متى كان الثابت من الحكم أن الضابط المأذون بالتفتيش كلف المخبر بالتحفظ على الغرفة التي يسكنها المتهم فشاهد المخبر امرأة تخرج من باب الغرفة وهي تحمل درج منضدة تحاول الهرب به وعندما وقع نظرها عليه ألقت الدرج على الأرض فتبعثرت محتوياته.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 7 - صـ 769
جلسة 22 من مايو سنة 1956
برياسة السيد وكيل المحكمة مصطفى فاضل، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، وفهيم يس الجندي، وأحمد زكي كامل، والسيد أحمد عفيفي - المستشارين.
(215)
القضية رقم 466 سنة 26 قضائية
( أ ) مواد مخدرة. القصد الجنائي. متى يتوافر؟
(ب) قبض. تلبس. توفر حالة التلبس. القبض من غير رجال الضبطية القضائية. جائز.
1 - القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر يتوافر بتحقق الحيازة المادية وعلم الجاني بأن ما يحرزه هو من المواد المخدرة الممنوعة قانوناً.
2 - متى كان الثابت من الحكم أن الضابط المأذون بالتفتيش كلف المخبر بالتحفظ على الغرفة التي يسكنها المتهم فشاهد المخبر امرأة تخرج من باب الغرفة وهي تحمل درج منضدة تحاول الهرب به وعندما وقع نظرها عليه ألقت الدرج على الأرض فتبعثرت محتوياته التي كانت بينها قطعة من الحشيش فقام المخبر بالقبض عليها وبجمع هذه المحتويات وإعادة وضعها في الدرج. فإن هذا الذي أثبته الحكم تتحقق به حالة التلبس بالجريمة التي تجيز القبض لغير رجال الضبطية القضائية.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة هذين الطاعنين بأنهما أحرزا جواهر مخدرة "حشيشاً" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمتهما بمقتضى المواد 1 و2 و33/ جـ و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 فأمرت الغرفة بتاريخ 18 من يناير سنة 1954 حضورياً بإحالتهما إليها لمعاقبتهما بالمواد المذكورة. سمعت محكمة جنايات القاهرة هذه الدعوى وقضت حضورياً بتاريخ 25 من أكتوبر سنة 1955 عملاً بمواد الاتهام بمعاقبة كل من فتحية محمد أحمد وسرور أحمد وهيدي بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريم كل منهما ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة وقدر ردت المحكمة على الدفع في حكمها. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض في 5 و8 من نوفمبر سنة 1955 وقدما شهادة دالة على عدم ختم الحكم المطعون فيه في الميعاد القانوني مؤرخة في 20 من أكتوبر سنة 1955 وأعلنا بإيداع الحكم مختوماً قلم الكتاب في 1 و2 من نوفمبر سنة 1955 فقدمت الأستاذة مفيدة عبد الرحمن المحامية عن الطاعنة الأولى تقريراً بالأسباب في 7 من نوفمبر سنة 1955 ولم يقدم الطاعن الثاني شيئاً.
المحكمة
... وحيث إن الطعن المقدم من الطاعنة الأولى قد استوفى الشكل المقرر بالقانون.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه شاب أسبابه القصور إذ دان الطاعنة الأولى بجريمة إحراز مخدر دون أن يفي ببيان الدليل على علمها بأن الدرج المقول بأنها كانت تحمله محاولة الهرب به يحوي مادة مخدرة مما يجعل حيازتها للمخدر حيازة عارضة لا يصح مساءلتها عنها قانوناً.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة استظهرت علم الطاعنة بالمادة المخدرة التي كانت بالدرج الذي تحمله وقت ضبطها في قولها "وهذا العلم قائم في حق المتهمة الأولى (الطاعنة) من أنها عندما أحست بوصول رجال المباحث إلى دكان خالها المتهم الثاني (الطاعن الثاني) المجاور لمسكنه لجأت إلى كسر باب غرفته التي كان بداخلها الجوهر المخدر ثم أخرجت الدرج الذي كان حاوياً لهذا الجوهر من مكانه وحملته وخرجت به مسرعة تحاول الهرب به فأدركها المخبرون قبل تنفيذ أغراضها وبديهي أنها ما كانت تقدم على كل هذه الخطوات لولا يقينها بأن الجوهر المخدر كان موضوعاً في الدرج الخشبي بالذات بدليل أنها قصرت محاولة التهريب عليه دون غيره - يضاف إلى ذلك ما اشتهر عن المتهم الثاني من الاتجار في المواد المخدرة - الأمر الذي لا يعقل أن يكون خافياً على ابنة أخته المتهمة الأولى وهذا في ذاته كاف في الدلالة على أن هذه المتهمة عند استحواذها على الدرج ومحتوياته كانت متيقنة أن الشيء الممنوع والمخبأ في الدرج هو جوهر مخدر" - لما كان ذلك وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر يتوافر بتحقق الحيازة المادية وعلم الجاني بأن ما يحرزه هو من المواد المخدرة الممنوعة قانوناً وكان الدليل الذي ساقه الحكم يكفي لتوفر العلم - فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الوجه لا يكون سوى جدل في تقدير أدلة الدعوى ومبلغ قوتها في الإثبات لا يقبل منها أمام محكمة النقض.
