علي الديناري

موقع دعوي يشمل نسمات من القرأن وشروح بعض الأحاديث ومدرسة الدعوةأسرة المسلمة والفكر والقضايا المعاصرة



كان أهل الكتاب ينتظرون قدوم النبي  ويستبشرون ببعثته صلى الله عليه وسلم
لماذا؟
 أما اليهود فلأن الله تعالى بشرهم به ووصفه لهم في التوراة كما قال تعالى في سورة الأعراف (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ)
قال القرطبي :
 الْإِصْرُ : الثِّقْلُ . وَالْإِصْرُ أَيْضًا : الْعَهْدُ ;
وَقَدْ جَمَعَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الْمَعْنَيَيْنِ ، فَإِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ كَانَ أُخِذَ عَلَيْهِمْ عَهْدٌ أَنْ يَقُومُوا بِأَعْمَالٍ ثِقَالٍ ; فَوُضِعَ عَنْهُمْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ الْعَهْدُ وَثِقَلُ تِلْكَ الْأَعْمَالِ ; كَغَسْلِ الْبَوْلِ ، وَتَحْلِيلِ الْغَنَائِمِ ، وَمُجَالَسَةِ الْحَائِضِ وَمُؤَاكَلَتِهَا وَمُضَاجَعَتِهَا ; فَإِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَصَابَ ثَوْبَ أَحَدِهِمْ بَوْلٌ قَرَضَهُ . وَرُوِيَ : جِلْدُ أَحَدِهِمْ . وَإِذَا جَمَعُوا الْغَنَائِمَ نَزَلَتْ نَارٌ مِنَ السَّمَاءِ فَأَكَلَتْهَا ، وَإِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ لَمْ يَقْرَبُوهَا ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَغَيْرِهِ
وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ) ]فَالْأَغْلَالُ عِبَارَةٌ مُسْتَعَارَةٌ لِتِلْكَ الْأَثْقَالِ . وَمِنَ الْأَثْقَالِ تَرْكُ الِاشْتِغَالِ يَوْمَ السَّبْتِ
وَلَمْ يَكُنْ فِيهِمُ الدِّيَةُ وَإِنَّمَا كَانَ الْقِصَاصُ . وَأُمِرُوا بِقَتْلِ أَنْفُسِهِمْ عَلَامَةً لِتَوْبَتِهِمْ ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ . فَشُبِّهَ ذَلِكَ بِالْأَغْلَالِ) أ.هـ
ـ كما أنهم كانوا يفتخرون على العرب ويستعلون عليهم بأنه سيبعث وسيقاتلونهم خلفه وينتصرون عليهم كما قال تعالى في سورة البقرة( وَكَانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَلَى على الَّذِينَ كَفَرُوا)
  قال ابن كثيروقد كانوا من قبل مجيء هذا الرسول بهذا الكتاب يستنصرون بمجيئه على أعدائهم من المشركين إذا قاتلوهم ، يقولون : إنه سيبعث نبي في آخر الزمان نقتلكم معه قتل عاد وإرم
إذن نتوقع أنهم إذا علموا بظهوره صلى الله عليه وسلم فسيكونون أول من يصدقه ويؤمن به ويدعو الناس الى اتباعه
ولكن ماالذي حدث؟
(فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ ۚ) ـ كفروا به رغم أنهم يعلمون أنه نبي قال تعالى
 
