لمأمور الضبط القضائي الحق في القبض على المتهم وتفتيشه متى وجدت دلائل كافية على اتهامه بجريمة إحراز مخدر تطبيقاً للمادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة التاسعة - صـ 84
جلسة 21 من يناير سنة 1958
برئاسة السيد حسن داود المستشار, وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل, ومصطفى كامل، والسيد أحمد عفيفي, وإبراهيم عثمان يوسف المستشارين.
(22)
طعن رقم 1598 سنة 27 ق
(أ) تلبس. صورة واقعة يتوفر فيها التلبس م. 3 أ ج.
(ب) تفتيش. ضبطية قضائية. وجود دلائل كافية على اتهام المتهم بجريمة إحراز مخدر. سلطة مأمور الضبطية في تفتيشه. اعتبار التفتيش صحيحاً ولو لم يسفر التحقيق عن ثبوت صحة إسناد الجريمة إلى المتهم. م 34 أ ج.
1- يكفي لقيام حالة التلبس أن يشاهد المخدر عند قدمي المتهم, فإذا وجدت لدى الضابط قرائن وأمارات كافية تفيد صلة المتهم بهذا المخدر حق له القبض عليه وتفتيشه استناداً إلى حكم المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية.
2- لمأمور الضبط القضائي الحق في القبض على المتهم وتفتيشه متى وجدت دلائل كافية على اتهامه بجريمة إحراز مخدر تطبيقاً للمادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية, ولا يشترط لصحة هذا الإجراء أنم يسفر التحقيق عن ثبوت صحة إسناد الجريمة إلى المتهم ,إذ قد يتضح انقطاع صلة المتهم بها ومع ذلك يبقى التفتيش صحيحاً منتجاً لأثره.
الوقائع
إتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: أحرز جواهر مخدرة (حشيشاً) بغير ترخيص وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً وطلبت من غرفة الاتهام إحالته على محكمة الجنايات لمحاكمته طبقاً للمواد 1 و2 و7 و33 جـ و35 من المرسوم بقانون رقم 351 سنة 1952 بالجدول رقم 1 الملحق به فصدر الأمر بذلك. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضورياً ببراءة عبد السلام عبد العزيز طلبه مما أسند إليه ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة وذلك عملاً بالمادة 30 من قانون العقوبات. فطعن رئيس نيابة الجيزة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
... حيث إن النيابة العامة تبني طعنها على الخطأ في تطبيق القانون وفي ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه قبل الدفع ببطلان تفتيش المتهم وما ترتب عليه من ضبط قطع المخدرات وآثار الحشيش التي وجدت في جيبه تأسيساً على أن قطعة الحشيش التي وجدت تحت رجليه لا تجعله متلبساً بحيازتها, على أنه لم يثبت أنها كانت معه وتخلى عنها, حتى كان يسوغ تفتيشه؛ ووجه الخطأ في قبول هذا الدفع أنه حتى مع التسليم بان رجال البوليس عندما دخلوا المقهى أبصروا بورقة ملفوفة من السلوفان تحوي مادة مشتبهاً فيها تلقى على الأرض على مقربة من المتهم وأن الورقة لم تكن في حيازته, فإن هذه الواقعة تكون جريمة متلبساً بها لأن رجال البوليس شاهدوها حال ارتكابها عقب ارتكابها ببرهة يسيرة - ما داموا قد اشتبهوا في الورقة ففضوها وتبينوا ما بداخلها وذلك بغض النظر عمن شخص مرتكب الجريمة مما تتحقق به حالة التلبس المنصوص عليها في المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية فلهم أن يأمروا بالقبض على أي متهم توجد دلائل كافية على اتهامه في تلك الجريمة كما أن لهم أن يفتشوه على أن تقدير كفاية هذه الدلائل والأمارات متروك لرجال الضبط بشرط أن يكون لهذا التقدير مبرراته فإذا كان الثابت أن الجوهر المخدر ضبط تحت رجل المتهم وبدت عليه علامات الارتباك ضد ضبط هذا المخدر فإن الإجراء الذي اتخذه رجال البوليس مع المتهم يكون صحيحاً مما كان يتعين معه على المحكمة القضاء برفض الدفع ببطلان القبض والتفتيش.