الدفع بأن إذن التفتيش صدر بعد إجراء التفتيش لا يستلزم رداً خاصاً.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 7 - صـ 1288
جلسة 24 من ديسمبر سنة 1956
برياسة السيد مصطفى فاضل - وكيل المحكمة، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمد محمد حسنين، وفهيم يسى الجندي - المستشارين.
(355)
القضية رقم 1149 سنة 26 القضائية
( أ ) حكم "تسبيب كاف". تفتيش. الدفع بأن إذن التفتيش صدر بعد إجراء التفتيش لا يستلزم رداً خاصاً.
(ب) مواد مخدرة. جريمة جلب المخدر. استحضار المخدر من الخارج ودخوله المياه الإقليمية بإرادة المتهمين وترتيبهم. اتفاق أحد رجال البوليس مع المتهمين على نقل المخدر من المركب إلى خارج الميناء. لا أثر له في قيام الجريمة.
1 - الدفع بأن إذن التفتيش صدر بعد إجراء التفتيش هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم رداً خاصاً بل يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من الحكم بالإدانة للأدلة التي أوردها.
2 - متى وقعت جريمة جلب المخدر بإرادة الطاعنين وبالترتيب الذي وضعوه لها وتمت فعلاً باستحضار المخدرات من الخارج ودخولها المياه الإقليمية فإن ما اتخذه رجال البوليس وخفر السواحل من الإجراءات لضبط المتهمين - باتفاق أحدهم مع المتهمين على نقل المخدر من المركب إلى خارج الميناء - لم يكن يقصد به التحريض على ارتكابها بل كان لاكتشافها وليس من شأنه أن يؤثر في قيام الجريمة ذاتها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم جلبوا وأحرزوا جواهر مخدرة "أفيوناً" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 1 و2 و33/ 1 وج وأخيرة و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبند "أ" من الجدول "أ". فصدر قرار الغرفة بذلك ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 و2 و33/ 1 وج و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبند "أ" من الجدول بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريم كل منهم خمسة آلاف جنيه وبمصادرة المواد المخدرة المضبوطة. فطعن الطاعنون على هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
... وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه بني على إجراءات باطلة وشاب أسبابه القصور، ذلك بأنهم دفعوا أمام محكمة الموضوع ببطلان القبض والتفتيش لأربعة أسباب (الأول) لصدور الإذن بالتفتيش بناء على تحريات غير جدية (الثاني) لصدوره ممن لا يملكه وهو وكيل النيابة الكلية بغير تفويض من رئيس النيابة (الثالث) لوقوع التفتيش قبل صدور الإذن من النيابة (الرابع) لانتفاء صفة الضبطية القضائية عمن قام به من رجال السواحل خارج المنطقة الجمركية فرد الحكم المطعون فيه على الدفعين الأولين بما لا يصلح رداً لهما وأغفل الرد على الدفعين الأخيرين - هذا إلى أن الطاعنين دفعوا بأن الجريمة طبقاً للتصوير الذي قال به رجال البوليس وأخذ به الحكم هي من صنع رجال البوليس وتمت بفعلهم وأنهم لو لم يتداخلوا فيها بالإيعاز إلى البحري مصطفى السعران باستلام المخدرات وتوصيلها للطاعنين في منازلهم، لما استطاع الطاعنون جلبها إلى الأراضي المصرية ولبقي المخدر في المركب وكان من الجائز أن تعود به من حيث أتت ولا تتم جريمة الجلب بدخول المراكب إلى المياه الإقليمية.