"لا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي"، هو آخر ديوان التئم وظهر إلى النور بعد رحيل الشاعر "محمود درويش"، العنوان حمل في الذكرى الثالثة لوفاة الشاعر الفلسطيني رسالة مفادها "أن محمود درويش قصيدة لم تنته أبياتها"، هو المداد الذي يزوًد الشعراء حتى يحلموا ويحملوا أوزار أوطانهم، ورثَهم الحزن والأسى والغضب، وورثًهم رصيدا لا ينضب من القدرة على التجلدٌ ومواصلة تعاطي الكتابة. في ذكرى رحيله الثالثة، كتب الجميع عن الشاعر "محمود درويش"، الذي لم يعد رمزا "للغياب" بحسب ما علق بذاكرة قرائه من قصائده، لكنه اليوم أكثر حضورا وإلحاحا، حضور روحه الطاغي على كل الساحة العربية يقرع الذاكرة ويعيد ترتيل ما كتب على مدرار سنوات عمره الرافلة، ليس بالحب بل بالجوى، مضى وشرايينه محملة بالأسى، علته "وطنه المفجوع" الذي عاد إليه أكثر من مرة ومع كل ذلك ظل غريبا، موزعة روحه ما بين المنفى الذي علقت بعض أجزائه به وبين تراب الوطن ، مضى وقلبه يدمى جراء التشرذم الذي يعانيه الوطن، فجاء مؤلفه "أنت منذ الآن غيرك" الذي ختم به سلسلة حياته الطويلة شهرا قبل وفاته، لينتقد فيه التقاتل الداخلي الفلسطيني. كانت هذه الفواجع سببا في التعجيل برحيله المبكر، فالشعراء عادة تموت أرواحهم وتبلى قبل أجسادهم، فتكون أشعارهم خلاصهم الوحيد من حالات الغضب والحزن المزمنة، عبر عن ذلك في قوله: "الزنبقات السود في قلبي وفي شفتي اللهب من أي غاب جئتني يا كل صلبان الغضب بايعت أحزاني وصافحت التشرد والسغب غضب يدي غضب فمي ودماء أوردتي من غضب. محمود درويش الذي حمل قضية وطنه "فلسطين" في جعبته، جعل منها زاده وسلواه في المنفى الطويل، جعل صورة الأنثى تتمرغ في حضن الوطن، لم تكن تلك الأنثى التي هام بها في أشعاره إلا صورة رمزية للأرض المرادفة للخصب، تماما مثل "البروة" التي هي جزء من الجليل" وباقي أنحاء فلسطين، كانت خطواته في مهد ارض الرسالات تواصل بما حمله من مداد حرب الرسل والأنبياء الأزلية، حاول أن يدرا عن وطنه العدو، لكن تفاجأ وكما الجميع إلى أن العدو ليس هو من كانوا يعتقدونه فحسب، لكن تقاتل الأشقاء كان له بالغ الأثر في إنهاء حياته. تأتي هذه الذكرى "الثالثة" بلا خصوصية على صعيد الوضع في وطنه، لكنها تعبر عن حضور لافت لروح الشاعر معبر عنه بزخم من الكتابات ومن أشخاص ينتمون لمستويات عمرية شتى، مرثيات كثيرة أقيمت في الوطن العربي على شرف روحك الخالدة أيها الشاعر الكبير، قالوا لك "نم بسلام وفلسطين لها رب يحميها، واعين الناس معلقة بحلول المخلص "المهدي المنتظر"، ولكن هل روحك الطاهرة ترضى بتلك الصورة التي حملها عمل في "حضرة الغياب"؟.
بقلم مكى أم السعد عبد الرحمن
المصدر: بقلم : مكى أم السعد عبد الرحمن - محررة إلكترونية
نشرت فى 9 أغسطس 2011
بواسطة caheft
صحيفة الأدب العربى الإلكترونية
صحيفة الأدب العربى الإلكترونية - على كنانة أون لاين »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
174,681