<!--<!--
سؤال يطرح نفسه لكثيرين منا....قد تكون الإجابة عليه سهلة لأي إنسان...فهناك من يقول أربى أبنائي على الحب والتعاون والتسامح والتدين ...الخ
وبالفعل كلها إجابات ناجحة لكنى أرى أنها ينقصها الكثير لكي تكون قدوة لأبنك أو بنتك
هناك مشاكل نفسية كثيرة جدا يتعرض لها الأبناء منذ الصغر وتظل أسبابها محفورة في سراديب أعماقهم..يتوارثونها أجيال وراء أجيال..لتخلق منهم في النهاية جيل ضعيف هاش ..غير قادر على العطاء ..ضعيف الشخصية....لا يتحمل مواجهة رياح الحياة الصعبة,
تخلق منه إنسان متواكل ... لا يستطيع أن يواجه أي موقف ويستعين دائما بالأخريين لحل مشاكله بدلا من أن يواجهها بنفسه
عقدا نفسية يخلقها الآباء داخل أبنائهم دون أن يدرون أنها ستظل تابعة لشخصية أبنائهم وملتصقة بهم
فتربية الأبناء قد تبدو من ظاهرها أنها أمر سهل ..لكن في الحقيقة هي غير ذلك...فهي تعتبر من أصعب الأمور التي تواجه الآباء.....
هي رسالة لابد أن يقدر كل أب نتيجة مدى خطورتها في عملية إنجاحها أو فشلها
وهنا قال رسول الله عليه الصلاة والسلام
(أحب العباد إلى الله أنفعهم لأبنائه)
فالتربية الحسنة بمقومات الحب والخير تأتى بالنفع الكثير لأبنائنا
ولكن الأهم منها هي أن يرى أبنك أو بنتك فيك كل الخير
بمعنى أسلوبك في الحوار واحترامك للأخريين واحترام الأخريين لك.....كلها أشياء تجعل منك قدوة حسنة لهم .. غرستها داخلهم فيتشبهون بها منك
كذلك مواجهتك للمواقف ...واختيار الحلول المناسبة لأي مشكلة وحكمتك وترويك في اتخاذ أي قرار يجعل منك بطلاً في عيونهم يقتادون بك وأيضا يتشبهون بك
ومن هذا المنطلق فأنت خلقت داخلهم تحمل المسئولية والاستقلالية وعواقب اتخاذ القرار
أيضا من الأمور الهامة لكي تكون قدوة حسنة لأبنائك أن يتفاخروا باختيارك لأصدقائك..فالصديق حسن الخلق هو عنوان مشرف لك في نظر أبنائك....وهنا فأنت أشرت إليهم كيف يختارون أصدقائهم ليتشبهوا بك
أنت عين الإرشاد لأبنائك أيها الأب ..فان صلح رب البيت ..صلح البيت كله...والأب هنا هو القدوة الأساسية وليست الأم
فمهما كانت الأم صالحة ... فهي لا تستطيع بمفردها إنجاز هذه المهمة الصعبة
واليكم هذه القصة التي جعلتني اهتم بتناول هذا الموضوع سأعرضها وباختصار شديد
قصة هذه السيدة بدأت منذ طفولتها..فقد عانت من سلبية شخصية الأب وضعفها ووجدت أمها المسكينة هي المتحملة لكل ظروف الحياة الشاقة وهى التي تواجه كافة المشاكل سواء الحياتية أو مشاكل أبنائها الخاصة وهى التي تتخذ القرارات بمفردها وهى التي تحاول غرس القيم السليمة داخل أبنائها...فقد كانوا خمسة شقائق أولاد وبنات
منهم من أثرت فيه تربيتها له وخلقت داخله سمات حسنة ومنهم من تجاهل هذه السمات وضرب بها عرض الحائط
كانت تنظر إلى والدتها وهى متألمة فقد كانت تصعب عليها في أوقات كثيرة لكثرة تحملها كل شئ بمفردها
وأخذت تحلم برجل يمحى من ذاكرتها شخصية والدها التي عانت منها وأحبطتها نفسيا....إلى أن تقدم لها العريس المعهود
ويا صدمتها فيه....فقد وجدته نسخة أخرى من والدها وعانت الكثير معه..لكنها بدأت تعوض ما افتقدته في شخصية زوجها مع ابنها...فبدأت تكثف له دروس التعامل مع الآخرين وكيف لا يضيع حقه ويتهاون فيه وغرست داخله أشياء حسنة كثيرة في التدين والصلاة وحب الخير والصدق
ولم تنسى مع كل ذلك أن تجعله يواجه المواقف مع زملائه في المدرسة
وللأسف كان الزوج دائما يحبط محاولاتها مع ابنها بالفشل
فان تصادف وضربه زميل له بغير حق ..كانت الأم تثور لخوفها من أن يصبح نسخة من أبيه..فلا يقدر على مواجهة المواقف مثله .. فكانت تحبذه على ألا يترك حقه وأن يدافع عن نفسه..لكن الأب كان يقوم بتخويف الصغير
ويقول له لا تسمع كلام أمك فلو رديت لزميلك الضربة أو الإهانة لن يتركك وممكن أن تحدث لك عاهة تأتى بك للموت
صراع في تربية الابن بين الأم القوية والأب الضعيف
أدى في النهاية إلى أن الابن أصبح رجلا سلبي الشخصية لا يتحمل المواجهة ولا اتخاذ القرار
أصبح نسخة أخرى من أبيه...وباتت الأم في حسرة عليه وعلى أحواله من مواجهة الحياة الصعبة
وهنا أقول لكل أب
كن حريصاً في أسلوب تعاملك مع أبنك أو بنتك حتى تصنع منهم جيل قوى..قادر على مواجهة الحياة
فالحياة أصبحت صعبة لا يقدر على التعامل معها إلا الأقوياء
فلنبعد عن السلبيات في تربية أبنائنا وننظر إلى الايجابيات التي تنفعهم في حياتهم
ولتعلم أيها الأب أن أبنائك هم ثمرة نجاحك في الدنيا والآخرة
بقلم
وفاء عبد الرحمن