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إن المتهم الثالث أحمد عبد الرحيم (الطاعن الثالث) يرأس عصابة من زوج ابنته المتهم الأول سعد زغلول العقداوي (الطاعن الأول) وأخيه المتهم الثاني مصطفى إبراهيم العقداوي (الطاعن الثاني) وآخرين مهمتها جلب المخدرات من الأقطار الأجنبية بالاستعانة مع بعض بحارة المراكب التركية كالإسكندرونه وغيرها... ورأت العصابة لتسهيل عملها أن لا بد من الاتصال بأحد البحارة من رجال خفر السواحل الذين يعملون في الحراسة والمراقبة ويكون له من القوة والسلطان ما يسمح بالتهريب دون الوقوع في أيدي السلطات فوقع اختيارهم على الريس البحري مصطفى محمد السعران وهو رجل مشهود له من رؤسائه بأنه صاحب سلطان في البحر وأنه رئيس النوتية منذ خمس وعشرين سنة وله إمكانيات بحكم مركزه من إشرافه علي الدوريات وترتيبها في الحراسة وغيرها تمكنه من أي شيء والخروج به من الميناء دون صعوبة فإن ضمنوه لجانبهم، تمكنوا من التهريب في أمان وفي هذا السبيل اتصل به المتهم الأول سعد زغلول في أوائل شهر فبراير سنة 1955 وعرفه أنه يريد أن يقابله وأن يتعرف عليه لأنه رجل ذو شخصية واتفقا على المقابلة يوم الجمعة 4 من فبراير قبل الصلاة في محل البقالة المملوك لسعد وأراد السعران أن يعرف ماذا ينتوي المذكور فذهب إليه في الموعد المتفق عليه وبعد الحديث أخبره أنه يريد أن يقاسمه (لقمة) تأتي من البحر فهم أنها مخدرات وأنها ستصل إلى الإسكندرية على الباخرة إسكندرونه وطلب إليه أن يقابل أخاه ورئيسهم كذلك فأظهر السعران موافقته وقد اعتزم في نفسه أمراً آخر هو إخبار رؤسائه بالموضوع ليوجهوه فيما يريدون وذهب صباح السبت 5 من فبراير إلى رئيسه الصاغ محمد إبراهيم العطار قائد قسم السواحل وأبلغه بالأمر واتصل هذا بدوره برئيسه القائمقام عوض علي حسن مدير إدارة السواحل الغريبة الذي أمر بإحضار السعران حيث حدثه بالموضوع كله فكلفه كذلك بمقابلة البكباشي عبد العزيز جلال مساعد مدير إدارة المخابرات السرية وأمره رؤساؤه بالتمشي مع المذكورين وإتمام الاتفاق على أن يخطرهم أولاً بأول بما يحدث ليتمكنوا من ترتيب إجراءات ضبط المتهمين ثم ذهب السعران بدوره في مساء السبت إلى مسجد المغاوري وبعد صلاة المغرب قابله المتهمون الثلاثة واتفقوا سوياً على أن يساعدهم في تهريب كمية من الحشيش مقابل ثمانية جنيهات للكيلو الواحد على شرط أن يقوم هو بإحضار المخدرات من الباخرة ويسلمها لهم بنفسه في المكان الذي يحددونه واستمرت الاتصالات بينهم إلى أن كان غروب يوم 26 من مارس سنة 1955 إذ قابله المتهمان الثاني والثالث وأخبراه بأن المركب الإسكندرونه ستصل الميناء في هذه الليلة واتفقوا على أن يسلموه الإشارة المتفق عليها أو كلمة السر في الساعة 11 مساء هذا اليوم نفسه يعلمها البحار التركي الذي سيحضر البضاعة ولما رأى أن الموعد المرتقب قد قرب ذهب فوراً لمقابلة البكباشي عبد العزيز جلال بمنزله في إسبورتنج وحدثه بما تم الاتفاق عليه فأمره بأن يفعل ما يريدون منه وأخبره بأنهم أي رجال خفر السواحل والمخابرات سيكونون في الميناء في هذا الوقت وعليه أن يتصل بهم بعد تسليمه الإشارة ثم بعد إحضار البضاعة، وذهب هو إلى موعده مع المتهمين المهربين حيث أخبروه بأن الإشارة هي عبارة عن حافظة من الجلد قديمة مكتوب عليها كلمة good بالإنجليزية وأن عليه أن يذهب إلى مؤخر المركب بعد رسوها