جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
|
|
تشكك خالد فهمي أستاذ تاريخ الشرق الأوسط بجامعة نيويورك ورئيس قسم التاريخ بالجامعة الأمريكية بالقاهرة في وجود أرشيف حقيقي لدي الدولة المصرية وانتقد خالد فهمي الكيفية التي يسير بها البحث التاريخي في مصر قائلا إن الوضع يسير في الأبحاث التاريخية في مصر بناء علي تصور خاطيء عن التاريخ يفيد بأن التاريخ ذو قراءة واحدة
|
|
وبالتالي لا يجوز البحث عن موضوع واحد أكثر من مرة وهو ما حدث معه أثناء عمله علي دراسة عن الجيش المصري في القرن التاسع عشر اذ واجهه موظفو الأرشيف بعبارات من قبيل الموضوع ده اتقفل بالإضافة إلي نظرات الشفقة والسخرية, ودلل علي حالة سوء الفهم للدراسات التاريخية بحادثة سرقة كتاب قام بها أحد الباحثين ليمنع زملاءه من الإطلاع علي هذا الكتاب, ويحلل خالد فهمي هذه الحادثة قائلا إنها تنم عن ذهنية تعتقد وبشكل كبير في أن للوثائق والكتب قراءة واحدة وهو ما يقتل الإبداع في قراءة التاريخ, ويعني أننا اصبحنا لا نفكر, ونفي أن يكون هذا الوضع مقصورا علي الأبحاث التاريخية فقط قائلا لقد أصبح الوضع مؤسيسا وفي كل المجالات. جاء ذلك خلال الندوة التي اقيمت بالتاون هاوس بعنوان سياسات الأرشيف. وأكد خالد فهمي أهمية دور الأرشيف القومي في كتابة التاريخ فالأرشيف وحدة متكاملة نستشف منها روح العصور الماضية, مؤكدا أنه لا تاريخ دون وثائق فلا يمكن ان نكتب التاريخ دون الرجوع للوثائق الرسمية, لا يمكن ان نكتب تاريخا موثقا عن هزيمة1967 لانه لا توجد أي وثائق تحت أيدي المؤرخين تمكنهم من الإطلاع علي تفاصيل المشهد فكل ما هنالك هو شهادات وذكريات ورؤي ولا يمكن كتابة التاريخ استنادا إلي هذه العناصر وحدها, فحتي الآن نحن لا نعرف هل صدر قراربالإنسحاب أم لا. وأضاف الوثائق الأصلية تمد الباحثين بتفاصيل صغيرة يمكن أن ان يعاد بناء التاريخ علي اساسها, وضرب مثالا بمحافظ أبحاث الجيش المصري والتي تختلف اختلافا جذريا في رواياتها لحملة الشام التي قام بها إبراهيم باشا في عهد محمد علي عن الوثائق الاصلية التي تحكي تفصيلات لم ترد في محافظ الأبحاث تلك, فهي تحكي حادثة عن أن الجيش توقف4 أيام في الصحراء بحثا عن قطعة ماس فقدت من خاتم إبراهيم باشا, ومكاتبات عديدة بين قادة كبار في الجيش حول نوع الشارات والميداليات التي ستمنح للآلايات المنتصرة, هل يكتب عليها اسم ابراهيم قائد الجيش ام محمد علي مدبر الحملة, يعلق خالد فهمي, علي ذلك قائلا إن هذه الحوادث الصغيرة تكشف جوانب ما كانت لتكشفها المراجع الثانوية ونحن لدينا وثائق كثيرة لو طبق عليها قانون تنظيم تداول المعلومات لتغيرت أشياء كثيرة. وانتقد خالد فهمي السياسات المتبعة في الأرشيف القومي المصري قائلا ان الباحث لا وجود له ضمن اولويات دار الوثائق فالباحثون هناك يتعرضون للمهانة بشكل كبير والخدمات في قاعات البحث سيئة للغاية وتزداد سوءا عاما بعد عام, وانتقد بيروقراطية دار الوثائق قائلا إنها تقتل البحث التاريخي, فهي لا تتبع قانون تداول المعلومات الذي يفرض عليها الإفراج عن الوثائق بعد مضي30 عاما علي تاريخ كتابتها, فكل ما نجده في الأرشيف عن فترة ما بعد الثورة هو وثائق من قبيل مكاتبات وزارة السكان بخصوص قروض تعاونية وما إلي ذلك. ويشير فهمي إلي خطورة هذا الأمر فالباحثون الآن يتجهون إلي الارشيفات الغربية والاسرائيلية لكتابة التاريخ, فالتاريخ الآن يكتب من وجهة نظرهم هم فكل الكتابات العربية عن الصراع العربي الاسرائيلي تعتمد علي الارشيفات الغربية. وأشار فهمي إلي أن جزءا كبيرا من عمل اي ارشيف هو التنسيق بينه وبين الارشيفات الحية في الوزارات المختلفة وان تقوم تلك الوزارات بتسليم وثائقها في مطلع كل عام كما هو متبع في كل أرشيفات العالم ولكن هذا المنطق غير وارد علي الإطلاق في مصر واشار إلي ان ارشيف مصلحة الأحوال المدنية نفسه غير منظم حتي لاغراض البحث البيروقراطي العادي وهذا يعني انه قد مات, ويعلق علي ذلك قائلا إن علامة من علامات انهيار الدولة الحديثة هو موت ارشيفها فالأرشيف مهم للحاضر والمستقبل فهويكشف لنا أخطاءنا. وقال إنه علي الرغم من امتلاك مصر لأرشيف ثري إلا ان بيروقراطيته وسياساته تتسبب في فشل فهم العالم ان لدينا ارشيفا حقيقيا يستحق الاعتراف به بين ارشيفات الامبراطوريات.
|
|
المصدر: الاهرام المسائى