<!--

<!--<!--

على عادة أهلينا الطيبين الذين لا يعرفون ما الدستور ولا الدستورية ، ولم يكن من بينهم مستشارون ولا قضاة ، ولم يعنهم من الأولى ألا يعرفوا ، ومن الثانية ألا يكون ، وإنما عاشوا طيبين وماتوا مرضيا عنهم ، لم يجترحوا من الآثام إلا اللمم ، ولم يتعلق برقابهم شيء من ظلم الناس ، إذ بعض الناس لم يكفهم ألا تكون لهم صدقات جارية ، فتراهم يتفنون في صناعة الظُلامات الجارية ، وأية ظلامة ككلمة تنظم حياة الناس وفق هوى البعض السياسي ، بل تنزلهم منازلهم وفق هذا الهوى .. إنها ظلامة جارية على فاعلها إثمه في فعلها وإثم من وقعت عليه إلى يوم الدين إلا أن يتغمده الله برحمة فيأذن بتغيير هذه الكلمة أو تلك . وهكذا الدستور إما أن يكون صدقة جارية وإما ظلامة جارية ، فليتبين كل امرئ ما يفعل ، فإن لم يهمه أمر الناس فليهمه أمر نفسه وقد وقف بين يدي الحق وأقيمت الموازين القسط ، ولن يشفع له أنه كان مستشارا أو قاضيا ، أو أنه من أهل اللحى أخذ منها فقصرت أم تركها وشأنها فكان منها ما كان . وليس الظلم واحدا ، فظلم قائم على استغفال الناس وتزيينه لهم دونه الظلم المباشر ، وظلم قائم على استغفال الناس وتزيينه لهم بكلمات الله لهو ألعن ، في السماوات والأرض ، من الظلمين السابقين . ولا يحسبن أحد من أعضاء اللجنة الكرام أن استفتاء الناس قد يخفف عنهم وطأة عاقبة أمرهم ، فإن الله يعلم وهم يعلمون أن الناس ما انخدعوا بشيء كما ينخدعون برجل تحسبه بظاهر أمره وكلامه على خير ، لا تفلت منه جملة إلا وأصحبها حديثا شريفا أو آية كريمة، وقديما قال أحد الصحابة "من خدعنا بالله انخدعنا له" ، وإن أغلب الناس على سنة هذا الصحابي ، فهل يرضى أهل اللجنة لأنفسهم أن يخدعوننا بالله . وإن الله يعلم وأعضاء اللجنة يعلمون  نسبة الأمية في الناس ، ونسبة الجهل بين المتعلمين ، ونسبة أصحاب النوايا الطيبة بين المتعلمين غير الجهلة ، وبالتالي فلن يعفيكم من المسئولية أن الناس ارتضت ، فقد تخدعون الناس بذلك ولكن حاشا لله وهو الخبير بمن خلق ألا يُعذر الجاهل بجهله وهو الرحمن الرحيم ، وألا يأخذ على يد العالم حتى يتمنى لو كان قد جهل . اتقوا الله في أنفسكم فإن الظلم المنقطع ظلمات يوم القيامة ما بالكم بالظلم الجاري (المستمر) .