<!--
<!--<!--<!--<!--
مذكرة باسباب الطعن بالنقض في قضية مقتل اللواء نبيل فراج - كرداسة
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
أسباب الطعن بالنقض
المقدم من المحكوم عليه / عبد الغني العارف إبراهيم طلب (المتهم الثالث عشر).
في الحكم الصادر بجلسة 6 أغسطس 2014 من محكمة جنايات الجيزة ( الدائرة 14) في القضية رقم 938 لسنة 2014 جنايات كرداسة ( رقم 9 لسنة 2014 كلي شمال الجيزة) . بمعاقبة الطاعن بالسجن المؤبد والمصاريف الجنائية.
وقد قرر الطاعن شخصيا بالطعن علي الحكم المطعون فيه بطريق النقض من محبسه بسجن طره شديد الحراسه (العقرب) بتاريخ 11 / 9 /2014 تحت رقم تتابع (40)، وإذ تم أعدا وتوقيع مذكرة أسباب الطعن الماثلة من محامي مقبول أمام محكمة النقض وهو الاستاذ / حسني نصر أحمد الصعيدي المحامي بالنقض فأن ذلك يفصح عن قبول الطعن شكلا.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من:
1. محمد نصر الدين فرج الغزلاني
2. عصام عبد الجيد دياب سيد وشهرته ( أبو حمزة).
3. ابراهيم فتحي مغاوري السهيت وشهرته ( أبو مريم).
4. محمود محمد السيد عبد الحليم الغزلاني.
5. أحمد محمد يوسف عبد السلام صالح وشهرته ( أحمد ويكا ) .
6. محمد سعيد فرج سعد وشهرته ( محمد القفاص).
7. مصطفي محمد حمزاوي عبد القادر حجازي.
8. أحمد محمد محمد الشاهد.
9. شحات مصطفي محمد علي موسي وشهرته ( شحاته رشيده ).
10. صهيب محمد نصر الدين فرج الغزلاني.
11. فرج السيد عبد الحافظ ربيع وشهرته ( فرج الفأر).
12. محمد عبد السميع حميدة عبد ربه وشهرته (أبو سمية).
13. عبد الغني العارف إبراهيم طلب (الطاعن)
14. جمال محمد إمبابي اسماعيل وشهرته (خالد).
15. صلاح فتحي حسن النحاس.
16. عاطف الشحات عبد العال الجندي.
17. وليد سعد أبو عميرة غراره.
18. محمود إدريس عطية يوسف وشهرته ( محمود القزاز)
19. أحمد متولي السيد جابر.
20. أحمد عبد الحميد السيد عيسي.
21. احمد محمود سلامة القزاز.
22. عصام الدن نصر الدين فرج الغزلاني.
23. خالد محمد علي.
لأنهم في غضون الفترة من 14/8/2015 وحتى 5/10/2013 بدائرة مركز شرطة كرداسة محافظة الجيزة.
أولا : المتهمان الاول والثانى:
أنشئا وأدارا وتوليا زعامة جماعة أسست على خلاف أحكام القانون الغرض منها الدعوة الى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة اعمالها والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى ،بأن أنشئا وأدارا وتوليا زعامة جماعة تدعو الى تكفير الحاكم وإباحة الخروج عليه وتغيير نظام الحكم بالقوة والاعتداء على افراد ومنشآت القوات المسلحة والشرطة وأبناء الديانة المسيحية واستحلال أموالهم وممتلكاتهم واستهداف المنشآت العامة بغرض الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر وكان الارهاب من الوسائل التى تستخدمها هذه الجماعة فى تنفيذ أغراضها وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
ثانيا : المتهمون من ثالث حتى الثانى والعشرين:
انضموا لجماعة أسست على خلاف احكام القانون وكان الارهاب من الوسائل التى تستخدمها هذه الجماعة فى تنفيذ أغراضها ، بأن انضموا للجماعة – موضوع بند الاتهام اولا – مع علمهم بأغراضها وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
ثالثا : المتهمان الخامس والخامس عشر ايضا:
1. قتلا عمدا مع سبق الاصرار والترصد المجنى عليه نبيل عبد المنعم فراج – لواء شرطة ومساعد مدير امن الجيزة – بأن عقدا العزم وبيتا على قتل قوات الشرطة المكلفة ببسط السيطرة الامنية على مدينة كرداسة وأعد المتهم الخامس لذلك الغرض سلاحا ناريا "مسدس" والخامس عشر سلاحا ناريا "بندقية آلية" وتربصا لهم فى المكان الذى أيقنا مرورهم فيه ، وما ان ظفر بهم حتى أطلقا صوبهم وابلا من الاعيرة النارية قاصدين من ذلك إزهاق ارواحهم فأصاب المتهم الخامس المجنى عليه بعيار استقر بالصدر محدثا إصابته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته وقد ارتكبت تلك الجريمة تنفيذا لغرض إرهابى.
