التلبس صفة متعلقة بالجريمة ذاتها بصرف النظر عن المتهمين فيها مما يبيح لرجال الضبط القضائى الذين شاهدوا وقوع الجريمة "إحراز مخدرات" وهى من بين الجرائم التى يباح فيها لهؤلاء القبض على المتهم الحاضر.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثانى - السنة 12 - صـ 704
جلسة 19 من يونيه سنة 1961
برياسة السيد محمود ابراهيم اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمد عطيه اسماعيل، وعادل يونس، وعبد الحسيب عدى، وحسن خالد المستشارين.
(135)
الطعن رقم 476 لسنة 31 القضائية
(أ) قبض. تفتيش. نقض.
الدفع ببطلان القبض والتفتيش: لاقتصار إذن التفتيش على المتهم الأول وحده دون النص فيه على تفتيش من يتواجد معه. لا يقبل طرحه لأول مرة أمام محكمة النقض.على ذلك: هو دفع موضوعى. أساسه المنازعة فى سلامة الأدلة.
(ب) تلبس.
ماهيته. سلطة مأمور الضبط القضائى.
(جـ) دفاع. حكم. "تسبيبه".
متى تلتزم المحكمة بالرد على اوجة الدفاع الموضوعية؟ عند إثارتها على وجه الجزم وأن تكون ظاهرة التعلق بموضوع الدعوى ومنتجة فيه.
( د) مواد مخدرة.
توافر الجريمة. مهما كان المقدار ضئيلا.
1 - إذا كان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن الثانى دفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما خارج نطاق اختصاص ضابط مباحث القسم - وهو أساس يختلف عما أثاره فى وجه طعنه من بطلان القبض والتفتيش لاقتصار إذن التفتيش على الطاعن الأول وحده دون النص فيه على تفتيش من يتواجد معه وأنه (أى الطاعن الثانى) لم يكن فى حالة تلبس تجيز القبض عليه - فإنه لا يقبل منه طرحه لأول مرة على محكمة النقض، لأنه فى حقيقته دفع موضوعى أساسه المنازعة فى سلامة الأدلة التى كونت منها محكمة الموضوع عقيدتها والتى اطمأنت منها إلى صحة الإذن.
2 - التلبس صفة متعلقة بالجريمة ذاتها بصرف النظر عن المتهمين فيها مما يبيح لرجال الضبط القضائى الذين شاهدوا وقوع الجريمة "إحراز مخدرات" - وهى من بين الجرائم التى يباح فيها لهؤلاء القبض على المتهم الحاضر - أن يقبضوا على كل من يقوم الدليل على إسهامه فيها. وتقدير الدلائل على صلة المتهم بالجريمة المتلبس بها ومبلغ كفايتها يكون بداءة لرجل الضبط القضائى تحت رقابة سلطة التحقيق وإشراف محكمة الموضوع.
3 - يشترط لكى تكون محكمة الموضوع ملزمة بالرد على أوجه الدفاع الموضوعية التى تثار على وجه الجزم فى أثناء المرافعة وقبل إقفال بابها، أن يكون الدفاع ظاهر التعلق بموضوع الدعوى، أى أن يكون الفصل فيه لازما للفصل فى الموضوع ذاته ومنتجا فيه.
4 - لم يعين القانون حدا أدنى للكمية المحرزة من المادة المخدرة، فالعقاب واجب حتما مهما كان المقدار ضئيلا متى كان لها كيان مادى محسوس أمكن تقدير ماهيته.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أحرزا جواهر مخدرة (أفيونا وحشيشا) فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 1 و 2 و 33ج و 35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والجدول رقم أ المرافق. فقررت بذلك. ومحكمة الجنايات قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريم كل منهما ثلاثة آلاف جنيه وبمصادرة المواد المخدرة المضبوطة. فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
... وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الثانى قد استوفى الشكل المقرر فى القانون.
