موقع المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا نقض جنائي- مدني- مذكرات- صيغ- عقود محمول01277960502 - 01273665051

إن إنهاء خدمة العامل بالتطبيق لحكم المادة 81 سالفة الذكر إنما يقوم على قرينة قانونية هي اعتبار العامل مستقيلاً إذا انقطع عن العمل مدة خمسة عشر يوماً ولم يقدم أعذاراً مقبولة خلال الخمسة عشر يوماً التالية.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1971 إلى آخر سبتمبر سنة 1971) - صـ 270

(40)
جلسة 17 من إبريل سنة 1971

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد شلبي يوسف - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة يوسف إبراهيم الشناوي ومحمد عبد العزيز يوسف ومحمد صلاح الدين السعيد وعلي لبيب حسن - المستشارين.

في القضية رقم 454 لسنة 15 القضائية

موظف "نهاية خدمة" الاستقالة الضمنية.
إن انقطاع العامل عن عمله لأمر خارج عن إرادته وتصرف جهة الإدارة بما يخول دون قيامه بالعمل تنتفي معه قرينة ترك العمل للاستقالة.
إن إنهاء خدمة العامل بالتطبيق لحكم المادة 81 سالفة الذكر إنما يقوم على قرينة قانونية هي اعتبار العامل مستقيلاً إذا انقطع عن العمل مدة خمسة عشر يوماً ولم يقدم أعذاراً مقبولة خلال الخمسة عشر يوماً التالية، فإذا ما ثبت أن انقطاع العامل عن عمله كان أمراً خارجاً عن إرادته وكانت جهة الإدارة بتصرفاتها هي التي حالت دون قيامه بعمله، فقد انتفى القول بأن عدم مباشرة العامل عمله انقطاع يقيم قرينة ترك العمل للاستقالة، وترتفع بالتالي القرينة القانونية التي رتبها القانون في المادة 81 المذكورة على انقطاع العامل عن عمله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن المدعي (المطعون ضده) أقام الدعوى رقم 1025 لسنة 21 القضائية ضد السيد/ نائب رئيس الوزراء لشئون وزارة الإصلاح الزراعي واستصلاح الأراضي بصفته، بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 15 من إبريل سنة 1967، طلب فيها الحكم بإلغاء القرار الصادر من السيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي في 13 من ديسمبر سنة 1966 برقم 1904 بالاستغناء عن خدماته، مع ما يترتب على هذا الإلغاء من كافة الآثار، وإلزام المدعى عليه مصروفات الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة. "وقال بياناً لدعواه إنه حصل على بكالوريوس الزراعة عام 1957، وخدم بالإصلاح الزراعي عقب تخرجه وكان موضع تقدير رؤسائه إلى أن نقل إلى منطقة فاقوس شرقية في شهر فبراير سنة 1964 وعمل مهندساً زراعياً بجمعية الحسينية خلفاً لصهر مندوب المنطقة، وقد اكتشف اختلاسات مالية خطيرة عمل على إظهارها وكشف الإجراءات الشاذة التي اتخذها مندوب المنطقة بقصد إخفاء هذه الاختلاسات لصالح صهره، فأصدر مندوب المنطقة قراراً في 27 من مايو سنة 1965 بنقله إلى زراعة البكارشة حيث اتضح له أنها أسوأ من سابقتها، وكشف بها مخالفات خطيرة أدت إلى خسائر فادحة طلب من مندوب المنطقة تحديد المسئولية في شأنها، ولكنه لم يفعل ودأب على طلب نقله خارج المديرية. وفي 5 من يناير سنة 1966 أصدرت الهيئة العامة للإصلاح الزراعي قرارها رقم 21 بنقله من مديرية الشرقية إلى مديرية كفر الشيخ، فأخلى طرفه من فاقوس في 10 من فبراير سنة 1966، وتوجه على نفقته الخاصة إلى المديرية