<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0pt 5.4pt 0pt 5.4pt; mso-para-margin:0pt; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman";} </style> <![endif]-->

بعيدا عن الحروب وما خلفته من دمار، ومن طول لياليها التي لم تنقض رغم تعاقب القرون، يظل الوطن خارطة ترسم حدود جغرافية قلوبنا، يتحول القلب والوطن قطعة يتماهى كلاهما في الآخر، حتى لا تبقى من فروق تذكر بعدها.

الوطن، كلمة تكررت في قصائد الشعراء وفي نصوص الكتاب، وتحول إلى صورة رمزية تتكرر في حناجر الناس المنتمين لتلك الجغرافية تشبه بطاقات الهوية التي تحمل ذات اللون والكتابات والمسميات، أو لنقل انه يشبه كثيرا "الأبناء"، لذا تزداد المخاوف وتتعاظم كلما تعرض لخطر، أوطاننا هي "أكبادنا" قد ندوس عليها بالنعال ولكننا في الأخير نسجد فوق ثراها ونقبله، ونوصي بان يحملوا تابوتنا ويعود به من منفانا الطويل حتى ندفن بين ثنايا تربتها الطاهرة.

الوطن، يتجلى في حياتنا المديدة وما عشناه فيه ونحن نعرج في فضاءه الفسيح، ونطبع خطوات لا يمكن عدها في أزقته وشوارعه، هواءه يحمل أنفاسنا، وأرضه تحفظ أثار أقدامنا، ولطالما بحنا له في خلواتنا بأسرارنا آمالنا وآلامنا، يتساءل الغريب الذي قضي عمرا بطوله في وطنه "المستعار"، عن السر الذي دفعه للعودة لموطن أجداده، قد لا يجد جوابا يذيب ركام الجليد ولكنه في نهاية الأمر يعود ليمرغ وجهه في ترابه.

وتبدو صورة الوطن ابلغ أثرا في المنفى وفي الحرب، تبدو أكبر من حيز جغرافي له حدود وتخوم، لكنه يتحول إلى قطعة من هذا القلب الذي كما يحوي الأهل، ويخصص لهم مساحة معتبرة من الدماء التي تسري في شرايينه، كذلك يفعل بالوطن، وقد بدت هذه الصورة جلية في وقتنا الحالي مع ما يعرفه العالم العربي من إعادة صياغة لتاريخه وترتيب شؤونه الداخلية، حيث هذي الديار التي كانت تأوي جدرانها أشخاصا أشبه ما يكونوا بالغرباء، تحولت في زمن قصير إلى كتلة من لحم نابضة بالحياة، ترتعد من الخوف ومن الألم، وتتوق للإنعتاق والى غد يكون بخلاف ما كان عليه الأمس.

ثورات العالم العربي ورغم ما يحاول البعض أن يثير حولها من ريبة، بينت أن هذه الشعوب ليست هي من تسكن الوطن، لكن بيت الوطن بين أقفاص صدورها، الوطن في رمزيته التي نزهته من التراب ومن كل ما يحمله من أشياء دنسته لعقود تحول مع هذه المتغيرات إلى قطعة من نور، فثورة "الياسمين"، أو تلك التي انبثقت عن "ميدان التحرير"، أو من نواعير "حماة" ومن أزقة "طرابلس"، كل هذه الانتفاضات جاءت لتحمي الوطن، ولتقول أن جغرافيا القلب تتسع للوطن والأهل وتضيق لما دونهما.

 

بقلم

 مكى أم السعد عبد الرحمن

المصدر: بقلم : مكى ام السعد عبد الرحمن - محررة إلكترونية
caheft

صحيفة الأدب العربى الإلكترونية

  • Currently 16/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
6 تصويتات / 264 مشاهدة
نشرت فى 26 يوليو 2011 بواسطة caheft

صحيفة الأدب العربى الإلكترونية

caheft
صحيفة الأدب العربى الإلكترونية - على كنانة أون لاين »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

173,252