ثبوت بطلان القبض والتفتيش الحكم بالإدانة استنادا إلى عناصر إثبات أخرى، لا يتصور لها وجود لولا وقوع التفتيش الباطل ذلك حكم معيب يستوجب النقض، والقضاء بالبراءة مثال مواد مخدرة.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثالث - السنة 13 - صـ 785
جلسة 27 من نوفمبر سنة 1962
برياسة السيد/ محمود متولى عتلم نائب رئيس المحكمة, وبحضور السادة المستشارين: محمود حلمى خاطر، وعبد الحليم البيطاش، ومختار رضوان، ومحمد صبرى.
(191)
الطعن رقم 1177 لسنة 32 القضائية
قبض. تفتيش. إثبات "بوجه عام. اعتراف". حكم "تسبيبه. ما يعيبه". نقض "حالاته".
ثبوت بطلان القبض والتفتيش. الحكم بالإدانة استنادا إلى عناصر إثبات أخرى، لا يتصور لها وجود لولا وقوع التفتيش الباطل. ذلك حكم معيب. يستوجب النقض، والقضاء بالبراءة. مثال. مواد مخدرة.
إقرار المتهم بأن المخدر ضبط بالسلة التى كانت معه. ذلك لا يعد اعترافا منه بحيازته أو إحرازه له. ولا يعدو أن يكون تقريرا لما نتج عن التفتيش الباطل.
إذا كان الحكم المطعون فيه بعد أن انتهى إلى بطلان القبض على الطاعن وتفتيشه قضى بإدانته قولا منه إنه يستند فى ذلك إلى عناصر الإثبات الأخرى المستقلة عن القبض والتفتيش والمؤدية إلى ذات النتيجة التى أسفر عنها، معتمدا فى ذلك على أقوال اثنين من الشهود قررا بأن الطاعن هو صاحب السلة المضبوطة وأنه كان يحملها على ركبته، وأن الضابط أخرج منها ومن جيوبه المخدرات المضبوطة، وإلى ما قرره الطاعن فى تحقيق النيابة من أن المواد المخدرة قد ضبطت بتلك السلة، وإلى ما أسفر عنه تقرير التحليل من أن المادة المضبوطة حشيش وأفيون، وما تبين منه من وجود فتات من الحشيش بجيوب صديرى الطاعن وآثار بالكيس الذى كان بالسلة. لما كان ذلك، وكانت شهادة الشاهدين التى استندت عليها المحكمة فى قضائها بالإدانة لا تخرج عن أن تكون تقريرا لما كشف عنه القبض والتفتيش الباطلان وتأكيدا له، ولا يمكن أن يتصور لها وجود لولا وقوع التفتيش الباطل الذى أسفر عن وجود المخدر، وكان ما قرره الطاعن من العثور على المخدر فى السلة لا يعد اعترافا منه بحيازته أو إحرازه له ولا يعد أن يكون تقريرا لما نتج عن التفتيش الباطل، كما أن نتيجة التحليل أثر من آثار ذلك التفتيش الباطل، وإذ انهارت هذه الأدلة فإنه لا يبقى فى الدعوى دليل على نسبة إحراز المخدر إلى الطاعن ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه، إذ قضى بالإدانة استنادا إلى تلك الأدلة رغم قضائه ببطلان القبض والتفتيش، يكون معيبا ويتعين نقضه والقضاء ببراءة الطاعن من التهمة المسندة إليه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 13 يناير سنة 1960 بدائرة مركز دمنهور محافظة البحيرة: أحرز جواهر مخدرة "حشيشا وأفيونا" فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت من غرفة الإتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1 و2 و33/ جـ و35 من المرسوم بقانون 351 لسنة 1952 والبندين 1 و12 من الجدول المرفق. فقررت الغرفة ذلك. ولدى نظر الدعوى أمام محكمة جنايات دمنهور دفع الحاضر عن المتهم ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل إذن النيابة. وبتاريخ 19 يناير سنة 1961 قضت محكمة الجنايات حضوريا عملا بالمواد 1 و2 و7 و34 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والجدول الملحق به - باعتباره القانون الأصلح للمتهم وذلك تطبيقا للمادة الخامسة من قانون العقوبات - بمعاقبة المتهم "الطاعن" بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وبتغريمه ثلاثة آلاف جنيه وبمصادرة المادة المخدرة المضبوطة. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو الفساد فى الاستدلال، ذلك أن الحكم المطعون فيه انتهى إلى إدانة الطاعن رغم ما شاب اجراءات التفتيش من بطلان يوجب استبعاد كل دليل مستمد منها، إذ أن ضبط المخدر بالسلة كان نتيجة القبض والتفتيش الباطلين، أما شهادة الشاهدين أحمد ابراهيم الشامى وسعيد أحمد كدش فلا تعدو أن تكون تقريرا لما أسفر عنه الاجراء الباطل كما أن إقرار الطاعن فى محضر النيابة لا يصلح دليلا عليه ما دام الحكم انتهى إلى بطلان الاجراءات التى اتخذت قبله، وفضلا عن أنه لم يقر بوجود السلة معه بل قرر أن السلة وجدت بالجزء الخلفى من السيارة، وأما قوله إن الضابط أخرج منها المخدر المضبوط فلا يعدو أن يكون بدوره تقريرا لما ظهر من التفتيش الباطل، أما الآثار الموجودة بجيب الصديرى وبالكيس الذى كان يحوى المخدر، فإن كشفها كان نتيجة الاجراءات الباطلة.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن انتهى إلى بطلان القبض على الطاعن وتفتيشه قضى بإدانته قولا منه إنه يستند فى ذلك إلى عناصر الاثبات الأخرى المستقلة عن القبض والتفتيش والمؤدية إلى ذات النتيجة التى أسفر عنها، معتمدا فى ذلك على شهادتى أحمد ابراهيم الشامى قائد السيارة التى كانت تقل المتهم والراكب سعيد أحمد كدش من أن الطاعن هو صاحب السلة المضبوطة، وأنه كان يحملها على ركبته، وأن الضابط أخرج منها ومن جيوبه المخدرات المضبوطة، وإلى ما قرره الطاعن فى تحقيق النيابة من أن المواد المخدرة المضبوطة قد ضبطت بتلك السلة التى ثبت من شهادة الشاهدين أنه صاحبها، وإلى ما أسفر عنه تقرير المعمل الكيماوى عن أن المادة المضبوطة حشيش وأفيون، وما تبين منه من وجود فتات من الحشيش بجيوب صديرى الطاعن وآثار بالكيس الذى كان بالسلة.
وحيث إنه لما كانت شهادة الشاهدين التى استندت عليها المحكمة فى قضائها بالادانة لا تخرج عن أن تكون تقريرا لما كشف عنه القبض والتفتيش الباطلان اللذان وقعا على الطاعن وتأكيدا له ولا يمكن أن يتصور لها وجود لولا وقوع التفتيش الباطل الذى أسفر عن وجود المخدر، وكان ما قرره الطاعن من العثور على المخدر فى السلة لا يعد اعترافا منه بحيازته أو إحرازه له ولا يعدو أن يكون تقريرا لما نتج عن التفتيش الباطل، كما أن نتيجة التحليل أثر من آثار ذلك التفتيش الباطل، وإذ انهارت هذه الادلة فإنه لا يبقى فى الدعوى دليل على نسبة جريمة احراز المخدر إلى الطاعن - لما كان ذلك، فان الحكم المطعون فيه اذ قضى بالإدانة استنادا إلى تلك الأدلة رغم قضائه ببطلان القبض والتفتيش يكون معيبا ويتعين لذلك نقضه والقضاء ببراءة الطاعن من التهمة المسندة إليه مع مصادرة المخدرات المضبوطة.
ساحة النقاش