المنقول إليها فرفضت تسليمه العمل انتظار لورود رد الهيئة العامة للإصلاح الزراعي على كتابها رقم 410 المحرر في 8 من فبراير سنة 1966 - قبل توجهه إلى هذه المديرية - في شأن إعادة النظر في قرار النقل بدعوى أن لوائح مشروع التنظيم الزراعي تحتاج إلى العناصر النشيطة، فاضطر إلى الانتظار اثني عشر يوماً حتى جاء رد الهيئة بالموافقة على إلغاء النقل. وقام مكتب شئون العاملين بمديرية كفر الشيخ في 24 من فبراير سنة 1966 بتكليفه بالتوجه إلى مديرية الشرقية ووقع على ذلك بما يفيد العلم. وعاد على نفقته الخاصة أيضاً إلى مديرية الشرقية التي رفضت بدورها تسليمه العمل استناداً إلى سابقة نقله إلى مديرية كفر الشيخ، وأرسلت الأوراق إلى الهيئة في 28 من فبراير سنة 1966 للتصرف. وتابع المدعي سرد مراحل بحث الموضوع في الهيئة منذ تاريخ ورود كتاب مديرية الشرقية إليها إلى أن صدر قرار الهيئة رقم 951 في 6 من يونيه سنة 1966 بتعديل النقل من مديرية الشرقية إلى مديرية قنا بدلاً من مديرية كفر الشيخ. واستطرد المدعي قائلاً إنه تقدم في 13 من يونيه سنة 1966 إلى السيد/ مدير عام الهيئة طالباً صرف مرتبه عن الشهور من فبراير إلى مايو سنة 1966 فأشر سيادته بأن تقوم مديرية الشرقية بصرف المستحق، ولكن المديرية رفضت صرف مرتبه، فأعادت الهيئة الكتابة إلى هذه المديرية في شهر يوليه سنة 1966 لصرف المستحق له حتى نهاية شهر يونيه سنة 1966، فرفضت المديرية ذلك وأعادت الأوراق إلى الهيئة بأنه - أي المدعي - قد أُخلي طرفه من المديرية في 10 من فبراير سنة 1966 ولا تعلم عنه شيئاً. فأبرق المدعي إلى السيد/ مدير عام الهيئة في 8 من أغسطس سنة 1966 لمقابلته، وظلت أوراقه تنتقل من مكتب إلى آخر ومن إدارة إلى أخرى ولم يتوان عن استصراخ المسئولين وما من مجيب حتى فوجئ بقرار السيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة رقم 1904 الصادر في 13 من ديسمبر سنة 1966 بفصله اعتباراً من 7 من يونيه سنة 1966 بحجة أنه تغيب عن عمله مدة تزيد على الحد المقرر قانوناً وخلص المدعي من ذلك إلى النعي على القرار المطعون فيه بمخالفته القانون لقيامه على وقائع غير صحيحة، ذلك أنه في الفترة من تاريخ تنفيذه قرار نقله من مديرية الشرقية إلى كفر الشيخ في 12 من فبراير سنة 1966 حتى صدور القرار الثاني رقم 951 في 6 من يونيه سنة 1966 بنقله إلى قنا لم يصدر قرار له بالعمل في أية جهة وأصبح بذلك بدون عمل، ولم يستطع أن يصرف مرتبه أو يخلي طرفه ويصرف استمارات سفره وعائلته وشحن الأثاث، ولم تتخذ الجهة المسئولة أي إجراء لتنفيذ قرار نقله إلى قنا حتى تاريخ صدور قرار الفصل وبالإضافة إلى ذلك فقد كان في الفترة من تاريخ نقله إلى قنا في 6 من يونيه سنة 1966 إلى 12 من يونيه سنة 1966 موجوداً بمدينتي فاقوس والزقازيق مع لجنة التحقيق التي تولت التحقيق في الشكوى المقدمة منه عن المخالفات في منطقة الإصلاح الزراعي في فاقوس، وقد انتهت هذه اللجنة إلى إيقاف ستة موظفين عن العمل وقررت اللجنة في البند ثالثاً من تقريرها "بقاء المهندس الزراعي وديع ميخائيل عبد الملك بمنطقة فاقوس لما قام به من عمل كشف عن أمور تلاعب مالية خطيرة ولم يتردد في إظهارها لرؤسائه بمنطقة الإصلاح الزراعي بفاقوس وبمديرية الإصلاح الزراعي بالشرقية ولم ينحرف مع المنحرفين مع كل وسائل الإغراء.
