إمساك المتهم بالشيشة في يده وانبعاث رائحة الحشيش منها. تحليل العينة المضبوطة وثبوت أن بها حشيشاً. اعتبار الجريمة في حالة تلبس.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 7 - صـ 819
جلسة 4 من يونيه سنة 1956
برياسة السيد المستشار حسن داود، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد حسنين - المستشارين.
(227)
القضية رقم 668 سنة 26 القضائية
( أ ) مواد مخدرة. تلبس. إمساك المتهم بالشيشة في يده وانبعاث رائحة الحشيش منها. تحليل العينة المضبوطة وثبوت أن بها حشيشاً. اعتبار الجريمة في حالة تلبس.
(ب) دفاع. متى تلتزم المحكمة بإجابة طلب المتهم أو الرد عليه؟
(ج) مواد مخدرة. ضبط المتهم وهو يدخن الحشيش. عدم ضبط عنصر من عناصر الحشيش معه. كفاية ذلك لاعتباره محرزاً لمادة الحشيش.
1 - يكفي لاعتبار الجريمة متلبساً بها أن تكون هناك مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة، وعلى ذلك فإن إمساك المتهم بالشيشة في يده وانبعاث رائحة الحشيش منها يعتبر مظهراً من تلك المظاهر، فإذا ثبت من فحص هذه العينة أن بها حشيشاً فإن جريمة إحراز المخدر يكون متلبساً بها.
2 - المحكمة غير ملزمة بإجابة طلب المتهم أو الرد عليه إلا إذا كان طلباً حازماً، أما الطلبات التي تبدى من باب الاحتياط فللمحكمة إن شاءت أن تجيبها، وإن رفضت أن تطرحها من غير أن تكون ملزمة بالرد عليها.
3 - متى أثبتت المحكمة في حق المتهم أنه ضبط وهو يدخن الحشيش، فإن هذا يكفي لاعتبار المتهم محرزاً لمادة الحشيش من غير أن يضبط معه فعلاً عنصر من عناصر الحشيش.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 - محمد حسن رجب و2 - عبد الفتاح محمود علام و3 - محمد يوسف سليمان (الطاعن) و4 - عدلي محمد أبو زيد. بأنهم: أولاً - الأول والثاني، قدما للتعاطي مادة مخدرة حشيشاً وسهلا تعاطيه في غير الأحوال المصرح بها قانوناً والأول أيضاً والثالث والرابع أحرزوا بقصد التعاطي جوهراً مخدراً (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 1 و2 و33 ج و34 و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 فقررت بذلك. وفي أثناء نظر هذه الدعوى أمام محكمة جنايات القاهرة دفع الحاضر عن المتهمين ببطلان القبض والتفتيش وما ترتب عليهما من إجراءات. والمحكمة المذكورة بعد أن أتمت سماعها قضت حضورياً عملاً بالمادتين 304/ 1 و381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة للمتهمين الأول والثاني والمواد 1 و2 و34 و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والجدول (أ) الملحق به والمادة 17 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهمين الثالث والرابع. أولاً - ببراءة كل من محمد حسن رجب وعبد الفتاح محمود علام مما نسب إليهما. وثانياً - بمعاقبة كل من محمد يوسف سليمان وعدلي محمود أبو زيد بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور وغرامة خمسمائة جنيه ومصادرة المادة المخدرة المضبوطة وقد ذكرت في أسباب حكمها أن الدفع في غير محله، فقرر الطاعن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
وحيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون إذ رفض الدفع ببطلان التفتيش والذي أسسه الطاعن على أنه لم يصدر إذن من النيابة بإجرائه واستندت المحكمة في رفض الدفع إلى أن الطاعن ليس هو صاحب المحل الذي أجرى تفتيشه فضلاً عن أنه كان في حالة تلبس تجيز القبض عليه إذ شهد الكونستابل بأنه شم رائحة الحشيش قبل إجراء التفتيش وهذا الذي قالته المحكمة يخالف ما استقر عليه الرأي من وجوب توافر مظاهر خارجية تنم عن حالة التلبس.