في الميناء بالرصيف رقم 14 وسيدلي له البحار التركي بحبل من أول فتحة في المركب بين الساعة الأولى والثانية صباحاً وأنه عند وصوله إلى هذه الفتحة ورؤيته العلامة أي الحبل عليه أن يربط الحافظة فيها ثم يجذب الحبل المدلي مرتين وإذ ذاك سينزل له المهرب التركي كمية من المخدرات فيتسلمها ثم يأخذها ويحضر إليهم بعد مروره من باب الجمرك حيث يسلمها لهم في المنزل رقم 3 بحارة الكيال وأفهموه كيف يفتح باب المنزل من شراعة زجاجية ستكون مفتوحة يمد يده فيها ثم يجذب الترباس ويدخل ويصعد إلى الدور الثاني بعد الأرض حيث يكونون في انتظاره فيتسلمون منه البضاعة. وعاد السعران بعد ذلك إلى رؤسائه فوجدهم جميعاً في انتظاره وكان معهم البكباشي فؤاد عبد الشافي وآخرون من رجال مكتب المخدرات وعرض عليهم ما تم وأراهم الحافظة وأشروا عليها ثم استقل مركباً بصحبة النوتي علي أحمد رشوان والنوتي الممتاز أحمد جابر من فلايك قسم السواحل ووصل إلى حيث المركب الإسكندرونة التركية وهناك رأى من الفتحة الأولى من مؤخرها الحبل المدلي فربط فيه الحافظة وجذبه للأسفل وإذ ذاك شعر بالحبل يسحب ويرتفع إلى داخل المركب وبعد حوالي ثلاث دقائق رأى جوالا يدلي بهذا الحبل من نفس الفتحة فسحبه ووضعه في فلوكته وتمكن أحمد جابر من رؤية الرجل التركي البحار الذي أنزل الجوال ثم عادوا جميعاً إلى الضابط بالقسم في الميناء وأروهم ما أحضروه ففكوا الجوال ووجدوا بداخله أثنى عشر قرصاً من الأفيون على هيئة كرات كالبرتقال مغلفة بجرائد تركية وأخرجوا الأقراص وحمل كل منهم أربعة منها وربطوها على بطونهم ولبسوا ملابسهم فوقها حرملة البحارة حتى يشعر المتهمون بالاطمئنان عند رؤيتهم وليعرفوا أنهم خرجوا دون أن يشعر بهم أحد - وخرج هو وزميلاه رشوان وجابر من باب الجمرك يتبعهم رجال الضبط من قوة خفر السواحل... ومن قوة مكتب المخدرات واتفق على أنه بعد دخول السعران وزميليه بقليل إلى المنزل ستدهمه القوة لتمكين المتهمين من تسلم البضاعة. وحوالي الساعة 2 صباحاً من يوم 27 من مارس سنة 1955 وصل السعران إلى المنزل رقم 3 بحارة الكيال وهو محل التسليم وفتح بابه كما أفهم من قبل ثم صعد إلى الدور الثاني بعد الأرضي ولقيهم المتهم الثاني الذي أحس بحضورهم وأنار لهم الطريق بمصباح ثم دخلوا إلى الشقة وقادهم إلى غرفة إلى يمين الداخل كان بها كل من المتهمين الأول سعد العقداوي والمتهم الثالث أحمد حسبوا وجلسوا ورحبوا بهم وسألوهم عن الأفيون فأخرجه كل منهم من تحت ملابسه ووضعوه على منضدة وسط المكان كان يجلس إليها الثلاثة وأمسك الثالث بقطعتين من الأفيون وفحصهما ثم وضعهما داخل جيبي سرواله وكان الأول والثاني يفحص كل قطعة أخرى ليعرفا حالته وجودته والسعران يتحدث إليهم وإذ ذاك دخل رجال القوتين المنزل وضبطوا المتهمين على هذه الحالة السابقة وهم متلبسون بالإحراز ثم ضبطوا المخدرات وصحبوهم لقسم السواحل... كما تبين كذلك أنه في الوقت الذي كانت إجراءات رجال خفر السواحل وإدارة المخابرات السرية تسير في طريقها كان مكتب المخدرات في الوقت نفسه يتحرى أمر المتهمين الأول والثاني، لما كان يصله هو من معلومات عنهما حتى أنه في يوم 12 من فبراير سنة 1955 أي بعد إخبار السعران أمر الاتفاق إلى مكتب رجال السواحل تقدم اليوزباشي محمد السباعي أحمد من مكتب المخدرات لوكيل النيابة الكلية وأخبره بأنه علم من