب العالمين. عبدى اتنكر شيئا من هذه السجلات يقول لا يارب. 
فيقول الله: أظلمك كتبتى؟ (الكتبة الحافظين من الملائكة) يقول لا يارب. 
فيقول الله: ألك حسنة؟ (أى ألك حسنة لم تكتب فى السجلات) فيقول لا يارب. 
فيقول رب العالمين: بلى بقى لك حسنة عندنا. فتخرج بطاقة مكتوب عليها لااله إلا الله محمد رسول الله(أى قد قالها فى يوم بصدق وشعربها وشعر أن الله هو ملك هذا الكون). 

قال (صلى الله عليه وسلم) فتؤتى بسيئات الرجل والبطاقة. قال فتوضع السيئات فى كفه ثم توضع البطاقة فى كفة فتطيش كفة السيئات ولا يثقل مع اسم الله شىء. هذه صورة من صور رحمة الله يوم القيامة فالله يرحم من يشاء ويعذب ما يشاء عبد من عباد الله فى يوم من الأيام شعر أن الرازق والمانع والمعطى هو الله فقال لا اله إلا الله من قلبه فكتبت فى بطاقته ونسيها ولقى الله يوم القيامة وهو مذنب ومسىء فأخرج الله له هذة البطاقة فعلم قدر هذه الكلمة 
لذلك كل الأنبياء أرسلهم الله من آجل هذه الكلمة وهى (لا اله إلا الله). 

قال تعالى: (( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ)) 

لأن "لا اله إلا الله" ليست كلمة وإنما رؤية قلب لذلك عندما سئُل النبى (صلي الله عليه وسلم) عن الإحسان قال: "أن تعبد الله كأنك تراه فأن لم تكن تراه فانه يراك" 

وقال تعالى: ((وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا )). 

وسنذكر إبراهيم عليه السلام فى موضوع حسن الإسلام لأن إبراهيم لم يكن يرى غير الله فلم يكن يرى أن أحد مؤثر غير الله. ولذلك عندما ألقى إبراهيم فى النار قال: "حسبى الله ونعم الوكيل" أى أنه لايوجد مؤثر حقيقى فى الكون الا الله وحسبى الله ونعم الوكيل. قالها إبراهيم عندما ألقى فى النار وقالها محمد (صلي الله عليه وسلم) حين قيل له أن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل. 

كنز أن يرى الإنسان أن كل آمر فى الدنيا من تصريف الله لذلك عندما القى إبراهيم فى النار جاءة جبريل وقال له. ألك حاجة. فقال إبراهيم أما منك فلا. 

--- فاصل --- 

ربما يكون هناك الكثير من المسلمين الذين لا يشعرون بمعنى "لااله إلا الله" لأنهم تعودوا عليها ونشأوا عليها ونحن لدينا فى برنامجنا فقرة عن بعض الناس الذين لهم حال مع الله وشعروا ووجدوا الكنز المفقود. 

وهذه الفقرة عن سيدة عاشت على غير الإسلام فترة من حياتها ثم شعرت بـ "لااله إلا الله". ثم تم عرض تقرير لسيدة هولندية تقول أنها اسلمت منذ 26 عام إلتقت بزوجها فى هولندا وتزوجت به وأرادت ان تتعرف على الدين الإسلامى وتقول أنها أعتنقت الإسلام بفضل"لااله إلا الله".  وتقول أنها بعدما إسلمت أرتدت الحجاب وتعلمت الصلاة والصيام ثم اتفقت هى وزوجها أن تنزل الى مصر حتى ينشىء الأولاد فى مجتمع مسلم. وتقول أن لديها ولدين عبد الله وأحمد يحفظان القرآن كاملآ اما عمر يحفظ 26 جزء وتقول أنها تحاول أن تعلم حفيدها عبدالرحمن فضل كلمة "لا اله إلا الله" وتقول أن عمره خمس سنوات ونصف وهو يحفظ نصف جزء (عم) وتقول أن من يرسمون الرسوم المسيئة للنبى (صلى الله عليه وسلم) هم لايعلمون معنى كلمة "لا اله إلا الله" كما أنهم يخشون من الذين يعتنقون الدين الإسلامى لأن نسبتهم تزيد. 

