موقع المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا نقض جنائي- مدني- مذكرات- صيغ- عقود محمول01277960502 - 01273665051

تقدير الظروف التى تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها أو بعد ارتكابها وتقدير كفاية هذه الظروف لقيام حالة التلبس أمر موكول إلى محكمة الموضوع .

الحكم كاملاً

أحكام النقض – المكتب الفني – جنائى
العدد الثانى – السنة 8 – صـ 326

جلسة أول أبريل سنة 1957

برياسة السيد مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة: حسن داود، ومحمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، والسيد أحمد عفيفى المستشارين.

(87)
القضية رقم 176 سنة 27 القضائية

تلبس. سلطة محكمة الموضوع فى تقدير قيام حالة التلبس.
تقدير الظروف التى تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها أو بعد ارتكابها وتقدير كفاية هذه الظروف لقيام حالة التلبس أمر موكول إلى محكمة الموضوع دون معقب عليها مادامت الأسباب والاعتبارات التى بنت عليها هذا التقدير صالحة لأن تؤدى إلى النتيجة التى انتهت إليها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من: 1 – محمود عطيه أحمد و2 – عطية أحمد حسين بأنهما: قتلا بسالى قلدس صليب عمدا بأن انهالا عليه ضربا بآلات راضة قاصدين قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته، وكان القصد من ارتكاب هذه الجناية ارتكاب جنحة سرقة وهى أنهما فى الزمان والمكان سالفى الذكر سرقا النقود والمصوغات والأشياء الأخرى المبينة وصفا وقيمة بالمحضر والمملوكة للمجنى عليه (بسالى قلدس) الأمر المنطبق على المادة 317/ 5 من قانون العقوبات. وطلبت من غرفة الاتهام أن تحيل المتهمين المذكورين إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمادة 234/ 3 من قانون العقوبات، فقررت الغرفة بذلك. وقد ادعى فؤاد قلدس وجندى قلدس (أخوا القتيل) بحق مدنى قبل المتهمين متضامنين بقرش صاغ واحد تعويضا مؤقتا. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضوريا عملا بالمادتين 234/ 3 و318 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الأول بمعاقبته بالأشغال الشاقة المؤبدة وإلزامه بأن يدفع للمدعيين بالحق المدنى قرشا صاغا على سبيل التعويض والمصاريف وألف قرش مقابل أتعاب المحاماة وببراءة عطيه أحمد حسن مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية قبله. فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