وبجلسة المناقشة التي عقدها السيد مفوض الدولة في 14 من أغسطس سنة 1967 حضر السيد محامي الحكومة وأودع حافظة مستندات تنطوي على ملف الأوراق التي أعدتها الهيئة العامة للإصلاح الزراعي في شأن النزاع الماثل ووقع السيد/ محامي الحكومة على الحافظة بأنه يتقدم بالمستندات عن الهيئة، وقرر بأن السيد/ نائب رئيس الوزراء لشئون وزارة الإصلاح الزراعي لا يمثل هيئة الإصلاح الزراعي أمام القضاء، ودفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة وبعريضة مودعة قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في الأول من أكتوبر سنة 1967 صحح المدعي شكل الدعوى بتوجيهها إلى السيدين/ وزير الإصلاح الزراعي ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بصفتيهما وطلبت إدارة قضايا الحكومة بمذكرتها المقدمة في 6 من يناير سنة 1969 "الحكم أصلياً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة للسيد/ نائب رئيس الوزراء للإصلاح الزراعي بصفته والسيد/ وزير الإصلاح الزراعي لرفعها على غير ذي صفة، وبالنسبة للسيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد. واحتياطياً برفض الدعوى. مع إلزام المدعي المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة".
وبجلسة 22 من يناير سنة 1969 قضت المحكمة "برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة وبقبولها شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات." وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة للدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة على أن المدعي أودع قلم كتاب المحكمة في الأول من أكتوبر سنة 1967 صورة من صحيفة الدعوى مختصماً فيها السيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي ومن ثم يكون بذلك قد صحح شكل الدعوى على النحو الذي تطلبه القانون ويكون الدفع واجب الرفض. وبالنسبة للموضوع خلصت المحكمة من استعراض وقائع النزاع إلى أنه ترتب على موقف الجهة الإدارية عدم صرف راتب المدعي من 10 من فبراير سنة 1966 حتى تاريخ صدور قرار نقله إلى قنا في 6 من يونيه سنة 1966 وعدم صرف استمارات سفر ونقل عفش له ولأسرته رغم العديد من الشكاوى التي قدمها في هذا الشأن الأمر الذي يشكل عذراً للمدعي في عدم تنفيذ القرار 951 الصادر في 6 من يونيه سنة 1966 بتعديل نقله إلى قنا بدلاً من كفر الشيخ. إذ أنه وقد تنكرت له جميع الجهات التي توجه إليها طالباً العمل من تسليمه إياه أو صرف راتبه نتيجة لعدم تسلمه العمل، فقد وضع غير مختار في حالة استحالة من تنفيذ قرار نقله إلى قنا ومن ثم فقد جاء انقطاعه عن العمل نتيجة حتمية لموقف الجهة الإدارية، وعلى ذلك فليس بسائغ القول بأنه انقطع عن هذا العمل لانتوائه الاستقالة لما يلزم لهذه النية من توفر الإرادة الحرة لدى الموظف لتقرير اعتزال العمل عن طريق الاستقالة.
ومن حيث إن السيدين/ وزير الإصلاح الزراعي ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بصفتيهما قد طعنا في هذا الحكم بعريضة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة في 22 من مارس سنة 1969 طلبا فيها "الحكم بقبول الطعن شكلاًَ وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء أصلياً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة للسيدين/ نائب رئيس الوزراء للإصلاح الزراعي ووزير الإصلاح الزراعي بصفتيهما شكلاً لرفعها على غير ذي صفة وعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد بالنسبة للسيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي. واحتياطياً: رفض الدعوى. مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة" وقام الطعن بالنسبة لشكل الدعوى على أن صاحب الصفة في الدعوى وهو رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي لم ترفع عليه الدعوى إلا بعريضة تصحيح شكل الدعوى المودعة قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في الأول من أكتوبر سنة 1967 بعد الميعاد القانوني لرفع الدعوى، وخلصت من ذلك إلى أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون إذ رفض الدفع بعدم قبول الدعوى المرفوعة على السيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة لرفعها بعد الميعاد القانوني. وقام الطعن بالنسبة للموضوع على أن المطعون ضده انقطع عن عمله من تاريخ صدور القرار رقم 951 المؤرخ في 6 من يونيه سنة 1966 بنقله من كفر الشيخ إلى قنا واستمر في الانقطاع عن العمل حتى صدر القرار رقم 1904 في 13 من ديسمبر سنة 1966 بإنهاء خدمته لانقطاعه عن العمل، وبذلك يكون القرار الأخير المطعون فيه قد صدر متفقاً وحكم المادة 81 من القانون رقم 46 لسنة 1964 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغاء هذا القرار، قد خالف حكم القانون. وقد تقدم كل من الطاعنين والمطعون ضده بمذكرة أيد فيها طلباته.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة، فقد أثاره ابتداء السيد/ محامي الحكومة بجلسة المناقشة التي عقدها السيد مفوض الدولة في 14 من أغسطس سنة 1967 تأسيساً على أن صاحب الصفة في تمثيل الهيئة العامة للإصلاح الزراعي وفقاً لحكم المادة 11 من القرار الجمهوري رقم 1587 لسنة 1963 بشأن إعادة تنظيم الهيئة العامة للإصلاح الزراعي هو رئيس مجلس إدارتها، وإذ اختصم المدعي في دعواه السيد/ نائب رئيس الوزراء للإصلاح الزراعي واستصلاح الأراضي فإنه يكون قد أقامها على غير ذي صفة.