2. شرعا فى قتل المجنى عليهم محمد سيد محمد ، وائل جمال عيسى ، ابراهيم الراعى ابراهيم ، محمد محمود محمد (ضابط وأفراد شرطة بمديرية امن الجيزة) و تامر مجدى حسن عمدا مع سبق الاصرار والترصد ، بأن عقدا العزم وبيتا النية على قتل قوات الشرطة المكلفة ببسط السيطرة الامنية على مدينة كرداسة وأعدا لذلك الغرض السلاحين المبينين بوصف التهمة السابقة ، وتربصا لهم فى المكان الذى أيقنا مرورهم فيه ، وما أن ظفرا بهم حتى أطلقا صوبهم وابلا من الاعيرة النارية قاصدين من ذلك إزهاق أرواحهم تنفيذا لذات الغرض الإرهابي وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه وهو عدم احكامهما التصويب وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
سادسا : المتهم الخامس أيضا:
1. أحرز بغير ترخيص سلاحا ناريا مششخنا "مسدس" بقصد استعماله فى نشاط يخل بالأمن والنظام العام والمساس بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
2. أحرز بغير ترخيص ذخيرة مما تستخدم على السلام النارى سالف البيان بقصد استعمالهما فى نشاط يخل بالأمن والنظام العام والمساس بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
سابعا : المتهم السادس ايضا:
1. شرع فى قتل المجنى عليه صفوت حمدى عبد السلام حماد – نقيب شرطة بقطاع العمليات الخاصة بالأمن المركزى – والقوة المرافقة له عمدا مع سبق الاصرار بأن عقد العزم وبيت النية على قتلهم وأعد لذلك الغرض " قنبلة محلية الصنع " لإلقائها صوب القوات المكلفة بضبطه وما ان شاهدهم حتى ألقيا صوبهم محدثا أصابتهم المبينة بالتقارير الطبية قاصدا من ذلك إزهاق روحهم تنفيذا لغرض إرهابى وقد خاب أثر جريمته لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركه المجنى عليهم بالعلاج وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
2. استعمل المفرقعات استعمالا من شأنه تعريض حياة الناس للخطر بأن ألقى صوب المجنى عليهم سالفى الذكر " قنبلة محلية الصنع " مما أحدث بهم الاصابات المبينة بالتقارير الطبية وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
3. تعدى على القائمين على تنفيذ احكام القسم الاول من الباب الثانى من قانون العقوبات – المجنى عليهم سالفى الذكر – وكان ذلك بسبب هذا التنفيذ ، وقاوموهم بالقوة والعنف بأن ألقى عليهم " قنبلة محلية الصنع " لمنعهم من تنفيذ اذن النيابة بضبطه وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
ثامنا : المتهمون الاول والثانى والثالث أيضا:
اشتركوا بطريقى الاتفاق والمساعدة مع المتهم السادس فى ارتكاب الجريمة موضوع البند سابعا بأن اتفقوا معه على ارتكابها وساعدوه بأن امدوه بالقنبلة المبنية بوصف الاتهام السابق فوقعت الجريمة بناءا على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
تاسعا : المتهمون الاول والثانى والثالث والسادس ايضا:
حازوا وأحرزوا مفرقعات (سبعة قنابل يدوية محلية الصنع) قبل الحصول على ترخيص بذلك من الجهة الإدارية المتخصصة بقصد استعمالها فى نشاط يخل بالأمن والنظام العام والمساس بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
عاشرا : المتهم الثانى عشر ايضا والمتهم الثالث والعشرون:
1. شرعا فى قتل المجنى عليهما حمدى محمود الدسوقى (عقيد شرطة بمديرية أمن مرسى مطروح ) وباسم محمد صبرى (ضابط بقطاع الامن الوطني) والقوة المرافقة لهما عمدا مع سبق الاصرار بأن عقدا العزم وبيتا النية على قتل قوات الشرطة المكلفة بضبط المتهم الثانى عشر وأعد لذلك الغرض "قنبلة هجومية " وما ان شاهداهم حتى ألقاها المتهم الثانى عشر صوبهم محدثا إصابتهم الموصوفة بالتقارير الطبية ، وذلك حال تواجد المتهم الثالث والعشرين بمكان الحادث يشد من أزره قاصدين من ذلك إزهاق روحهم تنفيذا لغرض ارهابى وقد خاب أثر جريمتهما لسبب لا دخل لإرادتهما فيه وهو مداركه المجنى عليهم بالعلاج وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
2. تعديا على احد القائمين على تنفيذ احكام القسم الاول من الباب الثانى من قانون العقوبات – المجنى عليهم سالفى الذكر- وكان ذلك بسبب هذا التنفيذ وقاوماهم بالقوة والعنف بأن القى المتهم الثانى عشر " قنبلة هجومية " على المجنى عليهم بوصف الاتهام السابق والمكلفين بتنفيذ إذن النيابة العامة بضبطه وذلك حال تواجد المتهم الثالث والعشرون بمكان الحادث يشد من أزره. وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
3. استعملا المفرقعات استعمالا من شأنه تعريض حياة الناس للخطر بأن ألقى المتهم الثانى عشر صوب المجنى عليهم سالفى الذكر " قنبلة هجومية " وذلك حال تواجد المتهم الثالث والعشرون بمكان الحادث يشد من أزره مما أحدث بهم من الإصابات المبينة بالتقارير الطبية وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
حادى عشر : المتهم الثانى عشر ايضا: احرز مفرقعات (قنبلتين هجوميتين) قبل الحصول على ترخيص بذلك من الجهة الادارية المختصة بقصد استعمالها فى نشاط يخل بالأمن والنظام العام والمساس بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
1. شرع فى الاستعمال المفرقعات استعمالا من شأنه تعريض حياة الناس للخطر بأن حاول إلقاء "قنبلة هجومية "أخرى صوب المجنى عليهم سالفى الذكر إلا ان اثر جريمته قد اوقف لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو ضبطه والجريمة متلبس بها.
ثانى عشر : المتهمون من الاول حتى الرابع ومن السادس حتى الحادى عشر ايضا:
1. حازوا مفرقعات ومواد تعتبر فى حكم المفرقعات (قنابل محلية الصنع ، قاذفات صاروخية "RG" والمستخدمة فى إطلاق قذائف "RPG7" ، وقذائف "RPG7" والعبوات الدافعة لها ، ثلاثى نيتروتولين (TNT) ، البارود الاسود ، البارود عديم الدخان ، مخاليط نارية ، كلورات البوتاسيوم ، فليمنات الزئبق ، ازيد الرصاص ، وأجهزة وأدوات تستخدم فى تفجيرها ( مفجرات ، لوحات الكترونية ، دوائر تفجير كهربائية ، اجهزة تحكم عن بعد متصلة بهواتف محمولة) قبل الحصول على ترخيص بذلك وبقصد استعمالها فى نشاط يخل بالأمن والنظام العام والمساس بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى.
2. حازوا وأحرزوا أسلحة نارية مششخنة "بنادق الية ومدافع رشاشة متوسطة متعددة الاستخدام " مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها بقصد استعمالها فى نشاط يخل بالأمن والنظام العام والمساس بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى.
