الهام بدر الدين محفوظ
حصيلة الاسبوع - حوار |
حوار مع الكاتبة والفنانة
الهام بدر الدين محفوظ
سوريا
انجاز حنان هيشامي
تعد الكاتبة والفنانة السورية الهام بدر الدين محفوظ واحدة من المهاجرات العربيات بولاية مشتيغين الأمريكية اللواتي وضعن بصمة خاصة لتميزهن الإبداعي في مجالات عدة، فالسيدة الهام هي نموذج للزوجة الطيبة والأم التي تقدم لأبنائها أسمى المشاعر النبيلة، والكاتبة التي تحاول من خلال أفكارها الوصول للإنسان في أي مكان ، ومن خلال فنها يتجلى أيضا نفس المعطى إذ تحاول من خلال الرسم على الزجاج والسيراميك ، وعبر الفن التشكيلي، وأيضا تدريس الأطفال المصابين بالتوحد في قالب لا يخلو من تغليب الجانب الإنساني والسمو بكل كائن.
التقت مجلة فرح الفنانة الهام بدر الدين محفوظ، وبرحابة صدر كان لنا معها هذا الحوار.
كتبت في إحدى المرات عبارة الفن هو شكل تفوق عاطفي يأخذ كل من الفنان والمشاهد في مستوى ثقافي أعلى، فهل كل أنواع الفن يمكن أن ينطبق عليها نفس التصنيف؟
هذه العبارة: الفن هو شكل تفوق عاطفي يأخذ كل من الفنان، والمشاهد في مستوى ثقافي أعلى وهذا ما ترجمه عن كتابتي في الانجليزية الفنان المصري الراحل سامي بديوي رحمه الله وفي رأيي فهي تنطبق على كل ما يتفاعل مع أحاسيسنا المرئية (البصرية) إن كانت رقصة أو لوحة أو منحوتة فنية..... فمثلا اللوحة الفنية التشكيلية تكون في حالة حوار مع المشاهد في إدخال فكرة أو عدة أفكار للتواصل والتساؤل الفكري والعاطفي وهذا أجده في أعمال الفن التشكيلي و أعمال مسرحية وفي الأفلام والموسيقى والشعر وكل ما يتفاعل مع الفكر والأحاسيس في محاولة تطوير تساؤلات تؤدي لاستنتاجات أدبية وفنية وثقافية كما يمكن أن ينطبق على شبكة التواصل عبر الانترنت وما يمكن أن يقدم من فن رقمي، لذلك فعالم الإبداع واسع جدا يترك أثرا وتفاعلا مع الإنسان من لحن أو موسيقى سواء أنغام مفرحة أو حزينة أو كلمات في قصيدة أو منحوتة جميلة ربما تأخذنا لعالم آخر كله آفاق جديدة مبتكرة وواسعة مسترسلة من إبداع أدبي أو فني يحاور المرء في تداخلات إنسانية وعاطفية .
تمتلكين خبرة واسعة في مجال الفن التشكيلي والرسم على الزجاج والسيراميك وهذا يدفعنا لطرح سؤال حول اختيار المادة في الفن بشكل عام فأين تكمن أهمية المادة في الإبداع؟
يمكن ترجمة الحالة الإبداعية بكونها تحصل حين يجد الإنسان نفسه مشغولا ومهتما بحب وشغف لمادة ما سواء كانت كتابة قصة أو تأليف جملة موسيقية أو في رقصة أو لوحة تشكيلية هي علاقة حب بين المادة الفنية مثل رسم لوحة تشكيلية منبعثة من أحاسيس وأفكار الفنان لها علاقة خاصة من صميم قلب الفنان و أحاسيسه التي تنبعث من إرادة حب وتصميم من الأعماق لإنجاز هذا العمل الفني بمصداقية و مشاعر حب ما يجعله أكثر عليه تميزا.
هل كل عمل فني هو إبداع، ومن له الحق في تقييم الأمر؟
العمل الفني بحد ذاته إبداع، إذا عبّر الفنان عن عمل فني متميز يخترق المألوف العادي فيه ابتكار من حداثة في الأسلوب والتقنية والفكرة فهو إبداع. وليس كل عمل فني بقوة و تميز كالآخر حيث يتفاوت العمل الفني من واحد لآخر بتميزه وابتكاره من تقنية وأفكار جديدة وبما أن الفن ليس كمسألة حسابية، فمثلا عمل فني ما ربما يعجب أستاذ خبير بالفن التشكيلي و يقول أسباب إعجابه ونجد آخر لا يعجبه العمل الفني ويقول أسبابه أيضا فهي مسألة اختيارية تابعة لذوق الإنسان والتقييم عبارة عن رأي شخص له تجارب وخبرة في التقييم .
وفي رأيي فالنقد البناء الهادف يساهم في تقوية العمل الفني حيث يظهر قوته وكيف يكون أقوى و ما يعجبه فيه عوض أن يكون الناقد سلبي ويقول أنه لا يعجبني أو يقول عمل ضعيف و بهذا يكون أساء للفنان بدون هدف الإفادة، والتحسن والانطلاق نحو الأفضل، فالفنان نفسه هو يقيم وينقد عمله بنفسه فهو الذي يعرف إلى أين يريد أن يصل بعمله و كرته ويستطيع أن يدافع عن فكرته لتقييم عمله لذلك أجد أن الفنان هو المسؤول الأول و لأخير في نقد عمله و تقييمه.
