إغفال الحكم ما تضمنه إذن التفتيش عن تفتيش متهمين آخرين لا علاقة لهم بالدعوى. لا عيب.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 19 - صـ 124
جلسة 5 من فبراير سنة 1968
برياسة السيد المستشار/ محمد محفوظ، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الوهاب خليل، وحسين سامح، ومحمود العمراوي، ومحمود عطيفه.
(23)
الطعن رقم 1919 لسنة 37 القضائية
(أ، ب، ج، د، هـ، و، ز) تفتيش. "إذن التفتيش. إصداره. تنفيذه". دفوع. "الدفع ببطلان إجراءات التفتيش". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة.
( أ ) إذن التفتيش. بياناته؟ النص فيه على تحديد نطاق تنفيذه بدائرة الاختصاص المكاني لمصدره. غير واجب.
(ب) لأي مأمور ضبط قضائي تنفيذ الإذن طالما لم يعين مأموراً بعينه.
(ج) عدم تعيين الإذن اسم المأذون له بإجراء التفتيش. لا يعيبه.
(د) إصدار سلطة التحقيق الإذن لمن قام بالتحريات. غير واجب.
(هـ) رئيس مكتب المخدرات. الأشخاص الذين يحق له الاستعانة بهم في إجراء التفتيش.
(و) الدفع ببطلان التفتيش لعدم جدية التحريات. طبيعته: دفع قانوني مختلط بالواقع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(ز) تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش. أمر موضوعي موكول الأمر فيه إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع.
(ح) مأمورو الضبط القضائي. مواد مخدرة.
لمديري مكافحة المخدرات وأقسامها وفروعها ومعاونيها من الضباط والكونستبلات والمساعدين الأول والثانيين صفة مأموري الضبطية القضائية في جميع أنحاء الجمهورية في الجرائم المنصوص عليها في القانون 182 لسنة 1960.
(ط) تحقيق. نيابة عامة. اختصاص. "اختصاص وكلاء النيابة الكلية".
اختصاص وكلاء النيابة الكلية بتحقيق جميع الحوادث التي تقع بدائرة المحكمة الكلية التي يتبعونها.
(ى) اختصاص. تفتيش. "إذن التفتيش. إصداره".
الاختصاص بإصدار إذن التفتيش يتحدد بمكان وقوع الجريمة أو بمحل إقامة المتهم أو بالمكان الذي يضبط فيه. المادة 217 إجراءات.
(ك) اختصاص. تفتيش. "إذن التفتيش. تنفيذه". مأمورو الضبط القضائي. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثارة أمر انحسار اختصاص الضابط المحلي عن الامتداد إلى مكان الضبط لأول مرة أمام محكمة النقض. غير مقبول.
(ل) جريمة. "الجريمة المستمرة". مواد مخدرة.
جريمة إحراز أو حيازة المخدر من الجرائم المستمرة.
(م) إثبات. "إثبات بوجه عام". بطلان. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
ثبوت قيام الضابط بإجراء باطل. عدم قبول الشهادة منه عليه.
(ن) إثبات. "إثبات بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
ليس للقاضي القضاء بعلمه وإنما له الاستناد إلى المعلومات العامة.
(س، ع) دفاع. "الإخلاص بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "معاينة".
(س) الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته: هو الطلب الجازم.
(ع) طلب المعاينة الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه. ماهيته؟
(ف، ص، ق، ر، ش) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب" إثبات. "شهود".
(ف) عدم التزام المحكمة ببيان مؤدى أقوال الشهود إلا إذا كانت قد استندت إليها في حكمها بالإدانة.
(ص) إحالة الحكم في إيراد أقوال الشاهد على ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت أقوالهما متفقة فيما أستند إليه.
(ق) لمحكمة الموضوع استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة وإطراح ما يخالفها من صور أخرى.
(ر) أخذ المحكمة بشهادة شاهد يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
(ش) لمحكمة الموضوع الاعتماد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وإطراح ما عداها.
(ت، ث) حكم. "تسبيبه. ما لا يعيب الحكم في نطاق التدليل". تفتيش.
(ت) الخطأ في الإسناد. لا يعيب الحكم. طالما أنه لا أثر له في منطقه.
(ث) إغفال الحكم ما تضمنه إذن التفتيش عن تفتيش متهمين آخرين لا علاقة لهم بالدعوى. لا عيب.
1 - لم يشترط القانون شكلاً معيناً لإذن التفتيش ولم يوجب النص فيه على تحديد نطاق تنفيذه بدائرة الاختصاص المكاني لمصدره، وكل ما يتطلبه القانون في هذا الصدد أن يكون الإذن واضحاً ومحدداً بالنسبة إلى تعيين الأشخاص والأماكن المراد تفتيشها وأن يكون مصدره مختصاً مكانياً بإصداره وأن يكون مدوناً بخطه وموقعاً عليه بإمضائه.