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قال بياناً لواقعة الدعوى حسب تصوير الاتهام أنها تخلص في "أن اليوزباشي بهجت القاضي معاون مباحث مركز إمبابة كان يقوم بداورية ليلية بناحية المعتمدية بمركز إمبابة تضم المخبرين محمد عطية ورفاعي إسماعيل فلاحظ أن المقهى التي كان يعمل بها المتهم مضاءة وكان يجلس بها بعض الرواد فدخلوها مع معاونيه للتحري عمن يجلس بها ولمراقبة ما إذا كان مرخصاً بإدارتها فما أن دخلوها حتى لاحظ أن المتهم الذي كان يقف إلى جوار البوفيه في هذا الوقت يلقي بورقة بها حشيش بين رجليه فالتقطها وأمر المخبر محمد عطية الذي كان يرافقه بالإمساك به وتفتيشه وقد فتشه وعثر في جيب الصديري على ورقة بداخلها ثلاث قطع من الحشيش تزن 38 جراماً وقد ضبطت في المقهى جوزة للتدخين فلما ووجه المتهم بالمضبوطات ركن إلى استعطاف الضابط بقصد الإفلات عن قبضة القانون" وبعد أن ناقشت المحكمة أقوال الشهود المتقدم ذكرهم انتهت إلى تشككها في واقعة رؤية المتهم وهو يلقي بقطعة الحشيش على الأرض, وأخذت بما قرره المخبران من أنهما رأيا الحشيش تحت رجليه ورتبت على ذلك قولها "إن رواية الضابط بشأن واقعة الإلقاء يعوزها الدليل وأن المتهم لم يضبط متلبساً بإحرازه القطعة التي وجدت على أرض المقهى أو متخلياً عنها ومن ثم ينتفي المبرر القانوني لتفتيش المتهم ويكون الدفع ببطلانه في موضعه ويكون القضاء ببطلان ما ترتب عليه من إجراءات وبراءة المتهم مما أسند أليه" ولما كان الواضح من هذا الذي أورده الحكم أن المحكمة شرطت لتخويل مأمور الضبط القضائي سلطة القبض على المتهم وتفتيشه أن يثبت ضبطه متلبساً بإحراز المخدر أو أن يشاهد وهو يلقي به على الأرض وهو اشتراط غير لازم إذ يكتفي لقيام حالة التلبس في صورة الدعوى, أن يشاهد المخدر عند قدمي المتهم فيضبط فإذا وجدت لدى الضابط قرائن وأمارات كافية تفيد صلة المتهم بهذا المخدر حق له القبض عليه وتفتيشه استناداً إلى حكم المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية كذلك يكون له هذا الحق متى وجدت دلائل كافية على اتهام المتهم بتلك الجريمة تطبيقاً للمادة 34 من ذلك القانون, ولو لم تتوفر فيها حالة التلبس وتقدير كفاية القرائن والدلائل لاتخاذ الإجراءات القبض والتفتيش موكول لمأمور الضبط القضائي تحت رقابة سلطة التحقيق ومحكمة الموضوع ولا يشترط لصحة هذه الإجراءات أن يسفر التحقيق عن ثبوت صحة إسناد الجريمة إلى المتهم إذ قد يتضح انقطاع صلة المتهم بها ومع ذلك يبقى التفتيش صحيحاً منتجاً لأثره, وإذن فإن الشك في واقعة إلقاء المتهم باللفافة المحتوية على الحشيش لا يلزم عنه حتماً بطلان التفتيش الذي قام به ضابط البوليس, ولما كان ذلك فإن المحكمة إذ قضت ببطلان التفتيش استناداً إلى الأسباب التي أوردتها تكون مخطئة وقد حجبها هذا الخطأ عن البحث في تحديد مسئولية المتهم بالنسبة إلى المخدر الذي عثر عليه في جيبه مما يستوجب نقض الحكم المطعون فيه.
وحيث أنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه وإعادة المحاكمة من جديد.
ساحة النقاش