3. حازوا اسلحة نارية غير مششخنة (بندقية خرطوش وفردى خرطوش) بدون ترخيص من الجهة الادارية المختصة بقصد استعماله فى نشاط يخل بالأمن والنظام العام والمساس بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى.
4. حازوا جهازين من اجهزة الاتصالات " جهاز لاسلكي " بدون الحصول على تصريح بذلك من الجهات الادارية بغرض استخدامهما فى المساس بالأمن القومى وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
ثالث عشر : المتهمون الاول والثانى والثالث والثانى عشر والثالث عشر ايضا:
امدوا جماعة اسست على خلاف أحكام القانون بمعونات مادية ومالية مع علمهم بما تدعو اليه تلك الجماعة وبوسائلها الارهابية لتحقيق اهدافها ، بأن قدم الاول و الثانى والثالث والثانى عشر للجماعة – موضوع بند الاتهام اولا – أسلحة آلية ، قنابل مصنعة محليا ، مفرقعات ، دوائر تفجير كهربائية ، اجهزة تحكم عن بعد متصلة بهواتف محمولة وقاذفات صاروخية "PG" المستخدمة فى اطلاق قذائف صاروخية "RPG7" ،قذائف "RPG7" والعبوات الدافعة لها وقدم المتهم الثالث عشر الاموال اللازمة لشرائها على النحو المبين بالتحقيقات.
رابع عشر : المتهمان الثانى والثالث ايضا:
صنعا مفرقعات (قنابل يدوية محلية الصنع) قبل الحصول على ترخيص بذلك من الجهة الادارية المختصة بقصد استعمالها فى نشاط يخل بالأمن والنظام العام والمساس بالوحدة والسلام وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
وطالبت النيابة العامة محاكمتهم بالمواد 40 / ثانيا ، ثالثا ، 41/1 ، 45 ، 46/1 ، 2 ، 86 ، 86 مكررا/1 ،2 ، 3 ، 86 مكررا (أ) / 1 ، 2 ، 88 مكررا (أ) ، 102 (أ) ، 102 ، (ج) /1 ، 102 (ه) ، 230 ، 231 ، 232 ، 234/2 ، 3 ، 235 ، من قانون العقوبات والمواد أرقامها 1/ 1 ، 2 ، 6 ، 26 ، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقوانين أرقام 26 لسنة 1978 ،1 ،101 لسنة 1980 ، 165 لسنة 1981 ، 97 لسنة 1992 والمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 والجدول رقم 2 والبند (أ،ب) من القسم الثانى من الجدول رقم (3) الملحقين بالقانون الاول والمعدل ثانيهما بقرار وزير الداخلية رقم 13354 لسنة 1995 ، والبنود أرقام 1 ، 2 ، 22 ، 75 ، 76 ، 77 ، 83 من قرار وزير الداخلية رقم 2225 لسنة 2007 بشأن إعادة حصر المواد المفرقعة ، والتى تعتبر من حكم المفرقعات والمادتين 1/3 ، 77 من القانون رقم (10) لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات. وبجلسة 6/8/2014 اصدرت محكمة جنايات الجيزة حكمها:
أولا : حضوريا بمعاقبة المتهمي السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر والثاني عشر والخامس عشر وغيابيا للأول والثاني والرابع والخامس وبإجماع الاراء بالإعدام شنقا حتى الموت عما اسند إليهم وألزمتهم بالمصاريف الجنائية.
ثانيا : حضوريا للثالث عشر والرابع عشر والتاسع عشر والعشرون والثالث والعشرون وغيابيا للحادي عشر والسادس عشر والسابع عشر والثامن عشر والحادي والعشرون والثاني والعشرون بالسجن المؤبد عما اسند إليهم وألزمتهم بالمصاريف الجنائية.
ثالثا : مصادرة المضبوطات والأسلحة النارية الرشاشة والآلية والمششخنة والغير مششخنة وكذا الذخائر والمفرقات والقاذفات الصاروخية وقذائف (RPG) والدوائر الكهربائية والالكترونية وباقي المضبوطات بحوزة المتهمين من الاول حتى الثاني والعشرين.
رابعا : ببراءة / خالد علي محمد علي ما اسند إليه.
اسباب الطعن
أولا : بطلان الحكم للفساد في الاستدلال لاستناده إلي دليل غير يقيني (تحريات الامن الوطني) دون أن يسانده دليل اخر لإثبات ارتكاب الطاعن لجريمتي الانضمام وإمداد وتمويل جماعة اسست علي خلاف القانون وكان الارهاب احدي وسائلها:
اقام الحكم المطعون فيه قضائه علي توافر اركان جريمتي الانضمام وإمداد وتمويل جماعة اسست علي خلاف احكام القانون وكان الارهاب أحد وسائلها علي ما ورد بتحريات ضابط الامن الوطني وما شهد به محررها بتحقيقات امام نيابة امن الدولة دون أن يسانده دليل أخر معتبر لإدانة الطاعن. فالثابت من الحكم المطعون فيه أن استدل علي صحة الواقعة وثبوتها في حق ( المتهم الثالث عشر) – الطاعن علي ما جاء بتحريات ضابط الامن الوطني والشاهد الاول في هذه القضية وما جاء بأقواله بمحضر التحقيقات الابتدائية امام نيابة امن الدولة العليا من " اضطلاع المتهم الثالث عشر عبد الغني العارف إبراهيم بتمويل التنظيم ماديا لشراء الاسلحة والمتفجرات اللازمة لتنفيذ المخطط الاجرامي ".[1]