2 - الأصل أنه لا يقدح في صحة التفتيش أن ينفذه أي واحد من مأموري الضبط القضائي إذا كان الإذن لم يعين مأموراً بعينه.
3 - لا يعيب الإذن عدم تعيين اسم المأمور له بإجراء التفتيش.
4 - لم يقيد القانون سلطة التحقيق في وجوب إصدار الإذن لمن قام بالتحريات بل ترك الأمر في ذلك لمطلق تقديرها.
5 - لرئيس مكتب المخدرات الحق في أن يستعين في إجراء التفتيش بمن يرى مساعدته فيه من معاونيه ولو لم يكونوا من رجال الضبط ما داموا يعملون تحت إشرافه.
6 - الدفع ببطلان التفتيش لعدم جدية التحريات من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع وهي لا تجوز إثارتها لأول مرة محكمة النقض لأنها تقتضى تحقيقاً موضوعياً لا شأن لمحكمة النقض به.
7 - تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع. فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
8 - جعلت المادة 49 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها - لمديري إدارة مكافحة المخدرات وأقسامها وفروعها ومعاونيها من الضباط والكونستبلات والمساعدين الأول والمساعدين الثانيين صفة مأموري الضبطية القضائية في جميع أنحاء الجمهورية في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون. ومن ثم فإن صح قول الطاعنين ببدء وقوع جريمة نقل الجواهر المخدرة بدائرة محافظة القاهرة فإن ذلك لا يخرج الواقعة عن اختصاص رئيس مكتب مكافحة المخدرات بسوهاج الذي أسهم في التحريات التي بني عليها صدور الإذن بمعاونة رئيس وحدة التحريات بالمكتب المذكور.
9 - لوكلاء النيابة الكلية اختصاص شامل في تحقيق جميع الحوادث التي تقع بدائرة المحكمة الكلية التي يتبعونها.
10 - الاختصاص بإصدار إذن التفتيش كما يتحدد بمكان وقوع الجريمة يتحدد أيضا بمحل إقامة المتهم وكذلك بالمكان الذي يضبط فيه وذلك وفقاً لنص المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية.
11 - لا يقبل من الطاعن إثارة أمر انحسار اختصاص الضابط المحلي عن الامتداد إلى مكان الضبط لأول مرة أمام محكمة النقض.
12 - جريمة إحراز أو حيازة المخدر من الجرائم المستمرة.
13 - الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه، ولا يكون ذلك إلا عند قيام البطلان وثبوته. ومتى كان لا بطلان فيما قام به الضابطان فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي عولت على أقوالهما ضمن ما عولت عليه في إدانة الطاعنين.
14 - لا يجوز للقاضي أن يقضي بعلمه، وإنما له أن يستند في قضائه إلى المعلومات العامة التي يفترض في كل شخص أن يكون ملماً بها مما لا تلتزم المحكمة قانوناً ببيان الدليل عليه.
15 - الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الصريح الجازم.
16 - طلب المعاينة الذي لا يتجه إلى نفى الفعل المكون للجريمة أو إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود بل المقصود به إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة طبقاً للتصوير الذي أخذت به يعتبر دفاعاً موضوعياً، لا يستلزم رداً صريحاً من المحكمة بل يكفى أن يكون الرد عليه مستفاداً من الحكم بالإدانة.
17 - لا تكون المحكمة مطالبة ببيان مؤدى أقوال الشهود إلا إذا كانت قد استندت إليها في حكمها بالإدانة، أما إذا لم تعتمد على شيء من تلك الأقوال فإنها لا تكون مكلفة بأن تذكر عنها شيئاً ومن ثم فإن عدم إيراد المحكمة لمؤدى أقوال الشاهد لا يعيب الحكم طالما أنها قد أفصحت في مدونات حكمها عن كفاية الأدلة التي أوردتها لحمل قضائها بالإدانة إذ أن تقدير الدليل موكول إليها.
18 - لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشاهد على ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهما متفقة فيما استند إليه الحكم.
19 - الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
20 - الأصل أنه متى أخذت المحكمة بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
21 - لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها، وفي عدم إيراد الحكم لتفصيلات معينة اختلف فيها الشهود ما يفيد إطراحها.
22 - الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم طالما أنه لا أثر له في منطقه.
