الجرائم الاقتصاديه مدلول الجريمة الاقتصادية الركن المادي في الجريمة الاقتصادية الركن المعنوي الجزاء في الجزاءات الاقتصادية التدابير الاحترازية الآتيةإغلاق المنشأة الاقتصاديةوضع المنشأة تحت الحراسةتعليق نشاط شخص اعتباري أو حله
من رابطة محامين المحله
محبي/ المستشار عدنان عبد المجيد
و البسيونى محمود عبده
http://kenanaonline.com/basune1
https://www.facebook.com/groups/1425390177692288/
لا يستطيع المشاهد للتحولات الاقتصادية في سورية إلا أن يقول إن صانع السياسة الاقتصادية السورية تبنى بامتياز اقتصاد الطريق الثالث القائم على الجمع بين النهجين الموجه والحر في تنظيم الأنشطة الاقتصادية؛ وهذا اقتضى بالضرورة اتساع وتنوع التجريم الاقتصادي الذي يضطلع بعبء حماية القوانين الاقتصادية الناظمة للنشاط الاقتصادي، فبعد أن سادت الجرائم المرتبطة بالاقتصاد الموجه ظهرت في العقد الأخير عدد من الجرائم المرتبطة باقتصاد السوق، لعل أهمها المذكورة في قانون المنافسة ومنع الاحتكار، قانون حماية الإنتاج الوطني من الآثار الناجمة عن الممارسات الضارة في التجارة الدولية، قانون حماية المستهلك، قانون العلامات الفارقة والمؤشرات الجغرافية والرسوم والنماذج الصناعية والمنافسة غير المشروعة، قانون سوق الأوراق المالية، قانون غسيل الأموال (تبرز الصفة الاقتصادية لجريمة غسيل الأموال من خلال ضررها أو خطرها على المنافسة المشروعة من جهة، وتأثيرها في السير الطبيعي للعرض والطلب من جهة ثانية؛ فالمشاريع المكونة على أرضية الأموال القذرة تستطيع تخفيض أسعار منتجاتها إلى حد يقوض فرص المشاريع المشروعة في منافستها، وهذا يستتبع بالضرورة انفرادها بالسوق دون أدنى منافسة، وبالتالي القضاء على الاقتصاد الحر، أيضاً هناك التضخم الذي يفتك بالقوة الشرائية للنقود من جراء تهافت الشركات القذرة على الشراء أثناء تكوينها وبعده) قانون التجارة، قانون الشركات.
ستتناول الدراسة الجريمة الاقتصادية economic crime من الوجهة الموضوعية حيث تعرج على مدلولها والركن المادي والركن المعنوي فيها، ومن ثم الجزاء المفروض عليها.
أولاً - مدلول الجريمة الاقتصادية
1- في المنظور الفقهي:
أ- في الفقه الألماني: ينطلق جانب من الفقه الألماني في تعريف قانون العقوبات الاقتصادي من علاقة الجريمة الاقتصادية بالنظام الاقتصادي حيث عرفه بحزمة القواعد الجنائية التي تتضمن عقوبات أو غرامات إدارية للأفعال التي تلحق ضرراً باقتصاد السوق الاجتماعي كله أو تعرضه للخطر، ويعتمد جانب آخر من الفقه (وهو المذهب الراجح) على المصلحة المحمية، فيرى فيه مجموعة القواعد الجنائية التي تتضمن عقوبات أو غرامات إدارية للأفعال الصادرة عن الشركات أو للأفعال المؤذية اقتصادياً التي تلحق ضرراً بالمصلحة المختلطة (العامة والخاصة) في حماية النشاط الاقتصادي أو تعرضها للخطر.
ب- في الفقه والقضاء الفرنسيين: عرفت محكمة النقض الفرنسية بدوائرها المجتمعة القانون الاقتصادي بالنصوص التي تنظم إنتاج السلع والخدمات وتوزيعها واستهلاكها وتداولها وكذلك النصوص المتعلقة بوسائل الصرف، ويدخل فيها بصفة خاصة وسائل صرف النقود بصورها المختلفة، وطبعاً يعد جرماً اقتصادياً الخروج على أحكام القانون الاقتصادي. وقد تصدى الفقه الفرنسي لمحاولة تعريفه فانتهى الفقيه لوفاسور إلى أنه «التصرفات التي تمثل عدواناً على قواعد السياسة الاقتصادية ذات الطبيعة الآمرة».
ج- في الفقه العربي: هناك شبه إجماع على مدلول الجريمة الاقتصادية في الفقه العربي، وهذا مستفاد من تشابه مضامين التعريفات الفقهية لها، فهناك من يرى أن الجريمة الاقتصادية «كل فعل أو امتناع يعاقب عليه القانون ويخالف السياسة الاقتصادية للدولة»، أو هي «مباشرة نشاط معين سواء تمثل في تصرف اقتصادي أو سلوك مادي بالمخالفة للتنظيمات والأحكام القانونية الصادرة كوسيلة لتحقيق سياسة الدولة الاقتصادية»، ولا يشذ عن ذلك التعريف القائل إن الجريمة الاقتصادية «سلوك الأفراد أو الجماعات الذي يمثل عدواناً على قواعد النظام العام الاقتصادي التي تعد تعبيراً عن السياسة الاقتصادية للدولة».
وصفوة القول الجرم الاقتصادي انتهاك معاقب عليه للقانون الاقتصادي (القواعد القانونية الضابطة للنشاط الاقتصادي سواء أكانت محلية أم إقليمية أم دولية) من شأنه الضرر بالمصلحة المختلطة (العامة والخاصة) في استقرار النشاط الاقتصادي ونمو الاقتصاد أو تعريضها للخطر.
