تخلي أحد ركاب سيارة أجرة عن لفافة كان يضعها على فخذيه عند إيقاف مأمور الضبط القضائي لها وهو في حالة ارتباك تبين أن تلك اللفافة تحوي مخدراً كفايته سنداً لقيام حالة التلبس بإحراز ذلك المخدر.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 26 - صـ 778
جلسة 30 من نوفمبر سنة 1975
برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: مصطفى محمود الأسيوطي، ومحمد عادل مرزوق، وأحمد فؤاد جنينه، ومحمد وهبه.
(171)
الطعن رقم 1105 لسنة 45 القضائية
مواد مخدرة: تفتيش "التفتيش بغير إذن". تلبس. مأمورو الضبط القضائي. اختصاصاتهم. "نقض" حالات الطعن. "الخطأ في تطبيق القانون". "محكمة النقض". "نظرها الطعن والحكم فيه".
التفتيش المحظور على رجال الضبطية القضائية في غير الأحوال المقررة قانوناً. هو ما يكون في إجرائه اعتداء على الحرية الشخصية. أو انتهاك لحرمة المساكن.
القيود الواردة على حق رجل الضبط القضائي في إجراء القبض والتفتيش. امتدادها إلى السيارات الخاصة بالطرق العامة طالما هي في حيازة أصحابها. على خلاف السيارات المعدة للإيجار التي يحق له إيقافها أثناء سيرها في الطرق العامة للتحقق من عدم مخلفة أحكام قانون المرور.
تخلي أحد ركاب سيارة أجرة عن لفافة كان يضعها على فخذيه عند إيقاف مأمور الضبط القضائي لها وهو في حالة ارتباك تبين أن تلك اللفافة تحوي مخدراً. كفايته سنداً لقيام حالة التلبس بإحراز ذلك المخدر.
الخطأ الذي يحجب المحكمة عن نظر موضوع الدعوى. وجوب أن يكون مع النقض الإحالة.
من المقرر أن التفتيش الذي يحرمه القانون على رجال الضبطية القضائية هو الذي يكون في إجرائه اعتداء على الحرية الشخصية أو انتهاك لحرمة المساكن فيما عدا أحوال التلبس والأحوال الأخرى التي منحهم فيها القانون حق القبض والتفتيش بنصوص خاصة، على أن القيود الواردة على حق رجل الضبط القضائي في إجراء القبض والتفتيش بالنسبة إلى السيارات إنما تنصرف إلى السيارات الخاصة بالطرق العامة فتحول دون تفتيشها أو القبض على ركابها إلا في الأحوال الاستثنائية التي رسمها القانون طالما هي في حيازة أصحابها. أما بالنسبة للسيارات المعدة للإيجار – كالسيارة التي ضبط بها المخدر – فإن من حق مأموري الضبط القضائي إيقافها أثناء سيرها في الطرق العامة للتحقق من عدم مخالفة أحكام قانون المرور، لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه نقلاً عن أقوال رئيس قسم مكافحة المخدرات أن ضبط هذا الأخير للجوهر المخدر كان بعد تخلي المطعون ضده عن اللفافة التي كان يضعها على فخذيه أثناء ركوبه السيارة - والتي التقطها رئيس القسم وتبين من فضه لها أنها تحوي جوهراً مخدراً - وكان ذلك أثر مشاهدته لرجال القسم عند فتح باب السيارة وارتباكه ولم يكن نتيجة سعي الضابط للبحث عن جريمة إحراز المخدر، وأن أمر ضبط هذه الجريمة إنما جاء عرضاً ونتيجة لما اقتضاه البحث بين ركاب السيارة عن الشخص المأذون بتفتيشه مما جعل الضابط حيال جريمة متلبس بها، فإن الحكم المطعون فيه إذ التفت عن هذا النظر وقضى ببطلان القبض والتفتيش، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه. ولما كان هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن نظر موضوع الدعوى وتقدير أدلتها فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 8 من يونيه سنة 1973 بدائرة مركز قويسنا محافظة المنوفية أحرز جوهراً مخدراً (حشيشاً) وكان ذلك في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقاً لمواد الإحالة، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت حضورياً ببراءة المتهم مما أسند إليه ومصادرة المخدر المضبوط. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المتهم - المطعون ضده - من تهمة إحراز جوهر مخدر في غير الأحوال المصرح بها قانوناً تأسيساً على بطلان القبض والتفتيش قد شابه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن قبضاً بالمعنى القانوني لم يقع بل إن ما جرى لا يعدو أن يكون استيقافاً من رئيس قسم مكافحة المخدرات بالمنوفية لسيارة أجرة له ما يسوغه. ما أن علم المطعون ضده الذي كان من بين ركابها أن رجال القسم هم الذين استوقفوها حتى بادر بالتخلي عن لفافة كان يحملها تبين لرئيس القسم أنها تحوي مخدراً، مما يوفر حالة التلبس التي يجوز الاستدلال بها عليه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين وصف التهمة أورد الأدلة التي استندت إليها النيابة العامة في ثبوت التهمة بقوله "واستندت النيابة في ثبوت الاتهام لما شهد به في التحقيقات كل من......... رئيس قسم مكافحة المخدرات بالمنوفية والشرطي السري.........