لا مصلحة للطاعن فى الجدل فيما إذا كان تخليه عن قطعة المخدر التى ألقاها على الأرض قد تم باختياره بحيث تقوم حالة التلبس التى تجيز القبض عليه وتفتيشه، أو أن إلقاءها كان وليد إجراء غير مشروع لا يجيز ذلك - طالما كان من حق رجال الضبطية القضائية إجراء هذا القبض والتفتيش بناء على الإذن بذلك الذى ثبت صدوره من النيابة فعلا.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثالث - السنة 12 - صـ 774
جلسة 9 من أكتوبر سنة 1961
برياسة السيد السيد أحمد عفيفى المستشار، وبحضور السادة: محمد عبد السلام، وعبد الحليم البيطاش، وأديب نصر حنين، ومختار مصطفى رضوان المستشارين.
(149)
الطعن رقم 550 لسنة 31 القضائية
(أ - جـ) إجراءات المحاكمة. "فقد بعض أوراق الدعوى". إحالة. تفتيش "الإذن به". إثبات.
(أ) فقد أمر الاحالة الصادر من غرفة الإتهام. ثبوت تلاوته قبل المحاكمة. مرافعة الدفاع دون المنازعة فى صدوره أو فى إعلانه به. لا بطلان.
(ب) الإذن بالتفتيش. من أعمال التحقيق. وجوب إثباته بالكتابة. هو من أوراق الدعوى.
(جـ) فقد ورقة الإذن بالتفتيش. إجراء المحكمة تحقيقا انتهت منه إلى سبق صدور الإذن فعلا. استنادها إلى الدليل المستمد منه. كل ذلك صحيح. المادة 558 أ. ج.
( د) نقض "المصلحة فى الطعن". تلبس. قبض. تفتيش.
القبض على المتهم وتفتيشه بناء على إذن من النيابة. مجادلته فى عدم توفر حالة التلبس. لا جدوى منه.
1 - الأصل فى الإجراءات أنها قد تمت صحيحة ما لم يقم دليل على خلاف ذلك، فإذا كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن أمر الإحالة تلى فى مواجهة الطاعن "المتهم" وسمعت المحكمة الشهود، وقالت النيابة إن بعض أوراق القضية قد فقدت بعد صدور قرار غرفة الإتهام، وترافع الدفاع عن الطاعن دون أن ينازع فى صحة أمر الإحالة أو فى عدم إعلانه به ودون أن يتمسك بأن النيابة لم تقدمه لغرفة الإتهام وبأن هذه لم يصدر قرار منها بإحالته إلى محكمة الجنايات ولم يطلب إجراء تحقيق فى ذلك إثباتا لهذه الدعوى، فإن ما يثيره الطاعن من قالة وقوع بطلان فى الإجراءات أثر فى الحكم يكون على غير أساس.
2 - الإذن بالتفتيش عمل من أعمال التحقيق التى يجب إثباتها بالكتابة، وبالتالى فهو ورقة من أوراق الدعوى.
3 - العبرة فى صحة إذن التفتيش أن يثبت صدوره بالكتابة. فإذا كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الإذن قد صدر فعلا من وكيل النيابة المختص بناء على التحريات التى أجراها البوليس وأنه اختفى بعد ذلك من ملف الدعوى إما لضياعه أو لسبب آخر لم يكشف عنه التحقيق، فإن ما استظهرته المحكمة من سبق صدور الإذن بعد أن أجرت التحقيق بنفسها فى هذا الخصوص، هو من صميم سلطتها التقديرية وتكون قد أصابت فيما انتهت إليه من رفض الدفع ببطلان التفتيش وبالتالى فى استنادها إلى الدليل المستمد منه.
4 - لا مصلحة للطاعن فى الجدل فيما إذا كان تخليه عن قطعة المخدر التى ألقاها على الأرض قد تم باختياره بحيث تقوم حالة التلبس التى تجيز القبض عليه وتفتيشه، أو أن إلقاءها كان وليد إجراء غير مشروع لا يجيز ذلك - طالما كان من حق رجال الضبطية القضائية إجراء هذا القبض والتفتيش بناء على الإذن بذلك الذى ثبت صدوره من النيابة فعلا.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه حاز وأحرز جواهر مخدرة "أفيونا" فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت إلى غرفة الإتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1 و 2 و 33/ جـ وأخيرة و 35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبند / 1 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون. فقررت بذلك. ومحكمة الجنايات قضت حضوريا عملا بمواد الإتهام عدا المادة 33 فبدلا منها المادة 34 بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات وبغرامة قدرها خمسمائة جنيه ومصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة. وذلك على اعتبار أن الإحراز كان بقصد التعاطى والاستعمال الشخصى. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض الخ... .
