كتبت داليا جمال طاهر:
الفن التشكيلى : هو كل شيء يؤخذ من طبيعة الواقع، ويصاغ بصياغة جديدة، أي يشكل تشكيلاً جديداً، وهذا ما نطلق عليه كلمة (التشكيل).
والتشكيلي: هو الفنان الباحث الذي يقوم بصياغة الأشكال، آخذاً مفرداته من محيطه.
ولكل إنسان رؤياه ونهجه، لذا تعددت المعالجات بهذه المواضيع، مما أضطر الباحثون أن يضعوا هذه النتاجات تحت إطار ( المدارس الفنية).
وما هى مدارس الفن التشكيلي؟
تعددت وتنوعت وكثرت المذاهب والأشكال الفنية والتشكيلية في أوروبا بعد انقضاء ونهاية فترة الفن المسيحي الذي انتشر، وتعدد في القرون والعصور والأزمنة الوسطى فسطع وظهر فن النهضة العظيم في أوائل القرن الخامس عشر وصاحب ذلك إعتزاز وتفاخر الفنان بفرديته وموهبته بدلا من أن يكون ذائبًا في مجتمع كبير، إلا أن التغيرات والأحداث الدينية والسياسية والفكرية التي ظهرت في المجتمع كان لها دور في ظهور فن الباروك الذي كان في خدمة الطبقة البرجوازية وطراز الروكوكو الذي ارتبط بالعائلات والأسر الحاكمة، على أن طراز الروكوكو اختفي من فرنسا بعد قيام واندلاع الثورة الفرنسية عام 1789 ميلادية وظهر بها طراز فني استمد من مقوماته الفنون الإغريقية الرومانية بإسم الكلاسيكية العائدة.
وتوالت وتتابعت الحركات الفنية والتشكيلية في الغرب منذ مطلع القرن التاسع عشر فظهرت الرومانتية والطبيعية والواقعية..... ولأول مرة في تاريخ الفنون نرى ونجد إن الهجوم التشكيلي للفن يخضع لتأثير العلم والاكتشافات الجديدة والحديثة حيث بدأ العلماء يبحثون في علاقة الضوء بالألوان كما اخترعت آلة التصوير الشمسي وساهمت هذه الأحداث في إزدهار وإبراز المذهب التأثيري.....
وما إن نصل إلى القرن العشرين حتى نقابل ونشاهد ونجد مذاهب جديدة من أبرزها وأهمها المذاهب التكعيبية والوحشية والمستقبلية.....وعندما اندلعت الحرب العالمية الأولى أثرت الفوضى التي عمت الدول والبلاد في المجتمعات الإنسانية وانفعلت طائفة من الفنانين والفنانين التشكيلين تبحث عن الشهرة بالأهوال والمآسي فضربوا بالقيم الجمالية التي ورثها الفنانون عن أجدادهم عرض الحائط وأخرجوا أعمالا شاذة وغريبة تحارب الفن عرفت بإسم -الدادا- واختتمت هذه الحركات المتعددة بحركتي السريالية والتجريدية والتشكيلية وتهدف وتسعى وتنشد الأولى إلى الغوص والتعمق والبحث في أعمال وفن عدم الاحساس واللاشعور على حين تسعى وتهدف وتنشد الثانية إلى الغوص والتعمق والبحث في فن وجمال الأشكال اللامعقولة واللاموضوعية والهندسية.
وتتنوع مدارس الفن التشكيلي، وتشمل:-
- المدرسة الكلاسيكية.
- المدرسة الواقعية.
- المدرسة الرومانسية.
- المدرسة الوحشية.
- المدرسة التكعيبية.
- المدرسة التجريدية.
- المدرسة السيريالية.
- المدرسة المستقبلية.
أولاً: المدرسة الكلاسيكية:-
قبل أن نتكلم ونتحدث عن المدرسة الكلاسيكية في الفن يجدر بنا أن نعرف ونتعرف على المعنى الذي يكمن خلف هذا الإسم أو المسمى (كلاسيكي)، لقد جرت العادة على أن نطلق لفظ كلاسيكي على الشئ التقليدي أو القديم، بل نطلق هذا اللفظ على الشخص الذي يتمسك بالنظم السابقة التقليدية دون تغيير أو إضافة.
والحقيقة أن لفظ كلاسيكية هو مفردة يونانية وتعني (الطراز الأول) أو الممتاز أو المثل النموذجي، حيث أعتمد اليونان في فنهم الأصول الجمالية المثالية، فنشاهد ونرى في رسوماتهم ومنحوتاتهم رسوما وأشكالا للرجال أو النساء وقد اختاروا الكمال الجسماني للرجال والجمالي المثالي في النساء، فقد كانوا ينحتون أو يرسمون الأنسان في وضع مثالي ونسب مثالية، لقد ظهر الرجل في أعمالهم الفنية وكأنه عملاق أو بطل كمال جسماني، وظهرت النساء وكأنهن ملكات جمال، فالمفهوم الكلاسيكي كان عندهم هو الأفضل، بل المثال والجودة.....