 رسول من عند الله يعرفون أوصافه كما يعرف أحدهم ابنه لايخطيء فيه
عَنْ سَلَمَةَ بْنِ سَلَامَةَ بْنِ وَقْشٍ ، وَكَانَ سَلَمَةُ مِنْ أَصْحَابِ بَدْرٍ ، قَالَ : كَانَ لَنَا جَارٌ مِنْ يَهُودَ فِي بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ . قَالَ : فَخَرَجَ عَلَيْنَا يَوْمًا مِنْ بَيْتِهِ حَتَّى وَقَفَ عَلَى بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ -  فَذَكَرَ الْقِيَامَةَ وَالْبَعْثَ وَالْحِسَابَ وَالْمِيزَانَ وَالْجَنَّةَ وَالنَّارَ
قَالَ :
فَقَالَ ذَلِكَ لِقَوْمٍ أَهْلِ شِرْكٍ أَصْحَابِ أَوَثَانٍ ، لَا يَرَوْنَ أَنَّ
بَعْثًا كَائِنٌ بَعْدَ الْمَوْتِ
فَقَالُوا
لَهُ : وَيْحَكَ يَا فُلَانُ أَوَتَرَى هَذَا كَائِنًا ، أَنَّ النَّاسَ
يُبْعَثُونَ بَعْدَ مَوْتِهِمْ إلَى دَارٍ فِيهَا جَنَّةٌ وَنَارٌ يُجْزَوْنَ
فِيهَا بِأَعْمَالِهِمْ ؟
قَالَ :
نَعَمْ
فَقَالُوا لَهُ : وَيْحَكَ يَا فُلَانُ فَمَا آيَةُ ذَلِكَ ؟
قَالَ :
نَبِيٌّ مَبْعُوثٌ مِنْ نَحْوِ هَذِهِ الْبِلَادِ ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى
مَكَّةَ وَالْيَمَنِ .
فَقَالُوا :
وَمَتَى تَرَاهُ ؟
قَالَ :
فَنَظَرَ إلَيَّ وَأَنَا مِنْ أَحْدَثِهِمْ سِنًّا ، فَقَالَ : إنْ يَسْتَنْفِدْ
هَذَا الْغُلَامُ عُمْرَهُ يُدْرِكْهُ .
قَالَ
سَلَمَةُ : فَوَاَللَّهِ مَا ذَهَبَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ
مُحَمَّدًا رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ حَيٌّ بَيْنَ
أَظْهُرِنَا ، فَآمَنَّا بِهِ ، وَكَفَرَ بِهِ بَغْيًا وَحَسَدًا . قَالَ :
فَقُلْنَا لَهُ : وَيْحَكَ يَا فُلَانُ أَلَسْتَ الَّذِي قُلْتَ لَنَا فِيهِ مَا
قُلْتَ ؟ قَالَ : بَلَى  وَلَكِنْ لَيْسَ
بِهِ)
يا ألله
وياليتهم اكتفوا بالكفر وعدم التصديق
انظر الى مافعلوا
ـ امرأة يهودية دعت النبي صلى الله عليه وسلم على شاة مسمومة وحاولت قتله صلى الله عليه وسلم
ـ   عن أبي هريرة - رضي الله عنه ـ قال : ( لما فُتِحت خيبر، أُهْدِيَت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - شاة فيها سم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اجمعوا لي من كان هاهنا من اليهود، فجمعوا له، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إني سائلكم عن شيء فهل أنتم صادِقيَّ عنه؟،
 فقالوا : نعم يا أبا القاسم ،
 فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من أبوكم؟،
 قالوا: أبونا فلان،
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : كذبتم بل أبوكم فلان،
فقالوا : صدقت وبررت
 . فقال : هل أنتم صادقي عن شيء إن سألتكم عنه؟،
 فقالوا : نعم يا أبا القاسم، وإن كذبناك عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا،
 قال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من أهل النار؟،
فقالوا : نكون فيها يسيرا ثم تخلفوننا فيها،
 فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اخسؤوا فيها، والله لا نخلفكم فيها أبدا . ثم قال لهم : فهل أنتم صادقي عن شيء إن سألتكم عنه؟،
 قالوا : نعم،
 فقال : هل جعلتم في هذه الشاة سما؟،
 فقالوا: نعم،
 فقال : ما حملكم على ذلك؟،
 فقالوا : أردنا إن كنت كاذبا نستريح منك، وإن كنت نبيا لم يضرك )( البخاري)
ـ وفي السيرة النبوية لابن هشام قال : " .. فلما اطمأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهدت له زينب بنت الحارث، امرأة سلام بن مشكم ، شاة مصلية وقد سألت أي عضو من الشاة أحب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ فقيل لها : الذراع فأكثرت فيها من السم، ثم سمَّت سائر الشاة ثم جاءت بها، فلما وضعتها بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تناول الذراع فلاك منها مضغة فلم يسغها ، ومعه بِشر بن البراء بن معرور ، قد أخذ منها كما أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فأما بشر فأساغها ، وأما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلفظها ، ثم قال : إن هذا العظم ليخبرني أنه مسموم، ثم دعا بها فاعترفت،
فقال : ما حملكِ على ذلك ؟،
قالت : بلغت من قومي ما لم يخْفَ عليك ، فقلتُ : إن كان مَلِكا استرحت منه، وإن كان نبيا فسيُخْبر
قال : فتجاوز عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومات بشر من أكلته التي أكل.
قال ابن القيم في زاد المعاد : " وجيء بالمرأة إلى رسول الله، فقالت : أردت قتلك، فقال : ما كان الله ليسلطك عليَّ،
قالوا : ألا تقتلها؟،
قال : لا، ولم يتعرض لها، ولم يعاقبها، واحتجم على الكاهل، وأمر من أكل منها فاحتجم، فمات بعضهم
واختلفت الروايات في التجاوز عن المرأة وقتلها، وجمعوا بأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تجاوز عنها أولا، فلما مات بِشر قتلها به قصاصا
ـ حاولوا قتله صلى الله عليه وسلم بإلقاء الحجر عليه وهو جالس تحت جدار عندهم
وهكذا
لماذا كذبوه وعادوه؟
قال تعالى(بئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَن يُنَزِّلَ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ )ۖ)
قال ابن كثير :
وإنما حملهم على ذلك البغي والحسد والكراهية ( أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده ) ولا حسد أعظم من هذا .