المحكمة
... وحيث إن مبنى الوجه الأول من أوجه الطعن هو وقوع بطلان فى الإجراءات أثر فى الحكم، ذلك أن الدعوى الجنائية قد أقيمت بغير الطريق الذى رسمه القانون إذ تفتقر الأوراق إلى الدليل على سابقة صدور أمر من غرفة الإتهام معلن للطاعن بإحالة الدعوى إلى محكمة الجنايات بور سعيد ولا عبرة بوجود صورة من تقرير الإتهام مرفقة بالأوراق إذ أن هذه الصورة لم تصدر عن أحد أعضاء النيابة بل أنشئت بمعرفة كاتب الجلسة استخلاصا من جدول النيابة فى تاريخ لاحق لنظر الدعوى أمام المحكمة.
وحيث إن الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن أمر الإحالة تلى فى مواجهة الطاعن وسمعت المحكمة الشهود وقالت النيابة إن بعض أوراق القضية قد فقدت بعد صدور قرار غرفة الإتهام وترافع الدفاع عن الطاعن دون أن ينازع فى صحة أمر الإحالة أو فى عدم إعلانه به. لما كان ذلك، وكان الأصل فى الإجراءات أنها قد تمت صحيحة ما لم يقم دليل على خلاف ذلك، وكان الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بأن النيابة لم تقدمه لغرفة الإتهام وبأن هذه لم يصدر قرار منها بإحالته إلى محكمة الجنايات ولم يطلب إجراء تحقيق فى ذلك إثباتا لهذه الدعوى، فإن هذا الوجه من الطعن يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل الوجه الثانى من أوجه الطعن أن الحكم المطعون فيه قد شابه فساد فى الاستدلال وقصور فى التسبيب كما أخطأ فى القانون، إذ تمسك الطاعن ببطلان التفتيش لحصوله بغير إذن من النيابة فرفض الحكم هذا الدفع قولا منه بأن إذن التفتيش كان قائما فى الدعوى، وفاته أنه يلزم لصحة الإذن أن يكون ثابتا بالكتابة ومن ثم فلا يشمله حق المحكمة المقرر فى المادة 558 من قانون الإجراءات الجنائية من إعادة التحقيق فيما فقد من الأوراق. كما أن الحكم لم يبين علة اطراحه دفاع الطاعن بشأن تلفيق التهمة. وما أثبته الحكم فى رفض الدفع ببطلان التفتيش من أن تخلى الطاعن عن المخدر كان تلقائيا غير صحيح إذ يتعارض مع ما قرره الشهود من أنهم داهموا الطاعن فألقى بالمخدر ومؤدى ذلك أن هذا التخلى لم يصدر عن اختيار بل عن إكراه تحت تأثير الخوف.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فى قوله "إنه ترامى إلى علم الملازم أول منير وهبة ضابط مكتب المخدرات ببور سعيد وثبت له من تحرياته السرية التى أيدت معلوماته أن المتهم يحرز مواد مخدرة ويخفيها بمسكنه فاستصدر إذنا من النيابة بتفتيشه وتفتيش مسكنه وأرسل إلى هذا المسكن الكونستابل محمد الغريب الشهاوى ومعه الجاويش السيد الأبجى للتحفظ عليه ريثما يقوم هو بتفتيش المتهم نفسه فدخلا المنزل وحالا بين زوجة المتهم وبين دخول إحدى الحجرات بينما بحث الملازم أول منير وهبة ومعه الأومباشى سيد ياقوت عن المتهم حتى عثرا عليه فى ضحى يوم الواقعة جالسا على كرسى عند تقاطع شارع كسرى والوفائية وكانت يده اليمنى مطبقة ولما شعر باقترابهما منه ألقى من يده خلف الكرسى الذى كان يجلس عليه لفافة التقطها الضابط فوجد بها قطعة من الأفيون ولما فتشه عثر بجيبه على مطواة بها آثار الأفيون، ثم قاده إلى منزله حيث وجد الكونستابل والجاويش سالفى الذكر متحفظين على زوجة المتهم فى طرقة مسكنه وقام الضابط بتفتيش حجرة نوم المتهم فوجد بها كيسا بداخله لفافتان من الأفيون كان موضوعا تحت خشبة السرير كما عثر فى درج الكومودينو على مطواة كبيرة ملوثة بمادة الأفيون، وأتم تفتيش باقى المنزل فلم يجد به شيئا وقبض على المتهم وأبلغ النيابة فتولت التحقيق". ثم عرض للدفع ببطلان التفتيش لعدم وجود إذن مكتوب به فقال "وبما أن الدفع المتقدم مردود من وجهين أولهما أنه لا محل للمحاجة باختفاء إذن التفتيش فى معرض الحديث عن قطعة الأفيون التى ضبطت مع المتهم على إثر إلقائه إياها من يده عند مقهى رضوان على النحو الذى عرضته المحكمة فيما تقدم لأن الثبوت عليه فى خصوصها إنما قامت دعائمه تلقائيا بفعله هو وحده دون أن يكون ذلك نتيجة للتفتيش الذى لم يكن قد وقع عليه