ولم تساند هذه التحريات او تلك الاقوال أي دليل أخر من أدلة الدعوي ، فالثابت من تحصيل الحكم المطعون فيه لوقائع الدعوي وكافة اوراقها أن المتهم عبد الغني العارف ابراهيم لم يكن ضمن المتهمين المضبوطين بالمزرعة ، كما أنه لم يحوز أو يحرز أي اسلحة وقت القبض عليه ، ولم يقرر في التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة معه بثمه ما يشير الي ارتكابه جريمة من الجرائم المسندة إليه ، بل أنكر كافة التهم الموجهه اليه من النيابة العامة ، ولم يشهد أو يقرر أي من المتهمين المعترفين أنه علي صلة بهذا التنظيم أو حتى أحد اعضائه أو أنه شارك في أي من اجتماعاتهم ، بل لم يتعرف عليه أحد من المتهمين بالأساس او حتى في أشارة إليه من قريب او بعيد. بل علي العكس انكر بعض المتهمين معرفتهم به ، كما أنه لم يكن من ضمن المتهمين المشاركين في اقتحام مركز وقسم شرطة كرداسة – وفقا لقرار الاحالة وأدلة الثبوت في القضية رقم 12749 لسنة 2013 جنايات كرداسة والذي ضمتها النيابة العامة الي اوراق القضية التي نحن بصددها – ولا يوجد في الاوراق دليل فني علي اشتراكه في أي نشاط من انشطة التنظيم المزعومة أو أنه علي صلة بأحد اعضائه.[2]
لما كان ذلك وكان من المقرر أن الاحكام تبني علي الادلة التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم او ببراءته صادرا في ذلك عن عقيدة يحصلها هو ما يجريه من تحقيق مستقلا في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ، ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي اقام عليها قضائه او بعدم صحتها حكما لسواه. وكان من المقرر كذلك انه وان كان يجوز للمحكمة ان تعول في تكوين عقيدتها علي التحريات بحسبانها قرينة تعزز ما ساقته من ادلة ، إلا انه لا تصلح بمجردها ان تكون دليلا كافيا بذاته او قرينه مستقلة علي ثبوت الاتهام ، وهي من بعد لا تعدو ان تكون مجرد رأي لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب ، الي ان يعرف مصدرها ويتحدد حتى يتحقق القاضي بنفسه من هذا المصدر ويستطيع ان يبسط رقابته علي الدليل ويقدر قيمته القانونية في الاثبات. [3]
هذا ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد اتخذت من التحريات وأقوال محررها دليلا اساسيا في ثبوت الاتهام قبل الطاعن (الثالث عشر) دون أن تورد من الادلة والقرائن ما يساندها ، كما أنها لم تشر في حكمها إلي مصدر التحريات تلك علي نحو تمكنت معه من تحديده والتحقق من ثم من صدق ما نقل عنه ، فضلا عن أن المحكمة لم تتحقق من صحة هذه الاقوال والتي ثبت من الاوراق مخالفتها للواقع ، لأنه وببساطة لم تحدد تحريات ضابط الامن الوطني وأقواله اي عنصر من عناصر جريمة التمويل ، فلم تخبرنا التحريات كيف تمت عملية التمويل من قبل المتهم الثالث عشر؟ ، وما هو حجم الدعم المادي الذي قدمه المتهم وإلي من قدمه من المتهمين ، وكيف كانت آلية التمويل في ظل الشكل التنظيمي علي اختلافه ؟ لاسيما أن هذه التحريات لم ترصد أي اتصالات تمت بين المتهم الثالث عشر(الطاعن) وأي من اعضاء هذا التنظيم ، ولم ترصد تحرياته أيضا حضور المتهم لأي من الاجتماعات التنظيمية التي اشار اليه السيد محرر محضر التحريات علي النحو الذي اشرنا اليه سالفا. وبالأساس لم ترصد أي تحويلات او تحركات للأموال من المتهم الثالث عشر وباقي المتهمين سواء بشكل رسمي او عن طريق وسيط ، فضلا عن أن السيد محرر محضر التحريات لم يعرض لنا من اين يأتي المتهم الثالث عشر بهذا القدر الكبير من الاموال الذي تتيح له تمويل هذا التنظيم وهو علي حد قوله تاجر احذية !!! بل لم يستطع محرر محضر التحريات تحديد محل سكن الطاعن[4] ، فكيف كان السبيل للمحكمة المصدرة للحكم المطعون فيه أن تراقب هذا الدليل المجهل وان تبني عقيدتها بثبوت الاتهام في حق الطاعن .
ولا يقدح في ذلك ما استطاع أن يحصله السيد ضابط الامن الوطني من معلومات حول كمية السلاح المضبوطة او الجرائم التي ارتكبها بعض المتهمون ، طالما يوجد بالأوراق من ادلة تساندها ، لأنه من المستقر عليه أن للمحكمة أن تجزيء هذه التحريات فتأخذ منها ما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداها ، فتقول محكمة النقض في ذلك " من سلطة محكمة الموضوع التقديريه أن ترى فى تحريات الشرطة ما يسوغ الإذن بالتفتيش ، ولا ترى فيها ما يقنعها بأن المتهمين ألفا تشكيلاً عصابياً .. متى بنت ذلك على اعتبارات سائغة .[5] فمن المعلوم قانونا أن تقدير الادلة بالنسبة لكل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها اليها ، لا يؤثر عليها في ذلك اعتقادها بإدانتها متهم أخر.
خصوصا أن الطاعن قدم دلائل مؤيدة بالمستندات[6] تفيد أن الاسلحة المضبوطة مع المتهمين في القضية الماثلة والمتهم بتمويل شراءها ماليا (الطاعن) هي ذاتها الاسلحة المستخدمة في أحداث اقتحام مركز وقسم شرطة كرادسة ومحل الجناية رقم 12749 لسنة 2013 جنايات كرداسة والمتهم فيها عدد خمس متهمين بجريمة إمداد وتمويل باقي المتهمين المشتركين في احداث اقتحام القسم لشراء الاسلحة المستخدمة علي النحو الذي ورد بالتحقيقات وقرار الاحالة وأدلة الثبوت التي ضمتها النيابة العامة الي قضيتنا الماثلة بناء علي طلب دفاع الطاعن.