تحرياته أن المتهمين الأول والثاني وهما صاحبا محل بقالة ينويان تهريب كمية كبيرة من المخدرات من مدخل الميناء، وأنه قد اتصل بمكتب المخدرات كذلك البكباشي أركان حرب عبد العزيز جلال واشترك معهما في هذه التحريات التي تأكدت لهم وبعد تحقيق مفتوح سمعت فيه أقوال اليوزباشي السباعي أحمد وقرر فيه أنه سمع أن التهريب سيتم بواسطة إحدى البواخر التركية وسمعت فيه كذلك أقوال البكباشي عبد العزيز جلال الذي قرر أنه لما وصلته التحريات والمعلومات من رجاله اتصل بمكتب المخدرات فأيد له صدق تحريات رجاله واشتركوا سوياً في المراقبة والتحري وتبين لهم صحة أمر التهريب وقد أذنت النيابة بتفتيش وضبط المتهمين الأول والثاني ومحلهما ومن يتواجد معهما في بحر عشرة أيام، وحدث بعد ما استكملت التحريات وأخبر السعران بأمر المتهمين وعلم أن التسليم سيتم ليلة 27 من مارس سنة 1955 وكان الإذن السابق قد انقضى أجله أن ذهب اليوزباشي السباعي الشيوي معاون مكتب المخدرات إلى حيث علم بأن أحد وكلاء النيابة الكلية يحقق بقسم اللبان وطلب منه إصدار إذن بضبط المتهمين الأول والثاني والثالث أحمد حسبو الذي اتضح من التحريات صلته بالموضوع وأنهم جميعاً يعتزمون الليلة تهريب المخدرات وبعد تحقيق جديد مفتوح بالإضافة إلى التحقيق الأول ذكر فيه أن الثلاثة يكونون عصابة تجلب المخدرات وتتجر فيها وتروجها بالإسكندرية، أصدر وكيل النيابة إذناً آخر بضبط المتهمين الثلاثة وتفتيشهم وتفتيش المنزل رقم 3 بحارة الكيال قسم الجمرك مرة واحدة خلال عشرة أيام وكان ذلك في الساعة 11.40 مساء يوم 26 من مارس سنة 1955 وعاد السباعي الشيوي يحمل الإذن إلى حيث كان الضابط من رجال القوتين مجتمعين في قسم المينا وذلك قبل عودة السعران وهو يحمل المخدرات، ولما عادوا رأوا المخدرات جميعاً معه قاموا إلى حيث تم الضبط على النحو الذي سبق بيانه وكان هذا الضبط نتيجة التعاون المتبادل المستمر بين رجال قوة السواحل وبين رجال مكتب مكافحة المخدرات". وأورد الحكم الأدلة السائغة التي استخلص منها ثبوت الجريمة في حق الطاعنين، وعرض الحكم إلى ما دفع به الطاعنون من بطلان الإذن بالتفتيش لانبنائه على تحريات غير جدية ولصدوره من وكيل النيابة الكلية فقال "وحيث إن المستقر عليه قضاء أن القانون عندما نص على أن يكون هناك تحقيق مفتوح إنما قصد بذلك التحقيق الذي تتولاه سلطة التحقيق بناء على ما يصل إلى علمها من الإبلاغ عن جناية أو جنحة ولم يشترط أن يكون قد استظهر قدراً معيناً من أدلة الإثبات بل ترك ذلك لتقدير سلطة التحقيق لكي لا يكون من ورائه غل يدها واحتمال فوات الفرص منه مما تتأثر به مصلحة الجماعة وإنما الذي يهم فقط هو اطمئنان المحقق إلى وقوع الجريمة قبل الإذن بالتفتيش وكل ما يمتنع على المحقق هو إصدار الأمر بالتفتيش للبحث عن جريمة لم تقع ولا شك أنه في هذه الحالة التي صدر فيها الإذن بعد شهادة كل من رجال البوليس ورجل مكتب المخابرات ما يدل على وقوع جريمة الجلب الأمر الذي اعتمد عليه المحقق في إصدار إذنه الأول ثم اتبعه بإذنه الثاني كذلك وفضلاً عن ذلك فالثابت أن رجل مكتب المخدرات قد تقدم بتحرياته الأولى هو ورجل مكتب المخابرات البكباشي عبد العزيز جلال عن المتهمين وأنهم يجلبون المخدرات وأنها في طريق الوصول بأحد المراكب التركية وطلب تفتيشهم وتفتيش منزلهم وأن النيابة لما تبينت جدية