.... وحيث إن مبنى الأوجه الثلاثة الأولى هو أن الحكم بنى على إجراء باطل إذ قضى بإدانة الطاعن استنادا إلى ما أسفر عنه تفتيش منزله من أن الطاعن دفع أمام محكمة الجنايات ببطلان التفتيش لانتفاء حالة التلبس التى تبيح تفتيشه، ولكن المحكمة رفضت هذا الدفع بمقولة قيام هذه الحالة وانطباق حكم المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية فى حين أن هذه المادة لا تنطبق إلا حيث يكون المتهم حاضرا، وعندئذ يكون التفتيش مقصورا على شخص المتهم ولا يتعداه إلى منزله لأن حق تفتيش المنازل ليس مخولا لرجال الضبط القضائى إلا فى حالات التلبس دون سواها، أما استنادها فى إثبات قيام حالة التلبس إلى وجود بقعة من الدماء على عتبة باب المنزل وإلى صياح بعض النسوة المجهولات فهو استناد خاطئ لأن العثور على بقعة من الدماء كان يعد تفتيش المنزل وليس قبله كما هو ثابت من أقوال ضابط المباحث فى محضر التحقيق ولأن واقعة صياح النسوة هى واقعة غير صحيحة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أن المجنى عليه وهو صائغ يتجول فى القرى والأسواق خرج من بلدته فى صبيحة يوم الخميس 19 من فبراير سنة 1953 حاملا نقوده وبضاعته التى يتجر فيها من الذهب والفضة، ولما لم يعد خلافا لعادته كل يوم انطلق أخوه فؤاد قلدس صليب يبحث عنه طول الليل دون جدوى فلما كان الصباح وجدت جثته ملقاة على خط السكة الحديدية مشطورة إلى شطرين وأبلغ مأمور المركز وضابط المباحث بالحادث فانتقلا إلى مكان الجثة وما أن شاهداها حتى ساورتهما الريبة فى أمرها لعدم وجود دماء فى مكانها، فجد ضابط المباحث فى البحث حتى عثر على بقع دموية متناثرة فى أمكنة متفرقة وأخذ يتابع هذه الآثار إلى أن وصل إلى بلدة باقور حيث انقطعت آثار البقع الدموية فجعل يتقصى الأمر ويتحراه فعلم أن المجنى عليه قتل فى منزل الطاعن ووالده طمعا فيما كان يحمله من مال ولأنه كان يداينهما فى مبلغ أربعة عشر جنيها باق فى ذمتهما من ثمن مصوغات كانا اشترياها منه وأن جثته نقلت بعد قتله ووضعت فوق خط السكة الحديدية للتضليل وإخفاء معالم الجريمة فعاد الضابط إلى مكان الجثة وأبلغ المأمور بهذه المعلومات ثم انتقلا ومعهما بعض رجال الحفظ إلى بلدة باقور وما لبثوا أن يصلوا إليها حتى سمعوا بعض النسوة يصحن بهم أن القاتل هو المتهم الطاعن، مشيرات إليه وهو خارج من منزله يجرى حاملا الفأس التى استعملها فى ارتكاب الجريمة عندما أحس بمقدمهم فالتفت ضابط المباحث ومن معه فأبصروا بالطاعن يجرى حاملا فأسا فجرى الضابط فى أثره وكلف أحد الخفراء بمعاونته فى ملاحقة الطاعن والقبض عليه فأسرع الخفير ومعه زميله أحمد على محمود يعدوان خلف الطاعن ولما أحس بهما هذا الأخير ألقى بالفأس من يده ومضى يجرى بين المزارع حتى توارى عن نظرهما والتقط الخفير على محمود الفأس وكانت ملوثة بالدماء وسارع إلى تقديمها لضابط المباحث، ثم عاد رجل البوليس إلى منزل الطاعن فشاهدوا على عتبة منزله بقعة من الدماء فدخلوا المنزل وفتشوه فعثروا فيه على الحذاء الذى كان يلبسه القتيل كما عثر ضابط المباحث على بندقية ولفافة تحتوى على ميزان صغير وقطع من الذهب والفضة وخطاب تعزية مرسل للمجنى عليه من يونان توماس بسوهاج بتاريخ 5 يناير سنة 1953 وتعرف أهل القتيل على هذه الأشياء وقرروا بأنها هى التى كان يحملها وقت الحادث وتبين من تحليل البقع الدموية التى وجدت على الفأس وعلى عتبة الباب أنها بقع دموية آدمية من فصيلة دم القتيل، وبعد أن أورد الحكم الأدلة على هذه الوقائع التى استخلصها من أقوال الشهود المشار إليهم آنفا ومن المعاينة والتقارير الطبية عرض للدفع ببطلان التفتيش وقضى برفضه قولا منه أن " الثابت مما سبق ومن أوراق الدعوى والتحقيقات مجتمعة ومنفردة عثور ضابط المباحث على آثار تنبئ عن الجريمة عقب وقوعها مباشرة تسير من مكان الجثة إلى بلدة باقور كما تفيد وجود نقطة دماء على عتبة المنزل التى أجرى تفتيشه كما تقطع أقوال الشهود بمشاهدتهم للمتهم محمود عطية وهم فى طريقهم لتقصى آثار الجريمة يحمل الفأس التى ارتكبت بها الجريمة وتعالت أصوات بعض النسوة وأشارت إليه وهو يحملها أنه هو مرتكبها ويفر بالفأس هاربا وكل هذه أمور تجعل المتهم المذكور فى حالة تلبس