23 - لا يعيب الحكم إغفال ما تضمنه إذن التفتيش عن تفتيش متهمين آخرين لا علاقة لهم بالدعوى.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في يوم 6 مارس سنة 1966 بدائرة مركز طما محافظة سوهاج: نقلا جواهر مخدرة "أفيوناً وحشيشاً" وكان ذلك بقصد الإنجاز في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 1 و2 و7/ 1 و34/ 1 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 206 لسنة 1960 والبندين 1 و12 من الجدول رقم 1 المرفق، فقرر بذلك. ومحكمة جنايات سوهاج قضت حضورياً بتاريخ 13 فبراير سنة 1967 عملاً بالمواد 1 و2 و37 و38 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 206 لسنة 1960 بعد أن عدلت وصف التهمة وجعلتها نقل جواهر مخدرة "أفيوناً وحشيشاً" بغير قصد الاتجار أو التعاطي بمعاقبة المتهم الأول بالسجن مدة خمسة عشر عاماً وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه وبمعاقبة المتهم الثاني بالسجن مدة خمس سنوات وتغريمه ألف جنيه مع مصادرة المواد المخدرة المضبوطة والسيارة المضبوطة المستعملة في الحادث. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة نقل جواهر مخدرة بغير قصد الاتجار أو التعاطي قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه مسخ للوقائع الثابتة في الأوراق وعابه خطأ في الإسناد وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع ذلك بأن الحقائق الثابتة في الأوراق ومنها حالة وشكل الورقة التي حرر عليها إذن التفتيش والورقة التي حرر عليها محضر التحريات تدل على تلفيق إجراءات القبض والتفتيش وصدور الإذن بهما في تاريخ لا حق لحصولهما ورغم إثارة ذلك في دفع أمام المحكمة فإنها أطرحته بما لا يبرر رفضه بل هي أفصحت عن خطئها في تفهم الدفع والأساس الذي بني عليه ثم لا يغير من ذلك ما شهد به المقدم كمال الدين حسن الشيخ رئيس مكتب مكافحة المخدرات بسوهاج في هذا الخصوص، هذا فضلاً عن أن أقوال المقدم حسين عثمان الرميلي مدير إدارة البحث الجنائي بسوهاج تشهد بانعدام التحريات وأن الإذن لم يكن مسبوقاً بتحريات جدية ثم إن الإذن ذاته خلا من الإشارة إلى صدوره بمنزل وكيل النيابة ولم يقل دليل في الأوراق على أنه حرر في يوم عطلة ثم إن كيفية تنفيذ الإذن والتراخي فيه يكشف عن مدى تلفيق محضري التحريات والضبط. كما أن الطاعنين تمسكا ببطلان الإذن لصدوره عن جريمة مستقلة وخارجا عن دائرة اختصاص وكيل النيابة الآذن به إلا أن المحكمة ردت عليه بأسباب غير سائغة. هذا فضلاً عن العوار الذي شاب الإذن من الناحية الشكلية ومن ناحية كيفية تنفيذه ثم إن اشتراك الضابطين محمد توفيق فيهم وعادل رشدي السواح اللذان ينحسر اختصاصهما المحلي عن الامتداد إلى مكان الضبط مما يبطل إجراءات القبض والتفتيش التي تمت في الدعوى. كما أن ما أورده الحكم من أن المقدم كمال الدين حسن الشيخ قد شهد بأن الإذن صدر لضبط الطاعن الأول وتفتيشه وتفتيش سيارته عند مروره بها بدائرة محافظة سوهاج لا يسانده الثابت في الأوراق ويخالف ما ورد بالإذن من صدوره شاملاً تفتيش متهمين آخرين علاوة على تفتيش سيارة الطاعن الأول. كما أن الحكم أسند إلى المقدم حسين عثمان الرميلي مدير إدارة البحث الجنائي أنه قال "أن المتهم الأول سيقوم بنقل المخدرات خلال يومين أو ثلاثة" مع أنه لم يرد في أقواله شيء من ذلك بل قرر صراحة بأن ميعاد حضور السيارة لم يكن معروفاً لديه على وجه التحديد هذا وأن الحكم لم يورد مؤدى أقوال ذلك الشاهد على الرغم من أنه ذكرها في عداد أدلة الإدانة عند حصرها وأخطأ الحكم أيضاً إذ أورد أن الشاهد النقيب عادل رشدي السواح شهد بالوقائع السالفة على النحو الوارد بشهادة الشهود السابقين وأن الملازم أول علي محمد الصادق شهد بما يتفق مع تفاصيل شهادة الشهود السابقين في حين أن أقوالهما مخالفة لما شهد به الشهود السابقون من وقائع جوهرية سردها الطاعنان في أسباب