ومن حيث إن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، بالتطبيق لأحكام القانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي والقوانين المعدلة له وقراري رئيس الجمهورية رقم 2586 لسنة 1963 بتنظيم وزارة الإصلاح الزراعي وإصلاح الأراضي ورقم 1587 لسنة 1963 بتنظيم الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، هيئة ذات ميزانية خاصة ومستقلة بشخصيتها الاعتبارية عن وزارة الإصلاح الزراعي، ويمثلها أمام القضاء وفي صلاتها بالهيئات الأخرى وبالغير وفقاً لحكم المادة 11 من قرار تنظيمها سالف الذكر، رئيس مجلس إدارتها. وكان من المتعين والأمر كذلك اختصام رئيس مجلس إدارة الهيئة وصاحب الصفة في المنازعة الماثلة. والمدعي وإن كان قد اختصم في عريضة دعواه المودعة قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 15 من إبريل سنة 1967، السيد/ نائب رئيس الوزراء لشئون الإصلاح الزراعي وهو غير ذي صفة، إلا أن الثابت من الأوراق أن المدعي اختصم القرار المطعون فيه الذي أصدره السيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة، ومستفاد من الأوراق أن عريضة الدعوى أرسلت إلى الهيئة التي أعدت مستنداتها متضمنة أوجه دفاعها الموضوعي، وبعثت بملف مستنداتها إلى إدارة قضايا الحكومة فقدمها السيد/ محامي الحكومة بالنيابة عن الهيئة على ما يبين من توقيعه على حافظة المستندات، إلى السيد/ مفوض الدولة بجلسة المناقشة المعقودة في 14 من أغسطس سنة 1967 ثم أبدى الدفع المثار. وعلى ذلك تكون الهيئة قد مثلت في الدعوى وأبدت دفاعها الموضوعي فيها، ومن ثم لا يقبل منها بعدئذ الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة. وبالبناء على ذلك يصبح الدفع الآخر بأن اختصام السيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة قد تم بعريضة تصحيح شكل الدعوى في الأول من أكتوبر سنة 1967 - بعد الميعاد القانوني - غير ذي موضوع. وبناء على ذلك يكون الدفع بعدم قبول الدعوى والحالة هذه غير قائم على سند من الواقع أو القانون جديراً بالرفض.
ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على الأوراق أن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي أصدرت قرارها رقم 21 في 5 من يناير سنة 1966 بنقل المدعي من مديرية الإصلاح الزراعي بالشرقية إلى مديرية كفر الشيخ. وقد أخلى المدعي طرفه من منطقة فاقوس شرقية في 10 من فبراير سنة 1966 وتقدم إلى مديرية كفر الشيخ في 12 من فبراير سنة 1966 فامتنعت المديرية عن تسليمه العمل وكلفته بالتوجه إلى مقر عمله السابق وظل هناك دون عمل إلى 24 من فبراير سنة 1966 حيث عاد إلى مديرية الشرقية، التي رفضت تسليمه العمل إلى أن يصدر قرار جديد بذلك. وكانت مديرية كفر الشيخ قد طلبت من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بكتابها رقم 410 في 8 من فبراير سنة 1966 إعادة النظر في قرار النقل بحجة أن "تنظيم الإنتاج بها يحتاج إلى العناصر الجيدة لا العناصر المنحرفة. وبعثت مديرية الإصلاح الزراعي بالشرقية في أول مارس سنة 1966 بكتابها رقم 1034 إلى الهيئة بأنها قد أخلت طرف المدعي ولكن مديرية كفر الشيخ أفادت بكتابها رقم 1323 في 24 من فبراير سنة 1966 بأنها في غير حاجة إليه، وطوت مديرية الشرقية كتابها على إخلاء طرف المدعي وصورة من مفردات مرتبه وطلبت من الهيئة إصدار الأمر بتسليم المدعي العمل بمديرية كفر الشيخ وصرف مرتبه منها. ومع ذلك فلم تبت الهيئة في الأمر إلا في 6 من يونيه سنة 1966 حيث أصدرت قرارها رقم 951 بتعديل نقل المدعي إلى مديرية قنا للعمل مهندساً بها بدلاً من مديرية كفر الشيخ السابق نقله إليها. وفي 13 من يونيه سنة 1966 تقدم المدعي بطلب إلى السيد/ مدير عام الهيئة أشار فيه إلى أنه منذ تاريخ نقله إلى مديرية كفر الشيخ في 5 من يناير سنة 1966 إلى 6 من يونيه سنة 1966 تاريخ نقله إلى مديرية قنا لم يصرف مرتبه، وطالب بصرفه إليه عن الأشهر من يناير إلى مايو سنة 1966. وقد أشر السيد/ مدير عام الهيئة على هذا الطلب بأن تقوم مديرية الشرقية بصرف ما يستحقه، فأجابت مديرية الشرقية بكتابها رقم 3760 في 30 من يونيه سنة 1966 بأن المدعي أُخلي طرفه منها في 10 من فبراير سنة 1966 ولا يستحق قبلها أي مرتب بعد هذا التاريخ، وأشار السيد/ مدير عام الهيئة على هذا الكتاب في 14 من يوليه سنة 1966 بأن تصرف مديرية الشرقية للمدعي مرتبه حتى نهاية شهر يونيه سنة 1966، وعارضت مديرية الشرقية في ذلك بكتابها رقم 4317 في 27 من يوليه سنة 1966. فأبرق المدعي إلى السيد/ مدير عام الهيئة طالباً مقابلته في 6 من أغسطس سنة 1966، وعقب على ذلك بمذكرة مؤرخة في 14 من أغسطس سنة 1966 استعرض فيها تفصيلاً موقف كل من مديريتي الإصلاح الزراعي بالشرقية وكفر الشيخ والهيئة حياله، وأبدى أنه لم يتمكن من تنفيذ قرار النقل إلى قنا بسبب موقف مديرية الشرقية منه وعدم تسليمه استمارات السفر إلى قنا وتساءل عن الجهة المختصة بصرف مرتبه وتنفيذ قرار نقله إلى قنا، وأردف ذلك في 29 من سبتمبر سنة 1966 بطلب إلى السيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة ضمنه تفاصيل الموضوع شاكياً من عدم صرف مرتبه منذ شهر فبراير سنة 1966 وعدم إمكان تنفيذ النقل إلى قنا بسبب موقف مديرية الشرقية، وأشار إلى أن نقله من فاقوس كان بناء على طلب مندوبها بسبب موقفه - أي المدعي - من الفساد في هذه المنطقة هذا الفساد التي حقق وأوقف نتيجة له ستة من الموظفين. وقد رفعت في هذا الشأن مذكرة إلى السيد/ مدير عام الهيئة فأشر عليها في 8 من أكتوبر سنة 1966 بتنفيذ قرار النقل واستعلم عما تم في صرف المرتب. طلب السيد/ مراقب عام شئون العاملين في الهيئة بمذكرته المؤرخة في 31 من أكتوبر سنة 66 انتداب من يلزم لسرعة بحث الموضوع. فأشر عليها السيد نائب مدير عام الهيئة في 17 من نوفمبر سنة 1966، بفصل المدعي لانقطاعه. وفي 6 من ديسمبر سنة 1966 عقب السيد/ مراقب عام شئون العاملين على ذلك بمذكرة استعرض فيها وقائع الموضوع وانتهى إلى أنه لا يمكن الجزم بأن المدعي كان منقطعاً عن العمل بإرادته وإنما يتبين وجود ظروف أخرى لابست الموضوع يقتضي الأمر تحقيقها. وقد أشر السيد/ نائب مدير عام الهيئة على هذه المذكرة في 7 من ديسمبر سنة 1966 بإعداد قرار الفصل فوراً، وبناء على ذلك أعد القرار رقم 1904 في 13 من ديسمبر سنة 1966 برفع اسم المدعي من عداد العاملين بالهيئة اعتباراً من 7 من يونيه سنة 1966 التاريخ التالي لصدور القرار رقم 951 في 6 من يونيه سنة 1966 المتضمن نقله إلى قنا لانقطاعه عن العمل بالتطبيق لحكم المادة 81 من القانون رقم 46 لسنة 1964 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة. وقد تظلم المدعي من هذا القرار ثم أقام دعواه مثار الطعن الماثل.