نشأت في سورية، ثم انتقلت للولايات المتحدة الأمريكية، ولك مسار جد متميز في التدريس أيضا، فكيف تصفين هذه التجربة؟
نعم ولدت في دمشق في سوريا الحبيبة ومنحني الله سبحانه وتعالى أن أترعرع وأنمو في بلد عربي إسلامي عريق مهد الحضارات القديمة ففيها الكثير من الفن والإبداع الجميل الراقي كنت أهوى الرسم والموسيقى منذ صغري ودرست حتى المرحلة الثانوية و بعدها تزوجت وجئت مع زوجي إلى أمريكا فسجلت في الجامعة ودرست الرسم والسيراميك والنحت وتخرجت من جامعة ايسترن ميشيغان للفنون التشكيلية وحصلت على بكالوريوس في الرسم الزيتي وفن السيراميك وماستر في تاريخ الفن. وأنجزت كثيرا من الأعمال الفنية كاللوحات التجريدية و أعمال تركيبية و سيراميك و منحوتات كثيرة، كما شاركت بأكثر من أربعين معرض جماعي و أقمت بتسع معارض شخصية . أحمد الله وأشكره وما أزال أعمل وأشارك في معارض عالمية ومحلية في ميتشيغان، وأكرمني الله لأنني عشت في بلد عربي إسلامي اكتسبت منه الأخلاق والدين وعادات وتقاليد وأخذت من عالمي في أمريكا العادات الإنسانية، ومساعدة الناس والانخراط في المجتمع لأعلمهم عن ديننا الحنيف وأخلاقنا وعاداتنا الكريمة وأتعلم منهم أيضا، فن التعامل الإنساني في بيئة متعددة الأديان والانتماءات البشرية فأجد نفسي قد اكتسبت الأفضل من كلا العالمين القديم و الحديث ( سوريا وأمريكا)
هل من السهل العيش داخل بلد كالولايات المتحدة الأمريكية، وما الدرس الذي سيبقى راسخا في ذهنك من خلال هذه التجربة التي تبقى متميزة؟
حياتي ليست سهلة في الولايات المتحدة الأمريكية وخاصة أنني أنجبت ابنتي وابني وعشت في خوف دائم عليهم من أن يجرفهم تيار الحضارة الغربي فيتركوا دينهم، لكن الحمد لله رب العالمين من رضي الله علي وعلى زوجي أنهم أولاد صالحين أحمد الله وأشكره. لكن أتيحت لي فرصة الدراسة هنا في أمريكا فدرست وتخرجت وعملت فوجدت أن أفضل شيء هو أن أستفيد من علم الغرب وأفيد غيري، فعملت فأقمت معارض وحصلت على جوائز عديدة وأدرس فن الرسم والسيراميك في مركز الفنون ووجدت نفسي في مجتمع يتساءل عن الشرق والإسلام ومدى إنسانيتنا وحضاراتنا فانتهزت الفرصة وتبادلت الحوار والمعرفة، أعلمهم ويعلمونني وهكذا بدأنا جسر الحوار والمعرفة . فالحياة خبرة وتجارب وامتحانات ومشاركات إنسانية والفنان عليه رسالة إنسانية، إذ أن معظم الفنانين والمبدعين يتفاعلون كما تفاعلت أنا أيضا في محيط ظروف الحياة اليومية التي نعيشها من مرض وفقر وحروب، وكل هذه الظروف ستظهر في أعمال الفنان إذا تفاعل بصدق وأمانة وعبر بألوانه في لوحته الفنية على الحالة التي يعيشها .
برأيك ما هو سر النجاح و التميز ، وهل الموهبة شرط أساسي للتفوق ؟
أعتقد أن سر النجاح والتميز أولا وأخيرا توفيق من الله تعالى، وعمل ومثابرة وتصميم ،وإخلاص فعبر الطموح، وعدم الاستسلام لليأس، ومن خلال الإيمان نصل للإبداع، لذلك فالموهبة وحدها لا تكفي ربما تسهل العمل لكن علينا بالجهد والمثابرة والرقي والتطلع نحو الأفضل للإبداع و التميز.
إلى أي حد يمكن للعمل الإبداعي أن يخدم قضايا إنسانية؟
كنت قد شاركت بعدة معارض ضد الحرب على العراق وللمناداة بالسلام ، ولكن لم تمنع إقامة المعرض الحرب لكن الفنان عبر في صوته (عمله) الفني عن استنكاره للدمار وإراقة الدماء حيث عملنا معارض عدة للسلام شارك فيها الكثير من الفنانين العرب والأمريكيين أملا في تأسيس جسر للحوار بين الحضارات العربية و الإسلامية والغرب وأنا أواصل رسالتي كفنانة، وكإنسانة للتواصل الفكري والفني بين الشرق والغرب.
في الختام ما هي الكلمة الأخيرة التي تودين توجيهها لقراء مجلة فرح؟
أشكر الإعلامية المتميزة المبدعة حنان على هذه المقابلة وأشكر مجلة فرح الثقافية لإتاحة الفرصة لي للتواصل مع أخواتي وبناتي العربيات عبر هذه المجلة المتميزة الثقافية والحضارية مع جزيل الشكر وفائق المودة والاحترام.
ساحة النقاش