الحديث يتعاظم عن الصدقات منذ بداية شهر رمضان، وتشير الأرقام المستقاة من مصادر شتى إلى اتساع دائرة المحتاجين، وحتى عملية الإحصاء تقتصر على الشهر وحده، وكأن الفقر قصرا على الشهر الفضيل دون غيره، وهذا ما يعبر عن حقيقة كامنة خلف إحدى عشرة شهرا وهي أن الشعوب العربية الغنية بثرواتها فقيرة جدا في بيوتها، وفي جيوب مواطنيها.
انتشار مطاعم "الرحمة" و"عابر السبيل" في شهر رمضان وارتفاع اللافتات في أنحاء متفرقة من الأزقة تعتبر إحدى تجليات حالات الفقر المدقع بالجزائر، وفي الكثير من أجزاء الوطن العربي، الفقر الذي اخذ ينهش في كاهل الأمة العربية التي يفتخر مسئوليها بضرب أرقام عن الـ"القفة" التي وزعت على المعوزين، وينتظرون في كل سنة أن يقدموا المزيد، هذا تعبير عن إفلاس في إستراتيجية قيام بعض من الوزارات، حيث لم يتم معالجة الأمر بشكل يتناسب والقضاء على الأقل تدريجيا على دائرة الفقر التي هي أخذة في الاتساع من سنة لأخرى.
ولكن النقطة اللافتة والتي أشار إليها شخص ما، هي أن الفقراء حقا ينأون عن مد يدهم للغير، ويتعففون قدر المستطاع حتى لا يظهروا بمنظر يحط من كرامتهم، وقال أن من يلهثون خلف هذه "المساعدة" إنما هم من طمعوا في مال لا يستحقونه على الإطلاق، وأضاف أن الشعب الجزائري غني بماله وكرامته، وتسائل كيف تقلل السلطة من قيمته إلى هذا الحد بوضع طعم على الطريق العام حتى يسيل لعاب الطماعين له، وهو ما يحيل إلى تجربة "بافلوف" الشهيرة.
حالة الفقر التي أصبحت جلية للعيان مؤسفة للغاية، وتدمي قلوب الناس حول بلد بخيرات الجزائر، بلد بحجم جغرافية الجزائر وأهله "جياع"، الوضع الاجتماعي في الجزائري ليس بخير، ولكنه يمكن ان يكون بألف خير لو أحسن تدبير أمور بيتنا الكبير بشكل يحفظ كرامة الناس.
بقلم
مكى أم السعد عبد الرحمن