ومن حيث إن المادة 81 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر به القانون رقم 46 لسنة 1964 تقضي بأن "يعتبر العامل مقدماً استقالته.. إذا انقطع عن عمله بغير إذن خمسة عشر يوماً متتالية ولو كان الانقطاع عقب إجازة مرخص له بها ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يوماً التالية ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول.. فإذا لم يقدم العامل أسباباً تبرر الانقطاع أو قدم هذه الأسباب ورفضت اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل".
ومن حيث إن إنهاء خدمة العامل بالتطبيق لحكم المادة 81 سالفة الذكر إنما يقوم على قرينة قانونية هي اعتبار العامل مستقيلاً إذا انقطع عن العمل مدة خمسة عشر يوماً ولم يقدم أعذاراً مقبولة خلال الخمسة عشر يوماً التالية، فإذا ما ثبت أن انقطاع العامل عن عمله كان أمراً خارجاً عن إرادته وكانت جهة الإدارة بتصرفاتها هي التي حالت دون قيامه بعمله، فقد انتفى القول بأن عدم مباشرة العامل عمله انقطاع يقيم قرينة ترك العمل للاستقالة، وترتفع بالتالي القرينة القانونية التي رتبها القانون في المادة 81 المذكورة على انقطاع العامل عن عمله.
ومن حيث إن المستفاد من استقراء الأوراق أن المدعي منذ تاريخ صدور قراري نقله إلى مديرية الإصلاح الزراعي في كفر الشيخ في 5 من يناير سنة 1966 ثم إلى مديرية الإصلاح الزراعي في قنا في 6 من يونيه سنة 1966 إلى تاريخ إنهاء خدمته بالقرار المطعون فيه الصادر في 13 من ديسمبر سنة 1966، لم يبد منه ما يفيد اتجاه إرادته إلى ترك العمل للاستقالة أو تعمد الانقطاع على مباشرته في أي موقع يحدد له، إذ وضع نفسه منذ اللحظة الأولى تحت تصرف الجهة الإدارية لتمكنه من تنفيذ قراري نقله إلى كفر الشيخ ثم إلى قنا، وكان يستصرخ رئاسة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي لحل هذا الموقف، ومع ذلك ورغماً عن معارضة المراقبة العامة لشئون العاملين بالهيئة فقد انتهى رأي السيد/ نائب مدير الهيئة للشئون المالية والإدارية إلى إنهاء خدمة المدعي للانقطاع عن العمل. فقد بادر المدعي إثر صدور قرار نقله إلى كفر الشيخ بإخلاء طرفه من مديرية الشرقية وتوجه على نفقته الخاصة إلى المديرية المنقول إليها في 12 من فبراير سنة 1966، ولكن هذه المديرية امتنعت عن تنفيذ قرار النقل وتسليم المدعي العمل، وطلبت إليه العودة إلى مديرية الشرقية التي رفضت بدورها إعادته إلى عمله. وبالرغم من إخطار المديريتين الهيئة بذلك وتردد المدعي المستمر على الهيئة في هذا الشأن، فقد ظل المدعي مبعداً عن العمل دون سند من القانون إلى أن أصدرت الهيئة بعد قرابة أربعة شهور قرارها بنقل المدعي من مديرية الشرقية إلى مديرية قنا وكان يتعين على مديرية الشرقية وقد اعتبر هذا القرار المدعي من العاملين فيها، أن تعمل على تنفيذ هذا القرار بإخطار المدعي به وصرف مرتبه عن الفترة السابقة إليه وإخلاء طرفه وتسليمه استمارات السفر وما إلى ذلك، ولكنها رفضت وأصرت على أن المدعي قد انتهت علاقته بها منذ تاريخ إخلاء طرفه في 10 