وقبل أن تستخدم هذه الكلمة في القرن الثامن عشر كانت الكلاسيكية قد أنبعثت من جديد في إيطاليا، في بداية القرن الخامس عشر، إذا كانت حينذاك نهضة شاملة في كافة ميادين العلم شملت فن الرسم والنحت، وقد تركز في تلك الفترة الاهتمام بالأصوال الإغريقية في الفنون الجميلة، ثم نادت مجموعة من الفنانين بإحياء التقاليد الإغريقية والرومانية، والتي كانت أثارها في فن النحت والعمارة والتصوير تنتشر في إنحاء إيطاليا.
ومن أشهر فناني هذه المدرسة:-
- الفنان المعروف (ليوناردو دا فينشي) في فن التصوير والرسم.
- (مايكل أنجلوا) في فن النحت والعمارة وغيرهم.
وقد سميت فترة هؤلاء بفترة العصر الذهبي، واعتبرت أعلى المراحل الفنية في عصر النهضة، وكان ذلك في القرن السادس عشر.
ومن أشهر أعمال الفنان ليوناردو دا فينشي:
- لوحة (الجيوكندا) أو ما تسمى بالموناليزا.
أما أشهر أعمال مايكل أنجلوا:
- تمثال موسى.
ثانياً: المدرسة الواقعية:-
جاءت المدرسة الواقعية ردًا على المدرسة الرومانسية، فقد أعتقد أصحاب هذه المدرسة بضرورة معالجة الواقع برسم أشكال الواقع كما هي، وتسليط الأضواء على جوانب هامة يريد الفنان إيصالها للجمهور بأسلوب يسجل الواقع بدقائقه دون غرابة أو نفور.
فالمدرسة الواقعية ركزت على الاتجاه الموضوعي، وجعلت المنطق الموضوعي أكثر أهمية من الذات فصور الرسام الحياة اليومية بصدق وأمانة، دون أن يدخل ذاته في الموضوع، بل يتجرد الرسام عن الموضوع في نقلة كما ينبغي أن يكون، إنه يعالج مشاكل المجتمع من خلال حياته اليومية، إنه يبشر بالحلول.
لقد اختلفت الواقعية عن الرومانسية من حيث ذاتية الرسام، إذ ترى الواقعية أن ذاتية الفنان يجب أن لا تطغى على الموضوع، ولكن الرومانسية ترى خلاف ذلك، إذ تعد العمل الفني إحساس الفنان الذاتي وطريقته الخاصة في نقل مشاعره للآخرين.
إن المدرسة الواقعية هي مدرسة الشعب، أي عامة الناس بمستوياتهم جميعًا، ويصفها عز الدين إسماعيل عندما يتحدث مقارنًا فنانًا رومانسيًا بفنان واقعي قائلًا: كان (ديلاكروا) وهو فنان رومانسي يرى أن على الفنان أن يصور الواقع نفسه من خلال رؤيته الذاتية في حين ذهب كوربيه -وهو فنان واقعي- إلى ضرورة تصوير الأشياء الواقعية القائمة في الوجود خارج الإنسان، وأن يلتزم في هذا التصوير الموضوعية التي تنكمش أمامها الصفة الذاتية، وأن يستخدم في هذا التصوير أسلوباً واضحًا دقيق الصياغة وأن يختار موضوعة من واقع الحياة اليومية، فينفذ بذلك إلى حياة الجماهير، يعالج مشكلاتهم ويبصر بالحلول، ويجعل من عمله الفني على الإجمال وسيلة اتصال بالجماهير.
ويعتبر الفنان كوربيه من أهم أعلام المدرسة الواقعية فقد صور العديد من اللوحات التي تعكس الواقع الاجتماعي في عصره، حيث أنه أعتقد أن الواقعية هي الطريق الوحيد لخلاص أمته.
والجدير بالذكر أن الفنان كوربيه فنان فرنسي ريفي بدأ حياته بتصوير حياة الطبقات الغنية ثم سار على النهج الباروكي في الفن، وهو فن أهتم بتصوير حياة الطبقات الغنية، ثم سار على نهج الروامنسيين، وفي عام 1848 م بدأ يفكر في ترك الحركة الرومانسية، بعد أن أقتنع أنها هرب من الواقع ولجوء إلى الخيال والذاتية، إذ يقول أنني لا أستطيع أن أرسم ملاكًا؛ لأنه لم يسبق لي أن شاهدته.
وعلى أية حال فقد صور الفنان كوربيه العديد من الأعمال الفنية ومن أشهرها:-
- لوحة (المرسم).
- لوحة (الجناز).
وهي من أشهر أعماله إذ صور فيها جنازه لشخص وفي الجنازه صورة لكلب المتوفي، وكأنه يحس بالحزن، وقد وقف مع المشيعين وكأنه يشيع صاحبه، فالصورة تعكس واقعية صادقة لذلك المشهد.
وكذلك يعد الفنان (كارفاجيو) فنانا واقعيا، والجدير بالذكر أن الفنان (كارفاجيو) إيطالي الجنسية، ظهر في القرن السادس عشر، في فترة سابقة لعصر كوربيه، ومن أشهر لوحاته (العشاء) ويشاهد بها مجموعة من الأشخاص، وقد أمتاز أسلوبه بتوزيع الإضاءة الصناعية في اللوحة.
ثانياً: المدرسة الرومانسية:-
مدرسة سيليا ظهرت المدرسة الرومانسية الفنية في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، وفسرت إلى حد بعيد ذلك التطور الحضاري في ذلك الوقت، الذي ابتدأ مع تقدم العلم وتوسع المعرفة.
