عاصر الخطبة : مواقف من رحمة الرسول صلى الله عليه وسلم تثبت تأثيرها على قيادته وسياساته وعلاقاته بالدول

نسمع كثيراً أن قيادة الناس وسياستهم والعلاقات بين الدول لاتعرف الأخلاق
لكن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم نفت ذلك تماما
لقد كان للقيم المباديء في سياسة رسول الله أثر عظيم وخصوصا رحمته صلى الله عليه وسلم
ـ رحمته بأصحابه جعلته يختار لهم الهجرة الى الحبشة
ـ رحمته بالناس جعلته يصدر أول أحاديثه في المدينة ( أفشوا السلام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام ) فيضع بذلك أسس وسياسات العهد الجديد وهي التراحم والتواصل والطاعة
ـ لقد كان لهذه الأحاديث دور كبير في:
توجيه المؤمنين به الى العمل الصالح الذي يبني علاقات قوية وتماسكا متينا بين مكنونات المجتمع
ـ طمأنة المتخوفين منه أنه ماجاء لعداوة أحد
ـ ارسال رسائل سلام لكل من يحيط بالمدينة
رحمته بالناس جعلته يعيش بينهم يزور مريضهم ويتبع جنائزهم ويفرح معهم ويحزن معهم ويتواضع لهم ويصبر عليهم كما أوصاه ربه سبحانه (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه)
ـ مرض ابن جاره فزاره وجلس بجواره وقال: قل "لاإله الا الله" فنظر الولد لأبيه يستطلع رايه فقال :أطع ابا القاسم فقالها الولد ثم مات ففرح صلى الله عليه وسلم وقال: الحمد لله الذي أنقذه بي من النار. انها الرحمة
ـ لما جاءت أم أسماء لزيارتها استاذنته في صلتها فقال: صلي أمك
ـ ولما دخل أبو سفيان المدينة زار ابنته رغم أنه مشرك
ولما منع ثمامة بن اثال القمح عن قريش ثم أصابتهم مجاعة توسلوا اليه صلى الله عليه وسلم فأمر ثمامة أن يرد عليهم توريد القمح فخرجوا من المجاعة أي أن رحمته أثرت في سياسته الخارجية وعلاقته بالدول ووضعت خطوطا عريضة للسياسة وسقفا للعقوبات الاقتصادية (راجع التفاصيل في كتب السيرة)
ـ
ولما نقضت قريش الصلح أحست بوقوع مصيبة عظيمة وداهية متوقعة قريبة وما ذاك إلا لأنها استنفذت رصيدها من استعماله للرحمة معها سابقا فأيقنت بأن الحجة عليها قد قامت وتمت وأنها تستحق العقوبة ثم لم تجد اي وسيلة توقف بها العقوبات المتوقعة عليها من الرسول صلى الله عليه سلم الا اللجوء لرحمته فسافر ابو سفيان اليه ليتوسل له ليجنب قريش العقوبة القادمة
وماكان ذلك الا لتثقه في رحمته وثقته أيضا في قوته وتوازنه فرحمته لم تكن من ضعف بل من قوة جعلت قريش لاتستهين بغدرها ونقضها بل تتوقع الردع ونصرة المظلوم والغضب لله
أي ان استعماله للرحمة جعل الباب بينه وبين أعدائه مواربا وليس مغلقا لكنه موارب في حذر وخشية وهيبة وهذا ما ساعد عى انتشار دعوته وعلى وجود خيط من الاتصال بأعدائه وفي ذلك فوائد كثيرة لصالحه (راجع التفاصيل في كتب السيرة)
وكان صلى الله عليه وسلم يوصي جيشه دائما قبل مقارفة المدينة ويؤكد على هذا التوصيات فهي قواعد أساسية وسياسات واجبة ملزمة مفروضة لايحيد عنها أحد (لاتقتلوا وليدا ولا أمرأة ولا راهبا في صومعة ولاشيخا ولاتقطعوا نخلا ........)الخ
ولما جهز صلى الله عليه وسلم جيشه وتوجه الى مكة وسمع مقالة سعد رضي الله عنه: "اليوم يوم الملحمة اليوم تستباح الحرمة اليوم يوم أذل الله فيه قريشا" . اهتم صلى الله عليه وسلم لهذه الكلمة 
ـ وعالجها ليصحح المفهوم وليرسخ الروح التي سيتعامل بها الجيش العظيم في المعركة ولم يترك هذه الكلمة الخطيرة التي ستؤثر على النهج العام والسياسة العامة التي يتبعها الجيش في عمل تاريخي عظيم له مابعده فقال صلى الله عليه وسلم
بل اليوم يوم المرحمة اليوم يوم أعز الله فيه قريشا
ولم يكتف بذلك بل أخذ الراية من سعد وأعطاها لغيره (راجع التفاصيل في كتب السيرة)
ـ ومن رحمته وحكمته أنه راعى نفسية سيدنا سعد فسلم الراية لأبنه فطابت نفس سعد بذلك
ـ لقد اعتمد في فتح مكة على سياسة فرض السيطرة والرهبة المانعة من أي تحركات مضادة ثم استعمال الرحمة والدعوة
وهذا أمر عزيز جدا على الجيوش الجرارة المتأهبة المنتظرة إشارة واحدة لتبدأ أنهار الدماء
ـ كل هذه المواقف وغيرها تتضح فيها رحمته وأثرها في سياسته وتوجهاته التي وجه بها دولته ومؤسساته صلى الله عليه وسلم
وقد كان لهذه السياسات المتأثرة برحمته دورا عظيما في نجاحه في نشر دعوته بين المستعدين لذلك وفي اخضاع أعدائه المستكبرين المعاندين
وأكبر دور لهذ السياسات كان اشاعة اطمئنان الناس الى أنه نبي مؤتمن على وحي السماء 
فكثير من المواقف الرحيمة كانت تؤثر في القلوب فلا يملك المتاثرين بها إلا أن يقولوا: "لايفعل ذلك إلا نبي" قيتخلوا عن عنادهم فيسلموا له قيادهم ويفتحوا له قلوبهم ويسلموا له أرواحهم وعقولهم طواعية ورضا وثقة فهل بعد ذلك نجاح في السياسة والقيادة 
لقد نجح صلى الله عليه وسلم في حشد الطاقات حوله وتوجيهها نحو أهداف عالية تستحق أن يبذل فيها الدماء والأرواح صلى الله عليه وسلم
الخطبة الثانية
أما بعد
نسمع كثيرا ونرى عن تأسف المنظمات الدولية على حقوق الانسان وتنشر هذه المنظمات صورا بشعة لما تخلفه الحروب من انتهاكات ومجازر في حق الانسان
والسؤال: اين كانت هذه المنظمات حين ارتكبت هذه الجرائم في حق الانسانية ؟
ولماذا لم تنشر هذه الصور في حينها؟
انهم يتركون الحروب تفعل ما تشاء مادامت في خدمة سياساتهم وأهدافهم ثم اذا تعيرت سياستهم واصبح النشر والبكاء على حقوق الانسان محقق لمصالح أكبر وابتزازات اكثر أفرجوا عن هذه الصور وتعالى البكاء
أنها تجارة بحقوق الانسان
ان رسولنا لم يكن كذلك وانما كانت رحمته بالانسان رحمة حقيية صادقة اطمأنت لها القلوب وسكنت لها الأرواح فأسلمت معه صلى الله عليه وسلم

ساحة النقاش

على الدينارى

denary
موقع خاص بالدعوة الى الله على منهج أهل السنة والجماعة يشمل الدعوة والرسائل الإيمانية والأسرة المسلمة وحياة القلوب »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

293,746