المؤمن يتلقى الأقدار كلها تلقى العبد

والعبد عارف بربه واثق موقن من صفاته  سبحانه

فهو موقن أن ربه سبحانه رحيمٌ رحمته وسِعت كل شىء كما قال النبى صلى اله عليه وسلم فيما رواه البخارى (إن الله تعالى كتبَ كتابًا عنده فوق العرش " إن رحمتى سبقت غضبى ")

وهو موقنٌ بأن ربه هو الحكيم العليم بل هوسبحانه أحكم الحاكمين لذا قال يعقوب عليه السلام لابنه الكريم نبى الله يوسف عليه السلام " إنَّ ربَّكَ عَليمٌ حَكِيِم " فلا يجرى شىء فى كون الله تعالى إلا لحكمة أ و عشرات أو آلاف الحكم .

كذلك يوقن العبد بأن ربه على كل شىء قدير لايُعجزه شىء ولايفوته شىء ولايخفى عليه شىء

وعلى ذلك فإن أى قَدَر يُقدِّره الحكيم الرحيم القدير  فمحال أن يصدر هذا القدر غير مَحفُوفٍ بالرحمةِ والحكمة.

ومن هنا فإن المؤمن يَتلقىَ القدر الذى يكرهه تَلقى العبد المحب لربه الذى قدر عليه هذا القدر فهو يحب ربه  ويثق فى صفاته فهو يراه خيرا له على كل حال كما قال النبى صلى الله عليه وسلم : (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له وإن أصابته ضراءُ صبر فكان خيرًا له ) رواه مسلم

والعبد حين تنزل عليه الشدة فإن أول مايشغله هو: ماذا يريد الله منه بهذا القدر؟ وماذا يحب منه مولاه وإلهه ؟

هل هو امتحان يمتحن به إيمانه؟ فيكون المطلوب منه إذأ أن يُثبت إيمانه وصبره وثباته؟

أم هل هو تطهير له وكفارة من ذنوب أذنبها فيكون المطلوب إذأ أن يستغفر ويتوب إلى الله تعالى ويكفر عن هذه السيئة ؟

أم أنه ابتعد عن ربه وانشغل عن عبوديته وربه يغار عليه أن ينشغل قلب عبده بغيره فيريد أن يعيده إليه وهو يعلم أن هذا البلاء هو الذى يعيده ؟فيكون المطلوب أن يرجع لمولاه بالطاعة والعبادة والدعاء والتضرع؟

أم أنه قصر فى حقوق العبودية والله تعالى يُعجِّل له العقوبه حتى لايوافيه بها يوم القيامة ؟ فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول( إذا أحبَّ اللهُ قومًا ابتلاهم فمن رضى فله الرضى ومن سخط فله السخط ) .وبالتالى فالمطلوب أن يرفع همته ويعرف حقوق العبودية ويقوم بها ؟

أم أن الله تعالى يريد أن يؤهله لخيرٍ جديدٍ ودرجةٍ جديدةٍ من العبودية ونوع ٍجديد ٍمنها ؟

قال ابن القيم البلاء إما عقوبةٌ على ذنبٍ فات وإمَّا تأهيل لخيرٍ قادمٍ لايتِم إلا بهذا البلاء ؟ فيكون المطلوب إذا أن يستوعب هذه الحكمة ويستفيد من هذا البلاء في التعليم والتدريب على كل مافى هذا البلاء من علمٍ جديدٍ يتعلمه، وتجربة مفيدة يمر بها، وسلوك وأخلاقٍ جديدةٍ يتعود عليها وهكذا .

وهكذا يفسر المؤمن البلاء الذى يقع فيه ويستقبل هذا البلاء استقبال العبد المُحب لمولاه الذى يُحبه ويريد به الخير دائما.

إن هذا التفسير الصحيح وهذا الاستقبال الجيد للبلاء هو الذى سيحدد مسار العبد طوال مسيرة البلاء حتى يرحل بإذن الله .

وبالتالى سيترتب على هذا المسار أيضا ماذا بعد رحيل البلاء ؟ماذا استفاد المؤمن هل هى محنة وذهبت أم أنه خرج منها أطهر وأنقى وأكثر علما وتجربة وعبودية لله تعالى؟

إن يوسف عليه السلام قد استفاد من خبرة السجن حكمةً عظيمةً لخصها عليه السلام فى قوله   ( إنه من يتق ويصبر فإن الله لايضيع أجر المحسنين )

إن البلاء سيرحل حتمًا بإذن الله هذه سنة الله التى أكَّدها فى كتابه العزيز  ( فإِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا )  وهذا البلاء له مابعده وربما يرحل فجأة فيفاجَأ الانسان أنه قد خرج الى مرحلة جديدة وطور متطور واسع فى حياته وقد كان البلاء فرصته التى لاتُعوَض لتعَلُمِ ماتحتاجه هذه المرحلة الجديدة لو أنه كان قد استفاد من هذه التجربة استفادةً إيجابية  ولكنها كانت فرصة وقد ضيعها بانشغاله بآلام البلاء وبالتفكير فيما هو مضمون مؤكد : متى سيأتى الفرج

 

إن البلاء وإن كان مملوءاً بالأم إلا أنه لايخلو من وجوه أو وجه إيجابى مفيد يستطيع صاحبه أن يستفيد منه لحياته المستقبلية فى الدنيا والآخرة 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 202 مشاهدة
نشرت فى 9 ديسمبر 2014 بواسطة denary

ساحة النقاش

على الدينارى

denary
موقع خاص بالدعوة الى الله على منهج أهل السنة والجماعة يشمل الدعوة والرسائل الإيمانية والأسرة المسلمة وحياة القلوب »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

291,615