طعنهما. كما أن الحكم أخذ بأقوال المقدم رئيس مكتب المخدرات قضية مسلمة على الرغم من قيام الدلائل على فساد روايته ثم إنه دان الطاعن الثاني على الرغم من خلو الأوراق مما يرشح إلى إدانته، هذا وأن الحكم جاء قاصراً في استظهار علم الطاعن الثاني بكنه المواد المخدرة المضبوطة وأن قول رئيس مكتب المخدرات المذكور بأنه اشتم رائحة المخدرات لأنها كانت نافذة ينال منه مسار الريح واتجاهه بالنسبة إلى مكان وقوفه ورغم أن الطاعن الثاني تمسك في دفاعه بكل ذلك إلا أن المحكمة التفتت عنه ولم ترد عليه وكان يتعين الاستعانة في هذا الشأن برأي خبير حتى يمكن التثبت من هذه الرائحة ثم إن الطاعنين عابا على التحريات أنها قامت على بيانات وهمية إذ لم يثبت وجود من يسمى رفاعي محمد نجيب في بلدة الحريرية مركز المراغة وهو ما يكفي لبطلان التحريات. كما أن المدافع عن الطاعنين طلب إجراء معاينة لمكان الضبط لتحقيق حالة الضوء لإمكان رؤية السيارة ورقمها عند الكمين الأول إلا أن المحكمة لم تستجب إلى هذا الطلب وأطرحته بما لا يبرر رفضه - كما أن ما رد به الحكم على دفاع الطاعنين في خصوص وجود أكثر من طريق يوصل إلى طما غير الطريق المسدود الذي كمن فيه الشهود للسيارة لا سند له في الأوراق وينطوي على قضاء القاضي في الدعوى بعلمه مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة نقل جواهر مخدرة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها لديه في حقهما أدلة سائغة استقاها من أقوال المقدم كمال الدين حسن الشيخ رئيس مكتب مكافحة المخدرات بسوهاج والملازم أول شفيق إبراهيم جمعة رئيس وحدة التحريات بالمكتب المذكور والرائد محمد توفيق فهيم رئيس وحدة تنفيذ الأحكام بإدارة البحث الجنائي بسوهاج والنقيب عادل رشدي السواح قائد ثاني بشرطة النجدة بسوهاج والملازم أول على محمد الصادق ضابط مباحث مركز طما ومن المعاينة ومن تقرير التحليل وهي أدلة سائغة لها أصولها الثابتة في الأوراق من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من نتيجة وبعد أن حصل الحكم دفاع الطاعنين القانوني والموضوعي بما يدل على إلمام المحكمة بهما إلمام المحكمة بهما إلماماً يدل على عدم تغيب شيء منهما عنها طبقاً لما هو مدون بمحضر الجلسة عرض إلى هذا الدفاع في شقة القانوني ورد عليه في قوله: "وحيث إن دفاع المتهمين مردود بأنه لم يقم أي دليل على استصدار إذن التفتيش بعد ضبط المتهمين إذ أن الثابت أن الإذن قد صدر بتوقيع وكيل نيابة سوهاج الكلية الأول في الساعة 1 و15 ظهر يوم 4 مارس سنة 1966 أي قبل يوم الضبط ومجرد تحرير الإذن على القسم الثاني من الورقة المحرر عليها محضر التحريات لا يفيد صدور الإذن بعد الضبط وقد جرت العادة على تحريره على محاضر التحريات وليس فيه مخالفة لنص أو تعليمات كما أن الضبط كان الساعة 12 و20 صباحاً والإخطار كان الساعة 3 صباحاً فلم يحصل أي تأخير في الإبلاغ خاصة وأن كمية المخدرات المضبوطة كمية كبيرة يحتاج فرزها لبعض الوقت كما أن الإذن بالتفتيش صدر صحيحاً وعن جريمة وقعت فعلاً قبل إصدار الإذن من النيابة حيث الثابت من محضر تحريات الشرطة أن المخدرات كانت قد سلمت فعلاً المتهم الأول لنقلها وأصبحت في حيازته لهذا السبب فتوافرت بذلك الجريمة التي يجوز إصدار الإذن بتفتيش مرتكبها وصدر الإذن من وكيل نيابة سوهاج الكلية وتم التفتيش في دائرة اختصاصه صحيحاً مما يدعو المحكمة للالتفات عن الدفع ببطلان التفتيش والإذن الصادر به المبدى من الدفاع عن المتهمين كما أنه لم يقم دليل على أن الجريمة مختلفة حسبما قال به الدفاع لأنها ثبتت نتيجة لتفتيش المتهم الأول وسيارته بعد صدور الإذن بذلك التفتيش مما لا يفيد اختلاق التهمة وكان من الضروري حصول تلك المبادرة لضبط المخدرات عند نقلها..." لما كان ذلك، وكان واضح من مدونات الحكم أن الجريمة التي دان الطاعنين بها قد وقعت حين أصدرت النيابة العامة إذنها بالقبض والتفتيش