--- بعد التقرير --- 

قال تعالى " قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آَلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ " 

أى أن قوم إبراهيم أرادوا إحراقه وألقوه فى النار ولكن ارادة الله أن تكون النار برداً وسلاماً على إبراهيم فكانت النار برداً وسلاماً على إبراهيم. لذلك لو اقتنعنا بأن النافع والضار هو الله نكون وجدنا الكنز المفقود. فالكفار كانوا يعلمون أن للكون إله. 

وذلك فى قوله تعالى: ((وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ )) ولكنهم كانوا يعتقدون أن الأصنام آلهة تنفع وتضر لذلك كانوا يذبحون لها الذبائح ويقربوا لها القرابين. 

عكرمة بن ابى جهل كان النبى (صلى الله عليه وسلم) قد اهدر دمه فلما دخل النبى (صلى الله عليه وسلم) مكة فاتحاً فر عكرمة وركب البحر فلما ركب البحر أضطربت الأمواج فقال قائد السفينة وكان كافراً "أيها الناس اعلموا أن الهتكم لن تنفعكم هنا فالجأوا لرب السماء وتضرعوا له" فتذكر عكرمة كلام النبى (صلى الله عليه وسلم) فقال لئن لم ينجنى فى البحر إلا رب السماء فلن ينجينى فى البر إلا هو. فرجع عكرمة للنبى (صلى الله عليه وسلم) وإسلم على يد النبى (صلى الله عليه وسلم) وحسن إسلامه ومات شهيداً. 

إذاً الكفار يعلمون ان لهذا الكون إله والواجب إذاً على المسلم أن يعلم بأن لهذا الكون إله مدبر. لذلك ابن عطاء الله يقول "أنت مع الاكوان ما لم تشهد المكون فإذا شهدت المكون كانت الاكوان معك" والاكوان هى المخلوقات والمكون هو الله. أى أن الانسان يكون عبد للمخلوقات ما دام لم يعرف الله عز وجل فاذا عرف الله صار هو سيد لهذة المخلوقات. 

لذلك النبى (صلى الله عليه وسلم) يقول "تعس عبد الدرهم وعبد الدينار وعبد الخميصة تعس وانتكـس وإذا شيك فلا انتقش" 

وعن فضل لا إله إلا الله يقول النبى (صلى الله عليه وسلم) عندما سأله ابو هريرة وقال يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال يا أبا هريرة أسعد الناس بشفاعتى يوم القيامة من قال لا إله إلا الله مخلصاً من قلبه صدق رسول الله (صلى الله عليه وسلم). 

والعلماء يقولون أن اللسان لا ينطق بكلمة إلا إذا قالها القلب فمن قال "لا إله إلا الله" مخلصاً أى أن قلبه كان مخلصاً كتبت فى بطاقته ووجدها فى ميزانه يوم القيامة. 

وقد كان الإمام الشافعى لا يرى إلا الله وكان يعلم أنه لا معطى إلا الله فكان يقول "رأيت القناعة كنز الغنى فصرت بأذيالها ممتسك فلا ذا يرانى على بابه ولاذا يرانى به منهمك فصرت غنيا بلا درهم أمُرُ على الناس شبة الملك". 

فالله عز وجل يغار على قلب المؤمن من أن يتعلق بغيرة تعالى لذلك يقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) "لايزنى الزانى حين يزنى وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن" فلو رأى العبد أن شهوته وسعادته فى الزنا وليست بيد الله ولو رأى أن شهوته وسعادته فى أن يأخذ مال حرام وليست بيد الله يسلب الله منه الايمان. 

الكنز المفقود اليوم ألا ترى فى الكون فاعل إلا الله ولا مشيئة إلا مشيئة الله ولا عطاء إلا من الله ولا منع إلا من الله. 

الوصية: 
الاخلاص لا يعلم به إلا الله فهو عليم بذات الصدور ومشكلة الرياء تكمن فى أن قيمة الناس عند المرائى عالية ونسى أن كلام الله هو الاعلى. 

الأمر الأخير: أمر متعلق بالناس فإذا كان الله هو الذى ينفع ويضر ويسامح فعامل الله فى الناس؟ 
فلا تعطى من يعطيك وتمنع من يمنعك بل عامل الله فى الناس فاعطى الجميع واكرم الجميع وسامح وحب حتى يحبك الله عز وجل. 

وصلى اللهم على سيدنا محمد

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.