من ثم وبناء علي ما تقدم من جملة فأن الحكم المطعون فيه قد أدان الطاعن (المتهم الثالث عشر) استناد الي اقوال الرائد علا الدين محمد أحمد يونس الضابط بقطاع الامن الوطني – الواردة بتحرياته بشأن الطاعن دون أن تتحقق المحكمة من صحتها والتي تبين أنها مخالفة للثابت بالأوراق وتتنافي مع حكم العقل والمنطق كما أنها لم تتأيد بأي دليل او قرينة صحيحة – مما لا يجوز الاستناد اليه مما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال – وبما يتعين معه نقضه.
ثانيا : بطلان الحكم لانعدام التسبيب فيما ادين به الطاعن من جريمة إمداد وتمويل جماعة اسست علي خلاف القانون وكان الارهاب احدي وسائلها:
تسبيب الأحكام من أعظم الضمانات التي فرضها القانون علي القضاة ، اذ هو مظهر قيامهم بما عليهم من واجب تدقيق البحث وإمعان النظر لتعرف الحقيقة التي يعلنونها فيما يفصلون فيه من القضية ، وبه وحده يسلمون من مظنة التحكم والاستبداد ، لأنه كالعذر فيما يرتئونه ويقدمونه بين يدي الخصوم والجمهور ، وبه يرفعون ما قد يرين علي الاذهان من الشكوك والريب ، فيدعون الجميع الي عدلهم مطمئنين[7]
ويعد التسبيب غير متوافر اذا كان بصيغة غامضة ومبهمة لأنه لا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من تسبيب الاحكام ، وفي هذا المعني تقول محكمة النقض " أن المراد بالتسبيب المعتبر للحكم في تحرير الاسانيد والحجج المبني هو عليها والمنتجة هي له / سواء من حيث الواقع او من حيث القانون ، ولكي يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي ومفصل بحيث يستطاع الوقوف علي مسوغات ما قضي به، اما إفراغ الحكم في عبارات عامة او ضعه في صورة مجهلة فلا يتحقق به الغرض الذي قصده الشارع من استيعاب تسبيب الاحكام[8]
لما كان هذا وكان الحكم المطعون فيه قد حصر دور المتهم الثالث عشر (الطاعن) في هذا التنظيم علي النحو الوارد بحيثياته من أنه يقوم علي حد زعمه (بتمويل أعضاء الجماعة ماليا لشراء المعدات والأسلحة النارية اللازمة لتنفيذ المخططات العدائية لعناصر التنظيم) ،[9] وهي الجريمة المنصوص عليها بالفقرة الثانية من المادة 86 مكرر(أ) ، ومن مطالعة عناصر الحكم وحيثياته لم نجد بيان لأسباب قضائه إلا ما اوردته في سياق ردها علي دفاع الطاعن وبشكل مجمل يعتريه الغموض بقوله " وحيث عن باقي اوجه دفاع المتهمين من ..... من عدم وجود دليل بالأوراق علي وجود التنظيم وتمويله... فأن المحكمة وقد أطمأنت الي أدلة الثبوت فأنها تعرض عن باقي أوجه ذلك الدفع لأن قوامها اثارة الشك في تلك الادلة والتي سبق وان عولت عليها المحكمة واطمأنت اليها ومن ثم لا يسع المحكمة سوي اطراح انكار المتهمين وعدم التعويل علي باقي أوجه الدفاع الأخرى ."[10]
والمتتبع لعناصر الحكم يجد أن الحكم لم يعني ببيان اركان جريمة الامداد والتمويل المسندة الي المتهم الثالث عشر (الطاعن) سواء في بيان عناصر الواقعة أو في اسباب ادانة المحكمة للطاعن رغم العقوبة المشددة التي نص عليها المشرع (الاعدام أو المؤبد) ، حتى ولو بالقدر اليسير الذي يستطيع معه الطاعن أن يدفع بها التهمة عن نفسه ، كما فعل الحكم مع جريمتي القتل والشروع في القتل وبيان الظرف المشدد لهما ، أو جريمة حيازة وإحراز الاسلحة علي اختلافها او جريمة انشاء وتأسيس وإدارة التنظيم.
هذا و لما كان من المقرر طبقا لنص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن الحكم بالإدانة يجب أن يبين كل دليل من أدلة الثبوت التي استند إليها في بيان جلي مفصل ، فلا تكفي مجرد الإشارة إليها بل ينبغي سرد مضمون كل دليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتساقه مع باقي الأدلة التي أخذ بها وإلا كان الحكم قاصرا.[11]
وفي حكم اخر تقول محكمة النقض المصرية أنه " لما كان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم - ولو كان صادرا بالبراءة - على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلا , والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الأسانيد والحجج المبني عليها والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون , ولكي يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضي به , أما إفراغ الحكم في عبارة عامة معماة أو وضعه في صورة مجهلة مجملة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم.[12]
وتطبيقا لذلك قضت محكمة النقض أنه اذا حكمة المحكمة بإدانة المتهم اقتصرت في الاسباب علي قولها بأن التهمة ثابتة من التحقيقات والكشف الطبي ، فإن هذا الحكم يكون غير مقنع ويتعين نقضه ، لان هذه العبارة ان كان لها معني عند واضعي الحكم ، فأن هذا الحكم مستور في ضمائرها لا يدركه غيرهم ، ولو كان الغرض من تسبيب الاحكام أن يعلم من حكم لماذا حكم لكان ايجاب التسبيب ضربا من العبث، ولكن الغرض من التسبيب ان يعلم من له حق الرقابة علي احكام القضاة من خصوم وجمهور ومحكمة نقض ما هي مسوغات الحكم ، وهذا العلم لا بد لحصوله من بيان مفصل ولو الي قدر تطمئن معه النفس والعقل الي ان القاضي ظاهر العذر في إيقاع حكمه علي الوجه الذي ذهب إليه.[13]
وتزيد احكام محكمة النقض في بيان القصور في التسبيب المبطل للحكم المطعون فيه بقولها أنه " لما كان الحكم لم يعين باستظهار توافر الركن المعنوي في حق الطاعن عن الجريمة التي دانه بها وبالتالي فإن الحكم المطعون فيه قد يكون قاصرا في بيان أركان الجريمة التي اُدين بها المذكور مدلولا عليها بما يثبتها في حقه طبقا لما توجبه المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية في كل حكم بالإدانة من بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والأدلة على وقوعها ممن نسبت إليه مما يعيبه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال الأمر الذي يوجب نقضه في هذا الخصوص.[14] وهو الامر المنطبق وبلا شك علي الحكم المطعون فيه فلم يستظهر اركان جريمة الامداد والتمويل التي ادين بها سواء الركن المادي او المعنوي ، مما يجعله مشوب بالقصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.