وكان ما أورده الحكم من ذلك سائغ وله سنده في أوراق الدعوى فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا يقبل أمام محكمة النقض... لما كان ذلك، وكانت جريمة إحراز أو حيازة المخدر من الجرائم المستمرة وكانت المادة 49 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها قد جعلت لمديري إدارة مكافحة المخدرات وأقسامها وفروعها ومعاونيها من الضباط والكونستبلات والمساعدين الأول والمساعدين الثانيين صفة مأموري الضبطية القضائية في جميع أنحاء الجمهورية في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون ومن ثم فإن صح قول الطاعنين ببدء وقوع تلك الجريمة بدائرة محافظة القاهرة فإن ذلك لا يخرج الواقعة عن اختصاص رئيس مكتب مكافحة المخدرات بسوهاج الذي أسهم في التحريات التي بني عليها صدور الإذن بمعاونة الملازم الأول شفيق إبراهيم جمعه رئيس وحدة التحريات بالمكتب المذكور. ولما كان الطاعنان قد سلما في طعنهما أن الإذن صدر من وكيل أول نيابة سوهاج ويشمل متهمين آخرين يقيمون بدائرة مركزي طهطا والمراغة التابعين لهذه المحافظة وكانت دائرة اختصاص نيابة سوهاج الكلية تشمل مركزي طهطا والمراغة وكان لوكلاء النيابة الكلية اختصاص شامل لتحقيق جميع الحوادث التي تقع بدائرة المحكمة الكلية التي يتبعونها فإن الإذن بالتفتيش يكون قد صدر ممن يملك ولاية إصداره ذلك لأن الاختصاص كما يتحدد بمكان وقوع الجريمة يتحدد أيضاً بمحل إقامة المتهم وكذلك بالمكان الذي يضبط فيه وذلك وفقاً لنص المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية وإذا ما كانت دائرة اختصاص نيابة سوهاج الكلية تشمل مركزي طهطا والمراغة التي يقع بدائرتهما محل إقامة بعض المتهمين وتشمل كذلك مركز طما الذي تم فيه ضبط الطاعنين فإن وكيل أول نيابة سوهاج الكلية لا يكون قد تجاوز حدود اختصاصه في إصدار الإذن. لما كان ذلك، وكان رئيس مكتب مكافحة المخدرات الذي باشر تنفيذ الاسم مختصاً به كذلك لشمول اختصاصه كافة أنحاء الجمهورية على ما سبق بيانه فإن الحكم إذ أطرح هذا الدفع يكون قد أصاب صحيح القانون. وأما ما يثيره الطاعنان من دعوي تعميم نطاق تنفيذ الإذن استناداً إلى خلوه من النص فيه على وجوب تنفيذه بدائرة الاختصاص المكاني لمصدره مما يسمح بتنفيذه خارج حدود هذه الدائرة مما يصمه بالبطلان مردوداً بأن القانون لم يشترط شكلاً معيناً لأذن التفتيش ولم يوجب النص فيه على تحديد نطاق تنفيذه بدائرة الاختصاص المكاني لمصدره وكل ما يتطلبه القانون في هذا الصدد أن يكون الأذن واضحاً ومحدداً بالنسبة إلى تعيين الأشخاص والأماكن المراد تفتيشها وأن يكون مصدره مختصاً مكانياً بإصداره وأن يكون مدوناً بخطه وموقعاً عليه بإمضائه وإذ ما كان الثابت مما سبق أن أورده الحكم رداً على ما أثاره الطاعنان - بأن وكيل أول نيابة سوهاج الكلية لم يتجاوز ولايته في إصدار الإذن ولم ينازع الطاعنان في أن الإذن صدر محدداً الأشخاص والسيارة المراد تفتيشها فإنه لا جدوى مما يثيره الطاعنان من خلو الإذن من قيد تنفيذه بدائرة محافظة سوهاج فهو - بفرض صحته - لا يعيب الإذن ما دام لم يتضمن النص على تنفيذه خارج دائرة اختصاص مصدره وأن الضبط قد تم في دائرة اختصاص نيابة سوهاج الكلية التي يتبعها مصدر الإذن هذا وأن القول بأن الحكم أخطأ في الإسناد لإضافته إلى الإذن على خلاف الثابت بالأوراق أن يكون تنفيذه لدى مرور سيارة الطاعن الأول بدائرة محافظة سوهاج فإنه بفرض قيام هذا الخطأ في الإسناد فهو لا أثر له في منطق الحكم وما انتهى إليه الحكم من صحة الضبط والتفتيش يتفق وصحيح القانون وأما ما يثيره الطاعنان من بطلان إذن التفتيش لعدم تحديده اسم المرخص له بإجرائه مردوداً بأن الأصل أنه لا يقدح في صحة التفتيش أن ينفذه أي واحد من مأموري الضبط القضائي إذا كان الإذن لم يعين مأموراً بعينه، ثم إن عدم تعيين اسم المأذون له بأجراء التفتيش لا يعيب الإذن