علي الديناري

موقع دعوي يشمل نسمات من القرأن وشروح بعض الأحاديث ومدرسة الدعوةأسرة المسلمة والفكر والقضايا المعاصرة

 

التقييم والنقد الذاتى  ومعياره

سمعت من كثير من الإخوة الأفاضل أن هذا السلب الذى وقع على التيار الإسلامى ليس هينا ولابد أن وراءه أسبابا ثقيلة

وأنا أؤيد ذلك

ولذا فإن الحل الإيمانى يأتى من الوصول للأسباب الإيمانية التى بيننا وبين الله تعالى التى تسببت فى ذلك

الأسباب قبل المسؤل والمتسبب

ونحن نبحث الأسباب علينا أن نؤخر البحث عن المسؤل والمتسبب ليكون ذلك أيسر نفسيا فى الوصول الى الحقيقة ثم يأتى دور تحديد المسؤل إن احتجنا لذلك

من المسؤل ؟!

هذا هو السؤال الحساس فى الأمر كله إلا أن إيماننا وأخلاقنا تجعل الأقوى إيمانا منا هو الذى يتهم نفسه أولا ويتحسب لنفسه فيعترف فى الدنيا قبل أن تكون التبعة أثقل وأشد فى الآخرة كما تربينا وتعلمنا من الأنبياء ومن سلفنا رضوان الله عليهم

قال آدم عليه السلام هو وزوجته (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ) وكانت هذه هى الكلمات التى تلقاها آدم من ربه ليتعلم فى أول دروسه أقصر الطرق للتعامل مع خطئه

وقال نوح عليه السلام ( رب أعوذ بك أن أسالك ماليس لى بعلم وإلا تغفر لى وترحمنى أكن من الخاسرين ) وقال موسى عليه السلام ( رب إنى ظلمت نفسى فاغفر لى ) وكان رسولنا صلى الله عليه وسلم يدعو ويعلم أصحابه (اللهم إنى ظلمت نفسى ظلما كثيرا وإنه لايغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لى ..... ) الدعاء

وجاء خبر النصر مرة الى الفاروق عمر رضى الله عنه فسأل كم من الوقت كان بين بداية المعركة ونهايتها فلما أبلغوه بكى وقال ما تأخر النصر إلا بذنب أذنبتموه أنتم أو أذنبته أنا .

و كان بعضهم يدعو الله يوم عرفة اللهم لاترد الناس لأجلى

وتعلمنا أن اتهام الآخرين واستثناء النفس فيه تزكية للنفس وادعاء البراءة وهذا لايصح  

  بالتأكيد نحن جميعا شركاء فى هذه الآسباب أيا كان موقع كل منا لكن قد نختلف من واحد لآخر فى نوع ما تسبب به فى ما حدث وحجمه

والدليل على ذلك أن السلب قد وقع على الجميع أى نعم وقع بدرجات مختلفة ولذلك فيكفى الأكثر تسببا أنه الأشد سلبا  وفقدا وآلاما وجراحا ومحنا

هذا الإيمان وهذا الخلق هو الذى يجعل تقييمنا ونقدنا لنفسنا إيجابيا وبناء وآمنا من النتائج العكسية  وهوأأمن كذلك لكل منا وأسلم من أمراض القلوب التى تنتاب الانسان حين ينصب من نفسه حكما أوقاضيا نائيا عن الاتهام أو وصيا يدعى العصمة أو الإلهام أوالعبقرية التى لاتتوفر عند الباقين مما يصيبه بالعجب والكبر والغرور والفخروالتسلط واحتقار الناس

وهذه أمراض تصيب الجماعات كما تصيب الأفراد 

وقد يقال هنا إن هذا سيعنى ضياع الحقيقة ولكنى أقول بل العكس هذا الجو الايمانى أدعى لاعتراف الانسان بخطئه بسهولة وعدم المكابرة فيها مادام المقصود هو الوصول الى خدمة الدين وليس شنق المتسبب ورجمه خصوصا والإيمان والخلق لايمنع من قول الحق والصدق وإنما يلزم الانسان بالأسلوب الأجدى والأنفع والحركة الاسلامية مليئة بالتجارب فى النقد الذاتى  منها تجارب أليمة لم تصل إلى شىء بل وصلت الى الدمار والقطيعة واستئصال جماعات وتجارب أخرى أرقى إيمانيا وأخلاقيا كانت الخسائر فيه أقل بكثير