ثالثا : القصور في البيان لعدم الرد بشكل كاف علي دفاع جوهري مفاده عدم دستورية المواد 86 و 86 مكرر من قانون العقوبات:
من المقرر في قضاء محكمة النقض أن الحكم الجنائي يتعين عليه أن يرد علي أوجه الدفاع الجوهرية التي أثيرت أمامه بطريقة جازمة وصريحة وواضحة والتي أن حققها إيرادا وردا فقد يتغير بها وجه الرأي في الدعوى.
والدفاع يعتبر جوهريا إذا كان ظاهر التعلق بموضوع الدعوى المنظورة ، أي أن يكون الدفاع لازما للفصل في الموضوع ذاته و يقتضي ذلك أن يكون مؤثرا في التطبيق القانوني علي واقعة الدعوى , فلا تلتزم المحكمة بالرد علي دفاع لا يؤثر بفرض صحته علي هذا التطبيق ,والتزام المحكمة بالرد علي الدفاع الجوهري ينبع من واجب احترامها لحقوق الدفاع فضلا عن واجبها نحو تسبيب الأحكام .
والفقه وقضاء محكمة النقض المصرية يتفقان علي التزام المحكمة بالرد علي الدفاع الجوهري فيما إذ توافر في هذا الدفاع شرطان ؛ الشرط الأول : أن يكون طلب المتهم جازما صريحا يقرع سمع المحكمة و يتحقق ذلك إذا كان يشمل علي بيان ما يرمي إليه ويصر عليه مقدمه في طلباته الختامية ؛ الشرط الثاني : هو أن يبدى هذا الدفاع قبل إقفال باب المرافعة.[15]
ولما كان ما تقدم وكان المتهم الأول قد دفع بعدم دستورية المادتين 86 و 86 مكرر من قانون العقوبات في مرافعته الشفوية والمكتوبة وكان مفاد دفاعه أن هذين النصين قد خالفا الاحكام والمبادئ الدستور المنصوص عليها بالمواد 94 ، 95 ، 96 من الدستور المصري علي النحو الوارد بمذكرة الدفاع.
علي أن الحكم المطعون فيه – من وجهة نظرنا – لم يورد ما يصلح ردا كافيا علي هذا الدفع ، ولا يصلح بدورة ردا علي الأحكام المتواترة الصادرة من المحكمة الدستورية والتي ذكرها المتهم الثالث عشر في مذكرة دفاعه ، فما رد به الحكم علي الدفع من أنه دفع غير جدي دون أن يطرح سبب ذلك او بيان اتفاق هذان النصان مع مواد الدستور المطعون بمخالفتهما هو فهو قصور واضح في البيان عابته محكمة النقض بقولها أن الدفاع الجوهري علي المحكمة أن تعرض له استقلالا كشف لمدي صدقه أو ترد عليه بما يفنده،[16]وعلي ذلك يكون هذا الوجه من اوجه دفاع الطاعن لم يتناوله الحكم بما يستحقه مما يجعله معيبا مما يستوجب نقضه.
رابعا : بطلان الحكم للقصور في التسبيب فيما ادين به الطاعن من جريمة الانضمام الي تنظيم أسس علي خلاف احكام القانون (موضوع التهمة الثانية وفقا لقرار الاحالة):
الاسانيد القانونية مهما صحت لا تكفي لحمل الحكم المطابق للقانون ، وإنما يجب أن يكون هذا الحكم محمولا علي مبررات واقعية تبين مدي توافر العناصر التي يتطلبها القانون بصورة معينة ، فإثبات الوقائع من الناحية المادية مرحلة لازمة وسابقة علي التكييف القانوني وإعطاء الحل القانوني السليم ، فالقول بصورة عامة او مجملة بأن العناصر الواقعية متوافرة لا يكفي ، وانما يجب استيفاء هذه العناصر بصورة منطقية معقولة حتى تستطيع محكمة النقض مراقبة مدي صحة تطبيق القانون علي واقعة الدعوي.[17]
ومن المسلم به قانونا أن الأسانيد القانونية مهما صحت لا تكفي لحمل الحكم المطابق للقانون ، وإنما يجب أن يكون هذا الحكم محمولا علي مبررات واقعية تبين مدي توافر العناصر التي يتطلبها القانون بصورة معينة، فإثبات الوقائع من الناحية المادية مرحلة لازمة وسابقة علي التكييف القانوني وإعطاء الحل القانوني السليم، فالقول بصورة عامة او مجملة بأن العناصر الواقعية متوافرة لا يكفي ، وإنما يجب استيفاء هذه العناصر بصورة منطقية معقولة حتى تستطيع محكمة النقض مراقبة مدي صحة تطبيق القانون علي واقعة الدعوي.[18]
المتتبع للحيثيات الحكم الطعين في بيانه لتوافر اركان جريمة الانضمام ، لم يبين علي اي وجه الافعال أو الانشطة الاجرامية المادية التي اتاها (الطاعن) لينطبق عليه النموذج العقابي المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 86 مكرر عقوبات ، والأفعال والأنشطة المادية التي رددها الحكم المطعون فيه من قيام المتهمين بتشكيل الاكمنة في مدينة كرداسة بتنظيم تلك الاكمنة والوقوف بها مدججين بالأسلحة والذخائر والتخطيط لمقابلة قوات الامن حال دخولها مدينة كرداسة وبسط السيطرة علي تلك المدينة وتعطيل احكام القانون والتعدي علي حريات المواطنين ..... الخ ، وهي كلها افعال لم يشترك في تنفيذها (الطاعن) علي النحو الوارد بالتحقيقات او حيثيات الحكم المطعون فيه ، كما لم يشارك في الافعال الاجرامية الأخرى التي عددها الحكم كالقتل والشروع به أو حيازة الاسلحة والمفرقعات.
