<!--<!--
يمكن للتخلف أن ينجز مشاعر متحضرة يقدر فيها المنبهر المفتون جهود الآخر، وهو يقدم رأسه بكل وداعة وفي صدره أكثر من رجاء بأن يحصل على فرصة يتقمص فيها حلاقا بينهما فاصل الكينونة والانتماء الحضاري، وعندما تبارزت الشفاه وهي تحدد منسوب الأحمر لتبصم في المنابر على كل بياض مشبوه يصادفها في بعض التجمعات والملتقيات النسوية تحت شعار تأنيث الكون وتعميم ثقافة الجسد كان على المرآة المسلمة أن تستحضر ذاتها بامتياز، لتأخذ قرارات جادة تمكنها من الحصول على منحها التاريخية ولها من الشواهد ما يخرجها من مأزق التشبه بتثمين المتشبع بداخلها وهي تمارس أنوثتها بحذر استراتيجي، يسمح لها بقراءة الآخر وادهاشه لأنها كائن لديه من الايجابات الميتافيزيقية (الدينية) ما يصرفها عن الأسئلة (الفيزيقية ) أي الشكل وعندما يستيقظ الفكر على صدمة تنحيف الجسد وتسخيف الوعي وهو يخذل الغد الطموح بتفاصيل المقص وروائع القماش ومن المصطلحات ما يدخلك في حالة (كوما) تعطي للنكبة أبعادا جديدة على مستوى العين والوجدان. من الغريب أن تقرأ بفم مفتوح عن آخر ما صرحت به أهم مصممات الأزياء في باريس عن رغبتها الشديدة في انتقاء موديلات مميزة تظهر فيها المرآة محتشمة عكس الستينات وما يليها من السنوات عندما كانت تفضل الظهور بقطعة قماش مجهرية يكون فيها الجسد مكشوفا وعلى المشاهد أن يحترم هذا الإغراء الناعم ليتخلص من كل عقده الاجتماعية، أما (المتثقفون) عندنا يعتبرون إبراز مواهب الأنثى الجسدية من الحرية الشخصية للكائن المقصود وهو بند فطري يدخل ضمن حق الموجود في استثمار ذاته في الوجود، وليتحقق هذا المشروع المصيري على الأنثى أن تتخلص من كل الحجب وأولها قيم القماش والأسوأ من ذلك أنهم يعارضون ثبوتية الحجاب شرعا ويدخلونه ضمن فلسفة المجتمع الضاغط فهو خيار مؤدلج يستدعي المراجعة الفورية بكل جرأة، لتتجلى حسب رأيهم معالم الحضارة عارية كجسد لم يعد في المخيلة بل صارت لديه قناعات وأراء سريعة تأسست لديه من باب الرغبة الشديدة في معارضة المألوف ولو كان ماهيته التي تفسر جوهر ذاته المسئولة عن ابتكار أداة الخير لنشر الرسالة المحمدية بروح طليقة وجسد مصان. من العبث أن يستمر ذوي التمدن المزعوم في عض الشفاه وهم يحذرون من انتشار الحجاب كأساس وجودي ديني يحرض المرآة على تعرية الخطأ وتثبيت ما هو عقائدي مقدس لتخوض كل الميادين دون أن تنسى من هي، حتى لا تفقد آدميتها عندما تتحول إلى حافز ودافع لترويج الغايات. يجف ريقنا عندما نشعر بقحط أفكار المهتمين بشؤون المرآة المسلمة ومعاناتها اليومية لأنها اختارت حقيقة القماش (الحجاب)بعد أن شعرت بداخله بإنسانيتها كاملة فرفضت أن تتجزأ إلى رغبات مؤقتة وقائدها الوحيد، وهي تتخذ هذا القرار الأزلي روحانيتها الصادقة التي كشفت لها كل الحجب الوهمية مما أكسبها حالة من التوازن في الإدراك لتجيب عن سؤال المخربشين( هذه التسمية تعود للأستاذ مولود قاسم)هل تحتاج الحضارة إلى قماش (حجاب)؟ بكل تحضر نعم
بقلم
لطيفة حرباوى