وهنا تجدر الإشارة إلى اتجاه المشرع في الجرائم الاقتصادية أحياناً نحو رفع درجة الحماية الجزائية للمصلحة المحمية إلى ما قبل الضرر والاجتزاء بتهديد المصلحة بالضرر، وهذه الجرائم يطلق عليها جرائم الخطر المجرد كجريمة الرشوة الاقتصادية.
2- الضابط القانوني للجريمة الاقتصادية:
قد يتصدى المشرع بنفسه ومباشرة لتعريف الجرم الاقتصادي، أو يكتفي بتعداد الجرائم التي تدخل في ولاية القضاء الجزائي الاقتصادي بما يفيد خلع الصفة الاقتصادية على الجرائم المعددة. هذا ما تبناه المشرع الألماني والفرنسي والمصري، في حين مال الشارع السوري إلى المباشرة في تعريف الجرم الاقتصادي (المادة الثالثة من قانون العقوبات الاقتصادية) فوصفه بـ «الأعمال الضارة بالأموال العامة وبعمليات إنتاج وتوزيع وتداول واستهلاك السلع والخدمات»، وفيما خلا الجرمين اللذين تناولتهما المادتان (8-21) من قانون العقوبات الاقتصادية (جرمت المادة الثامنة تعيين عمال أو مستخدمين أو موظفين أو منحهم ترفيعات أو تعويضات أو مكافآت بصورة مخالفة للقانون، وجرمت المادة الحادية والعشرون إضعاف الثقة بالاقتصاد الوطني والغش في نوعية المنتجات والصادرات والمستوردات والسلع الاستهلاكية) لا تنسلخ الصفة الاقتصادية عن الجرائم الواردة فيه ما لم يقل ضررها أو نفعها عن مئة ألف ليرة سورية في الجرائم المقصودة، وعن مئتي ألف ليرة سورية في الجرائم غير المقصودة. وركن الضرر أو النفع من شأنه أن يجعل العديد من الجرائم الاقتصادية الواردة في قانون العقوبات الاقتصادية بمنأى عن التجريم عند انتفائه. على أي حال لم يكن كون الجرم اقتصادياً يستتبع حتماً اختصاص القضاء الجزائي الاقتصادي (أُحدث القضاء الاقتصادي بالمرسوم التشريعي رقم 46 تاريخ 8/8/1977) في الفصل فيه باعتبار أن المشرع حصر ولاية هذا القضاء بالجرائم الواردة في قانون العقوبات الاقتصادية وفي جرائم التهريب وجمع الأموال وقانون تهريب العملة السورية والمعادن الثمينة الملغى (بموجب المرسوم التشريعي رقم 33 تاريخ 8/7/2003)، وقد أعاد المشرع النظر في ضرورة القضاء الاقتصادي فقرر الرجوع عنه (قضى المرسوم التشريعي رقم 16 تاريخ 14/2/2004 بإحالة جميع الدعاوى المنظورة أمام محكمة الأمن الاقتصادي وقضاء التحقيق الاقتصادي إلى محكمة الجنايات أو محكمة البداية طبقاً لكونها جناية أم جنحة. وسبق أن أنهى المشرع السوري ولاية القضاء العسكري بالنظر في جرائم قانون التموين وجرائم قانون قمع الغش والتدليس بموجب القانون رقم 47 تاريخ 9/7/2001 والمرسوم التشريعي رقم 2 تاريخ 19/3/1990)، وأصبحت الجرائم المنظورة أمامه من اختصاص محكمة الجنايات أو محكمة البداية تبعاً لوصفها وتختص دائرة في محكمة النقض بالنظر في الطعون الواقعة على الأحكام الصادرة عنها.
وخلافاً للشارع السوري فقد آثر المشرع الألماني عدم تعريف الجريمة الاقتصادية والاجتزاء بتحديد الجرائم الاقتصادية التي تدخل في اختصاص الغرفة الجزائية الاقتصادية في محكمة الولاية، ومن هذه الجرائم (كما وردت في الفقرة (1) من المادة (C. 74) من قانون تنظيم القضاء) تلك الواردة في قانون براءة الاختراع، وقانون النماذج، وقانون العلامات التجارية، وقانون العقوبات الاقتصادية لعام 1954، وقانون حق النشر، وقانون أشباه الموصلات، وقانون المنافسة غير المشروعة، وقانون الشركات المساهمة، وقانون الشركات المحدودة المسؤولية، وقانون الجمعيات، وقانون التجارة، وقانون البنوك، وقانون سوق الأوراق المالية، وقانون التجارة الخارجية، وقانون الرقابة على النقد، وقانون التجارة بالأوراق المالية، وقانون الإشراف على التأمين، وقانون الأغذية إضافة إلى الجرائم الاقتصادية التي نص عليها قانون العقوبات الألماني كالاحتيال المتعلق بالمساعدات الحكومية والاحتيال المصرفي والاحتيال المرتبط بالاستثمار والإفلاس ومحاباة الدائنين ومحاباة المدينين واتفاقات العارضين المقيدة للمنافسة والرشوة الإيجابية والرشوة السلبية في القطاع الخاص، إلى جانب الجرائم التي تدخل في اختصاص الغرفة الاقتصادية في حال كان الحكم فيها يتطلب معرفة بالشؤون الاقتصادية، كالرشوة ومنح فائدة لذوي الصفة العامة والاحتيال وإساءة الائتمان وجرائم الحاسوب والربا.
