هناك مقاعد بجوار حبيبك النبى صلى الله عليه وسلم لأحسن الناس خلقًا، أقربكم منى مجلسًا يوم القيامة أحسنكم خلقًا، فهل حجزت مقعدك من الآن أم مازلت فى المقاعد المبتعدة، نعم إنها لمكانة عالية وغالية لمن عمل لها من الآن؛ لآنها تحتاج إلى جهد متواصل وصبر كبير حتى تصل إلى هذه المكانة الرفيعة، وهى يسيرة لمن وفق لها.
ولأهمية الأخلاق فقد وصى بها القرآن الكريم فى كثير من الآيات فقد زكى الله نبيك فقال سبحانه (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ).
وزكى رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ).
وأكثر ما يدخل الجنة تقوى الله وحسن الخلق، والمرء يبلغ بحسن خلقه درجة الصائم القائم، والبر حسن الخلق.
قال ابن القيم رحمه الله : الدين الخلق فمن زاد عنك فى الخلق زاد عنك فى الدين، ومن نقص عنك فى الخلق نقص عنك فى الدين، وقال بعض السلف من ساء خلقه ضاق رزقه.
ومن أجمل ما قال شوقى رحمه الله ( إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا ) وقال أيضًا ( إذا أصيب القوم فى أخلاقهم فأقم عليهم مأتمًا وعويلا ).
وهناك أخلاق القلب وأخلاق اللسان وأخلاق الجوارح ، أخلاق القلب تشتمل على الحب والرحمة وكظم الغيظ والعفو وغير ذلك، وأخلاق اللسان تشمل على القول الحسن والذكر وقراءة القرآن والاستغفار والدعاء وغير ذلك، وأخلاق الجوارح تشمل على الصدقة وإعانة الآخر وإماطة الأذى وغير ذلك.
وأكثر ما يدخل الناس الجنة هى أخلاق اللسان، ولذلك وصى نبينا صلى الله عليه وسلم اضمن لى ما بين لحييك وما بين فخذيك أضمن لك الجنة.
وكان أبو بكر الصديق رضى الله عنه الذى لو وضع إيمانه فى كفه وإيمان الأمة فى كفه لرجح إيمان أبى بكر، كان يمسك لسانه ويقول هذا الذى أوردنى الموارد.
وهناك علاقة قوية بين الأخلاق والغضب وكظم الغيظ، فكل ما حولك يدعوك لفقد أعصابك والتلفظ بما يسوء خلقك، ولكن تذكر دائمًا أن هناك مقاعد خالية بجوار النبى صلى الله عليه وسلم تناديك فاكظم غيظك وحافظ على خلقك من أجل هذا المقعد.
والأخلاق تكتسب من الصغر ولذلك ذكروا التربية قبل التعليم، فعلى كل أب وكل أم أن يحسن تربية أولاده وأن يربيهم على الأخلاق الحميدة؛ لأن كلكم راع وكلكم مسئول عن راعيته، وأن ما نراه الآن من سوء خلق هو نتيجة لسوء تربية، فكل ما يفعله الأبناء من خير أو يشر يحسب عليك أما فى ميزان حسناتك أو ميزان سيئاتك، فأحسن التربية من الصغر، وتابع أولادك حتى الكبر حتى يكونوا لك صدقة جارية بعد مماتك، و حتى نرى مجتمع يسوده الأخلاق الحميدة.
ساحة النقاش