علام الحسد؟
كانوا يودون أن يكون الرسول الذي بشرهم الله به في التوراة من بني اسحاق بن يعقوب عليهما السلام ولكنه جاء من نسل اسماعيل عليه السلام
فكل هذه الحرب والعداوة والبغضاء لأنه لم يكن منهم
(فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ)
الخطبة الثانية
ان الله تعالى لخص لنا موقف أهل الكتاب من الرسل ومن رسولنا صلى الله عليه وسلم في سورة الصف التي قال في مطلعها (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ )
(وإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ ۖ)يؤذونه وهم يعلمون انه رسول من عند الله
(وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ۖ)
 بشرهم بقدومه إذن نتوقع أن يفرحوا به ويؤمنوا إيمانا منهم بالله وكتبه ورسله ولكن
(فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ )
فهذا موقف غير المسلمين من رسول الاسلام ومن أمة محمد صلى الله عليه وسلم كما ترون فماهو العمل
العمل في وصايا سورة الصف
أولا أن لاينهزم المسلمون نفسيا (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ       لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)
ثانيا (تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ)
تجددون إيمانكم وتثبتون على إيمانكم وتربون أجيالكم على الإيمان بالله فلاتتبعوا الا كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ولاتتحاكموا الا الى شريعة الله
( وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)
تظل الأمة الاسلامية في حالة جهاد مستمر إن لم يكن هناك جهاد قائم فليكن الاستعداد القلبي والإيماني والنفسي والمادي مستمرا كما تفعل كل الأمم
ثم (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصَارَ اللَّهِ)
ثم ضرب الله لنا مثلا تاريخيا حدث بالفعل (كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ) قال قتادة" قد كانت لله أنصار من هذه الأمة تجاهد على كتابه وحقه ". وذُكر لنا أنه بايعه ليلة العقبة اثنان وسبعون رجلا من الأنصار، ذُكر لنا أن بعضهم قال: هل تدرون علام تبايعون هذا الرجل؟ إنكم تبايعون على محاربة العرب كلها أو يُسلموا. ذُكر لنا أن رجلا قال: يا نبيّ الله اشترط لربك ولنفسك ما شئت، قال: أشترط لربي أن تعبدوه، ولا تشركوا به شيئًا، وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما منعتم منه أنفسكم وأبناءكم " قالوا: فإذا فعلنا ذلك فما لنا يا نبيّ الله؟ قال: " لكم النصر في الدنيا، والجنة في الآخرة "، ففعلوا، ففعل الله ".

 

 

 

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 67 مشاهدة
نشرت فى 16 سبتمبر 2024 بواسطة denary

ساحة النقاش

على الدينارى

denary
موقع خاص بالدعوة الى الله على منهج أهل السنة والجماعة يشمل الدعوة والرسائل الإيمانية والأسرة المسلمة وحياة القلوب »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

345,875