<!--<!--[if gte mso 10]>
<style>
/* Style Definitions */
table.MsoNormalTable
{mso-style-name:"جدول عادي";
mso-tstyle-rowband-size:0;
mso-tstyle-colband-size:0;
mso-style-noshow:yes;
mso-style-parent:"";
mso-padding-alt:0pt 5.4pt 0pt 5.4pt;
mso-para-margin:0pt;
mso-para-margin-bottom:.0001pt;
mso-pagination:widow-orphan;
font-size:10.0pt;
font-family:"Times New Roman";}
</style>
<![endif]-->
لطالما قلل الناس من أهمية اللغة العربية، حتى بلغ الأمر يبعضهم لوصفها بلغة "الخشب"، وهم في حقيقة الأمر لا يدركون سحر هذه المادة البلاغية في التعبير عن خلجات النفس، وفي تجلية الكثير من جوانب حياتنا، وتوسيع دائرة إدراكنا لمختلف المفاهيم، هذه اللغة التي صيغت من "نور" تعطي كل من سعى لبلوغ منبعها ليس الفصاحة فحسب، غير أنها تشكل الأداة المتداولة بين الطبيب والمهندس والبناء وما إلى ذلك، هي خلاصة الفكر البشري عبر حقب زمنية متتالية، أضيف إليها الكثير من المفاهيم وتناسى مستخدموها البعض، وهذا ما جعل دائرة استغلالها تقل عبر الزمن وبخاصة في هذا الوقت حيث لغة التكنولوجيا هي الطاغية.
قال احد الأساتذة ذات يوم وهو يشرح واقع استخدام اللغة العربية على مستوى الوطن العربي، خلال ملتقى انعقد بجامعة جزائرية أن ثمة أكثر من اثنتي عشرة مليون كلمة في اللغة العربية لم يتم تداولها لحد الساعة، وهذا ما يفتح أذهاننا على حقيقة مشرقة، وهي أن هذه اللغة بكل تلك المصطلحات والمفاهيم التي تداولها الناس عبر تخصصات وفروع علمية وأدبية شتى والتي يرون أنها استطاعت أن تستنطق أفكارهم ويعتقدون أنها انتهت عند تلك الحدود، تبين أن صورتهم نحوها ضيقة للغاية حيث ما تزال ضفاف وروافد منها لم يصلها عقل بشر.
وهذا التقويم للغة القران الكريم جاء من باب الجهل بها، والاستخفاف بالأشياء عادة يكون امتداد لعدم الإحاطة بكل مكوناتها، عندما نقرا القران نجد الكثير من العبارات والمراد فات يكتنفها الغموض، وعندما نقرا للمنفلوطي، العقاد، المعري والكثير من الأدباء الذين سعوا عبر مسارات حياتهم الممتدة لتطويع مصطلحات اللغة حتى تخرج أفكارهم الصورية إلى النور وتصبح أحرفا لها أجنحة تطير بها في عوالم الأدب العربي والعالمي، ندرك أن كل تلك الكتابات النادرة والتي استوقفتنا لأيام وساعات طويلة، كانت أعمالهم وغيرهم من الكتاب ممن لم أتمكن من استحضارهم اللحظة بمثابة أشعة النور التي تخترق ذاتنا وتشعرنا بالكثير من السعادة والمتعة في أن.
تحولنا جمل هذه اللغة من كائنات بشرية ناقصة إلى أخرى مجهولة ومكتملة الهوية، مجهولة من حيث النوع الذي نحسب عليه، ومكتملة باعتبار أن الذي يتقن بعضا من مراد فات هذه اللغة يشعر بأنه في حالة تخمة ولا يحتاج لان يقرا ما دونها، فالعربية تصنع عالما موازيا لهذا الحقيقي الذي نعيشه، القصص والروايات والشعر تنأى بنا جميعا عندما نستسلم لها، ورغم كل ذلك يقال أن هذه اللغة من "خشب وحطب"، لكنها في حقيقة الأمر لغة من "نور" بل هي إكسير الحياة.
نتمنى ممن يقرؤون بعيون قاصرة أن يحاولوا استعادة بصيرتهم أولا، ثم يقرؤوا ما تيسر لهم من كتب الأدب العربي وغيره، وعندها ربما تغيرت نظرتهم تجاهها، لان هذه اللغة التي قرأ بها "طه حسين" حفرت أثلاما عميقة في صدره وسما بها وبإعماله إلى مراتب لم يتمكن من يرون نور الشمس وهي تشرق في كل يوم من أن يخطوا حرفا واحدا مماثلا لها
بقلم
وسيلة مكى