وفي فرنسا نص قانون الإجراءات الجنائية في المادة 704 منه (وردت هذه المادة ضمن الباب الثالث عشر من الكتاب الرابع من قانون الإجراءات الجنائية، وقد وضع المشرع عنواناً لهذا الباب «الملاحقة والتحقيق والمحاكمة في الجرائم الاقتصادية والمالية» على إنشاء محكمة أو أكثر في دائرة كل محكمة استئناف تكون مختصة بمحاكمة الجرائم الاقتصادية والمالية (والجرائم المتصلة بها) إذا كانت جنحاً على جانب كبير من التعقيد (بسبب تعدد الفاعلين أو المساهمين أو المجني عليهم أو بسبب النطاق الجغرافي الكبير للجريمة)، هذه الجرائم هي: جريمة غسيل الأموال، جريمة غسيل الأموال الناجمة عن جرائم المخدرات، جريمة الاستخدام الاحتيالي لقاصر أو شخص غير سوي لارتكاب فعل أو امتناع ضار به، الاحتيال، إساءة الأمانة، جرم رفض أو تقييد العروض المقدمة للمزايدات أو المناقصات الناجم عن ِمنح أو وعود أو تفاهمات أو أي وسائل احتيالية، جرائم الوصول غير المشروع إلى أنظمة معالجة البيانات الآلية، جرائم الغدر، والرشوة، وصرف النفوذ، والتربح أو التدخل، والمحاباة الاقتصادية، والاختلاس، جرائم التزوير، جريمة العجز عن تبرير مصدر الدخل لشخص مرتبط بشخص متورط بتشكيل عصابي، الجنح المنصوص عليها في قانون التجارة وفي القانون النقدي والمالي وفي قانون البناء والإسكان و في قانون الملكية الفكرية، الجنح المنصوص عليها في المواد (1741 حتى 1753 مكرر أ) من قانون الضرائب العام وفي قانون الجمارك وفي قانون تخطيط المدن وفي قانون المستهلكين وفي قانون المقامرة وفي قانون الأسواق الواعدة وفي قانون الصحافة. من الواضح اضطراب خطة الشارع الفرنسي في تعداد الجرائم الاقتصادية فقد أدرج ضمنها جرائم عديمة الصفة الاقتصادية كالاستخدام الاحتيالي لقاصر أو شخص غير سوي المنصوص عليها في المادة (2-15-223) من قانون العقوبات الفرنسي، في الوقت نفسه أغفل ذكر إحدى أهم الجرائم الاقتصادية وهي جريمة الرشوة الاقتصادية الدولية أو رشوة الموظفين العموميين الأجانب التي جرمتها اتفاقية منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وأدخلتها فرنسا إلى قانونها من خلال المادتين (3-435) و(4-435)، أيضاً يؤخذ على خطة المشرع الفرنسي تعليق اختصاص المحاكم الاقتصادية على كونها معقدة؛ فربما لا يتحقق معيار التعقيد في العديد من الجرائم الاقتصادية الخطرة كالرشوة والغدر وبالتالي يكون النظر فيها من القضاء العادي وانعدام الغاية من إحداث قضاء متخصص.
وبعد أن ألغى المشرع السوري القضاء الاقتصادي وأعاد إلى القضاء الجزائي العام اختصاص النظر بالجرائم الاقتصادية أصدر المشرع المصري قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية رقم 120 لعام 2008، وقد حُدد اختصاص هذه المحاكم بالجنايات والجنح الاقتصادية المنصوص عليها في مجموعة من القوانين الاقتصادية الليبرالية، وهي جرائم التفالس، وجرائم شركات الأموال، وجرائم سوق المال، والجرائم المنصوص عليها: في قانون الإشراف والرقابة على التأمين، وقانون ضمانات وحوافز الاستثمار، وقانون التأجير التمويلي، وقانون الإيداع والقيد المركزي للأوراق المالية، وقانون التمويل العقاري، وقانون حماية الملكية الفكرية، وقانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد، وقانون الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال واستثمارها، وقانون التجارة في شأن جرائم الصلح الواقي من الإفلاس، وقانون حماية الاقتصاد القومي من الآثار الناجمة عن الممارسات الضارة في التجارة الدولية، وقانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، وقانون حماية المستهلك، وقانون تنظيم الاتصالات، وقانون تنظيم التوقيع الالكتروني.
ثانياً - الركن المادي في الجريمة الاقتصادية
قد تكون الجريمة الاقتصادية من جرائم النتيجة أو من الجرائم الشكلية، والنشاط الجرمي بدوره قد يكون إيجابياً أو سلبياً، ففي جرائم التشريعات الاقتصادية الجزائية الحديثة يتجلى النشاط الجرمي في إنتاج أو عرض أو توزيع أو حيازة منتج مغشوش أو فاسد أو ضار بالصحة أو منتهي الصلاحية (المادة 12 من قانون حماية المستهلك)، أو التواطؤ ضد المستهلكين (المادة 8 من قانون حماية المستهلك )، أو حيازة أو إنتاج أو عرض الآلات أو الأدوات أو الوسائل التي تساعد على الغش (مادة 13 من قانون حماية المستهلك )، أو الإعلان المضلل (المادة 35 من قانون حماية المستهلك)، أو نشر وقائع كاذبة بهدف حمل الجمهور على الاكتتاب بالأسهم أو أسناد القرض (الفقرة /ط/ من المادة 203 من قانون الشركات)، أو توزيع أرباح صورية أو غير مطابقة لحالة الشركة الحقيقية (الفقرة /ز/من المادة 203 من قانون الشركات)، أو إخفاء المصدر الحقيقي للأموال غير المشروعة أو تحويلها أو استبدالها أو حيازتها أو استثمارها (المادة الثانية من المرسوم التشريعي رقم 33 لعام 2005 المتعلق بغسيل الأموال)، أو تقليد علامة فارقة أو استعمالها (المادة 61 من قانون العلامات الفارقة والمؤشرات الجغرافية والرسوم والنماذج الصناعية والمنافسة غير المشروعة). وقليلٌ تحقق النشاط الجرمي في الجريمة الاقتصادية بالامتناع كالتقصير في اتخاذ الاحتياطات العادية الممكنة لتلافي الضرر(المادة 11 من قانون العقوبات الاقتصادية).
