صحة الإذن الصادر من النيابة العامة بعد تحريات الشرطة بتفتيش شخص معين ومن قد يتصادف وجوده معه وقت التفتيش بمنطقة اشتراكه معه في الجريمة.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثالث - السنة 22 - صـ 691
جلسة 5 من ديسمبر سنة 1971
برئاسة السيد المستشار/ نصر الدين عزام، وعضوية السادة المستشارين/ سعد الدين عطية، وحسن الشربينى، والدكتور محمد حسنين، وطه دنانة.
(168)
الطعن رقم 1127 لسنة 41 القضائية
( أ ) حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". إثبات. "إثبات بوجه عام". محكمة الموضوع.
خطأ الحكم فى تحصيل الثابت بالأوراق وتعويله عليه فى إدانة الطاعن يعيب الحكم بما يوجب نقضه والإحالة. علة ذلك؟ عدم معرفة مبلغ الأثر الذى كان لهذا الخطأ فى تكوين عقيدة المحكمة.
(ب) تفتيش. "إذن التفتيش. إصداره". تلبس. مواد مخدرة. نيابة عامة.
صحة الإذن الصادر من النيابة العامة بعد تحريات الشرطة بتفتيش شخص معين ومن قد يتصادف وجوده معه وقت التفتيش بمنطقة اشتراكه معه فى الجريمة. لا يشترط أن يكون المرافق للماذون بتفتيشه مسمى باسمه أو فى حالة تلبس بالجريمة قبل تنفيذ الإذن وحصول التفتيش.
1 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد أورد على خلاف الثابت بالأوراق أن مفاتيح السيارة التى ضبطت بها المواد المخدرة كانت مع الطاعن وقت القبض عليه وعول على ذلك فى إدانته فإنه يكون معيبا بالخطأ فى الإسناد، وإذ كان لا يعرف مبلغ الأثر الذى كان لهذا الخطأ فى عقيدة المحكمة لو تفطنت إليه وكانت الأدلة فى المواد الجنائية ضمائم متساندة فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بما يستوجب نقضه والإحالة.
2 - من المستقر عليه فى قضاء محكمة النقض أنه إذا كانت النيابة العامة - بعد التحريات التى قدمها إليها رجال الشرطة - قد أمرت بتفتيش شخص معين ومن قد يتصادف وجوده معه وقت التفتيش على أساس مظنة اشتراكه معه فى الجريمة التى أذن بالتفتيش من اجلها فإن الإذن الصادر بالتفتيش بناء على ذلك يكون صحيحا وبالتالى يكون التفتيش الواقع بناء عليه على المأذون بتفتيشه ومن كان يرافقه صحيحا أيضا دون حاجة إلى أن يكون المأذون بتفتيشه معه مسمى باسمه أو يكون فى حالة تلبس بالجريمة قبل تنفيذ الاذن وحصول التفتيش.
الوقائع
إتهمت النيابة العامة كلا من 1 - ......... (الطاعن) 2 - ......... (مطعون ضده) 3 - ......... بأنهم فى ليلة 21 مارس سنة 1971 بدائرة قسم قصر النيل محافظة القاهرة (أولا) المتهمان الأول والثانى: حازا وأحرز جوهرا مخدرا (حشيشا) بقصد الاتجار فى غير الأحوال المصرح بها قانونا (ثانيا) المتهم الثالث: حاز جوهرا مخدرا (حشيشا) بقصد الاتجار وفى غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 1/ 1 و2 و34 أ و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون الأول. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهم الأول والمادتين 304/ 1 و381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة للمتهمين الثانى والثالث (أولا) بمعاقبة المتهم الأول......... بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وبتغريمه خمسة آلاف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط (ثانيا) ببراءة كل من المتهم الثانى ....... (المطعون ضده) والمتهم الثالث.... مما أسند إليهما ومصادرة المخدر المضبوط. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض. كما طعنت النيابة العامة أيضا فى هذا الحكم بطريق النقض فى خصوص ما قضى به من تبرئة المتهم الثانى ... إلخ.
المحكمة
من حيث إن الطعنين المقدمين من كل من الطاعن (المحكوم عليه) والنيابة العامة قد استوفيا الشكل المقرر فى القانون.
أولا: الطعن المقدم من المحكوم عليه.