هذا النوع من الكلام هو بديهى عند القطاع الأكبر من التيار الاسلامى بل وكل المسلمين الواعين خصوصا والنصوص القرآنية والأحاديث النبوية محفوظة كما أن التجارب فى ذلك كثيرة ولكن  :

أنواع تناول القضية

بعضنا يبالغ فيه ويجعله وحده هو الاتجاه الذى ينبغى التفكير فيه وبالتالى يسيطر علينا نوع من اليأس والاحباط

وهذا النوع من التناول يؤدى بنا الى نوع جديد من جلد الذات والمبالغة والإفراط والاستمرار فى لوم النفس والتوسع فيه حتى يبدأ الانسان يحمل نفسه ومن معه المسؤلية عن كل خطأ ولا يرى أى أسباب أخرى شاركت فى الأزمة وهذا بالتأكيد يؤدى إلى الخلاف ثم إلى الإحباط وترك العمل أو إلى جر الأمور إلى التلاوم وتبادل الاتهامات ويدخل الشيطان فتسوء الأمور وتتسع الفجوة ويرتكب النا س سببا جديدا للفشل وهوالتنازع كما كان بين أصحاب الجنتين فى سورة القلم (وأقبل بعضهم على بعض يتلاومون ) وهو حال أهل النار والعياذ بالله( يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا انتم لكنا مؤمنين  ) فيردون عليهم ويعيدون إليهم الاتهام فى جدل لاينتهى (قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى...... ) الآيات من سورة سبأ

وبعضنا ينكراتجاه محاسبة النفس أصلا ربما ربما لاعتباره نوعا من الدروشة أو التفكير غير العلمى أو ثقة فى النفس او غرورا أو تخوفا من النتائج السلبية لهذه المحاسبة  كالوقوع فى جلد الذات والإحباط أو خوفا من سقوط القيادة فى نظر الأفراد أومن شماتة الأعداء والمنافسين ونحو ذلك فيهرب منه هروبه من المواجهة

والبعض يتناوله بأسلوب سىء يؤدى إلى مايسمى بشخصنة الموضوع وتأزيمه وتوحويله إلى ساحات نزال تهدم ولاتبنى وتفرق ولاتجمع والخطير فى ذلك أن يكون وراء هذا السلوب قصد غير سليم وتركة قديمة من جراح أو خلافات

المعيار الآمن  

والحقيقة أن كل المعانى الطيبة وأعمال القلوب لها معيار فى مقدار مايؤخذ منها وما يترك ثم إن التناصح له آدابه

أما المعيارفهو ناتج هذا العمل  وهذا هو قول الرسول صلى الله عليه وسلم (الحياء لايأتى إلا بخير ) فإذا أتى بغير الخير فهو إذاً ليس حياء

 فالرجاء فى الله تعالى والأمل فى رحمته إن أفضى إلى مزيد من العمل فهو خير أما إذا أدى إلى القعود وترك العمل فهو ليس برجاء

 

 وهكذا الخوف من الله إن أدى إلى خير وطاعة فهو خير فإن أدى إلى القنوط وترك العمل فهو ليس بخير ولاهو الخوف المقصود فهذه المحاسبة والتقييم إن أدى الى مزيد من البصيرة والاهتداء الى حقائق الأمور وبالتالى الى المخرج الحقيقى فهو صحيح أما إذا ادى إلى الإحباط واليأس والتلاوم والتنازع فلابد من مراجعة الطريقة التى يتم بها

المصدر: صفحتى على الفيس بوك
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 69 مشاهدة
نشرت فى 15 نوفمبر 2013 بواسطة denary

ساحة النقاش

على الدينارى

denary
موقع خاص بالدعوة الى الله على منهج أهل السنة والجماعة يشمل الدعوة والرسائل الإيمانية والأسرة المسلمة وحياة القلوب »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

310,535