بعد، ذلك أنه بإلقائه تلك القطعة من يده عند رؤيته رجال الشرطة أنشأ حالة تلبس خولتهم الحق فى القبض عليه وبالتالى تفتيشه بعد التقاط القطعة التى ألقاها واستبانة أمرها فأسفر ذلك التفتيش عن ضبط مطواة فى أحد جيوبه أثبت بالتحليل الكيماوى تلوثها بمادة الأفيون. وبما أن الوجه الثانى من وجهى الرد الخاص بالأفيون والمضبوطات الأخرى التى عثر عليها رجال الشرطة فى منزل المتهم عقب ضبطه متلبسا بإحراز القطعة الأولى عند مقهى رضوان فقد كان ضبط الأفيون فى منزله نتيجة تفتيش صحيح كان لرجال الشرطة الحق فى إجرائه استنادا إلى أساسين قانونيين أولهما استمده أولئك الرجال من حالة التلبس التى قامت بالمتهم قبل دقائق من وقوع التفتيش فى منزله وثانيهما كونهم كان مصرحا لهم بإجرائه من السلطة التى تملك الإذن به وهذا الأساس الثانى هو الذى دفع المتهم فى الجلسة بإنكاره وعدم وجوده. وبما أن المحكمة فى سبيل التثبت من سبق صدور أو عدم صدور إذن من النيابة بتفتيش المتهم ومسكنه عمدت إلى استخدام حقها المقرر فى القانون فأجرت التحقيق بنفسها فى هذا الخصوص واستظهرت منه باطمئنان يقينى من الوجهة الموضوعية أن النيابة المختصة أصدرت إذن خول الملازم منير وهبة حق تفتيش شخص المتهم ومسكنه لضبط ما يحرزه من مخدرات وقد ضرب له ذلك الإذن أجلا غايته أسبوع يبدأ من تاريخ صدوره فأجراه فى خلال الأجل المحدد له وذلك أخذا بما قاله الضابط المذكور فى الجلسة، وقد ثبت للمحكمة أيضا من أقواله المؤيدة بما ذكرته النيابة فى الجلسة أن إذن التفتيش ظل مرفقا بأوراق القضية حتى صدر قرار غرفة الإتهام بإحالة المتهم إلى محكمة الجنايات وأرسلت القضية إلى قلم النسخ بمحكمة استئناف المنصورة، ثم طلبت ثانية لنيابة بور سعيد ولما أعيدت بعد ذلك إلى المنصورة اكتشف المختصون هناك فقد بعض أوراقها ومنها إذن التفتيش بدليل أن أصل تقرير الإتهام نفسه قد فقد وأرفقت النيابة صورة رسمية منه منقولة عن دفتر القيد". ثم عرض الحكم لدفاع المتهم الموضوعى فقال "إن المحكمة لا تعول عليه ولا على إنكاره التهمة المنسوبة إليه وذلك اطمئنانا منها لسلامة أدلة الثبوت التى عرضتها فيما تقدم".
وحيث إن إذن التفتيش هو عمل من أعمال التحقيق التى يجب إثباتها بالكتابة وبالتالى فهو ورقة من أوراق الدعوى. ولما كان قانون الإجراءات الجنائية قد خول فى المادة 558 منه لمحكمة الموضوع متى كانت القضية مرفوعة أمامها أن تتولى هى إجراء ما تراه من التحقيق بشأن فقدها. ولما كانت العبرة فى صحة الإذن أن يثبت صدوره بالكتابة، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الإذن بالتفتيش قد صدر فعلا من وكيل النيابة المختص بناء على التحريات التى أجراها البوليس وأنه اختفى بعد ذلك من ملف الدعوى إما لضياعه أو لسبب آخر لم يكشف عنه التحقيق. ولما كان ما استظهرته المحكمة فيما سبق هو من صميم سلطتها التقديرية، وكان الأصل فى الإجراءات الصحة، فإن المحكمة تكون قد أصابت فيما انتهت إليه من رفض الدفع ببطلان التفتيش وبالتالى فى استنادها إلى الدليل المستمد منه. لما كان ما تقدم، فإنه لا مصلحة للطاعن فى الجدل فيما إذا كان تخليه عن قطعة الأفيون التى ألقاها على الأرض قد تم باختياره بحيث تقوم حالة التلبس التى تجيز القبض عليه وتفتيشه أو أن إلقاءها كان وليد إجراء غير مشروع ولا يجيز ذلك طالما كان من حق رجال الضبطية القضائية إجراء هذا القبض والتفتيش بناء على هذا الإذن الذى ثبت صدوره فعلا. لما كان كل ذلك، وكان الحكم التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها وكان من سلطة محكمة الموضوع أن تقدر الأدلة المطروحة عليها وأن تأخذ بما تطمئن إليه منها بغير أن تكون ملزمة بأن ترد على كل جزئية من جزئيات الدفاع فإن ما يثيره الطاعن بشأن اطراح دفاعه الموضوعى هو جدل لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه بناء على ذلك يكون النعى على الحكم برمته على غير أساس مما يتعين معه رفض الطعن موضوعا.
ساحة النقاش