وتعتمد الرومانسية على العاطفة والخيال والإلهام أكثر من المنطق، وتميل هذه المدرسة الفنية إلى التعبير عن العواطف والأحاسيس والتصرفات التلقائية الحرة، كما اختار الفنان الرومانسي موضوعات غريبة غير مألوفة في الفن، مثل المناظر الشرقية، وكذلك اشتهرت في المدرسة الرومانسية المناظر الطبيعية المؤثرة المليئة بالأحاسيس والعواطف، مما أدى إلى اكتشاف قدرة جديدة لحركات الفرشاة المندمجة في الألوان النابضة بالحياة، وإثارة العواطف القومية والوطنية والمبالغة في تصوير المشاهد الدرامية.
ويؤمن فنان الرومانسية بأن الحقيقة والجمال في العقل وليس في العين، لم تهتم المدرسة الرومانسية الفنية بالحياة المألوفة اليومية، بل سعت وراء عوالم بعيدة من الماضي، ووجهت أضواءها على ظلام القرون الوسطى، ونفذت إلى ما وراء أسرار الشرق حيث الخي وكان من أهم وأشهر فناني الرومانسية كل من (يوجيه دي لاكرواه) و(جاريكو) فقد صور لاكوروا العديد من اللوحات الفنية، ومن أشهرها لوحة الحرية تقود الشعب، وفي هذه اللوحة عبر الفنان عن الثورة العارمة التي التي ملأت نفوس الشعب الكادح، وصور فيها فرنسا على شكل امرأة ترفع علما ومعها الشعب الفرنسي في حالة أندفاع مثير وبيدها اليسرى بندقة، وعلى يسارها طفل يحمل مسدسين، وكأنه يقول لنا أن الغضب يجتاح نفوس عامة الشعب، ومن أعماله أيضا خيول خارجة من البحر.
أما الفنان (جريكو) فقد صور الكثير من الموضوعات الفنية، من بينها لوحة كانت سببا في تعريفه بالجمهور، وهي لوحة غرق الميدوزا، وهي حادثة تعرضت لها سفينة بعرض البحر وتحطمت هذه السفينة ولم يبق منها سوى بعض العوارض الخشبية التي تشبث بها بعض من بقوا أحياء للنجاة، ففي هذه اللوحة صور الفنان صارع الإنسان مع الطب.
ويؤمن فنان الرومانسية بأن الحقيقة والجمال في العقل وليس في العين، لم تهتم المدرسة الرومانسية الفنية بالحياة المألوفة اليومية، بل سعت وراء عوالم بعيدة من الماضي، ووجهت أضواءها على ظلام القرون الوسطى، ونفذت إلى ما وراء أسرار الشرق حيث الخي
وكان من أهم وأشهر فناني الرومانسية كل من (يوجيه دي لاكرواه) و(جاريكو) فقد صور لاكوروا العديد من اللوحات الفنية، ومن أشهرها لوحة الحرية تقود الشعب ،وفي هذه اللوحة عبر الفنان عن الثورة العارمة التي التي ملأت نفوس الشعب الكادح، وصور فيها فرنسا على شكل امرأة ترفع علما ومعها الشعب الفرنسي في حالة أندفاع مثير وبيدها اليسرى بندقة، وعلى يسارها طفل يحمل مسدسين، وكأنه يقول لنا أن الغضب يجتاح نفوس عامة الشعب، ومن أعماله أيضا خيول خارجة من البحر.
أما الفنان (جريكو) فقد صور الكثير من الموضوعات الفنية، من بينها لوحة كانت سببا في تعريفه بالجمهور، وهي لوحة غرق الميدوزا، وهي حادثة تعرضت لها سفينة بعرض البحر وتحطمت هذه السفينة ولم يبق منها سوى بعض العوارض الخشبية التي تشبث بها بعض من بقوا أحياء للنجاة، ففي هذه اللوحة صور الفنان صارع الإنسان مع الطب.
ثالثاً: المدرسة الوحشية:-
المدرسة الوحشية اتجاه فني قام على التقاليد التي سبقته، واهتم الوحشيون بالضوء المتجانس والبناء المسطح فكانت سطوح ألوانهم تتألف دون استخدام الظل والنور، أي دون استخدام القيم اللونية، فقد اعتمدوا على الشدة اللونية بطبقة واحدة من اللون، ثم اعتمدت هذه المدرسة أسلوب التبسيط في الإشانت أشبه سم البدائي إلى حد مجريد أو التبسيط في الفن الإسلامي، خاصة أن رائد هذه المدرسة الفنان (هنري ماتيس) الذي استخدم عناصر زخرفية إسلامية في لوحة النباتية الإسلامية.
أما سبب تسمية هذه المدرسة بالوحشية فيعود إلى عام 1906 م، عندما قامت مجموعة من الشبان الذين يؤمنون باتجاه التبسيط في الفن، والاعتماد على البديهة في رسم الأشكال قامت هذه المجموعة بعرض أعمالها الفنية في المستقلين، فلما شاهدها الناقد (لويس فوكسيل) وشاهد تمثالا للنحات (دوناتللو) بين أعمال هذه الجماعة التي امتازت بألوانها الصارخة، قال فوكسيل دوناتللو بين الوحوش، فسميت بعد ذلك بالوحشية، لانها طغت على الأساليب القديمة، مثل التمثال الذي كان معروضا حيث أنتج بأسلوب تقليدي قديم، ويعد ذلك أصبح الفنان (هنري ماتيس) رائدًا وعلمًا من أعلام هذه المدرسة ثم الفنان (جورج رووه).