وأما ما يثيرانه من أنه كان يجب أن يصدر الإذن ممن قام بالتحريات فمردود أيضاً بأن القانون لم يقيد سلطة التحقيق في وجوب إصدار الإذن ممن قام بالتحريات بل ترك الأمر في ذلك لمطلق تقديرها وأما ما ينعاه الطاعنان من بطلان إجراءات القبض والتفتيش تأسيساً على أن المقدم كمال الدين حسن الشيخ قد أثبت في محضره أنه اشترك معه في عملية الضبط كلاً من الرائد محمد توفيق فهيم رئيس وحدة تنفيذ الأحكام بإدارة البحث الجنائي والنقيب عادل رشدي السواح قائد ثاني وحدة لاسلكي سوهاج وهذان الضابطان ينحسر اختصاصهما المحلي عن الامتداد إلى مكان الضبط الواقع في دائرة مركز طما لأن اختصاصهما قاصر على مدينة سوهاج فمردود بدوره بأن مجرد مجادلة في اختصاص هذين الضابطين يقتضى تحقيقاً موضوعياً ثم إن الطاعنين لم يتمسكا به أمام محكمة الموضوع ومن ثم فلا يقبل منهما إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض وفضلاً عما تقدم فإنه متى كان الثابت من الحكم أن رئيس مكتب مكافحة المخدرات نفاذاً لأمر النيابة بتفتيش المتهم الأول وسيارته وخوفاً من هروبه بالسيارة فقد احتاط للأمر فقسم قوته على النحو المبين بالأوراق وبالطريقة الموضحة بها وبالقدر اللازم لتنفيذ أمر التفتيش وإذا ما كان لرئيس مكتب المخدرات الحق في أن يستعين في إجراء التفتيش بمن يرى مساعدته فيه من معاونيه ولو لم يكونوا من رجال الضبط ما داموا يعملون تحت إشرافه، فإن قيام الضابطين المذكورين بهذا الإجراء بوصفهما من رجال الضبط القضائي أو من رجال السلطة العامة يكون قد وقع صحيحاً ووفقاً للقانون ما دام الحكم قد أستظهر أنهما كانا يعملان تحت إمرة رئيس مكتب مكافحة المخدرات وإشرافه والمختص بتنفيذ الإذن والذي تولى بنفسه إجراءات التفتيش هذا وأن منازعة الطاعنين في حق المحكمة في الاعتماد على شهادتي هذين الضابطين الذي قال الطاعنان بأنهما قاما بعملية الضبط بعيداً عن دائرة اختصاصهما فمردود أيضاً بأن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه لا يكون إلا عند قيام البطلان وثبوته ومتى كان لا بطلان فيما قام به الضابطان فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي عولت على أقوالهما ضمن ما عولت عليه في إدانة الطاعنين. لما كان ذلك، فإن الحكم إذ قضي بإدانة الطاعنين استناداً إلى الدليل المستمد من إجراءات القبض والتفتيش الذي تولاها رئيس مكتب المخدرات بواسطة أعوانه من رجال الضبط القضائي المتقدم ذكرهم يكون سليماً وصحيحاً في القانون لما كان ما تقدم وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين أسسا دفعهما ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بهما وبطلان الإذن لصدوره عن جريمة مستقبلة - وقد رد الحكم على هذين الدفعين - ولم يشر الطاعنان أو المدافع عنهما إلى عدم جدية التحريات التي بني عليها إذن التفتيش ومن ثم فإن المحكمة لا تطالب بالرد على دفع لم يثره الطاعنان. لما كان ذلك، وكان الدفع ببطلان التفتيش لعدم جدية التحريات من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع وهي لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم يكن قد دفع بها أمام محكمة الموضوع لأنها تقتضى تحقيقاً موضوعياً مما لا شأن لمحكمة النقض به فإن ما يعيبه الطاعنان في هذا الخصوص لا يكون له محل. وفضلاً عن ذلك فإن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت في بيانه لواقعة الدعوى أن التحريات السرية التي قام بها مدير إدارة البحث الجنائي بسوهاج وأشرك فيها رئيس مكتب مكافحة المخدرات بالمحافظة المذكورة ورئيس وحدة التحريات بالمكتب المذكور قد دلت على أن بعض تجار المخدرات في سوهاج قد أشتروا كمية من المخدرات سلموها للطاعن الأول في القاهرة لينقلها بسيارته الكاديلاك رقم.... ملاكي الجيزة إلى سوهاج واستصدر إذناً من النيابة بتفتيشه وتفتيش سيارته في حدود السلطة المخولة لها في القانون باتخاذ هذا الإجراء، فإن ما يثيره الطاعنان حول صحة التفتيش لا يكون مقبولاً أمام محكمة النقض ولا يجدي ما يشير إليه الطاعنان من أن مدير إدارة البحث الجنائي لم يقطع في أقواله التي أدلى بها في التحقيقات بميعاد وصول السيارة على وجه التحديد لأن ذلك - بفرض صحته - لا يدل على عدم جدية التحريات. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم عن وصول المخدرات إلى سوهاج في خلال يومين له سنده من أقوال رئيس مكتب مكافحة المخدرات في محضر جلسة المحاكمة ولم يعول الحكم في ثبوت هذه الواقعة مدير إدارة البحث الجنائي فإن النعي على الحكم بالخطأ في الإسناد بقوله أن أقوال هذا الأخير قد خلت من هذه الواقعة يكون وارداً على غير محل - أما القول بأن الحكم لم يورد مؤدى أقوال المقدم حسين عثمان الرميلي إدارة البحث الجنائي رغم ذكره لها في عداد أدلة الإدانة عند حصره لها مردوداً بأن المحكمة أوردت بعد ذلك مؤدى شهادة شهود الإثبات الذين عولت على أقوالهم في الإدانة بما يظاهر الصورة التي اعتنقتها الواقعة ثم أوردت تعقيباً على هذه الأدلة قولها: "وحيث إنه لما تقدم جمعيه يكون قد وضح في يقين المحكمة أن الواقعة المنسوبة للمتهمين صحيحة وثابتة في حقهما ثبوتاً قاطعاً حيث توافرت الأدلة من شهادة الشهود ومعاينة النيابة العامة للسيارة ومن تقرير المعامل الكيماوية ومن ضبط المتهمين يحملان في سيارة أولهما كمية من المخدرات نقلاها فيها من القاهرة لتسليمها لمشتريها المقيمين بمحافظة سوهاج". مما مفاده أن المحكمة قد أسقطت شهادة مدير إدارة البحث الجنائي من حسابها ولم تعول عليها في الإدانة. ولما كانت المحكمة لا تكون مطالبه ببيان مؤدى أقوال الشهود إلا إذا كانت قد استندت إليها في حكمها بالإدانة أما إذا كانت لم تعتمد على شيء من تلك الأقوال فإنها لا تكون مكلفة بأن تذكر عنها شيئاً فإن عدم إيراد المحكمة لمؤدى أقوال الشاهد المذكور لا يعيب حكمها طالما أنها قد أفصحت في مدونات حكمها عن كفاية الأدلة التي أوردتها لحمل قضائها بالإدانة وكان تقدير الدليل موكولاً إليها. لما كان ذلك، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب. وإذ ما كان الأصل أنه متى أخذت بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال رجال الشرطة وصحة تصويرهم للواقعة فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في إغفالها لإيراد مؤدى أقوال مدير إدارة البحث الجنائي أو في تصديقها لأقوال الشهود أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض - وأما ما ينعاه الطاعنان من دعوى خطأ الحكم في الإسناد لإغفاله ما جاء بالإذن عن تفتيش متهمين آخرين ولأنه أورد أن الإذن صدر بتفتيش المتهم الأول وسيارته مع أن الإذن اقتصر على تفتيش سيارته دون شخصه فهو مردود في شقه الأول بأنه لا يعيب الحكم إغفال ما تضمنه الإذن عن تفتيش متهمين آخرين لأن هذا الجزء من الإذن لا علاقة له بالدعوى ومن ثم فلا داع يقتضى إثباته في مدوناته وبالنسبة إلى الشق الثاني من هذا النعي فإن ما أورده الحكم من أن الإذن انصب على شخص الطاعن الأول وسيارته معاً إنما يتفق مع بيانات الإذن وفقاً لما أورده الطاعنان في طعنهما وعلى ذلك فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشق من النعي لا يكون له وجه هذا بالإضافة إلى أنه لا جدوى للطاعنين من هذا النعي طالما أن الحكم قد آخذهما عن المخدرات التي أسفر تفتيش السيارة عن ضبطها بها. وأما ما ينعاه الطاعنان على الحكم في شأن اعتماده على شهادتي النقيب عادل رشدي السواح والملازم أول علي محمد الصادق دون ذكر مؤدى شهادتهما مردوداً بأنه لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود على ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالها متفقة فيما استند إليه الحكم ومن ثم فإنه لا يضير الحكم قوله أن النقيب عادل رشدي السواح شهد بالوقائع السالفة على النحو الوارد بشهادة