، ......... سائق السيارة رقم 178 رميس إسكندرية والمساعد......... بنقطة مرور الطريق السريع وحاصل شهادة الأول أنه على سند من تحرياته التي دلت على أن......... في طريق عودته من القاهرة إلى قويسنا مستقلاً إحدى السيارات ومعه كمية من المخدرات التي جلبها من هناك فاستصدر إذناً من النيابة بتفتيشه ومسكنه ووسيلة النقل التي سيصل بها وإذ علم من المصدر السري أن المأذون بتفتيشه سيستقل السيارة رقم 178 رميس إسكندرية متوجهاً من القاهرة إلى الإسكندرية بالطريق الزراعي السريع فقد توجه في يوم 8/ 6 / 1973 وبصحبته الشاهد الثاني إلى نقطة مرور قويسنا في انتظار وصول السيارة وما أن شاهدها قادمة حتى أوقفها الشاهد الرابع كطلبه وقام هو بفتح بابها الأيمن الأمامي للتأكد من شخصية ركابها وكانوا ستة وللبحث عن المأذون بتفتيشه ولكن المتهم - المطعون ضده - بدت عليه علامات الارتباك وكان جالساً أمام بجوار السائق واضعاً على فخذيه لفافة من الورق بداخل جريدة الأهرام وأزاح تلك اللفافة على المقعد بجوار السائق محاولاً النزول ولكن الضابط التقط اللفافة وقام بفضها حيث وجد بداخلها ست طرب لمخدر الحشيش فسارع بضبط المتهم وتبين أن المأذون بتفتيشه لم يكن ضمن ركاب السيارة. وشهد الشرطي السري الشاهد الثاني بمضمون ما شهد به الضابط - كما شهد سائق السيارة الشاهد الثالث بواقعة الضبط على نحو ما سبق وشهد الشاهد الرابع بقدوم الشاهدين الأولين إليه بالنقطة في انتظار قدوم السيارة وما أن وصلت حتى أشار إلى قائدها بالوقوف وقام الضابط بفتح بابها الأيمن بينما انهمك هو في عمله". ثم عرض الحكم لدفع المطعون ضده ببطلان القبض والتفتيش لعدم توافر حالة التلبس فقبل هذا الدفع وخلص إلى القضاء بالبراءة بقول "أن النقيب......... لم يلتزم حدود الأمر بالتفتيش وجاوز مهمته بأن قام بفتح باب السيارة التي قدمت إلى نقطة المرور بحجة التأكد من شخصية ركابها رغم أن مجرد إلقاء النظر إلى هؤلاء الركاب وكانوا ستة بداخلها كان يكفي للتحقق من أن المأذون بتفتيشه والمعروف لديه لم يكن من بينهم، ومهما يكن من الأمر فإن الثابت من أقوال الضابط أنه عندما دنا من باب السيارة الأيمن الأمامي أثر إيقافها وقام بفتحه ارتبك المتهم وكان جالساً بجوار السائق وأزاح عنه اللفافة وأودعها بجوار السائق محاولاً النزول ولا يمكن أن يكون للارتباك علامات ظاهرة تميز الشخص المرتبك عن غيره إذ أن الارتباك حالة نفسية تعتري الإنسان ولا مظهر خارجي لها فضلاً عن أنه يمكن أن يصح في الاتهام أن المتهم بإزاحته اللفافة ومحاولته النزول من السيارة إنما كان يقصد تهيئة مكان للضابط بينه وبين السائق اعتقاداً منه أن الضابط يبتغي الركوب، وحيث إن مؤدى ما تقدم ومن تصوير الضابط لواقعة الضبط لا يدل على بذاته على قيام دلائل كافية على اتهام المتهم بجريمة المخدر ولا ينبني عن تلبسه بتلك الجريمة ولا يوحي إلى رجل الضبط بقيام أمارات على ارتكابها حتى يسوغ له ضبط المخدر الذي لم يتبينه إلا بعد أن فض اللفافة وحتى يسوغ له أيضاً القبض على المتهم، ومن ثم كان الدفع بالبطلان دفعاً سديداً". لما كان ذلك. كان من المقرر أن التفتيش الذي يحرمه القانون على رجال الضبطية القضائية هو الذي يكون في إجرائه اعتداء على الحرية الشخصية أو انتهاك لحرمة المساكن فيما عدا أحوال التلبس والأحوال الأخرى التي منحهم فيها القانون حق القبض والتفتيش بنصوص خاصة على أن القيود الواردة على حق رجل الضبط القضائي في إجراء القبض والتفتيش بالنسبة إلى السيارات الخاصة بالطرق العامة فتحول دون تفتيشها أو القبض على ركابها إلا في الأحوال الاستثنائية التي رسمها القانون طالما هي في حيازة أصحابها. أما بالنسبة للسيارات المعدة للإيجار - كالسيارة التي ضبط بها المخدر - فإن من حق مأموري الضبط القضائي إيقافها أثناء سيرها في الطرق العامة للتحقق من عدم مخالفة أحكام قانون المرور، ولما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه نقلاً عن أقوال رئيس قسم مكافحة المخدرات أن ضبط هذا الأخير للجوهر المخدر كان بعد تخلي المطعون ضده عن اللفافة التي كان يضعها على فخذيه أثناء ركوبه السيارة - والتي التقطها رئيس القسم وتبين من فضه لها أنها تحوي جوهراً مخدراً - وكان ذلك أثر مشاهدته لرجال القسم عند فتح باب السيارة وارتكابه ولم يكن نتيجة سعي الضابط للبحث عن جريمة إحراز المخدر، وأن أمر ضبط هذه الجريمة إنما جاء عرضاً ونتيجة لما اقتضاه البحث بين ركاب السيارة عن الشخص المأذون بتفتيشه مما جعل الضابط حيال جريمة متلبس بها، فإن الحكم المطعون فيه إذ التفت عن هذا النظر وقضى ببطلان القبض والتفتيش يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه. ولما كان هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن نظر موضوع الدعوى وتقدير أدلتها فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.
ساحة النقاش