رابعاً: المدرسة التكعيبية:-
المدرسة التكعيبية هي ذلك الأتجاه الفني الذي أتخذ من الأشكال الهندسية أساسا لبناء العمل الفني إذا قامت هذه المدرسة على الأعتقاد بنظرية التبلور التعدينية التي تعتبر الهندسة أصولا للأجسام. أعتمدت التكعيبية الخط الهندسي أساسا لكل شكل كما ذكرنا فاستخدم فنانوها الخط المستقيم والخط المنحني، فكانت الأشكال فيها اما أسطوانيه أو كرويه، وكذلك ظهر المربع والأشكال الهندسية المسطحة في المساحات التي تحيط بالموضوع، وتنوعت المساحات الهندسية في الأشكال تبعا لتنوع الخطوط والأشكال واتجاهاتها المختلفة، لقد كان سيزان المهد الأول للأتجاه التكعيبي، ولكن الدعامة الرئيسية هو الفنان (بابلو بيكاسو) لاستمراره في تبينها وتطويرها مدة طويلة من الزمن. كان هدف التكعيبية ليس التركيز على الأشياء، وإنما على أشكالها المستقلة التي حددت بخطوط هندسية صارمة، فقد أعتقد التكعيبيون أنهم جعلوا من الأشياء المرئية ومن الواقع شكلا فنيا، كانت بداية هذه الحركة المرحلة التي بدأها الفنان سيزان بين عامي 1907/1909 وتعتبر المرحلة الأولى من التكعيبية والمرحلة الثانية هي المرحلة التكعيبية التحليلية، ويقصد بها تحليل الأشكال في الطبيعة وإعادة بناءها بطريقة جديدة وقد بدأت هذه المرحلة عام 1910 / 1912 م إذ حلل الفنان فيها أشكاله بدقة، وأظهر اجزاء الأشكال بأسلوب تكعيبي.
وتمثل المرحلة الثالثة الصورة الموحدة التكوين، وتبدأ من عام 1913 / 1914 م وركزت على رسم وموضوع مترابط وواضح المعالم.
خامساً: المدرسة التجريدية:-
اهتمت المدرسة التجريدية الفنية بالأصل الطبيعي، ورؤيته من زاوية هندسية، حيث تتحول المناظر إلى مجرد مثلثات ومربعات ودوائر، وتظهر اللوحة التجريدية أشبه ما تكون بقصاصات الورق المتراكمة أو بقطاعات من الصخور أو أشكال السحب، أي مجرد قطع إيقاعية مترابطة ليست لها دلائل بصرية مباشرة، وإن كانت تحمل في طياتها شيئاً من خلاصة التجربة التشكيلية التي مر بها الفنان. وعموماً فإن المذهب التجريدي في الرسم، يسعى إلى البحث عن جوهر الأشياء والتعبير عنها في أشكال موجزة تحمل في داخلها الخبرات الفنية، التي أثارت وجدان الفنان التجريدي. وكلمة "تجريد" تعني التخلص من كل آثار الواقع والارتباط به، فالجسم الكروي تجريد لعدد كبير من الأشكال التي تحمل هذا الطابع: كالتفاحة والشمس وكرة اللعب وما إلى ذلك، فالشكل الواحد قد يوحي بمعان متعددة، فيبدو للمشاهد أكثر ثراء. ولا تهتم المدرسة التجريدية بالأشكال الساكنة فقط، ولكن أيضاً بالأشكال المتحركة خاصة ما تحدثه بتأثير الضوء، كما في ظلال أوراق الأشجار التي يبعثه ضوء الشمس الموجه عليها، حيث تظهر الظلال كمساحات متكررة تحصر فراغات ضوئية فاتحة، ولا تبدو الأوراق بشكلها الطبيعي عندما تكون ظلالاً، بل يشكل تجريدي، وقد نجح الفنان كاندسكي –وهو أحد فناني التجريدية العالميين- في بث الروح في مربعاته ومستطيلاته ودوائره وخطوطه المستقيمة أو المنحنية، بإعطائها لوناً معيناً وترتيبها وفق نظام معين. ويبدو هذا واضحاً في لوحته "تكوين" التي رسمها عام 1914 م، ويعتبر فن التجريد الزخرفي أحد الفروع الحديثة في الفن التجريدي وهو الفن التشكيلي الذي يعتمد على تجريد الأشكال الحقيقية أو الخيالية بإتباع أسلوب يميزه في الأشكال والألوان والخطوط مع التأكيد على أدخال الجانب الزخرفي والجمالي في لوحاته بحيث تعطي شكل ومضمون جمالي متكامل، وتصلح لوحاته للمتاحف والمعارض والمنشآت والقصور الخاصة للديكورات الداخلية وتتيح لمصمم الديكور الداخلي أو هاوي الفن أو المقتني أختيار اللوحات التي تتلائم مع ديكورات المكان الداخلي. ويعتبر الفنان التشكيلي العالمي / رأفت عدس هو مؤسس ورائد فن التجريد الزخرفي، حيث تتميز لوحاته بإتجاهين رئيسيين هو تجريد الأشكال وزخرفة الخطوط والألوان، وتتميز لوحاته بالألوان الصريحة مثل الأحمر والأصفر والأخضر والأزرق بجانب اللون الأسود والأبيض في تناغم جمالي تجريدي وزخرفي مع استخدام اللون الأسود في تحديد الأشكال في لوحاته، وتتميز لوحاته بالجمال الوظيفي حيث يمكن استخدامها في القصور والفيلات ومقارات المراكز العالمية الهامة بالتنسيق والتناغم مع الأثاث والديكورات في أعمال التصميم والديكور الداخلي لهذه المباني والقاعات.