الشهود السابقين وأن الملازم أول علي محمد الصادق شهد بما يتفق مع تفاصيل شهادة شهود السابقين. ولما كان يبين من المفردات المضمومة أن الشهود جميعاً يشهدون بواقعة واحدة لا خلاف عليها بينهم فإن الحكم يكون سليماً والنعي مرفوضاً ولا يؤثر في ذلك اختلاف الشهود في تفصيلات معينة لم يوردها إذ أن محكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشهود وأن تطرح ما عداها وفي عدم إيراد الحكم لهذه التفصيلات ما يفيد إطراحها. لما كان ما تقدم، وكان الحكم قد استظهر علم الطاعن الثاني بكنه المواد المخدرة المضبوطة في السيارة بما يوفر في حقه ركن القصد الجنائي في جريمة نقل المخدرات بغير قصد الاتجار أو التعاطي التي دانه بها فإن ما ينعاه الطاعن الثاني من قصور الحكم في هذا الخصوص لا يكون سديداً ولا يعدو وما يثيره أيضاً في شأن استحالة شم رئيس مكتب مكافحة المخدرات لرائحة المخدرات وأنه كان يلزم لذلك الاستعانة برأي خبير أن يكون جدلاً موضوعياً فيما انتهى إليه تقدير المحكمة مما لا تقبل المنازعة فيه أمام محكمة النقض لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. وأما عن إطراح الحكم لطلب إجراء معاينة مكان الضبط الذي تمسك به الدفاع بالجلسة أو عدم الرد عليه رداً سائغاً فإن الواضح من عبارات الطلب المدونة بمحضر الجلسة أنها لا تفيد معنى الطلب الصريح الجازم ثم إن عبارات الطلب ذاتها لا يتبين منها ماهيته فإن المحكمة في هذه الحالة لا تكون ملزمة بإجابة مثل هذا الطلب أو الرد عليه ومع ذلك فإن الحكم قد أورد رداً عليه كافياً وسائغاً لتبرير رفضه وبفرض أن طلب المعاينة قد استكمل مقوماته فإنه في صورة الدعوى لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود بل كان المقصود به إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة طبقاً للتصوير الذي أخذت به فإن مثل هذا الطلب يعتبر دفاعاً موضوعياً لا يستلزم رداً صريحاً من المحكمة بل يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من الحكم بالإدانة - استنادا إلى أقوال هؤلاء الشهود. وأخيراً فإن ما يثيره الطاعنان من دعوى خطأ الحكم في الإسناد فيما رد به على دفاعهما الموضوعي في شأن وجود أكثر من طريق للوصول إلى طما غير الطريق الذي كمن فيه رجال الشرطة للسيارة وأن رده على هذا الدفاع لا يستند إلى أصل ثابت في الأوراق وينطوي على قضاء القاضي بعلمه فإنه لما كان الحكم قد عرض إلى دفاع الطاعنين الموضوعي المبدى في هذا الشأن ورد عليه في قوله: "ولا تجد المحكمة محلا لتساؤل الدفاع عن مبادرة الشرطة بإعداد الكمين في الطريق محل الحادث رغم عدم علمهما به - إذ العلم بهذا الطريق جاء من تحريات الشرطة الخاصة التي ترتب عليها صدور الإذن من قبل كما أنه لا يتصور أن يسلك القادم من القاهرة غير هذا الطريق لبعد المسافة بين البلدين وهو طريق سهل مرصوف ويتجه رأساً إلى الصعيد الذي دلت تحريات الشرطة أن المتهمين يقصدانه وهما لا يعلمان أن أمرهما قد انكشف حتى يتخذا الحيطة غير العادية". وكان ما أورده الحكم من ذلك سائغاً وكافياً لتنفيذ هذا الدفاع والرد عليه. ثم إنه لا ضير على الحكم فيما تزيدت فيه المحكمة من القول بأنه لا يتصور أن يسلك القادم من القاهرة غير هذا الطريق لبعد المسافة بين البلدين ولأنه طريق سهل مرصوف ويتجه رأساً إلى الصعيد لأن هذا القول منها لا يعتبر قضاء من القاضي بعلمه بل هو من قبيل المعلومات العامة المفروضة في كل شخص أن يكون ملماً بها مما لا تلتزم معه المحكمة قانوناً ببيان الدليل عليه وقد كان يكون للطاعنين وجه لقولهما بخطأ المحكمة في هذا الشأن لو أنهما قد قدما دليلاً لا يحتمل أي شك على أن المحكمة أخطأت فيما قالته. لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم في هذا الشق من الطعن لا يكون سديداً. لما كان ما تقدم جمعيه، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ساحة النقاش