وحيث إن مبنى الطعن المقدم من هذا الطاعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر قد انطوى على بطلان فى الإجراءات أثر فيه وأخطأ فى تطبيق القانون كما شابه إخلال بحق الدفاع وقصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال، وفى تفصيل ذلك يقول الطاعن إن المدافع عنه تمسك ببطلان القبض والتفتيش اللذين تما فى حقه بغير إذن من النيابة العامة بذلك، لاقتصار الإذن الصادر منها على تفتيش الطاعن الأول وحده دون النص فيه على سريانه على من يكون موجودا مع هذا الأخير، ولم يكن الطاعن فى حالة من حالات التلبس التى تجيز القبض عليه إذ أن مجرد سيره مع الطاعن الأول المأذون بتفتيشه دون أن يحمل شيئا ظاهرا أو خفية وعدم تحدثه مع رجال الضبط فى شأن المخدر المضبوط لم يكن يبيح القبض عليه، ولا يقدح فى ذلك أن يكون الطاعن قد أحضر ميزانا تبين فيما بعد تلوثه بآثار المخدرات - إذ أنه لو صح هذا الأمر - لما كان فيه جريمة تبرر القبض عليه ولما جازت إدانته بناء على ذلك لعدم توافر الحيازة المادية، لأن مجرد وجود آثار المخدر لا يفيد تحقق الحيازة. هذا إلى أن المدافع عن الطاعن قد تمسك بضرورة إجراء المعاينة للتدليل على أن مكان الضبط يقع بدائرة قسم المطرية خارج دائرة اختصاص الضابط - المحدودة بقسم مصر الجديدة - والذى قام به إضرارا بالطاعن لأسباب شخصية إرضاء للمرشد، وقد كان من المتعين على المحكمة أن تستجيب إلى هذا الطلب وخاصة أن رجال الشرطة لم يجرؤوا على القول بأن الضبط تم فى نطاق اختصاصهم حتى لا يقعوا تحت طائلة المسئولية الإدارية بل ذكروا قولا عائما بأنه تم على حدود مصر الجديدة مع أن الطاعن قرر أن الضبط تم بكفر فاروق تبع قسم المطرية، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز الجوهر المخدر التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة مستمدة من شهادة الشهود من رجال المباحث ومن تقرير التحليل وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان يبين من الإطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما خارج نطاق اختصاص ضابط مباحث قسم مصر الجديدة، وهو أساس يختلف عما أثاره فى وجه طعنه مما لا يقبل منه طرحه لأول مرة على هذه المحكمة، لأنه فى حقيقته دفع موضوعى أساسه المنازعة فى سلامة الأدلة التى كونت منها محكمة الموضوع عقيدتها والتى اطمأنت منها إلى صحة الإذن، هذا فضلا عن أن الحكم المطعون فيه قد أثبت على الطاعن بالأدلة السائغة التى أوردها أنه ضالع مع الطعن الأول المأذون بتفتيشه بعد إذ شاهده رجال الضبط القضائى فى حالة تلبس بالجريمة نتيجة ضبط مخدر مع هذا الأخير، ودلل الحكم على تداخل الطاعن معه فى إبرام صفقة شراء المخدر وأنه أحضر الميزان والسنج التى ثبت وجود آثار المخدر بها مما يتوافر به الدليل على صلة الطاعن بالجريمة المذكورة ويصح معه القبض عليه وتفتيشه، ذلك بأن التلبس صفة متعلقة بالجريمة ذاتها بصرف النظر عن المتهمين فيها مما يبيح لرجال الضبط القضائى الذين شاهدوا وقوع الجريمة المذكورة - وهى من بين الجرائم التى يباح فيها لهؤلاء القبض على المتهم الحاضر - أن يقبضوا على كل من يقوم الدليل على إسهامه فيها. وتقدير الدلائل على صلة الطعن بهذه الجريمة المتلبس بها ومبلغ كفايتها يكون بداءة لرجل الضبط القضائى تحت رقابة سلطة التحقيق وإشراف محكمة الموضوع. ولما كان الحكم قد عرض إلى ما طلبه المدافع عن الطاعن فى خصوص معاينة مكان الحادث ورد عليه فى قوله "وحيث إن الدفاع عن المتهمين قرر أن مكان الحادث يقع فى الصحراء تبع قسم المطرية وأن ضابط مباحث مصر الجديدة ليس مكلفا بالضبط وطلب إجراء معاينة لمكان وقوف السيارة وقد ناقشت المحكمة الضابطين فقررا أن الاتفاق على المقابلة كان على بعد كيلو ونصف من حدود مصر الجديدة وأن مصر الجديدة تختص بإثنى عشر كيلو مترا