وقد يجتزئ النص القانوني في الجرائم الاقتصادية بالعقوبة من دون الفعل الجرمي مفوضاً إلى السلطة التنفيذية بيانه من خلال لائحة أو قرار. وتعد المادة /16/ من قانون قمع الغش والتدليس تجسيداً لذلك حيث نصت «إذا كان مقدار المنتجات أو قياسها أو كيلها أو طاقتها أو وزنها أو مصدرها أو طريقة صنعها أو العناصر الداخلة في تركيبها من العوامل التي لها دخل في تقدير قيمتها جاز بقرار من وزير التموين والتجارة الداخلية منع بيعها أو عرضها للبيع أو حيازتها بقصد البيع ما لم ترفق ببيانات بأوصافها وتركيبها، ويحدد في القرار أشكال هذه البيانات وأوصافها. يعاقب على مخالفة القرارات المذكورة بالغرامة من/1000/إلى/15000/ ليرة سورية، يعاقب في حال التكرار بغرامة من/2000/ إلى/30000/ ل0س وبالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر أو بإحدى هاتين العقوبتين».
ونظراً لضرورة احتواء كل الأنشطة الجرمية التي يشير إليها النص الاقتصادي ومواجهتها قد يركن هذا النص في بيان الفعل الجرمي إلى عبارات واسعة وغير دقيقة كمقاومة النظام الاشتراكي (المادة 15 من قانون العقوبات الاقتصادية، وقد خلصت محكمة الأمن الاقتصادي إلى تكييف الأفعال الآتية كمقاومة للنظام الاشتراكي تخزين الأدوية من جانب الصيادلة، سرقة عدة سيارات، ممارسة مهنة الصرافة) وإضعاف الثقة بالاقتصاد الوطني (المادة 21 من قانون العقوبات الاقتصادية، وعدت الهيئة العامة لمحكمة النقض في حكمها المؤرخ بـ 20/11/2000 وحكمها المؤرخ 19/3/2001 تزييف النقد مشكلاً لجرم إضعاف الثقة بالاقتصاد الوطني). وسواء أكانت عبارات النص دقيقة أم غير ذلك ينبغي على القضاء أن يلتزم بقواعد تفسير النصوص الجزائية المستوحاة من مبدأ الشرعية التي مفادها التفسير الضيق ورفض القياس.
أخيراً ربما لا يعبأ الشارع بتطبيق القواعد العامة في الشروع والمساهمة في الجريمة على الجريمة الاقتصادية، فلا يهتم بكون الجريمة تامة أو مشروعاً فيها، ولا بطبيعة المساهمة فيها وحجمها. فالمتدخل والمحرض يقفان على قدم المساواة مع الفاعل وهذا يصدق على قانون العقوبات الاقتصادية وقانون غسيل الأموال (نصت المادة 31 من قانون العقوبات الاقتصادية «يعتبر الشروع في الجريمة الاقتصادية كالجريمة التامة». وجاء في المادة 32 منه والفقرة ب من المادة 14 المتعلقة بجرم غسيل الأموال «يعتبر المحرض والمتدخل والشريك بحكم الفاعل»).
ثالثاً - الركن المعنوي في الجريمة الاقتصادية
كسائر الجرائم يجب تحقق القصد العام لدى مرتكب الجرم الاقتصادي لقيامه، وربما بعض الجرائم تذهب إلى ما وراء القصد العام كجريمة إصدار قرار ضار بالاقتصاد التي يتعين لقيامها توافر قصد خاص هو تحقيق الجاني مصلحة شخصية من جراء القرار، وهكذا قصد إلحاق الضرر بالمشاريع والمهمات في جريمة عدم تنفيذ الالتزامات المتصلة بها.
لكن قد ينكمش الركن المعنوي في الجرم الاقتصادي إلى حد عدم الاكتراث بالقصد والاستعاضة عنه بالخطأ أو افتراض القصد أو الخطأ حتى إثبات انتفائهما، وتنطبق الحالة الأولى على عدد من الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات الاقتصادية (المواد/6/و/7/ والفقرة الأولى من المادة/10/ والمادة /13/ والمـــــــــادة /14/ والمـــــــــــادة /18/ والمادة /19/) حيث احتاط المشرع لانعدام القصد فعادل القصد بالخطأ، وقد يلجأ الشارع إلى افتراض توافر القصد أو الخطأ لدى المتهم بمجرد اقترافه الجرم وإلقاء عبء نفي القصد أو الخطأ عليه، ومن ذلك افتراض المشرع توافر القصد لدى التاجر الذي يعرض للبيع أو يبيع أغذية أو عقاقير طبية أو حاصلات مغشوشة (الفقرة الأولى من المادة الحادية عشرة من قانون قمع الغش والتدليس).