قائمة تجيز القبض والتفتيش، إذ يكفى فى حالة التلبس أن يكون هناك مظاهر تنبئ بذاتها عن وقوع جريمة معينة كما وأن التلبس وصف ينصب على الجريمة لا على مرتكبها" ولما كان هذا الذى قاله الحكم وأسس عليه قضاءه برفض الدفع سائغا ومؤديا إلى قيام حالة التلبس كما هو معرف بها فى المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية، وكان مقررا أن تقدير الظروف التى تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها أو بعد ارتكابها وتقدير كفاية هذه الظروف لقيام حالة التلبس أمر موكول إلى محكمة الموضوع دون معقب عليها مادامت الأسباب والاعتبارات التى بنت عليها هذا التقدير صالحة لأن تؤدى إلى النتيجة التى انتهت إليها، ولا يغض من هذه النتيجة ما أول به الحكم المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية على خلاف التأويل الصحيح للقانون وكانت واقعتا العثور على آثار الدماء على عتبة باب منزل الطاعن قبل إجراء التفتيش ومطاردة الطاعن بالصياح والإشارة إليه بالأيدى، قد استمدتهما المحكمة من شهادة ضابط المباحث زكى محمود الطنوبى وباقى شهود الإثبات وكانت هذه الشهادة لها أصلها الثابت فى محضر جلسة المحاكمة، فإن ما يثيره الطاعن فيما تقدم لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الوجهين الرابع والخامس هو أن الحكم شابه التناقض والقصور فى البيان إذ اعتمد فى إدانة الطاعن ضمن ما اعتمد على شهادة جاره أحمد محمد مصطفى بينما إطرح شهادته بالنسبة لوالد الطاعن الذى قضى ببراءته، وقال فى تبرير اطراحها إنها شهادة مغرضة لوجود خصومة بينهما، والأخذ بالشهادة بالنسبة لمتهم وإطراحها بالنسبة لمتهم آخر ينطوى على التناقض الذى يعيب الحكم، هذا إلى أن الطاعن دفع بأن المضبوطات دست عليه لأن المنزل الذى وجدت فيه مهجور ويقيم أصحابه بجوار زراعتهم ببلدة موشا، ودلت المعاينة على إمكان الوصول إلى ذلك المنزل غير أن المحكمة أغفلت الرد على هذا الدفاع ولم تشر إليه.
وحيث إن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود فى حق أحد المتهمين وتطرحها فيما لا تطمئن إليه منها فى حق متهم آخر دون أن يعد ذلك منها تناقضا يعيب حكمها مادام تقدير الدليل منوطا بها وحدها ومادام يصح فى العقل أن يكون الشاهد صادقا فى ناحية من أقواله وغير صادق فى ناحية أخرى، لما كان ذلك وكانت دعوى القصور التى يثيرها الطاعن غير صحيحة، إذ عرض الحكم لما يردده الطاعن فى طعنه فى هذا الشأن ورد عليه بقوله إن " ما دفع به المتهم المذكور التهمة من أنه لا يقيم فى المنزل الذى ضبطت فيه المضبوطات وأن التى تقيم فيه عمته خديجه أحمد حسين فقد كذبته فى ذلك خديجه نفسها عندما قررت أنها حقا كانت تبيت بالمنزل المذكور إلا أنها تركته قبل الحادث بيومين إلى منزل آخر كما كذبه فى ذلك جميع الجيران المجاورين والملاحقين له إذ أجمعوا على أن المتهم محمود يقيم فى هذا المنزل دون غيره وأنه شوهد فى يوم الحادث وليلته وصبيحة اليوم التالى له وأن ما وجد بالمنزل من آثار مادية مثل الخبز وبعض الأوانى التى بها بعض الخضر المطبوخة حديثا ووجود الفراش وغير ذلك من القرائن التى تلطمه على وجهه وتكذبه فيما يدعيه – وحيث إنه عن القول باحتمال أن يكون أحد الجيران قد دس له المضبوطات فهو احتمال بعيد الوقوع ولا يمكن عملا تنفيذه أو تصديقه فعلا كما ثبت من المعاينة وكما تنادى به ظروف الدعوى مجتمعة ومنفردة". ولما كان ما قاله الحكم من ذلك يصلح ردا على ما دفع به الطاعن فى هذا الخصوص، فإن ما يثيره الطاعن لا يكون له وجه.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 15 مشاهدة
نشرت فى 27 إبريل 2020 بواسطة basune1

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,957,110

الموقع الخاص بالاستاذ/ البسيونى محمود ابوعبده المحامى بالنقض والدستوريه العليا

basune1
المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا استشارات قانونية -جميع الصيغ القانونية-وصيغ العقود والمذكرات القانونية وجميع مذكرات النقض -المدنى- الجنائى-الادارى تليفون01277960502 -01273665051 العنوان المحله الكبرى 15 شارع الحنفى - الإسكندرية ميامى شارع خيرت الغندور من شارع خالد ابن الوليد »