كان التطور الآخر في تاريخ الفن في اتجاه بزوغ التيارات التجريدية والاستخدامات البارعة للخامات ومحاولات الاستقلال عن العالم الواقعى ؛على اعتبار أنه مصدر للموضوعات والأفكار.
وتنشأ النظريات عن «الطاقة الدرامية» للخطوط الرأس-أفقية ؛وهكذا توصلت التجريدية إلى النتيجة النهائية لتنقية [العالم الظاهرى]؛ كبداية لقطع الرابطة بين الفنان والواقع تدريجياً.
لقد شبه «فاسيلى كاندنسكى»[166-1944] أعماله في التصوير بالأعمال الموسيقية وكان يستخدم الألوان والأشكال المجردة وكأنها [أنغام]؛ وفى ذلك المجال تطورت تجاربه إلى أن تكشف لديه إمكانية الاستغناء عن الأشكال الطبيعية.
سادساً: المدرسة السيريالية:-
نشأت المدرسة السيريالية الفنية في فرنسا، وازدهرت في العقدين الثاني والثالث من القرن العشرين، وتميزت بالتركيز على كل ما هو غريب ومتناقض ولا شعوري. وكانت السيريالية تهدف إلى البعد عن الحقيقة وإطلاق الأفكار المكبوتة والتصورات الخيالية وسيطرة الأحلام. واعتمد فنانو السيريالية على نظريات فرويد رائد التحليل النفسي، خاصة فيما يتعلق بتفسير الأحلام. وصف النقاد اللوحات السيريالية بأنها تلقائية فنية ونفسية، تعتمد على التعبير بالألوان عن الأفكار اللاشعورية والإيمان بالقدرة الهائلة للأحلام. وتخلصت السيرالية من مبادئ الرسم التقليدية.
في التركيبات الغربية لأجسام غير مرتبطة ببعضها البعض لخلق إحساس بعدم الواقعية إذ أنها تعتمد على الاشعور.
واهتمت السيريالية بالمضمون وليس بالشكل ولهذا تبدو لوحاتها غامضة ومعقدة، وإن كانت منبعاً فنياً لاكتشافات تشكيلية رمزية لا نهاية لها، تحمل المضامين الفكرية والانفعالية التي تحتاج إلى ترجمة من الجمهور المتذوق، كي يدرك مغزاها حسب خبراته الماضية. والانفعالات التي تعتمد عليها السيريالية تظهر ما خلف الحقيقة البصرية الظاهرة، إذ أن المظهر الخارجي الذي شغل الفنانين في حقبات كثيرة لا يمثل كل الحقيقة، حيث أنه يخفي الحالة النفسية الداخلية. والفنان السيريالي يكاد أن يكون نصف نائم ويسمح ليده وفرشاته أن تصور إحساساته العضلية وخواطره المتتابعة دون عائق، وفي هذه الحالة تكون اللوحة أكثر صدقاً.
ويدعو بيان السيرياليين الذى كتبه «أندريه بريتون» في باريس في 1924 إلى إطلاق سراح الخيال وكأن الإنسان في الرؤيا ،يعود إلى فطرته البدائية فيرى العالم ليس إلا الغازاً تتبدى في صورة «رموز» لا يمكن تفسيرها إلا بمنطق ما فوق الواقع .إلا أن مفاهيم «فرويد» فد عملت على تحديد نوعية هذه «الرموز» عن طريق أبحاثه في الأحلام والتحليل النفسى والطاقات الحبيسة في عالم اللاوعى.لقد نادى «السيرياليون» بالتحرر من سيطرة العقل على الخيال؛والمزاوجة المتعمدة بين العناصر المصورة.
سابعاً: المدرسة المستقبلية:-
بدأت المدرسة المستقبلية في إيطاليا، ثم انتقلت إلى فرنسا، وكانت تهدف إلى مقاومة الماضي لذلك سميت بالمستقبلية، واهتم فنان المستقبلية بالتغير المتميز بالفاعلية المستمرة في القرن العشرين، الذي عرف بالسرعة والتقدم التقني. وحاول الفنان التعبير عنه بالحركة والضوء، فكل الأشياء تتحرك وتجري وتتغير بسرعة.
وتعتبر المدرسة المستقبلية الفنية ذات أهمية بالغة، إذ أنها تمكنت من إيجاد شكل متناسب مع طبيعة العصر الذي نعيش فيه، والتركيز على إنسان العصر الحديث. وقد عبر الفنان المستقبلي عن الصور المتغيرة، بتجزئة الأشكال إلا آلاف النقاط والخطوط والألوان، وكان يهدف إلى نقل الحركة السريعة والوثبات والخطوة وصراع القوى، قال أحد الفنانين المستقبليين "إن الحصان الذي يركض لا يملك أربعة حوافر وحسب، إن له عشرين وحركاتها مثلثية".