من جانب آخر ثمة جرائم اقتصادية تتطلب في تكوينها أن يكون مقترفها متعمداً ولا يكفي فيها القصد كجريمة تعمد تخريب رأس المال الثابت أو المعدات، وجريمة تعمد إساءة تصميم المنشآت المختلفة، لكن في جرائم أُخر يتراجع العمد إلى طبيعته الأصلية كظرف مشدد خاص، مثال ذلك جريمة التبذير في استخدام المواد الخام وجريمة إفشاء معلومات تقود إلى تخفيض الإنتاج أو تفويت فرص على البلاد.
وفيما يخص انتفاء العلم بالتجريم الاقتصادي سواء أورد النص الجزائي في قانون العقوبات الاقتصادية أم في قانون عقابي آخر: فقد ذهب القضاء السويسري (أحياناً) والبلجيكي إلى اعتباره نافياً للمسؤولية الجزائية إن لم يكن بمقدور المتهم العلم به. أما على الصعيد التشريعي فهنالك تفاوت واضح في التعاطي مع هذه المسألة، فالمشرع السوري رفض صراحة الاعتذار بالجهل بالقانون الجزائي إذ تناول الغلط القانوني في المادة /222/ من قانون العقوبات حيث جاء فيها: «1- لا يمكن لأحد أن يحتج بجهله القانون الجزائي أو تأويله إياه تأويلاً مغلوطاً. 2- غير أنه يعد مانعاً للعقاب: (أ) الجهل بقانون الجديد إذا اقترف الجرم في خلال الأيام الثلاثة التي تلت نشره (ب) جهل الأجنبي الذي قدم سورية منذ ثلاثة أيام على الأكثر بوجود جريمة مخالفة للقوانين الوضعية لا تعاقب عليها قوانين بلاده أو قوانين البلاد التي كان مقيماً فيها».
واللافت للانتباه في هذا السياق عدم تفريق المشرع في إطار الغلط القانوني بين قانون العقوبات والقوانين الأخرى مدنية كانت أم شخصية أم إدارية. في حين اعتد به المشرعان الألماني والسويسري إذا انتفت إمكانية العلم بالقانون لدى المتهم، وإزاء ذلك ذهبت محكمة النقض المصرية إلى رفض الجهل بالقانون الجزائي الاقتصادي، لكن الفقهاء انقسم على نفسه فقد أيده بعضهم واتجه إلى اعتباره جهلاً بالواقع، في حين ميز جانب آخر من الفقه بين المخاطبين بقواعد قانون العقوبات الاقتصادية، وهؤلاء يقبل منهم الجهل المبرر بالقانون، أما غير المخاطبين فيؤخذ بجهلهم بالقانون ولو كان غير مبرر.
ومع ذلك كله تبقى المشكلة الأهم هي العصف بالركن المعنوي في الجريمة الاقتصادية وتحويلها إلى جريمة مدنية أو جريمة مادية، فقد أقرت محكمة النقض الفرنسية وأيدها جانب من الفقه قاعدة الاكتفاء بالركن المادي لقيام غالبية جرائم الأسعار التي نص عليها المرسوم (248/45) تاريخ 30/6/1945. وعدم المبالاة بالركن المعنوي من قبل هذه المحكمة طال جرائم النقد والجرائم الجمركية والجرائم الضريبية وجرائم الصيد وجرائم حماية الثروة الطبيعية. ويكمن تأصيل ذلك في فكرة الجنح كمخالفات التي أُسقط بموجبها حكم المخالفات باعتبارها «جرائم مادية خالصة» على الجنح الاقتصادية. ولا محل لهذه الفكرة في قانون العقوبات السوري لأنه لا يعترف أصلاً بالمخالفات المادية. وقد اتجهت محكمة النقض المصرية إلى معاقبة الجاني بمجرد توافر الركن المادي فحسب، فعلى سبيل المثال عدت جريمة صناعة أرغفة خبز ناقصة الوزن جريمة مكتملة بمجرد صنعها وعرضها في المخبز أو إحرازها. وقد وجه الفقه سهام النقد – بحق - لهذا المسلك القضائي على قاعدة عدم اختلاف طبيعة الجريمة الاقتصادية عن أية جريمة أخرى من حيث تعارضها مع قيم المجتمع الجوهرية وبالتالي ينبغي توافر الإثم فيها المطلوب في جميع الجرائم.
وتبرز المسؤولية الجزائية من دون خطأ أيضاً أساساً لمساءلة القائم بالإدارة عن الجرائم الاقتصادية التي يقارفها تابعوه، ولعل الفقرة الأولى من المادة /35/ من قانون التموين والتسعير تعبير صارخ لهذه المسؤولية حيث نصت على: «يكون صاحب المحل مسؤولاً مع مديره أو القائم على إدارته عن كل ما يقع في المحل من مخالفات لأحكام هذا القانون والقرارات المنفذة له ويعاقب بالعقوبات المقررة لها، فإذا ثبت أنه بسبب الغياب أو استحالة المراقبة لم يتمكن من منع وقوع الجريمة اقتصرت العقوبة على حدها الأدنى وذلك مع عدم الإخلال بما ورد في قانون العقوبات في حالة الاستحالة المطلقة». بالمقابل تنكر قانون العقوبات الاقتصادية لهذا الأساس المادي وبنى مسؤولية متولي الإدارة على القصد حيث جاء في المادة /30/ منه:
«تُوقع العقوبات والجزاءات المقررة في هذا المرسوم التشريعي على من يعهد إليهم بأية صفة بإدارة جهة ما في الدولة إذا تركوا عن علم منهم الجرم يقع من شخص يخضع لسلطتهم أو إشرافهم». ومؤدى هذا النص انتفاء الجريمة في حال عدم توافر القصد الجرمي لدى متولي الإدارة، في حين سوى المشرع الفرنسي بين القصد والخطأ في قيام جريمة مدير المنشأة.