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز مواد مخدرة بقصد الاتجار قد شابه قصور فى التسبيب وخطأ فى الإسناد، ذلك بأن الطاعن تمسك فى دفاعه أمام المحكمة بأنه يجهل قيادة السيارات وأن مفاتيح السيارة 2212 ملاكى القاهرة لم تضبط معه ومن ثم لا يتأتى مؤاخذته عن المخدرات التى وجدت فى سيارة لا يملكها ولم يكن يقودها ولم تضبط معه مفاتحها. وقد أيده مالك السيارة المذكورة نفسه فى هذا الدفاع بما قرره فى التحقيقات من أن الطاعن لم يكن بمفرده حين أعاره السيارة بل كان معه آخرون مجهولون تولى أحدهم القيادة. غير أن المحكمة لم تتفهم دفاع الطاعن على وجهه الصحيح واطرحته قولا منها بأن مفاتيح السيارة ضبطت معه مما لا أصل له فى أوراق الدعوى.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أن المحكمة قضت بإدانة الطاعن طبقا للتصوير الذى اعتنقته من أن رجال مكتب مكافحة المخدرات القوا القبض عليه حال اتجاهه ناحية السيارة 2212 ملاكى القاهرة التى قاموا بتفتيشها بعد ذلك وعثروا بداخل حقيبتها الخلفية على المخدرات التى سئل الطاعن عن حيازتها واطرحت دفاعه فى هذا الشأن بقولها: "إن المتهم.... دفع الدعوى موضوعا بأنه لا يعلم ما كان بالسيارة 2212 ملاكى القاهرة وأن مفاتيحها لم تكن معه وأنه لم يثبت فى محضر التحقيق ممن سلمت هذه المفاتيح. وهذا الدفاع مردود عليه بما ثبت فى الأوراق من أن مفاتيح السيارة كانت مع المتهم وقت القبض عليه". لما كان ذلك، وكان يبين من المفردات المضمومة أن ما استند إليه الحكم المطعون فيه فى تفنيد دفاع الطاعن من القول أن مفاتيح السيارة كانت معه وقت ضبطه لا سند له من أوراق الدعوى إذ أن كل ما أثبت فى هذا الخصوص ما ورد فى صدر محضر تحقيق النيابة من أنه كان بين المضبوطات حرز مظروف يحتوى على مفاتيح السيارتين المضبوطتين وجاء التحقيق فى كافة مراحله خلوا من بيان كيفية وظروف ضبط هذه المفاتيح. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ أورد على خلاف الثابت بالأوراق أن مفاتيح السيارة 2212 ملاكى القاهرة التى ضبطت بها المواد المخدرة كانت مع الطاعن وقت القبض عليه وعول على ذلك فى إدانته يكون معيبا بالخطأ فى الإسناد" وإذ كان لا يعرف مبلغ الأثر الذى كان لهذا الخطأ فى عقيدة المحكمة لو تفطنت إليه. وكانت الأدلة فى المواد الجنائية ضمائم متساندة، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بما يستوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقى أوجه الطعن.
ثانيا: الطعن المقدم من النيابة العامة.
حيث إن مبنى الطعن الذى تقدمت به النيابة العامة هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتبرئة المطعون ضده (المتهم الثاني) من جريمة إحراز جواهر مخدرة تأسيسا على أنه لم يكن فى حالة تلبس قد شابه قصور فى التسبيب وأخطأ فى تطبيق القانون، ذلك بأن المستفاد من واقعة الدعوى كما أوردها الحكم أن النيابة العامة كانت قد أذنت لرجال مكتب مكافحة المخدرات بالقبض على المتهم الأول وتفتيشه هو ومن يكون موجودا معه وقت التفتيش وتفتيش وسائل النقل التى يستخدمونها بعد أن دلت التحريات على أنه يتجر فى المواد المخدرة على نطاق واسع ويتقابل مع عملائه لهذا الغرض، ومن ثم فإن هذا الإذن يكون ساريا على المطعون ضده حكما على مطلق وجوده مع المتهم الأول فى ظروف حال لا تدع مجالا للشك فى اتصاله بالجريمة التى صدر الإذن من أجل ضبطها دون حاجة لأن يكون فى حالة تلبس بالجريمة قبل تنفيذ الإذن وحصول التفتيش. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أغفل كلية التعرض لإذن التفتيش المشار إليه ومدى سريانه على المطعون ضده وأثر ذلك على صحة الإجراءات فإنه يكون جاء معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن أورد فى بيانه لواقعة الدعوى أن النيابة العامة كانت قد أذنت لرجال مكتب مكافحة المخدرات بالقبض على المتهم الأول............... وتفتيشه وتفتيش كل من يكون موجودا معه وقت التفتيش وكذلك وسائل النقل التى يستخدمونها بعد أن دلت التحريات على أنه يتجر فى المواد المخدرة على نطاق واسع ويتعامل مع عملائه من تجار المواد المخدرة لهذا