وعلى ذلك كانوا يرسمون الناس والخيل بأطراف متعددة وبترتيب إشعاعي، بحيث تبدو اللوحة المستقبلية كأمواج ملونة متعاقبة.
الانطباعية الانطباعية أو التأثرية (بالإنجليزية:
Impressionism) هي مدرسية فنية أوجدت في القرن التاسع عشر. اسم الحركة مستمد من عنوان لوحة للرسام الفرنسي كلود مونيه، (انطباع شروق الشمس soleil levant)التي قام بإنجازها عام 1872 م، ولما كان من أول من استعمال هذا أسلوب جديد من التصوير، فقد اشتق اسم المدرسة الجديدة من اسم لوحته: الانطباعية. وهو أسلوب فني في الرسم يعتمد على نقل الواقع أوالحدث من الطبيعة مباشرة وكما تراه العين المجردة بعيداً عن التخيّل والتزويق وفيها خرج الفنانون من المرسم ونفذوا أعمالهم في الهواء الطلق مما دعاهم إلى الإسراع في تنفيذ العمل الفني قبل تغّير موضع الشمس في السماء وبالتالي تبدّل الظل والنور، وسميت بهذا الاسم لأنها تنقل انطباع الفنان عن المنظر المشاهد بعيداً عن الدقّة والتفاصيل. من خصائصها محاولة تسجيل الانطباعات المرئية المتغيرة ونقلها عن الطبيعة مباشرة. وقد برع التأثريون في تصوير ضوء الشمس، وابتدعوا التصوير في الهواء الطلق بدأت الحركة (1870) وفقدت كثير من أنصارها (1880)، ولكنها لم تشتهر إلا (1890) بعد أن تخلى عنها أغلب أقطابها. كان أبرز رواد الحركة: مونيه، وسيزلى، وبيسارو، وشارك فيها رينوار وديجا، واتصل بها لفترة قصيرة سيزان ومانيه. وبالرغم من أن التأثرية باعتبارها مذهباً مرئياً محدود الأهداف لم تعش طويلاً، فقد أشاعت موجة من التحرر في الفن. ويستخدم مصطلح " تأثرية " في موسيقى القرن 19 أيضاً. حيث يتجلى انعكاس التأثرية على أعمال ديبوسي " المدرسة الفرنسية "، كما يظهر إلى حد ما في أعمال رافيل وفي الموسيقى الإسبانية عند فالا. ويطلق اصطلاح " ما بعد التأثرية على أعمال مجموعة من المصورين الفرنسيين في أواخر القرن 19، أرادوا تطبيق بعض خصائص التأثرية وتوجيهها نحو فن أكثر ذاتية. وتشمل المجموعة: سيزان، وفان جوخ، وجوجان.
تاريخ الفن التشكيلى:
عرف المصريون الفن التشكيلي بأنواعه منذ أقدم العصور ، فتماثيل الملوك و اللوحات المصورة والمحفورة، عكست مفاهيم فنية، هدفها خدمة طقوس الآلهة والملوك والموتى.
وارتبطت الفنون المصرية القديمة، مثل النحت والرسم والنقش، ارتباطاً وثيقاً بالهندسة المعمارية، ولم يمثل أي منها فناً مستقلاً، وإنما كانت تستخدم من أجل زخرفة المعابد والمقابر. وقد أثر ذلك كثيراً على ملامح تلك الفنون، وموضوعاتها وسبل إستخدامها.
النحت والرسم والنقش:
عندما تصور الفنان المصري القديم الدار الآخرة باعتبارها دار الخلد والمتعة الأبدية، فإن ذلك المفهوم كان مصدر الوحي والإلهام لأعماله. فكانت التماثيل من بين أهم العلامات المميزة للفن المصري القديم، وكانت للتمثال مهمة أساسية في المقبرة عبر العصور الفرعونية ، وهي تمكين الروح من التعرف على ملامح الشخص المتوفى، فلا تخطئه في الدار الآخرة.
وازدهر فن النحت في الدولة القديمة والوسطي والحديثة، وأثمر عدداً من التماثيل بأنواع مختلفة. واستخدم المصريون حجم التمثال للتعبير عن الوضع الاجتماعي، فحجم تمثال الفرعون كان يفوق الحجم الطبيعي، ويزن أحيانا عدة أطنان.
وأمدت تلك الحضارة المصرية القديمة العالم بأشكال معمارية فريدة ومتنوعة، المقابر الملكية والمعابد والسدود وغيرها. ولقد بدأ الاهتمام بالمقابر الملكية في مرحلة مبكرة من الحضارة المصرية وهي تتمثل في الأهرام التي يبلغ إجمالي المكتشف منها نحو 110 هرماً.
وعندما جاء الإسكندر الأكبر إلى مصر، امتزج الفن المصري بالفن الإغريقي وتبنى أساليبه في اللون والحركة ، كما تأثر الفن المصري بموضوعات الأساطير الإغريقية. وقد لعب جسد الإنسان دوراً كبيراً في ذلك الفن. وصورت التماثيل قسمات وجه ومعالم جسد الإنسان بتفصيل كبير. واستمر ذلك الأسلوب إلى القرن الأول الميلادي، وقدعرف بالفن الهلليني.