أخيراً ذهب العديد من المشرعين إلى ما وراء المسؤولية من دون خطأ عندما تبنى المسؤولية الجزائية للشخص الاعتباري عن الجرائم التي يجترحها أعضاؤه باسمه على الرغم من انتفاء الأهلية القانونية لديه، وهذه المسؤولية إما أن تكون تضامنية بحيث يتقاسم الشخص المعنوي مع ممثليه الجزاء المحكوم به من ذلك ما قررته المادة /35/ من قانون التموين السوري بقولها: «وتكون الشركات والجمعيات والهيئات مسؤولة بالتضامن مع المحكوم عليه عن قيمة الغرامة والمصاريف التي يحكم بها إلا إذا ثبت أن تصرفه كان شخصياً» وإما أن تكون مستقلة عندما يخص القانون الشخص المعنوي بجزاء منفصل عن جزاء أعضائه على نحو ما بينته المادة (209) من قانون العقوبات السوري.
رابعاً - الجزاء
واجه المشرعون الجرائم الاقتصادية بمجموعة من الجزاءات بعضها يتناغم مع طبيعتها الاقتصادية وبعضها الآخر تقليدي لا يخرج عما سنّه المشرع لبقية الجرائم. في الجزاءات التقليدية هناك عقوبة الإعدام حاضرة في بعض التشريعات العربية، ففي الجزائر يعد الغش في الأدوية والمواد الغذائية المفضي إلى الموت أو عجز دائم جريمة عقوبتها الإعدام، ولم يشأ الشارع السوري التوسل بهذه العقوبة حيث اقتصر في قانون العقوبات الاقتصادية على العقوبات السالبة للحرية المؤقتة، فهناك العقوبات الجنائية كعقوبة الأشغال الشاقة في جريمة تخريب رأسمال الثابت أو المعدات (مادة 4)، وجريمة سرقة الأموال العامة أو اختلاسها أو إساءة ائتمانها (مادة 10)، وجريمة مقاومة النظام الاشتراكي المضرة بالأموال العامة (المادة 15)، وجريمة الرشوة الاقتصادية (المادة 25)، فضلاً عن العقوبات الجنحية كعقوبة الحبس في جريمة التسبب بإلحاق الضرر بالأموال العامة نتيجة عدم المحافظة عليها ( المادة 10)، وجريمة تعيين عمال… بصورة مخالفة للقوانين أو الأنظمة (مادة 8). أما خارج إطار قانون العقوبات الاقتصادية فقد عاقب المشرع على جريمة غسيل الأموال بعقوبة جنائية مؤقتة (الاعتقال من ثلاث سنوات إلى ست سنوات الفقرة /آ/ من المادة 14 من قانون غسيل الأموال)، في حين هيمنت العقوبات الجنحية على الجرائم المنصوص عليها في قانون حماية المستهلك (المواد 41 وما بعدها من قانون حماية المستهلك)، وقانون الشركات (المادة 203 من قانون الشركات)، وقانون العلامات الفارقة والمؤشرات الجغرافية والرسوم والنماذج الصناعية والمنافسة غير المشروعة (المواد/61- 69/ والمادة /81/ والمادة /105/).
ولم يغفل الشارع السوري في الجرائم الاقتصادية العقوبات التي تنال من اعتبار الجاني والثقة فيه أي نشر الحكم بالإدانة وإلصاقه (نصت المادة /18/ من قانون قمع الغش والتدليس والمادة /40/ من قانون التموين والتسعير على:
1- تشهر خلاصة الأحكام التي تصدر بالإدانة في الجرائم التي ترتكب بالمخالفة بأحكام هذا القانون طبقاً للنماذج التي تعدها وزارة التموين بتعليقها على واجهة محل التجارة أو المعمل أو المستودع مكتوبة بحروف كبيرة وذلك لمدة تعادل مدة الحبس المحكوم بها، ولمدة شهر إذا كان الحكم بالغرامة.
2- يجوز للمحكمة أن تأمر بنشر ملخص الحكم في جريدة أو جريدتين ويجب عليها ذلك في حالة التكرار. أما المادة /16/ من تشريع غسيل الأموال فقد جعلت النشر والإلصاق وجوبيين في جريمة غسيل الأموال).
وهناك أيضاً العقوبات المالية، فقد فرض المشرع الغرامة الثابتة في جرائم قانون التموين وقانون قمع الغش والتدليس (يجوز تجاوز الغرامة في الجنح مبلغ الألف ليرة سورية، المادة 53 من قانون العقوبات)، في حين آثر الغرامة النسبية على الغرامة الثابتة في قانون العقوبات الاقتصادية حيث نصت المادة /33/ منه «يعاقب بغرامة أقلها ضعفا الضرر الحاصل من جراء ارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في هذا المرسوم التشريعي إضافة للعقوبة الأصلية».
على أي حال قرر الشارع في الفقرة /آ/من المادة الرابعة عشرة من قانون غسيل الأموال غرامة ذات طبيعة مزدوجة لجريمة غسيل الأموال حيث جاء في هذه الفقرة «يعاقب بالاعتقال المؤقت من ثلاث سنوات إلى ست سنوات وبغرامة تعادل قيمة الأموال المضبوطة أو بغرامة تعادل قيمتها في حال تعذر ضبطها على ألا تقل عن مليون ليرة سورية». (تنسجم الأرقام الفلكية للغرامات في الجرائم الاقتصادية بالمقارنة مع غيرها من الجرائم مع ذاتية هذه الجرائم القائمة على الكسب وبالتالي تحقق ردعاً حقيقياً لمرتكبيها).
