بسم الله الرحمن الرحيم
.
رياض الصالحين... معا في روضة من رياض الجنة
قرءان كريم وحديث نبوي شريف.. وطاعة لأمر الله سبحانه وتعالى
.
باب اليقين والتوكل
.
يقول الله سبحانه وتعالى: "وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَٰذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ۚ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا." الأحزاب22
ويقول الله سبحانه وتعالى: "الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ." آل عمران173-174
ويقول الله عز وجل: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ." الأنفال2
.
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: اللهم لك أسلمت وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت. اللهم أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني. أنت الحي الذي لا تموت، والجن والإنس يموتون. متفق عليه
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أيضا قال: حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم صلى الله عليه وسلم حين أُلْقِيَ في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا: إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. رواه البخاري
وعن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله، لَرَزقكم كما يرزق الطير، تَغدو خِماصاً وتَرُوح بِطاناً. رواه الترمذي
.
تَغدو خِماصاً: أي تذهب أول النهار ضامرة البطون من الجوع
تَرُوح بِطاناً: أي ترجع آخر النهار ممتلئة البطون- لِعِلْمِهَا أن لها رزق عند الله سبحانه وتعالى وأنه جل وعلا يرزقها فهي تذهب وتجتهد وتبحث عنه لتأخذه يقينا بالله سبحانه وتعالى وفطرة خُلِقَت بها.
.
في الآية الكريمة الأولى يقين بوعد الله سبحانه وتعالى في النصر.. فإذا أعددت العدة ونظمت العمل بالإستعانة بالله سبحانه وتعالى وسعيا في حقه جل وعلا وبحقه، يكون لك النصر من عند العزيز الحكيم، وكان هذا واضحا في الآية الكريمة بأن هناك أمر بالعمل بطريقة محددة من أجل الحصول على ناتج معين فلكل مجتهد مخلص لله تعالى نصيب ورزق طيب... وهذا يقين لا يضيع، ثم أتى تصديق الوعد بالرؤية الفعلية بعد الطاعة والعمل فيزدادوا إيمانا مع إيمانهم من رب العالمين.
.
وفي الآية الكريمة الثانية، عند الشعور بمشكلة أو خطر تجاه آخرين مما يمثل تهديد ما من أي نوع.. فما كان منهم إلا أنهم لم يهابوا شيئا ليقينهم أنه لن يصيبهم إلا ما كتبه الله لهم، فأقصى ما يمكن أن يفعله الناس لك هو قدر الله سبحانه وتعالى، فالناس لا تخرج أبدا عن قدر الله سبحانه وتعالى مهما فعلت. ومن هذا الإيمان، والقوة النفسية وتصديق هذا اليقين الداخلي بقول: حسبنا الله ونعم الوكيل، انقلبوا بنعمة من الله وفضل ولم يمسسهم سوء... فما بالك أن جعلت الله هو وكيلك في هذا العمل أو هذا الموقف بإيمان وحب وثقة؟! أن تجعل الله سبحانه وتعالى هو من يحتسب حالك وأحوال الناس الذين تتعامل معهم فيكون عدل الله وعلمه وحكمه في هذا الإحتساب، وتجعله جل وعلا هو من يأخذ لك فقد يجعل لك نورا تهتدي به لترى طريق التعامل أو الحل أو قد يجعل لك ويسخر لك الظروف لتكون حل.
.
وفي الآية الكريمة الثالثة، وصف للمؤمنين لكي يضعنا الله سبحانه وتعالى على الطريق فنعمل بهذا العمل لنكون منهم، فهم هؤلاء الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم أي خافت واهتزت إجلالا لرب العالمين، وعندما تتلى عليهم ىيات الله عز وجل يزدادون إيمانا في كل مرة لأن لهم في كل مرة رؤية جديدة وإحساس جديد يربطهم ويقربهم إلى ربهم عبادة وحب وتعظيم، وهم أيضا أولئك الذين على ربهم يتوكلون.. أي يسيرون بيقين في قدرة الله سبحانه وتعالى وخيره الذي بين يديه ليرزقهم منه بشتى أنواع الرزق، فيؤمنون قلبا ويطمئنون حالا ويعملون إتزانا وإرتباطا مع الخالق المولى عز وجل.
.
وفي الأحاديث النبوية الشريفة، نجد أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يعلمنا ويعطينا تطبيقات في مفردات الحياة.. كل تبعا لأحوال الإنسان التي تتراوح بين سراء وضراء (بالدرجات التي بين الحالتين)، فالتسليم الكامل لله رب العالمين في الفكر والقول للعمل بأن يطيع الإنسان حكم الله سبحانه وتعالى ويرضى به فيأخذ منه ويتقدم مستعينا بربه جل وعلا، والإيمان بأن لا إله إلا الله فلا عبادة ولا إستعانة إلا بالله عز وجل، كما يكون الدعاء والإستغاثة والخشية والرجاء من الله سبحانه وتعالى. وإذا قلت كلمة في أي مجلس أو فعلت أمر في أي موقف سواء موضع سَرَّاء أو موضع ضَرَّاء (يُسْر أو عُسْر) فيكون توكلك على الله سبحانه وتعالى أنه سبحانه سوف يوفقك في الشئون التي تتعامل فيها ويُجْبِّر النقص الذي فيه ويجزيك عنه خيرا ويعطيك ناتج طيب من عنده جل وعلا. والإنابة إلى الله سبحانه وتعالى هي الرجوع إلى الحق أو إلى الشيء الأفضل في أحسن القول والعمل.. لأنه قد يكون في عمل الإنسان ما يتطلب تصحيح وعودة إلى الحق أو إلى شيء أفضل وأعلى وفقا لمناسبة الأحوال.
