علي الديناري

موقع دعوي يشمل نسمات من القرأن وشروح بعض الأحاديث ومدرسة الدعوةأسرة المسلمة والفكر والقضايا المعاصرة

authentication required

 

 

 

الحمد لله الحكيم الخبير أحمده سبحانه حمداً يوافي نعمه ويكافيء مزيده  
علمنا رسولنا صلى الله عليه وسلم أن نحمده كل قبل طلوع كل شمس وقبل غروبها فنقول (اللهم إني أصبحت منك في نعمة وعافية وستر فأتم علي نعمتك وعافيتك وسترك في الدنيا والآخرة) ( اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بحد من خلقك فمنك وحدك لاشريك لك فلك الحمد ولك الشكر) .. فاللهم لك الحمد كله ولك الشكر كله وإليك يرجع الأمركله
سبحانه سبحانه (يسأله من في السموات والأرض كل يوم هو في شأن يفرج كربا ويشفي مريضا ويفك عانيا يرفع أقواما ويخفض آخرين هو الله
 هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ۖ هُوَ الرَّحْمَٰنُ الرَّحِيمُ (22)
هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23 )
 هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ ۖ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ۚ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)
والصلاة والسلام علي نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم
هو مِنَّة الله على المؤمنين  (لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا منهم ) من البشر يأكل الطعام ويمشي في الأسواق يصح ويمرض يرضى ويغضب يحب ويكره
ترنَّم ياشجي الطير واسجع   بذكر المصطفى بدر التمام
ملائكةُ السما فرحت سرورا  بمولد من تظلل بالغمام
نبيٌّ ألبس الدنيا جمالا         وزينها بنور واحتشام
فاللهم صل وسلم وبارك عليه صلاة تنزل بها علينا الساعة سكينة من عندك
تهدي بها قلوبنا
 وتشرح صدرونا
وتشفي بها مرضانا
 وتجعلنا بها من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه
أما بعد
الصحة نعمة من نعم الله على الانسان
 لكننا مقصرون في شكر هذه النعمة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(نعمتان مغبون غيهما كثير من الناس الصحة والفراغ ) رواه البخاري
ومعنى مغبون من الغُبن وهو الخسارة أي كثير من الناس خاسرفي استعمال صحته  تضيع صحته بغير فائدة، وفراغه في غير فائدة
والمرض قدر من أقدار الله على عباده لحكم كثيرة يعلمها الله تعالى منها
ـ أن يعرف الانسان قيمة نعمة ربه عليه في صحته فيشكر ربه عليها
ـ ومنها أن يحافظ الانسان على صحته فيكون هناك فرق بينه وبين الحيوان بالتزام الانسان بأعمال معينة بانتظام مثل النظافة وغيرها
وقد اهتم القرآن كما اهتمت السنة بالمرض فتعالوا بنا نتصفح المصحف لنقف مع بعض أيات القرآن التي حدثتنا عن المرض
ـ في أول المصحف أي في سورة البقرة سنجد القرآن يحدثنا عن المرض بقوله (في قلوبهم مرض ) وهؤلاء هم المنافقون الذين هم في الدرك الأسفل من النار وبذلك نفهم أن مرض القلوب أشد خطرا من مرض البدن ولذا فان مريض البدن عليه أن يحمد ربه أن مرضه في بدنه وليس في قلبه كان عمر رضي الله عنه يقول أن له في المصيبة أشياء تعزيه أولها أن المصيبة جاءت في دنياه وليست في دينه
ثم نجد اهتمام القرآن بعقيدة المسلم في المرض فيقول: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ (69إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ (70قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ (71)قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (72أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (73قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ (74قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ (75أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79)وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82 ( فالنفع والضر بيد الله وحده والمرض والشفاء بيد الله وحده
بيديك لابيد الطبيب شفائي ... ولآنت وحدك عدتي ورجائي
فاللجوء الى الأولياء والأضرحة شرك بالله واللجوء الى السحرة والمشعوذين من الموبقات فالذي ينفع ويضر ويشفي من المرض هو الله
ولذا فإن المرض امتحان للانسان في عقيدته وتوحيده لربه ومعرفته به
كما نجد قصة نبي الله أيوب علليه السلام ومرضه (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ (41ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ۖ هَٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ (42) وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَىٰ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (43) وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ ۗ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا ۚ نِّعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ (44)
وهذه قصة تواسي أصحاب الأمراض فقد جعل الله لهم نبياً يتأسون به والمريض عندما يتذكر أن نبي الله أيوب كان مثله مريضا فانه يشتاق لرؤيته عليه السلام والى سؤاله عن قصة مرضه الذي صبر عليه صبراً شديداً وقد حُكيت عن أيوب عليه السلام حكايات كثيرة لاتصح ولو كان فيها فائدة لذكرها القرآن لكن الذي يفيدنا هي هذه المعاني العظيمة التي في القرآن ومنها:
 أن المريض المؤمن يتوجه  الى ربه قبل كل شيء ومن فوائد المرض أنه يقرب العبد من ربه وبذلك يصير هذا المرض شفاء لقلبه الذي ربما كان بعيداً عن ربه ويصير هذا الضر نفعاً وهذه المحنة منحة فانظر الى أيوب عليه السلام وقارن بين أيوب قبل البلاء وبعده تجد ان نتيجة توجهه الى الله وتضرعه له أنه نال شهادة الله له (إنا وجدناه صابرا ) فقد دخل في زمرة الصابرين الذين وعدهم الله أن يوفيهم أجرهم بغير حساب وشهادة أخرى هي (نعم العبد)
يا ألله
عبد من عباد الله في الأرض يثني عليه ربه بقوله (نعم العبد ) كم تساوي هذه الشهادة؟
وشهادة ثالثة (إنه أواب) زال الألم وذهب المرض وبقي الأجر والقدر عند رب الملك العظيم سبحانه
ياصاحب الهم ان الهم منفرج ... أبشر بحير فإن الفارج الله
الفائدة الثانية أنه قال مسني الشيطان ولم ينسب المرض الى ربه وهذه كما قال ابراهيم عليه السلام (واذا مرضت فهو يشفين) وهذا من الادب مع الله تعالى
الثالثة لطف الله تعالى بأيوب عليه السلام وهو مريض ورحمته به وهذا ما يبشر كل مريض برحمة الله به وفي سورة الأنبياء (وأيوب اذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين)
إن أعظم مايتعلق به المريض هو رحمة الله الواسعة قال تعالى : (عذابي أصيب به من أشاء) هذا عذابه وأما رحمته (ورحمتي وسعت كل شيء)
فياألله يامن وسعت رحمته كل شيء نتوسل اليك برحمتك أن تشفينا وتشفي مرضانا
ومن الفوائد أن المرض امتحان والله تعالى يحب من عبده فيه الصبر (إنا وجدناه صابرا) وهذا الامتحان في العبودية وفي الحديث(عجبا لأمر المؤمن ان أمره كله له خير ..) الحديث وقوله تعالى إنا وجدناه صابرا) يدلك على مدى الصبر الذي صبره أيوب وعلى عظمة عاقبة صبره ونتيجتها (إنا وجدناه صابرا) وعلى مدح ربه له (نعم العبد ) فما أعظم ثناء رب العالمين العلي الكبير سبحانه على عبد من عباده في الأرض الله أول شهادة من الله لعبده أيوب بأنه أواب بعد اجتيازه هذا الامتحان في العبودية
ـ ومن الفوائد أن الله يطمئن المريض أن ما يفوت ويتلف من الدنيا بسبب المرض فان الله تعالى ما أسرع ما يعيده فلا يشغل نفسه بذلك فالدنيا تجيء وتذهب (ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا )
ـ ومنها استجابة الله لأيوب عليه السلام فالمريض تؤمن الملائكة على مايقال عنده عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حضرتم المريض أو الميت فقولوا خيرا فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون) رواه مسلم
ومن مرض أيوب الى مرض نبينا الحبيب صلى الله عليه وسلم
فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يُوعَك، فقلت: يا رسول الله، إنك تُوعَك وعْكاً شديداً، قال: أجل، إني أُوعَك كما يوعك رجلان منكم.
 قلت: ذلك أن لك أجرين؟
 قال: أجل، ذلك كذلك، ما من مسلم يصيبه أذى، شوكة فما فوقها إلا كفر الله بها سيئاته، وحُطت عنه ذنوبه كما تَحُطُّ الشجرةُ ورقه  ( رواه البخاري ومسلم
ومن هذا الحديث نتعلم:
أن اصابة الانسان بالمرض ليست دليلا على غضب الله عليه فقد مرض رسول الله صلة الله عليه وسلم بل قال صلى الله عليه وسلم :(اذا أحب الله قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السُخط )
 ايها المريض إن تمرض فقد مرض رسولك صلى الله عليه وسلم
فيا أيها المريض قد أشبهت رسولك صلى الله عليه وسلم في شيء وهو المرض
ومن الحديث نتعلم أن الألم والكرب والتعب لايضيع بل على قدر هذا التعب يكون الأجر يوم القيامة فالصبر لايضيع حتى وان كان على شوكة ولو على وخزة ابرة هذا يعني أن هذه الحقن التي تشاكها ستجدها في ميزانك يوم القيامة فالصبر لايضيع أبدا قال تعالى (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)
عن عطاء قال: قال لي ابن عباس ألا أريك امرأة من أهل الجنة ؟ هذه المرأة أتت
النبي صلى الله عليه الله وسلم فقالت إني أُصرع وإني أتكشف فادع الله لي فقال صلى الله عليه وسلم إن شئت دعوت لك وان شئت صبرت ولك الجنة قالت أصبر ثم قالت فادع الله ألا أتكشف فدعا لها ) رواه البخاري
الخطبة الثانية
أما بعد
عندما يكتشف الانسان أنه مريض كما يحدث هذه الأيام يصاب بصدمة وهنا يجدها الشيطان فرصة ليزعزع إيمانه ويلعب به عن طريق الوساوس والهواجس والمخاوف لذا لابد أن نعرف مايجب على المؤمن في مرضه:
1ـ أن يجدد إيمانه بأن كل شيء بيد الله وحده فيتضرع الى الله ويدعوه ويتوجه اليه ويتوب الى الله حتى يستجيب دعاءه
2ـ رضاه بقدر الله تعالى فقدر الله كله له خير
3 ـ ان الله يحب منه الصبر فليصبر ولا يجزع ويدعو الله أن يلهمه الصبر وأن يشفيه
4ـ أن يأخذ بأسباب العلاج ولا يتكاسل ولايتواكل فيقول اتركها على الله حتى لايندم بعد ذلك قال صلى الله عليه وسلم ما أنزل الله داء الا أنزل له دواء البخاري ولكن لايتعلق قلبه بالأسباب فالشفاء من الله
يهون الأمر على نفسه فإن الصعاب تهون بالتهوين 
دعاء
 
 
 

 

 

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 240 مشاهدة

ساحة النقاش

على الدينارى

denary
موقع خاص بالدعوة الى الله على منهج أهل السنة والجماعة يشمل الدعوة والرسائل الإيمانية والأسرة المسلمة وحياة القلوب »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

353,510