وللمصادرة مكانٌ في العقوبات على الجرائم الاقتصادية وذاتيةٌ أيضاً فهي ذات طابع وجوبي (المادة 15 من تشريع غسيل الأموال، والفقرة الرابعة من المادة 38 من قانون التموين والتسعير، والمادة 21 من قانون قمع الغش والتدليس) بخلاف ما هو مقرر في قانون العقوبات من ترك فرضها للسلطة التقديرية للمحكمة، ولا يعد عدم الضبط للأشياء غير المشروعة مانعاً من تطبيق عقوبة المصادرة، فمثلاً ينص قانون قمع الغش والتدليس في هذه الحالة على جواز مصادرة ما يساوي ضعف قيمتها من أموال المحكوم عليه المشروعة (المادة السابعة عشرة من قانون قمع الغش والتدليس).
ومن الجزاءات الاقتصادية التدابير الاحترازية الآتية:
q المنع من مزاولة النشاط الاقتصادي: فقد أعطت العديد من التشريعات الاقتصادية السورية (أجازت الفقرة الثانية من المادة الثامنة والثلاثين من قانون التموين والتسعير المعدلة بالمادة الخامسة من القانون رقم 22 لعام 2000، والفقرة الثانية من المادة السابعة عشرة من قانون قمع الغش والتدليس للقضاء الحكم بوقف مزاولة العمل إيقافاً مطلقاً أو لمدة محدودة ما لم يترتب على ذلك إعاقة تموين منطقة بإحدى المواد الأساسية) والأجنبية، كالتشريع الفرنسي والتشريع البلجيكي الحق للقضاء بمنع المحكوم عليه من مزاولة مهنته.
q إغلاق المنشأة الاقتصادية: أخذ بهذا التدبير قانون التموين والتسعير وقانون قمع الغش والتدليس بصورته المؤقتة ولكن الأول منهما جعله جوازياً في حين أن الثاني جعله وجوبياً (الفقرة الثانية من المادة الثامنة والثلاثين من قانون التموين والتسعير المعدلة بالمادة الخامسة من القانون رقم 22 لعام 2000 والفقرة الثانية من المادة 17 من قانون قمع الغش والتدليس، وكان قانون التموين قبل تعديله يجعل إغلاق المحل وجوبياً)، وهذا بشرط ألا يترتب على الإغلاق تعويق تموين منطقة بإحدى المواد الأساسية، كما منحت المادة الثالثة عشرة من اللائحة التنفيذية لقانون المنافسة ومنع الاحتكار مجلس المنافسة الحق في إقرار الإغلاق المؤقت للمؤسسة أو المؤسسات المدانة مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر، وذلك كله على خلاف التشريع الفرنسي الذي يجيز الإغلاق النهائي.
q وضع المنشأة تحت الحراسة: على ضوء الأثر السلبي الذي يترتب على تدبير الغلق المتمثل بتعطيل نشاط المنشأة وما ينجم عنه من ضرر بحقوق الغير رأى المشرعون الاستعاضة عنه بهذا التدبير، وبموجبه يتم تعيين مدير آخر للمنشأة يعمل تحت إشراف الدولة بدلاً من مديرها الذي تمت إدانته. ففي فرنسا يمكن للمحكمة أن تعين مديراً مؤقتاً للمنشأة خلال مدة الغلق المحكوم بها وتكون أرباح المنشأة من نصيب الدولة، وتحسم الخسائر من الجزاءات النقدية المحكوم بها على مدير المنشأة الحقيقي وبمجرد تخطي الخسائر هذه الجزاءات ينتهي تدبير وضع المنشأة تحت الحراسة.
q تعليق نشاط شخص اعتباري أو حله: بينت المواد (108-111) من قانون العقوبات السوري قواعد وقف هيئة اعتبارية أو حلها كما يلي:
يجوز للقضاء أن يحكم بوقف كل نقابة وكل شركة أو جمعية وكل هيئة اعتبارية ما خلا الإدارات العامة مدة لا تقل عن شهر ولا تتجاوز السنتين إذا اقترف مديروها أو أعضاء إدارتها أو ممثلوها أو عمالها باسمها أو بإحدى وسائلها جناية أو جنحة مقصودة يعاقب عليها بسنتي حبس على الأقل، ويقصد بالوقف منع الهيئة من ممارسة أعمالها وإن تبدل اسمها أو مديروها، ويحول هذا الوقف دون التنازل عن المحل بشرط الاحتفاظ بحقوق الغير ذي النية الحسنة.
ويجوز أيضاً للمحكمة حل هذه الهيئات إذا لم تتقيد بموجبات التأسيس القانونية، أو إذا كانت الغاية من تأسيسها مخالفة للقوانين، أو كانت تستهدف في الواقع مثل هذه الغايات، أو إذا خالفت الأحكام القانونية المنصوص عليها تحت طائل الحل، أو إذا عادت وارتكبت جريمة أخرى من الجرائم التي تصلح لوقفها قبل انقضاء خمس سنوات على الحكم المبرم بوقفها، ويتجسد الحل بتصفية أموال الهيئة الاعتبارية، وفقدان المديرين أو أعضاء الإدارة وكل مسؤول شخصياً عن الجريمة الأهليةَ لتأسيس هيئة مماثلة أو إدارتها.
