لعلك عندما قرأت اسم المقال دب فى قلبك اليأس من عدم تطبيق هذا المعنى الجميل، الذى يدعوا إلى الوحدة وعدم الفرقة، ولعل ما يحدث حولنا فى هذه الأيام يزيدك يأسًا فوق يأسك من تشتيت لشمل المسلمين فى كل مكان، وتفرقهم إلى أحزاب وجماعات والكل يَدعى أنه على الحق والصواب ولم يسمع أحدهم لقول الله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِى الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِى شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً )
من منا أرجع خلافه إلى الله ورسوله، من منا عرض مشكلته وخلافه مع أخيه على القرآن وعلى الأحاديث النبوية، وقد قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ( تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدى أبدًا كتاب الله وسنتى )، فقط هو القرآن والسنة ولكن عندما تركناهم ضعفنا وتفرقنا وكل منا يدافع عن رأيه، ويعتقد أنه على الحق ولا يعلم أنه مخالف لما أُنزل على رسوله باتخاذه جماعة غير جماعة المسلمين.
يا جماعات.. يا أحزاب.. يا سلفيين.. يا إخوان.. يا صوفيين.. يا أهل الشمال.. ويا أهل الجنوب.. ويا أهل الغرب.. ويا أهل الشرق.. يا من تفرقتم وشتتم شملنا.. يا من ولاكم الله أمرنا يا أخوانى جميعًا هو سماكم المسلمين.. كلنا مسلمين.. كلنا من أدم، وأدم من تراب إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، لا فرق لأبيض على أسود ولا لأعجمى على عربى إلا بالتقوى، أن أكرمكم عند الله أتقاكم.
إن أعدائنا درسوا أحوالنا جيدًا، وعرفوا أن أقصر الطرق لتشتيتنا وضعفنا هو التفرقة بيننا وتقسيمنا إلى أحزاب وجماعات، وسعوا فى ذلك بكل الطرق ونجح منا فى تسهيل ذلك لهم، ألم يأن الآوان أن نفيق من غفلتنا ألم يأن الأوان أن نعتصم بحبل الله جميعًا ولا نتفرق.
قال الله تعالى ( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا )
إن أوربا فى العصور الوسطى فشلوا فى التعايش فيما بينهم، وقامت بينهم حروب كثيرة راح ضحيتها آلاف البشر إلى أن قاموا بالحروب الصليبية على المسلمين، وكنا وقتها متحدين فيما بيننا إلى حد كبير بخلاف بعض الفرق الضالة، وتعلموا من المسلمين الاتحاد ورجعوا إلى بلادهم طبقوا إسلام بدون أن يسلموا، وأصبحت التأشيرة الواحدة تدخل بها جميع دول الاتحاد الأوربى وأصبح الذى يفصل الدول عن بعضها علامات أرضية فقط، لا يوجد أسوار ولا أسلاك ولا حواجز، ولا عقد بينهم وبدون التعايش بينهم والاتحاد على الأقل الاتحاد الشكلى لما نجحوا فى نهضتهم .
لقد علمنا ديننا أن الخلاف مستمر وأن الغير مختلفين مرحومون من الله، تدبر قول الله تعالى (وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِين ).
علمونا قديمًا أن العود محميًا فى حزمته وضعيفًا حين ينفرد، وهذا ما نراه على المستوى المحلى من ضعف لعائلات كبيرة وبيوت أصبحت مشتتة بسبب اختلافهم وعلى المستوى العالمى بين الدول.
أن التفرقة أورثت ضعفًا فى القلوب والصفوف، ألا تعلم أن أعدائنا يحسدوننا على يوم الجمعة وعلى القبلة وعلى قولنا خلف الامام آمين، ألا تعلم أن الله يحب الذين يقاتلون فى سبيله صفًا، ألا تعلم أن الله لا ينظر إلى الصف الأعوج فى الصلاة، ألم تسمع لقول حبيبك صلى الله عليه وسلم عندما كسع رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار فقال ما بال دعوة جاهلية وأمرهم بأن يدعوها فإنها نتنة.
وقال فى مواضع أخرى ليس منا من دعى إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية وليس منا من مات على عصبية.
كل هذا يدعونا إلى الاتحاد ولم الشمل والالتفاف حول القرآن والسنة، وترك كل ما هو بدعه وندعو جميعًا بقلوب صادقة أن يؤلف الله بين القلوب وأن يجمع شمل المسلمين، وأن يبدأ كل واحد بنفسه فيصلح منها.
وإلى لقاء آخر بإذن الله...
ساحة النقاش