... وحيث إن الحكم المطعون فيه رد على دفاع الطاعن "فقال إن هذا الدفع لا يقبل إلا من صاحب المحل في هذه الدعوى وهو المتهم الأول فلا يجوز لغيره أن يتضرر من هذا التفتيش هذا فضلاً عن أن هذا الدفع مردود بذاته بأن المحل الذي دخله الكونستابل من المحال العمومية وقد دخله للتفتيش على الرخصة وهذا من حقه باعتباره من رجال الضبطية القضائية وفوق ذلك فهو من المحال المعدة لدخول أي إنسان وقد وجد الكونستابل بمجرد دخوله جريمة متلبساً بها إذ أنه شم رائحة الحشيش تنبعث من دخان الشيشة ولا ترى المحكمة ما يدحض قوله من أنه شم هذه الرائحة فعلاً وهذا يكفي في قيام حالة التلبس التي تخوله القبض على المشتبه في ارتكابهم هذه الجريمة وتفتيش وضبط كل ما يمكن أن يكون له علاقة بالجريمة والتحفظ عليه". ولما كان ما ذكره الحكم صحيحاً في القانون وكان يكفي لاعتبار الجريمة متلبساً بها أن تكون هناك مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة وكان إمساك الطاعن بالشيشة في يده وانبعاث رائحة الحشيش منها مظهراً من تلك المظاهر فإذا ثبت من فحص هذه العينة أن بها حشيشاً فإن جريمة إحراز المخدر يكون متلبساً بها. لما كان ذلك وكان بطلان التفتيش لا يستفيد منه إلا صاحب الشأن فيه ممن وقع التفتيش في محله فليس لغيره أن يتمسك ببطلانه لعدم صدور إذن به فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه من الطعن لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه معيب لحصول تناقض في أسبابه إذ عولت المحكمة على ما شهد به أحمد محليس وعثمان علي الكفراوي بالجلسة من أنهما لم يتأكدا من أن الطاعن تناول الشيشة من المتهم الأول وقضى ببراءة هذا المتهم وإدانة الطاعن بجريمة إحراز المخدر مع أن هذين الشاهدين شهدا في التحقيق بما يؤيد ما شهد به الكونستابل وسيد علي حسنين من أن الجوزة كانت في يد المتهم الأول وأنه ناولها للطاعن وشرب هذا الأخير منها في حضور رجال القوة الأمر الذي يقطع بأن الطاعن لم يكن يعرف أن الجوزة تحوي مخدراً وإذا كانت الأسباب التي استندت إليها المحكمة صالحة للحكم ببراءة المتهم الأول فهي لا تكفي بحال للحكم بإدانة الطاعن.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه أركان الجريمة التي دان الطاعن بها واستند في ذلك إلى الأدلة التي أوردها والتي من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها. لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال فريق من الشهود وتطرح أقوال من عداهم كما أن لها أن تعول على رواية الشهود بالجلسة متى اطمأنت إليها ولو كانت مختلفة لما ورد في التحقيقات ولما كان التناقض بين أقوال الشهود لا يعيب الحكم ما دامت أسباب الحكم مستساغة وخالية من التناقض - لما كان ما تقدم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه من الطعن لا يعدو أن يكون جدلاً في موضوع الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه شابه إخلال بحق الدفاع إذ طلب الدفاع عن الطاعن سؤال الطبيب الذي أجرى التحليل عما إذا كان يمكن الحكم بأن آثار الحشيش التي وجدت بالجوزة نشأت عن استعمال الحشيش في وقت معاصر لضبطها فرفضت المحكمة هذا الطلب وأسست رفضها على أسباب غير مقنعة وأخذت برأي فني دون أن ترجع في ذلك إلى الفنيين المختصين.
وحيث إن الحكم المطعون فيه رد على هذا الوجه من الطعن فقال: "إن المحكمة لا ترى وجهاً لاستجابة هذا الطلب لأنه مع التسليم بأن الشخص السابق له استعمال هذه الشيشة كان يدخن الحشيش فإنه لا نزاع في أن العامل وضع تمباكاً جديداً للمتهم الثالث وأزال أثر التمباك القديم المحترق وقد ثبت من شهادة الكونستابل ورجال المباحث أن رائحة الحشيش كانت تنبعث من الدخان وهذا لا يمكن أن يحصل إلا من احتراق مادة حشيش وهي موضوعة فوق التمباك أما وجود آثار الحشيش في الماء أو الغسالة لا يمكن أن تنبعث منها رائحة يشمها الكونستابل وقت دخوله المقهى، ولما كان ما ذكره الحكم سائغاً ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، هذا إلى أنه ثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن طلب من باب الاحتياط مناقشة الطبيب الذي حلل أجزاء الشيشة، لما كان ذلك وكانت المحكمة غير ملزمة بإجابة الطاعن أو الرد عليه إلا إذا كان طلباً جازماً أم الطلبات التي تبدى من باب الاحتياط فللمحكمة إن شاءت أن تجيبها وإن رفضت أن تطرحها من غير أن تكون ملزمة بالرد عليها، لما كان ما تقدم فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الوجه الرابع من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه خالف القانون حين دان الطاعن بجريمة إحراز المخدر مع أنه لم يضبط معه مخدرات ولأن وجود آثار حشيش في الجوزة لا يمكن أن يعتبر إحرازاً لمخدر بالمعنى الذي قصد إليه القانون.
وحيث إن هذا الوجه من الطعن مردود بأن المحكمة أثبتت في حق الطاعن أنه ضبط وهو يدخن الحشيش وهذا يكفي لاعتبار المتهم محرزاً لمادة الحشيش من غير أن يضبط معه فعلاً عنصر من عناصر هذه المادة، لما كان ذلك فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.
ساحة النقاش