الغرض، عرض لأدلة الثبوت قبل المطعون ضده وحصلها فى قوله: "وحيث أنه بالنسبة إلى المتهم الثانى فإن النيابة العامة أسست اتهامها على ما ورد بأقوال العقيد محمود سامى نصار والنقيب سيد غيث والعقيد محمد داود سليمان والمقدم محمد محمد يوسف فقد شهد العقيد محمود سامى نصار فى محضر تحقيق النيابة وأمام المحكمة أنه ومن معه رأوا المتهم الأول والثانى يدخلان كافتريا فندق هيلتون وكان المتهم الأول يحمل حقيبة من البلاستيك وجلسا سويا على مائدة على يمين الداخل قرابة خمسة عشر دقيقه ثم خرجا سويا فتعقبهما ومن معه إلى أن وصلا إلى سيارة تحمل رقم 2212 ملاكى القاهرة تقف بالطريق المقابل لفندق الهيلتون وأن المتهم الأول فتح الحقيبة الخلفية للسيارة واقترب المتهمان نحو صندوق كبير موضوع داخل الحقيبة وتناول كل من المتهمتين طربة حشيش وأخذا يتفحصان الطربتين وعندما اقترب هو والقوة التى كانت معه منهما أسرع المتهم الثانى نحو السيارة الأمامية يريد الهرب وحاول أن يركب فيها فأمسك به النقيب سيد غيث ثم قام الشاهد بتفتيشه فوجد فى جيب البنطلون الأيمن الصغير قطعتين عاريتين من الحشيش فأمسك به وفتش السيارة فوجد بالحقيبة الخلفية ثلاثة صناديق من الكرتون حوى الأول 80 طربة والثانى 78 طربة والثالث 70 طربة". وانتهى الحكم إلى القضاء ببراءة المطعون ضده استنادا إلى قبول الدفع ببطلان القبض والتفتيش اللذين أجراهما رجال مكتب مكافحة المخدرات وذلك فى قوله: "وحيث إن المتهم الثانى أنكر ما نسب إليه ودفع المدافع عنه ببطلان القبض والتفتيش وتفتيش السيارة لانعدام حالة التلبس وأنه لم تقم دلائل كافية على اتهام المتهم الثانى فيما اقترفه المتهم الأول وأنه لا يجوز قبول شهادة الضابط الذى قام بإجراء باطل.
وحيث إنه ثبت من أقوال الشاهد الأول العقيد محمود سامى نصار أنه لا توجد صلة بين المتهم الأول والثانى وأن التحريات لم تتوصل إلى معرفة شيء عن المتهم الثانى وصلته بهذا الموضوع وأنه حين كان يجلس بفندق الهيلتون لم يكن يعرف أن بالخارج مواد مخدرة ثم ثبت من التحقيق أن الطرب مكسوة بالقماش لا يظهر منها شيء ثم يعود فيقول أنه رأى المتهم الثانى كان ممسكا بطربة حشيش وأنه رأى مخدرا بالسيارة بحكم خبرته المزعومة التى استمدها من عمله فهذا القول لا يستقيم مع منطق الأمور فقد يكون بالحقيبة شيء آخر غير المواد المخدرة وقد يكون بالأكياس شيء آخر غير مادة الحشيش وما دام الدليل قد شابه الاحتمال بطل به الاستدلال..... ومن ثم فإن المحكمة تشك فى هذا القول ولا تعول عليه وأن المقصود هو اقحام المتهم الثانى فى الدعوى دون مقتض.... ويبين مما تقدم أن واقعة التلبس محل شك ولا تطمئن لها المحكمة للأسباب التى سبق سردها والتى توهن الدليل المستمد من أقوال شهود الواقعة بالنسبة للمتهم الثانى. ومن ثم يكون الدفع بعدم قيام حالة التلبس فى محله متعينا قبوله ولذلك يكون القبض قد وقع باطلا وتبطل معه كافة الإجراءات التى تلته". لما كان ذلك، وكان من المستقر عليه فى قضاء محكمة النقض أنه إذا كانت النيابة العامة بعد التحريات التى قدمها إليها رجال الشرطة قد أمرت بتفتيش شخص معين، ومن قد يتصادف وجوده معه وقت التفتيش على أساس مظنة اشتراكهم معه فى الجريمة التى أذن بالتفتيش من أجله، فإن الإذن الصادر بالتفتيش بناء على ذلك يكون صحيحا وبالتالى يكون التفتيش الواقع بناء عليه على المأذون بتفتيشه ومن كان يرافقه صحيحا أيضا دون حاجة إلى أن يكون المأذون بتفتيشه معه مسمى باسمه أو يكون فى حالة تلبس بالجريمة قبل تنفيذ الإذن وحصول التفتيش. لما كان ذلك، وكان من بين ما أوردته المحكمة فى أسباب حكمها أن النيابة العامة بعد التحريات التى قدمها إليها رجال مكتب مكافحة المخدرات قد أمرت بتفتيش المتهم الأول ومن يكون موجودا معه وقت التفتيش، وكانت المحكمة قد قضت ببراءة المطعون ضده لأنه لم يكن فى حالة تلبس دون أن تدلى برأيها فى مدى سريان إذن التفتيش عليه بعد أن أثبت الحكم أنه كان برفقة المتهم الأول وقت تنفيذ الإذن فإن ذلك مما ينبئ بأنها أصدرت حكمها دون أن تحيط بأدلة الدعوى وتمحصه، الأمر الذى يعيب الحكم المطعون فيه بما يوجب نقضه والاحالة.
ساحة النقاش