كما ازدهرت العمارة المدنية متعددة الأغراض في العصر اليوناني، ومن أبرزها فنار الإسكندرية، ثالث عجائب الدنيا العظمى في العالم، وفي الحضارة القبطية كان النسيج فناً شائعاً واستمر خلال العصور التالية من خلافة وولاية حكام المسلمين، حيث انتشرت صناعة القماش والسجاد الفاخر عالي الجودة.
كذلك ركزت الحضارة القبطية فقط على نوعين محددين من النحت. الأول هو شاهد القبر، وهو لوح من الحجر الجيري يكون الجزء العلوي منه غالباً مثلث الشكل و بهرسوم ، ويحمل شاهد القبر صورة لشخصية المتوفى وبياناً بتاريخ الوفاة. والنوع الثانيمن النحت هو الإفريز، وهو عنصر زخرفي منحوت، يعلو الحوائط أو يزين أسفلها ، ويستخدم في زخرفة أبنية الكنائس والأديرة.
أما الفنان في العصر الإسلامي فقد ركز على الأشكال النباتية والحيوانية والهندسية، ويتميز إبداع الفن التشكيلي في العصر الإسلامي بجاذبية تجتاز حدود وحواجز الزمان والمكان واللغة والثقافة والعقيدة.
ومن بين ملامح ذلك الفن، هناك التجريد والتناسق ومحاولة الالتزام بالقواعد الرياضية التي تحكم الكون. ولم يكن للنحت سوى دور ضئيل جداً في عهود المسلمين، ولذلك عُثر فقط على تماثيل قليلة ، لكنها لم تكن منحوتة، وإنما كانت تصب في قالب. وكانت تلك التماثيل الصغيرة، في معظمها، لحيوانات مثل الأرنب والغزال.
وحظيت العمارة متعددة الأغراض بإهتمام خاص في عهود خلافة حكام المسلمين، ممثلة في إقامة المساجد والمدارس والقلاع والقصور والحصون والمنازل.
كذلك فإن صناعة زجاج المشربيات وفن الأرابيسك؛ كانت رائجة وشائعة أيضاً في عهود خلافة المسلمين. ولم تزل أنواع الأواني الزجاجية الشفافة المختلفة باقية إلى اليوم، وحتى تلك الصغيرة من بينها، قد صنعت بتفاصيل دقيقة للغاية وتحمل رسوماً لمختلف الآثار.
فنون الخزف :
في العهد الطولوني في مصر، انتشرت فنون الخزف بشكل كبير ، وكانت تصنع آنية من الخزف ذات بريق معدني يتخذها الأغنياء عوضاً عن أواني الذهب والفضة، هذا فضلاً عن استخدام الجص بكثرة في تهيئة الزخارف حتى أصبح من المواد ذات الصدارة في هذا الطراز الإسلامي.
وقد وفق الفاطميون في دقة التصوير والحركة دقة لم يصبها الفنانون في مصر من قبلهم، كما كثر رسم الإنسان والحيوان على التحف التي ترجع إلى عصرهم، وازدهر فن التصوير، ولعل خير النماذج في فن التصوير والنقوش المرسومة على الجص التي وجدت على جدران الحمام الفاطمي بمصر القديمة.
أما الزجاج فلم تكن زخارفه في بداية العصر الفاطمي تختلف كثيرًا عن زخرفته في عصر الطولونيين ، ولكنها أخذت تتطور بعد ذلك في خطوات سريعة ليكون لها الطابع الفاطمي الخاص، ومن أهم المصنوعات الزجاجية الفاطمية وأكبرها قيمة فنية الزجاج المزين بزخارف ذات بريق معدني. وقد استخدم الفاطميون البللور الصخري في عمل كئوس وأباريق، وعلب وصحون، وفنجانين وأطباق، وزجاجات متنوعة الأشكال.
وقد كان لصناعة التحف النحاسية المكفتة بالذهب والفضة منزلة خاصة لدى المماليك، وقد وصل إلينا من هذا العصر تحف معدنية عظيمة من أبواب وكراسي وصناديق ومقلمات، ومن الصناعات الدقيقة التي حذقها الفنانون في عصر المماليك صناعة الفسيفساء الرخامية وتتكون من مكعبات صغيرة من الرخام مختلفة الألوان وتعشق في الأرضية على هيئة الأشرطة أو المعينات أو المثلثات أو الخطوط المتقاطعة والمتشابكة،وكان أكثر استعمالها في المحاريب والوزارات بالمساجد.
وازدهر في عصر المماليك الخط النسخ واحتل مركزًا ساميًا وصار من أهم العناصر الزخرفية على التحف من معدن وخزف وعاج ونسيج، كما استخدموه في كتابة المصاحف المملوكية التي كانت تكتب للسلاطين لتوقف بأسمائهم في المساجد.
فنون الفخار :
برع الفنان المصري في صناعة الفخار من الطينة الحمراء. وفي العصور المبكرة من الحضارة المصرية كانت قطع الفخار تزخرف بأشكال حيوانات وحليات هندسية ونباتية ملونة. وقد اخترعت عجلة الفخراني في عصر الدولة القديمة؛ لتدار باليد اليسرى، بينما تشكل القطعة الفخارية باليد اليمنى وقد شهدت صناعة الفخار تطورا كبيرا في العصر القبطي .