وحيث إن مبنى الوجه الخامس هو أن الحكم المطعون فيه بني على إجراء باطل ذلك بأن الطاعنة دفعت ببطلان القبض استناداً إلى أن الإذن الصادر بالتفتيش لم يرد به اسمها كما أن الذين قاموا بالقبض عليها مخبرون وليسوا من رجال الضبطية القضائية فكان رد الحكم على هذا الدفع غير سديد إذ قال أن التفتيش إنما أجرى بناء على إذن صادر من النيابة بتفتيش مسكن الطاعن الثاني الذي وجدت به الطاعنة وأنها كانت في حالة تلبس تجيز القبض عليها مع أنها لم تكن في حالة تلبس ظاهر.
وحيث إن ما انتهى إليه الحكم في شأن هذا الدفع صحيح في القانون ذلك بأنه تبين من واقعة الدعوى كما أثبتها الحكم أن الضابط كلف المخبرين سالفي الذكر بدخول المنزل المجاور للدكان للتحفظ على الغرفة التي يقطن فيها هذا المتهم (الطاعن الثاني) وعند دخول هؤلاء المخبرين شاهدوا المتهمة الأولى (الطاعنة الأولى) تخرج من باب هذه الغرفة وهي تحمل درج منضدة تحاول الهرب به وعندما وقع نظرها عليهم ألقت الدرج على الأرض فتبعثرت محتوياته التي كانت بينها قطعة من الحشيش فقام المخبرون بالقبض عليها وبجمع هذه المحتويات وإعادة وضعها في الدرج وبعد أن أتم الضابط تفتيش الدكان عاد إلى المنزل ومعه المتهم فأخبره المخبرون بما حصل من المتهمة الأولى وسلموه الدرج بمحتوياته ثم قصد إلى غرفة المتهم الثاني فوجد بابها المكون من ضلفتين لا يزال مغلقاً بالقفل ولو أن الضلفة اليسرى كانت منزوعة من أسفل بحيث تسمح بخروج الإنسان منها وعندما دخل الغرفة عمل تجربته على الدرج الذي كانت تحمله المتهمة الأولى فوجده خاصاً بالمنضدة التي وجدها بداخل الغرفة. ثم قام بالبحث فيها فعثر على ورقة من الكرتون عليها آثاراً الحشيش" لما كان ذلك وكان هذا الذي أثبته الحكم يتحقق به حالة التلبس بالجريمة التي تجيز القبض لغير رجال الضبطية القضائية وكان لا صفة للطاعنة الثانية في الدفع ببطلان تفتيش وقع في غير مسكنها فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون له محل.
وحيث إن محصل باقي أوجه الطعن الأول والثاني والرابع هو أن الحكم جاء مشوباً بالقصور وبالفساد في الاستدلال ذلك بأن المحكمة عولت في قضائها بالإدانة على أقوال رجال البوليس من رؤيتهم الطاعنة تخرج من مسكن الطاعن الثاني تحمل درجاً خشبياً به المخدر مع ما ثبت من أن باب الغرفة كان مغلقاً بقفل وأن الضلفة اليسرى لباب الغرفة المذكورة كانت منزوعة من أسفل مما يتعذر معه الدخول والخروج بالسرعة التي صورها الشهود، كما أن ما ساقته المحكمة من أدلة على أن الدرج الذي وجد به المخدر تبين أنه للمنضدة بغرفة الطاعن الثاني وأنه ممن اشتهر عنهم الاتجار في المخدرات - كل ذلك وإن استقام كدليل على إدانة الطاعن الثاني فإنه لا يؤدي إلى إدانتها هي - هذا إلى أن الشهود من رجال البوليس قد تناقضت أقوالهم بشأن وصفه قطعة المخدر إذ بينما يقرر الضابط أنه وجدها في لفافة من قماش يقرر أحد أعوانه أنها كانت ظاهرة في غير لفافة ويقول آخر أن الضابط رفع اللفافة عن قطعة المخدر والحكم لم يتعرض لهذا الخلاف برد.
وحيث إن ما تثيره الطاعنة في هذه الأوجه هو جدل موضوعي وارد على تقدير أدلة الدعوى مما لا شأن لمحكمة النقض به، ولما كان من المقرر أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بالرد صراحة على كل ما يثيره المتهم من أوجه دفاع موضوعية إذ يكفي أن يكون الرد عليها مستفاداً من الحكم بإدانته اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردها. وكان الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة إحراز المخدر التي دان الطاعنة بها وأورد على ثبوتها في حقها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها - لما كان ذلك فإن ما تثيره الطاعنة في هذه الأوجه لا يكون له محل.
وحيث إنه من كل ما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ساحة النقاش