إلى جانب ذلك يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وبغرامة تراوح بين مئة وألف ليرة من يخالف تدبير الوقف أو الحل بعد الحكم بأحدهما، من ذلك أن يقوم المدير بأحد الأعمال باسم الهيئة الاعتبارية بعد الحكم بوقفها. ومن شأن التكرار أن يجعل وقف الهيئة الاعتبارية وحلها فضلاً عن إقفال المحل لازماً في جرم غسيل الأموال (المادة 16 من تشريع غسيل الأموال).
إلى جانب هذه التدابير هناك جزاءات أخرى كالغرامة الإدارية التي يفرضها مجلس المنافسة على المخالفات المنصوص عليها في المادة 19 من اللائحة التنفيذية لقانون المنافسة ومنع الاحتكار، ولا تقل عن واحد بالمئة ولا تزيد على عشرة بالمئة من الإجمالي السنوي لمبيعات السلع أو إيرادات الخدمات لمرتكب المخالفة، وفي حال كون رقم المبيعات غير محدد فعندئذٍ لا تقل الغرامة عن مئة ألف ليرة سورية ولا تزيد على مليون ليرة سورية.
أيضاً يجوز لوزير الاقتصاد والتجارة وفقاً لقانون حماية الإنتاج الوطني من الآثار الناجمة عن الممارسات الضارة في التجارة الدولية أن يفرض رسوم مكافحة الإغراق في حال وجود حالة إغراق، كما يفرض رسوماً تعويضية عند توافر دعم غير مشروع للمنتجين أو الموزعين أو الناقلين أو المصدرين فضلاً عن اتخاذه تدابير وقائية تتمثل بوضع قيود على الواردات أو رسوم جمركية إضافية على السلع أو كليهما عند وجود زيادة غير مبررة في الواردات (المواد الرابعة والسادسة والرابعة عشرة من قانون حماية الإنتاج الوطني من الآثار الناجمة عن الممارسات الضارة في التجارة الدولية).
وفي إطار تطبيق الجزاء الاقتصادي تبرز مسألة منع وقف تنفيذ العقوبة في بعض الجرائم الاقتصادية كالجرائم المنصوص عليها في قانوني قمع الغش والتدليس وقانون التموين والتسعير (الفقرة الأولى من المادة /38/ من قانون التموين والتسعير والفقرة الأولى من المادة /17/ من قانون قمع الغش والتدليس)، وهذا المسلك المتشدد من جانب المشرع وإن كان له صداه في الردع لأن اللاعب الاقتصادي يعلم بحتمية التنفيذ في حال اقترافه جرماً اقتصادياً لكنّه غير مبرر، فأهم الاعتبارات الذي تقوم عليه مؤسسة وقف التنفيذ المتمثل بتوافر احتمال كبير في تأهيل المحكوم عليه من دون تنفيذ العقوبة يمكن تحققه في مرتكب الجرم الاقتصادي فضلاً عن إخلال هذا المسلك التشريعي بقاعدة المساواة في المعاملة العقابية بين المجرمين.
أخيراً تجمل الإشارة إلى أن المشرع قد يسمح للإدارة بالتصالح مع المتهم في الجرائم الاقتصادية لقاء مقابل معين ومن شأن الصلح عدم إقامة الدعوى العامة بحقه، وهذا ما نصت عليه المادة السادسة من القانون رقم 22 تاريخ 9/12/2000 المتضمن تعديل قانون التموين والتسعير بقولها:
أ- تسوى الجرائم المنصوص عليها في الفقرتين أ، ب من المادة الرابعة من هذا القانون إذا أدى الفاعل مبلغاً لا يقل عن الحد الأدنى لمبلغ الغرامة المعاقب بها على فعله خلال مدة معينة ووفق قواعد تحدد بدليل تسويات تصدر بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على اقتراح من وزراء التموين والتجارة الداخلية والعدل والمالية.
ب- التسوية المشار إليها في الفقرة السابقة تؤدي إلى وقف الملاحقة القضائية وكف التتبعات بشأنها بحسب الحال.
مراجع للاستزادة: |
- أحمد فتحي سرور، مجلة القضاة، الوسيط في قانون العقوبات القسم الخاص (1979-1980).
- أشرف توفيق شمس الدين، دراسة نقدية لقانون مكافحة غسل الأموال الجديد (دار النهضة العربية، 2003).
- آمال عثمان، شرح قانون العقوبات الاقتصادي في جرائم التموين (دار النهضة العربية).
- صلاح يوسف آغا، شرح قانون العقوبات الاقتصادية وقانون محاكم الأمن الاقتصادي والتشريع المقارن (دار الأنوار للطباعة ، 1980).
- عبد الرؤوف مهدي، المسؤولية الجنائية عن الجرائم الاقتصادية في القانون المقارن (عام 1976).
- عبد الرؤوف مهدي، محاضرات في قانون العقوبات الاقتصادي (دار النهضة العربية، 2008).
- عبد الوهاب بدرة، جرائم الأمن الاقتصادي (الطبعة الأولى، 1998).
- عبود السرّاج، شرح قانون العقوبات الاقتصادي في التشريع السوري والمقارن.
- عبود السرّاج، «الجرائم الاقتصادية وموقف قانون العقوبات الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة - دراسة مقارنة»، مجلة الأمن والقانون، السنة الثانية، العدد الثاني، كلية شرطة دبي، يوليو 1994.
- محمود محمود مصطفى، الجرائم الاقتصادية في القانون المقارن الجزء الأول الأحكام العامة والإجراءات الجنائية، (مطبعة جامعة القاهرة، الطبعة الثانية، 1979).
mso-margin-top-alt: auto;
ساحة النقاش