وقد كان للفن الاسلامى اضافات لكثير من عناصر الخلق والابداع فاكتسب فن صناعة الفخار أنماطاً و أشكالاً جديدة ويظهر ذلك فى الكم الهائل من المنتجات الفخارية من " أكواب ، أباريق ، وقدور ، شمعدانات " .
وقد كان للفن الاسلامى أثراً واضحاً في الاتجاه إلى الزخرفة والتي تتمثل في الآتي :
- "الكتابة العربية" لما تتميز به من مرونة وقابلية للتشكيل .
- الزخارف العربية والهندسية والفروع النباتية والاشجار والزهور وصور الحيوانات .
ثم جاء العصر الفاطمي لكي تزدهر صناعة خزف القيشاني "الفيانس"، الذي كان يحمل رسوما وزخارف رائعة بأشكال البشر والطيور والحيوانات والنباتات؛ إلى جانب الأشكال الهندسية والخطوط الكوفية الفنية المتقنة، ومشاهد الرقص والموسيقى والصيد. كما كانت تصور عليه بعض الأنشطة الاجتماعية اليومية؛ مثل التحطيب ومصارعة الديكة. وكانت تصنع في مصر الكؤوس والقدور والأواني الطينية والأطباق وغيرها من المنتجات الفخارية، ثم تطلى بألوان تتغير لدى سطوع الضوء عليها.
ولقيت هذه الحرفة اهتماماً خاصاً في عهد الأيوبيين؛ وعرف القيشاني الأيوبي "البورسلين".
وظهرت على القيشاني في العصر المملوكي صور حيوانات راقدة على زخارف نباتية تحاكي الطبيعة؛ مطلية باللونين الأزرق والأسود، تحت طبقة زجاجية.
النهضة الفنية الحديثة في مصر :
إرتبطت النهضة الفنية الحديثة في مصر بمجموعة من العوامل والإعتبارات التي صاغت الفكر والوجدان معاً ، حيث إرتبطت نهضة الفنون بتعاظم الشعور الوطني العام وبعملية تحديث وتنوير عميقة بحثاً عن الذات والهوية الحضارية لمصر . فكان النهوض بالفنون – خاصة الفن التشكيلي – جزءاً من النهوض الثقافي العام ، كما كان أحد وسائل التعبير عن الشعور الوطني العام وعنصراً من عناصر وأدوات الحركة الوطنية المصرية من أجل الاستقلال والتقدم .
لذلك كان لبعض رواد الفن التشكيلي في مصر دور لا يقل أهمية عن دور رواد التنوير الفكري ، بل أن دور هؤلاء في مجالات فنونهم كان بمثابة مساهمة ملموسة في حركة الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال وتأكيد الهوية الوطنية. ومن بين هؤلاء الفنانين محمود سعيد ، محمود مختار ، يوسف كامل ، وراغب عياد، محمد ناجي ، وغيرهم.
ثم توالى في مصر ظهور العديد من الجماعات الفنية التشكيلية ، ففي عام 1928 تأسست "جماعة الخيال" برئاسة المثال محمود مختار، جاء بعدها" جماعة هواة الفنون الجميلة" بالإسكندرية عام 1929، في عام 1932 فقد تم تأسيس "المجمع المصري للفنون الجميلة" برئاسة محمد صدقي الجباخنجي، ثم تكونت" رابطة الفنانين المصريين" في العام 1936، إلى أن وصلت الحركة إلى الأربعينيات لتظهر "جماعة الفن والحرية" وتضم أسماء ورواداً كباراً في التشكيل المصري، منهم فؤاد كامل ورمسيس يونان وجورج حنين، وصولاً إلى جماعة الفن الحديث في مصر التي تألفت من فنانين أيضاً لهم دورهم الكبير، منهم الفنان جمال السجيني وصلاح يسري ومحمد حامد عويس، وذلك عام 1948، وفي عام 1950 قامت مجموعة من الفنانين الرواد منهم محمد حسن وراغب عيادبتأسيس جماعة لاباليت.
في عام 1953 تأسست أكثر المجموعات استمرارية وصموداً من بين الجماعات السابقة، وتحمل إسم جماعة "أتيليه القاهرة" حتى اليوم، التي أسسها الفنانان محمد ناجي وراغب عياد، وتمارس نشاطاً ثقافياً وفنياً أصبحت من خلاله معلماً إبداعياً عالمياً في وسط القاهرة ، وفي عام 1964 تألفت جماعة " فسيفساء الجبل " على يد الفنان عمر النجدي وهو فنان ينتمي للجيل الثاني لفن الجرافيك المصري .
وفي عام 1981 تكونت "جماعة المحور" من أربع فنانين هم : احمد نوار – عبد الرحمن النشار ، فرغلي غبد الحفيظ ، مصطفى الرزاز .
وجميعهم من أعلام الحركة التشكيلية في وقتنا الحالي.
إن هذه الجماعات الفنية ساهمت بشكل واضح في عرض الفن التشكيلي المصري ونشره والتعريف به على نطاقات واسعة وشكلت ملامح واضحة في حركة التشكيل المصري المعاصرة.
www.shomosnews.com
ساحة النقاش