داخل الصحراء وأن الاتفاق والمقابلة تما فى هذا المكان والسيارة وقفت بالقرب من مصر الجديدة وأن هناك عششا كانت للأعراب أزيلت حديثا فى حدود مصر الجديدة ولما سألت المحكمة المتهم سويلم الطاعن الأول عن المكان الذى ضبط فيه قرر أنه كان فى كفر فاروق وأنكر واقعة الضبط والسيارة وسئل المتهم الثانى "الطاعن" فقرر أن الوقت كان ليلا ولا يعرف المكان بالضبط بما لا تجدى معه إجراء معاينة لتحديد أمر لم يتفق عليه بين المتهمين بل ولا يستطيع المتهمان الإرشاد عنه. والثابت من أقوال الضابطين وهو أمر طبيعى أن يكون الإتفاق والضبط فى حدود مصر الجديدة وهو الذى اتفق عليه جميع الضباط الثلاثة وأثبتوه فى أقوالهم الأولى، فضلا عن أن إجراءات الاتفاق على الصفقة قد تمت كلا فى حدود مصر الجديدة بين المرشد والضابط وتحدد مكان المقابلة على بعد قليل من نادى الصيد واقع فى حدود القسم. وتطمئن المحكمة كذلك إلى وجود المرشد إذ أنه أمر أقر به المتهم الثانى "الطاعن" نفسه من أنه يعرف المرشد وأنه كان مدرسا لأولاده بما يبين معه صحة أقوال الضابط". وما أورده الحكم من ذلك سائغ فى تبرير التفاته عن طلب إجراء المعاينة، ذلك بأنه يشترط لكى تكون محكمة الموضوع ملزمة بالرد على أوجه الدفاع الموضوعية التى تثار على وجه الجزم فى أثناء المرافعة وقبل إقفال بابها أن يكون الدفاع ظاهر التعلق بموضوع الدعوى أى أن يكون الفصل فيه لازما للفصل فى الموضوع ذاته ومنتجا فيه. أما وقد استبان للمحكمة عدم جدوى هذا الإجراء لعجز المتهمين عن الإرشاد عن مكان الضبط واطمئنانها إلى أقوال الشهود فى خصوص تحديد هذا المكان فلا تجوز مصادرة المحكمة فى عقيدتها ومجادلتها فى هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم من قالة القصور فى التدليل على صلة الطاعن بالجريمة التى دانه بها مردودا بما سلف بيانه من أسباب هذا الحكم. أما ما يجادل فيه من عدم توافر الإحراز المادى للجوهر المخدر فى حقه فإنه فضلا عن أن الحكم قد دلل تدليلا سليما على ثبوت الحيازة بالنسبة إلى الطاعن فى خصوص صفقة بين الجواهر المخدرة التى أسهم فيها الطاعن المذكور مع الطاعن الأول فإنه يكفى لحمل قضاء الحكم فى هذا الشأن ما ساقه من ثبوت إحراز الطاعن للميزان والصنج التى ثبت تلوثها بآثار الحشيش والأفيون، ذلك بأن القانون لم يعين حدا أدنى للكمية المحرزة من المادة المخدرة، فالعقاب واجب حتما مهما كان المقدار ضئيلا متى كان لها كيان مادى محسوس أمكن تقدير ماهيته لما كان ما تقدم، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه لا يكون له محل.
وحيث إنه لما كانت الواقعة كما هى ثابتة فى الحكم المطعون فيه تفيد أن كلا لطاعنين كانا يحرزان الجواهر المخدرة المضبوطة بقصد الاتجار. وكانت المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول هذه المحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون يسرى على واقعة الدعوى. وكان القانون رقم 182 لسنة 1960 فى شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها هو القانون الأصلح للمتهم بما جاء فى نصوصه من عقوبات أخف وهو الواجب التطبيق عملا بالمادة 5 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، فإن المحكمة ترى - فى خصوص الواقعة المطروحة - إعمالا لهذه الرخصة تطبيق أحكام القانون رقم 182 لسنة 1960 بالنسبة إلى الطاعنين معا لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة فى حدود ما نصت عليه المادة 34 من القانون المذكور.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا وتطبيق المادة 34 من القانون رقم 182 لسنة 1960 فى خصوص العقوبة المقيدة للحرية وجعلها الأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات بالإضافة إلى عقوبتى الغرامة والمصادرة المقضى بهما وذلك بالنسبة لكلا الطاعنين.
ساحة النقاش