التحريات التي قدمت أصدرت إذنها على أن يجري التفتيش في وقت محدد ثم صرحت بعدها وبعد انتهاء مدة الإذن الأول بإذن جديد بالتفتيش فيكون كل من إذني وكيل النيابة الأول والثاني صحيحاً منتجاً لآثاره والمحكمة تقره على هذا النظر... وحيث إنه فيما يختص بالشطر الثاني من طلب بطلان الإذن وأنه صدر ممن لا ولاية له بمقولة إن الذي أصدره هو وكيل النيابة الكلية وليس وكيل النيابة المختص الذي يتبعه قسم الجمرك حيث يقع منزل المتهمين فإن هذا القول مردود بما استقر القضاء عليه من أن وكيل النيابة الكلية يتحدد اختصاصه القضائي بدائرة محكمة الإسكندرية" لما كان ذلك وكان ما قاله الحكم وأسس عليه قضاءه بصحة إجراءات القبض والتفتيش صحيحاً في القانون ذلك بأن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة أو تأذن في إجرائه في مسكن المتهم، هو أن يكون هناك تحقيق مفتوح عن واقعة معينة تكون جناية أو جنحة وتسند إلى شخص معين بقدر يبرر تعرض التحقيق لحرمة مسكنه في سبيل كشف مبلغ اتصاله بالجريمة، وتقدير الظروف الداعية للتفتيش منوط بالنيابة العامة تحت مراقبة محكمة الموضوع وقد أقرتها هذه على ما ارتأته في الدعوى. هذا ووكلاء النيابة الكلية مختصون بالتحقيق في جميع الحوادث التي تقع في دائرة المحكمة الكلية التي هم تابعون لها شأنهم في ذلك شأن رئيس النيابة تماماً - بناء على تفويضهم منه أو ممن يقوم مقامه تفويضاً أصبح على النحو الذي استقر عليه العمل في حكم المفروض بحيث لا يستطاع نفيه إلى بنهي صريح، ولما كان الحكم قد أثبت أن التفتيش قام به ضباط مكتب المخدرات المأذون لهم بالتفتيش وهم من رجال الضبطية القضائية وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن لمأمور الضبط القضائي أن يستعين في تنفيذ أمر التفتيش الصادر إليه بغيره ممن ليسوا من رجال الضبط القضائي ما دام أن التفتيش قد تم تحت إشرافه وكان ما يقوله الطاعنون بشأن الدفع بأن إذن التفتيش صدر بعد إجراء التفتيش هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم رداً خاصاً بل يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من الحكم بالإدانة للأدلة التي أوردها، وكان الحكم قد أثبت أن إذن التفتيش صدر في الساعة الحادية عشرة وأربعين دقيقة مساء ثم ذهب معاون مكتب المخدرات يحمل الإذن إلى حيث كان الضباط من رجال مكتب المخدرات والسواحل مجتمعين قبل حضور البحري إسماعيل السعران ومعه المخدرات مما مفاده أن الإذن صدر قبل إجراء التفتيش وأن هذا الإجراء لم يكن إلا نتيجة له - وأثراً من آثاره - هذا بالإضافة إلى أن تسليم الأفيون لرجال خفر السواحل هو حالة تلبس بجريمة جلب المخدرات تخول لمأمور الضبطية القضائية - كما قال الحكم بحق - تفتيش كل من يرى اشتراكه فيها بغير حاجة إلى الحصول على إذن من النيابة العامة. لما كان ذلك وكان ما قاله الحكم صحيحاً في شأن جريمة جلب المخدرات وأنها وقعت بإرادة الطاعنين وبالترتيب الذي وضعوه لها وتمت فعلاً باستحضار المخدرات من الخارج ودخولها المياه الإقليمية وأن ما اتخذه رجال البوليس وخفر السواحل من الإجراءات لضبط المتهمين في هذه الواقعة لم يكن بقصد التحريض على ارتكابها بل كانت لاكتشافها. وليس من شأنها أن تؤثر في قيام الجريمة ذاتها.
وحيث إنه لكل ما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ساحة النقاش