ولا يصح القول هنا أن الحكم قد بني قضائه بثبوت جريمة الانضمام تأسيسا علي كون المتهم مضلع وفقا لما تزعمه تحريات الامن الوطني بتمويل التنظيم ماديا ، لان ذلك لم يظهر في حيثيات الحكم وأسبابه ، فضلا عن انها تظل جريمة مستقلة لها ركنيها المادي والمعنوي ، وقد بني عليه الحكم قضائه بمعاقبة الطاعن ، فكان من الواجب أن يتناولها بالتسبيب. ولا يصح أيضا القول بأن التهم قد وقعت لغرض أجرامي واحد وهي مرتبطة ارتباطا لا يقبل التجزئه فهذا الامر مردود عليه بأنه هذا التعدد هو في مجال الجزاء وليس في مجال بيان اركان كل جريمة علي حده ودور كل متهم فيها وبيان الانشطة والأعمال المادية التي قام بها لثبوت الجريمة في حقه ، الامر الذي يكون معه الحكم المطعون فيه معيبا موصوم بالبطلان للقصور في التسبيب .
خامسا : الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال فيما يتعلق باختصاص ضباط جهاز الامن الوطني بالضبطية القضائية لعدم اصدار قرار بذلك من وزير العدل ، وكونهم من رجال السلطة العامة لا يعطيهم ذلك الصلاحيات المقررة لمأمور الضبط القضائي في المادة 21 من قانون الاجراءات الجنائية الا في حالات التلبس:
كان الطاعن قد دفع بعدم اختصاص ضباط الامن الوطني ومن ثم بطلان كافة الاجراءات التي تلتها من اجراءات الدعوي ، وذلك استنادا الي أن القرار الصادر من قبل وزير الداخلية رقم 445 لسنة 2011 بحل جهاز مباحث امن الدولة واستبدالها بجهاز الامن الوطني ولم يتضمن هذا القرار اعطاء اعضاء هذا الجهاز الضبطية القضائية العامة"[19]، ولكن يظل لهم الضبطية العامة المخولة لرجال السلطة العامة وفقا للقواعد التي قررتها المادة 38 من قانون الاجراءات الجنائية هي حالة التلبس فقط.
وتقول محكمة النقض المصرية أنه " لما كان الأصل أن اختصاص مأموري الضبط القضائي مقصور على الجهات التي يؤدون فيها وظائفهم طبقاً للمادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية فإذا خرج المأمور عن دائرة اختصاصه فإنه يعتبر من رجال السلطة العامة الذين أشار إليهم الشارع في المادة 38 من قانون الإجراءات الجنائية ، وأنه لا يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يتجاوز اختصاصه المكاني إلا لضرورة وكان ما أورده الحكم المطعون فيه لا يواجه دفاع الطاعنين في هذا الصدد وهو دفاع جوهري يتعين على المحكمة أن تعرض له وترد عليه بالقبول أو الرفض بأسباب سائغة ، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور.[20]
وبالرجوع الي ما ورد في حيثيات الحكم الطعين بالرد علي هذا الدفع نجده يقرر بان " وحيث عن الدفع بعدم اختصاص ضباط الامن الوطني ومن ثم بطلان كافة الاجراءات فان ذلك مردود عليه بما هو منصوص عليه بالمادة 23/2 من قانون الاجراءات الجنائية يكون نتم امور الضبطة القضائية في دوائر اختصاصهم 2- ضباط الشرطة ... إلخ ، وكان من الثابت أن ضباط الامن الوطني من مأموري الضبط القضائي المختصين في دوائر اختصاصهم باتخاذ كافة الاجراءات بشأن الجريمة والبحث عنها ومرتكبيها وجمع الاستدلالات عملا بنص المادة 21 من ذات القانون سالف البيان ومن ثم فان ما قام به ضباط الامن الوطني من تحريات وقبض وتفتيش تم وفقا لصحيح القانون ويكون منعي الدفاع في غير محله" .[21]
وقد شاب الحكم الطعين الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال ، حيث لم ينكر الطاعن علي ضباط جهاز الامن الوطني سلطتهم العامة كرجال شرطة وفقا للقواعد المقررة في المادة 38 من قانون الاجراءات الجنائية التي تنص علي أنه " لرجال السلطة العامة ، فى الجنح المتلبس بها التى يجوز الحكم فيها بالحبس أن يحضروا المتهم ويسلموه إلى أقرب مأمور من مأمورى الضبط القضائى. ولهم ذلك أيضا فى الجرائم الأخرى المتلبس بها إذا لم يمكن معرفة شخصية المتهم "، انما ما ينعاه الطاعن في دفاعه أن ضباط الامن الوطني لم يصدر لهم قرار من وزارة العدل علي النحو المقرر قانونا بصفة الضبطية القضائية ذو الاختصاص الخاص في جرائم معينة وفقا لطبيعة وظيفتهم والتي تتيح لهم ممارس الاعمال المنصوص عليها في المادة 23 من قانون الاجراءات الجنائية ، وهم بما اتوه في هذه الدعوي من اجراءات قد تجاوزا الصلاحيات المنصوص عليها لهم كرجال السلطة العامة المحددة بحالة التلبس بالجريمة وفقا لنص المادة 38 سالفة الذكر وقد اكدت محكمة النقض علي ذلك بقولها أن " مأمورو الضبط القضائي ذوو الاختصاص الخاص مقصور اختصاصهم على جرائم معينة تحددها لهم طبيعة وظائفهم والحكمة التي من أجلها أصبغ القانون عليهم وعلى الهيئات التي ينتمون إليها كياناً خاصاً يميزهم من غيرهم وهم الذين عنتهم المادة 23 عندما أوردت بعد وضع قائمة مأموري الضبط السالف ذكرهم ويجوز بقرار من وزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص تخويل بعض الموظفين صفة مأموري الضبط القضائي بالنسبة إلى الجرائم التي تقع في دائرة اختصاصهم وتكون متعلقة بأعمال وظائفهم ".[22]