.
ولأن الإنسان قد يقابل مشاكل أو عُسْر مع غيره، فيخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعاءه أن يَشْهَد الفرد على نفسه أنه إذا حدث نزاع فإنه بالله ولله أي يكون رفض الشيء لأنه يُغْضِّب الله سبحانه وتعالى ويكون التصرف في هذا الشيء وفقا لما يرضي الله سبحانه وتعالى وأن تكون الإستعانة بالله في كل المراحل، فيأمن الناتج والثمرة الطيبة لجميع الأطراف إما بجزاء خير أو بتصحيح وتحسين أمور فيأمن العمل والطريق بحول الله وقوته. ثم لأن الإنسان يمكن أن يقع في شيء من حيرة أو عدم وضوح في الأمر، فيستعيذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعزة الله العزيز الأعز الأكرم وأنه الإله الواحد الذي يحكم ويعلم ويملك كل شيء ولا تأخذه سنة ولا نوم من أي ضلال، ثم الإقرار بأن الله سبحانه وتعالى هو وحده من يبقى جل وعلى فكل من عليها فان.
.
وفي الحديث الثالث، نرى الفطرة التي فَطَر الله سبحانه وتعالى عليها الطير في النشاط مبكرا بحثا عن رزقها وهي على يقين وإيمان كما أنها على عبادة وتسبيح لله رب العالمين، فتجده كاملا مُرْضِيَّاً لها فتعود سعيدة في آخر النهار تحمد الله رب العالمين... إن الطير حتما تتخذ الطريق الصحيح في بحثها عن الرزق، ولا تضيق ذرعا ولا تتشتت بأقوال من حولها، بل هي تحدد طريقها الذي رسمه الله سبحانه وتعالى لها فتذهب فيه وإليه بما أعطاها الله سبحانه وتعالى من قدرات وإمكانيات في جسدها مثل أجنحتها كوسيلة للوصول والتي تواجه بها تحديات الطريق وحاسة الشم التي تحدد منه أماكن الرزق كنعم لديها تسير بأمر الله سبحانه وتعالى ..... فهي تعرف ما حباها الله سبحانه وتعالى به وتعرف ما تريد وما هي واجباتها وعلى يقين من أن الله سبحانه وتعالى يحفظ لها حقوقها في الكون الفسيح فتعرف أن لها خالق يَرزقها بشكل كامل فتسعى عبادة لله سبحانه وتعالى فتُرْزَق كما يشاء رب العالمين بفضل كبير من خزائن السماوات والأرض.
.
عندما تتحلى بهذا الخُلُق الكريم لله سبحانه وتعالى:
اليقين بالله سبحانه وتعالى وحسن الظن به جل وعلا، والتوكل على الله الوكيل هي أعمال تشمل فكر وقول وفعل.. قلبا وقالبا... وعندما يتحلى الإنسان والمسلم بهذا الخُلُق الكريم يُحبه الله سبحانه وتعالى ويرضى عنه ويجزيه خير الثواب في الدنيا، وفي الآخرة التي هي منتهى عمل ورؤية الإنسان ووجهته التي يتجه نحوها، فيطمئن قلبه ويهدأ في تصرفاته وتتزن أقواله وأفعاله، ويكون طريقه واضح أمامه لأنه يهتدي بنور من الله سبحانه وتعالى الذي يهدي به الله... بل ويكون قويا منيعا لا يهتز من قول أي قائل لأن لديه اليقين ولأنه يعلم كيف يسير وإلى أين يتجه جيدا..
.
وعلى تنوع الأعمال الطيبة الحلال الممكنة وكثرتها بلا حصر لها، فهو يجد المرونة في أن على المرء السمع والطاعة لله ورسوله في المنشط والمكره وفي اليسر والعسر... فالطريق الذي يريد واحد ولم يتغير فهو نفسه الطريق إلى الله سبحانه وتعالى وإلى رضاه وحده جل وعلا... إلا أن يُؤمر بما فيه معصية لأمر الله ورسوله، فهنا يكون لا سمع ولا طاعة بل يتم التعامل وفقا للموقف وما يتطلبه بإستقامة وعدل، فلا حاجة لفرد إلى ضيق وقيود الشيء الحرام لا قدر الله.... فنحن نتبادل فيما إقتراحات وأفكار وإلتزامات يغلب عليها الأمر الحلال الذي يرضي الله سبحانه وتعالى إلا ما كان حكم الله سبحانه وتعالى فيه بأنه منهي عنه أو حرام... وما بين مشاركة وإتحاد ووحدة وأحيانا ندفع بعضنا البعض (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ ) لنظل جميعنا أقوياء من أجل التقدم الثابت القوي بحول الله وقوته.
.
اللهم عليك توكلنا وإليك أنبنا
اللهم إن ما عندك خير وأبقى وأنت وعدك الحق وكلمتك الحق فاللهم ربنا إِنَّا نسألك فضلك وكرمك
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
الحمد لله رب العالمين
.
#نحو_رضا_الله_نسعى
سيدنا #محمد_رسول_الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
#طائعين
#رياض_الصالحين للإمام النووي (أبو زكريا يحيى بن شرف النووي)
.
داليا السيد