من فبراير سنة 1966 عقب نقله إلى مديرية كفر الشيخ. وبمجرد علم المدعي بقرار نقله الذي لم يُخطر به، بادر في 13 من يونيه سنة 1966 بطلب صرف مرتبه عن الأشهر السابقة من يناير إلى مايو سنة 1966، ولم يعترض على تنفيذ قرار نقله بما ينطوي على استعداده لتنفيذه، وفي نفس الوقت كان مدفوعاً بالحاجة الملحة إلى الحصول على مرتبه مورد رزقه الذي أوقف عنه دون سبب. وقد سلمت له الهيئة بذلك إلا أن مديرية الشرقية اعترضت على صرف مرتبه عن هذه الفترة إليه ثم أصرت على اعتراضها عندما طالبتها الهيئة بكتابها رقم 2353 في 9 من يوليه سنة 1966 بأن تصرف للمدعي مرتبه عن الشهر الذي صدر فيه قرار نقله إلى قنا وهو شهر يونيه سنة 1966 والأشهر السابقة عليه، فكانت حجة مديرية الشرقية في ذلك حسبما جاء بكتابها رقم 187 في 27 من يوليه سنة 1966 أنه ليس من العاملين بها منذ 10 من فبراير سنة 1966. وقد دفع هذا الموقف المدعي، الذي كان يتابع الكتب المتبادلة في هذا الشأن بين المديرية والهيئة، إلى الإبراق إلى الهيئة في 9 من أغسطس سنة 1966 ثم الكتابة إليها في 14 من أغسطس و29 من ديسمبر سنة 1966 بأن سلوك مديرية الشرقية يحول بينه وبين تنفيذ قرار نقله إلى قنا. ومع ذلك لم تبادر الهيئة إلى اتخاذ الإجراء الحاسم الذي يُمكن المدعي من صرف مرتبه إليه وتنفيذ قرار النقل. وظل الأمر معلقاً إلى أن أشر السيد/ نائب مدير الهيئة للشئون المالية والإدارية في 17 من نوفمبر سنة 1966 بفصله للانقطاع عن العمل.
ومن حيث إن حاصل ذلك أن انقطاع المدعي عن العمل كان لسبب خارج عن إرادته وأن الجهة الإدارية هي التي حالت بتصرفاتها بين المدعي وبين مباشرة عمله. وينتفي من ثم القول بأن المدعي انقطع بإرادته عن العمل بنية الاستقالة. وقد حدا ذلك بالمراقبة العامة لشئون العاملين بالهيئة إلى إبداء اعتراضها وملاحظاتها سالف الإشارة إليها على الاتجاه إلى فصل المدعي للانقطاع وذلك بمذكرتها المؤرخة في 6 من ديسمبر سنة 1966 ثم رددت رأيها هذا في المذكرة التي بعثت بها إلى السيد/ مفوض الهيئة في 28 من فبراير سنة 1967 رداً على التظلم الذي قدمه المدعي في القرار المطعون فيه.
ومن حيث إنه يبين من جماع ما تقدم أن الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه ويكون الطعن والحالة هذه غير قائم على أساس سليم من الواقع أو القانون مستوجب الرفض مع إلزام الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بالمصروفات.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 53 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

5,033,217

الموقع الخاص بالاستاذ/ البسيونى محمود ابوعبده المحامى بالنقض والدستوريه العليا

basune1
المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا استشارات قانونية -جميع الصيغ القانونية-وصيغ العقود والمذكرات القانونية وجميع مذكرات النقض -المدنى- الجنائى-الادارى تليفون01277960502 -01273665051 العنوان المحله الكبرى 15 شارع الحنفى - الإسكندرية ميامى شارع خيرت الغندور من شارع خالد ابن الوليد »