العشر الأواخر تحضير لفرحة العيد بل شهر رمضان كله تحضير وتجهيز القلب لفرحة العيد. كيف ذلك ؟

 

من بداية رمضان يمتنع المسلم عن مباحات يمارسها بحُريَّة في غير رمضان والعيد هو موعد عودة الإباحة.

 

هذه فرحة النفس وهى الفرحة الفطرية باحتياجات البدن

ومع بداية رمضان يدخل الإنسان في اختبار يومي وكثيرون يدخلون في صراع ومعركة مع النفس.

 

والعيد هو يوم النجاح والفوز وانتهاء المعركة بانتصار الصائم على نفسه وامتثاله لأمر ربه وهذه فرحة القلب التي عبر عنها الرسول (صلى الله عيه وسلم) "وإذا لقي ربه فرح بصومه".. لأنه لقي ربه راضيا ً عنه كما رأى صومه ثوابا ً .

 ومع العشر الأواخر يزداد المنع ويوضع قيد جديد، فيعتكف المؤمن

وهذا الاعتكاف يعنى الحرمان من مباحات كثيرة وعادات يومية مألوفة.. فهو لن يجالس أولاده ولن ينام في وسط عياله وسيعتزل زوجته وسيعيش في المسجد حياة متقشفة عن حياة البيت.. فلن ينام على السرير بل على الأرض ولن يأكل بطريقته المعتادة ولن ولن .....

 والعيد هو موعد العودة إلى البيت وفك الاعتكاف ولقاء الأبناء والزوجة وهذه فرحة فطرية.

 ـ وفى رمضان شعر المؤمن بمعاناة الفقراء ولم يقف مكتوفا ً تجاه هذا الشعور بل أطفأ هذه الحرقة بعمل وهو الصدقة والمواساة بأنواعها ورأى السرور الذي أدخلته صدقته على الأرواح المحتاجة وهذه فرحة مركبة.. فهي فطرية تفرح بها كل النفوس السوية مؤمنة وغير مؤمنة وفرحة كذلك إيمانية نابعة من حبه للمؤمنين كما أنها نابعة من فرحته بانتصاره على نفسه وتحليه بالإنفاق في سبيل الله والإنفاق يشرح الصدر.

 وهو في يوم العيد ينفق بسخاء وينفق على من يحبهم من أقاربه فيزداد انشراح صدره.

 ومن بداية رمضان يبدأ المؤمن في مجاهدة نفسه على العبادات وينجح في كثير مما يتمناه لنفسه وها هو يرى نفسه فاتحا ً لكتاب الله تاليا ً للقرآن مراجعا ً لما حفظه منه مصليا ً في المسجد فهو مستقيم.

 والعيد هو موعد نجاحه في المواظبة على الاستقامة المطلوبة.

 وفى رمضان بدأت الروح تتنفس فقد خف ضغط المادة والجسد عليها كما أنها لقيت بعض الاهتمام بعد أن خف الاهتمام بالجسد.. وها هي تتمتع بقراءة القرآن وبالصلاة وبجلوسها بجوار الملائكة في مجالس العلم والذكر.

 ومع العشر الأواخر زاد الاهتمام بالروح وفتحت لها أبواب أكثر وفرص أوسع للتذلل لله تعالى.. والإقبال عليه والقرب منه والأنس به وذوق محبته والرضا به والشوق إليه.. فتغذت الروح وانتعشت وفرحت.

والعيد هو ختام هذه الفرحة بنصيبها الذي حصلت عليه وحصيلتها التي ظفرت بها من بين أنياب الدنيا وهمومها وسيطرتها على ساحة القلب.

 

وفى رمضان رفع المؤمن مشاكله وشكي همومه لخالقه العلى الكبير وكلما  اجتهد في الدعاء انزاحت الهموم عن كاهله .. فهو يزداد اطمئنانا ً بأن شكواه قد وصلت .

 وفى العشر الأواخر تزداد الفرص وتفتح أبوب أكثر لمناجاة الحي القيوم والتضرع له وبث الأحزان إليه.  أما صلة الأرحام فهي تختلف في مذاقها عند المؤمن من غيره فنحن قبل أن نلتزم كنا نود أقاربنا باعتبارهم أقاربنا ودمنا يعنى باعتبار التقاليد وهذا تقليد تختلف الأسر في الاهتمام به من عدم الاهتمام.. فبعض الأسر لا تعير الأقارب أي اهتمام لأسباب كثيرة.. وبعضها يهتم على قدر الواجب الذي يدفع عنه المذمة أمام الناس ليس إلا.. ولذلك تأتى صلة الأقارب فاترة والعلاقات ضعيفة

أما بعد الالتزام فقد أصبح الأمر أمر دين وعبادة لله تعالى بل أقصد أنه حق من حقوق الله الذي يكره تركه ويؤاخذ عليه ويحب فعله ويكافئ عليه في الدنيا قبل الآخرة.

ومن هنا يأتي العيد فرصة لصلة الرحم التي يصل الله من وصلها ويقطع من قطعها ويجد المؤمن بركة في حياته بسبب صلته لرحمه.

ويرى حديث الرسول (صلى الله عليه وسلم) في الواقع " من أراد أن يبارك له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه"

كما أن صلة الأقارب فرصة للقيام بواجب دعوتهم فهم أحق بالدعوة" وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ "

وكثير من المسلمين يجتهد في العشر الأواخر ويتعب سواء في العبادة أو في العمل الخيري وإدخال السرور على المسلمين لدرجة يشتاق فيها إلى نوم ساعات والعيد هو موعد نهاية التعب.

ولأنه واثق أن طاعته في رمضان كانت بفضل الله وتوفيقه.. فهو يشعر بفضل الله عليه وبرحمته به "قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ

وإجمالا ً فإن الحصيلة التي يخرج بها المؤمن من رمضان هي المعنى الكامن الذي يحرك الفرحة في أعماقه.

فهو يشعر بجديد في روحه وقلبه وهذا الجديد يستحق الفرحة.

تقبل الله منا ومنكم.. وكل عام وأنتم بخير..

 

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 173 مشاهدة
نشرت فى 28 يونيو 2016 بواسطة denary

ساحة النقاش

على الدينارى

denary
موقع خاص بالدعوة الى الله على منهج أهل السنة والجماعة يشمل الدعوة والرسائل الإيمانية والأسرة المسلمة وحياة القلوب »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

293,996