وفي حكم أخر تقول محكمة النقض المصرية أن "القبض على الإنسان إنما يعني تقييد حريته والتعرض له بإمساكه وحجزه ولو لفترة يسيرة تمهيداً لاتخاذ بعض الإجراءات ضده. وتفتيش الشخص يعني البحث والتنقيب بجسمه وملابسه بقصد العثور على الشيء المراد ضبطه. وقد حظر القانون القبض على أي إنسان أو تفتيشه إلا بترخيص منه أو بإذن من سلطة التحقيق المختصة ، فلا يجيز للشرطي - وهو ليس من مأموري الضبط القضائي - أن يباشر أياً من هذين الإجراءين ، وكل ما خوله القانون إياه باعتباره من رجال السلطة العامة أن يحضر الجاني في الجرائم المتلبس بها - بالتطبيق لأحكام المادتين 37 و 38 من قانون الإجراءات الجنائية - ويسلمه إلى أقرب مأمور من مأموري الضبط القضائي ، وليس له أن يجري قبضاً أو تفتيشاً. ولما كان الثابت في الحكم يدل على أن الطاعن لم يقبض عليه إلا لمجرد اشتباه رجل الشرطة في أمره ، ومن ثم فإن القبض عليه وتفتيشه قد وقعا باطلين ".[23]
الامر الذي يكون معه الدفع – من وجهة نظرنا - بعدم اختصاص ضباط جهاز الامن الوطني بإجراء التحريات والقبض والتفتيش وجمع الاستدلالات قد صادف صحيح القانون وذلك لعدم وجود قرار خاص صادر بذلك من وزير العدل وقد خلت اوراق الدعوي او حيثيات الحكم الاشارة الي هذا القرار ولم تقدمه النيابة العامة رغم الدفع بذلك امام المحكمة المصدرة للحكم الطعين، الامر الذي يكون الحكم معه معيب بعيب الخطأ في تطبيق القانون ومشوب بعيب الفساد في الاستدلال.
سادسا : الحكم الطعين شابه الفساد في استخلاص وقائع الدعوي خصوصا ما يتعلق بما ادين به الطاعن من امداد وتمويل جماعة ارهابية بالأموال لشراء الاسلحة:
اذا كان تقدير القاضي مطلقا بشأن الاثبات المادي للوقائع ، وكان هذا الاثبات منطقة محرمة علي محكمة النقض فأن ذلك لا يدعو الي القول بان محكمة النقض تتجاهل كلية وقائع الدعوي ، بل إنها تراقب المنطق القضائي من خلال تسبيب الحكم بشأن هذه الوقائع ، فهذا التسبيب ضرورة لمراقبة مدي حسن تطبيق القانون ، فبدون هذه الاسباب التي تثبت واقعة الدعوي التي استقرت في وجدان محكمة الموضوع لا يمكن لمحكمة النقض ان تتحقق من صحة تطبيق القانون علي هذه الواقعة ، ولا يمكن لمحكمة النقض أن تضمن وحدة كلمة القضاء في حسن تطبيق القانون ما لم تضمن في الوقت ذاته وحدة المنطق القضائي الذي ينبي عليه استخلاص واقعة الدعوي التي علي اساسها سوف يتم تطبيق القانون ، وما قيمة الرقابة التي تباشرها محكمة النقض علي حسن تطبيق القانوني اذا كانت محكمة الموضوع بمنآي عن أداني رقابة علي منطق استخلاصها للوقائع. وتباشر محكمة النقض رقابتها علي المنطق القضائي في اثبات واقعة الدعوي امام السلطة المطلقة لقاضي الموضوع من خلال الرقابة علي تسبيب الاحكام ، فهذه الرقابة هي السلاح التي يمكن محكمة النقض من التدخل عندما يكون منطق المحكمة في استخلاص الواقعة قاصرا او فاسدا او خاطئا .[24]
لما كان ذلك وكان ما اسند الي الطاعن قيامه بتقديم الاموال اللازمة لشراء الاسلحة التي استخدمها هذا التنظيم وتم ضبطها، وكان دفاع الطاعن قدم للمحكمة المصدرة للحكم كيف تحصل باقي المتهمين علي تلك الاسلحة مؤيدا ذلك بالمستندات والقرائن ، إلا أن الحكم الطعين لم يتناول هذا الدفع والتفت عنه.
وكان الطاعن في دفاعه امام المحكمة المصدرة للحكم الطعين اشار الي أن الاسلحة المضبوطة مع المتهمين هي ذاتها تلك الاسلحة التي تم استخدامها في التعدي علي مركز شرطة كرداسة وقتل بعض ضباط المركز والتمثيل بجثثهم ، وفقا لما ورد بتحريات الرائد علاء يونس (الشاهد الاول) بقوله "وبمشاركة بعض العناصر الجنائية بالتعدى على مركز شرطة كرداسة وقتل بعض ضباط المركز والتمثيل بجثثهم باستخدام الاسلحة التى يحوزونها بالمزرعة سالفة الذكر" ،وكانت تحرياته قد انتهت الي أن التنظيم محل الدعوي قد تشكل عقب اقتحام مركز قسم وشرطة كرداسة ومن قبل بعض العناصر التي شاركت في عملية اقتحام القسم والاعتداء علي السادة الضباط . وهو الامر الذي كررته النيابة العامة في مرافعتها. وعرضت له بقائمة ادلة الثبوت ، خصوصا ما ورد في شأن حيازة بعض المتهمين للأسلحة اذا ما قارنها بالأسلحة التي كانت بحيازة هؤلاء المتهمين وقت ارتكاب واقعة اقتحام مركز وقسم شرطة كرداسة ،[25]علي النحو الوارد بأدلة الثبوت الخاصة بقضية احداث القسم ، وهو ما ورد ايضا ببعض اقوال شهود الاثبات في قضية احداث اقتحام �
ساحة النقاش