قيام حالة التلبس بالجريمة مما يبيح لرجال الضبط القضائى الذين شاهدوا وقوعها أن يقبضوا بغير أمر من النيابة على كل من يقوم لديهم الدليل على مساهمته فيها وأن يفتشوه سواء أكان فاعلا أصليا أم شريكا.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الرابع - السنة 6 - صـ 1412
جلسة 5 من ديسمبر سنة 1955
برياسة السيد الأستاذ حسن داود المستشار، وبحضور السادة الأساتذة: محمود ابراهيم اسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد حسنين المستشارين.
(418)
القضية رقم 756 سنة 25 القضائية
تلبس. قبض. تفتيش. قيام حالة التلبس. يجيز لمأمورى الضبط القضائى الذين شاهدوها أن يقبضوا بغير أمر من النيابة على كل من يقوم لديهم الدليل على مساهمته فى الجريمة وأن يفتشوه سواء أكان فاعلا أم شريكا.
قيام حالة التلبس بالجريمة مما يبيح لرجال الضبط القضائى الذين شاهدوا وقوعها أن يقبضوا بغير أمر من النيابة على كل من يقوم لديهم الدليل على مساهمته فيها وأن يفتشوه سواء أكان فاعلا أصليا أم شريكا.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من: 1 - شفيق حنا سدراك الشهير بالأسيوطى و2 - أمين محمد سعد سليمان و3 - عبد السلام محمد محمود الشهير بالاسكندرانى بأنهم: المتهم الأول - قلد ضرب المسكوكات من ذات القرشين المتداولة قانونا فى بلاد الحكومة المصرية وذلك بأن اصطنع من سبيكة تتكون من القصدير والرصاص والنحاس والأنتميون قطعا على غرارها - والمتهمان الثانى والثالث روجا المسكوكات المزورة سالفة الذكر بأن تعاملا بها مع علمهما بتزويرها. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمادة 202 من قانون العقوبات فقررت بذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت عملا بمادة الاتهام بالنسبة إلى المتهمين الأول والثانى الطاعنين أولا: بمعاقبة شفيق حنا سدراك الشهير بالأسيوطى بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنين وثانيا: بمعاقبة أمين محمد سعد سليمان بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنين. وثالثا: ببراءة عبد السلام محمد محمود الشهير بالاسكندرانى مما أسند إليه. ورابعا: بمصادرة الأدوات والنقود المزيفة المضبوطة. فطعن الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
... من حيث إن الطاعن الأول شفيق حنا سدراك الشهير بالأسيوطى، وإن كان قد قرر الطعن فى الميعاد غير أنه لم يقدم لطعنه أسبابا فيكون طعنه غير مقبول شكلا.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الثانى قد استوفى الشكل المقرر بالقانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه حين قضى برفض الدفع ببطلان القبض على الطاعن الثانى وتفتيشه قد أخطأ ذلك بأنه على الرغم من ورود اسمه فى محاضر جمع الاستدلالات بأنه يروج المسكوكات التى يزيفها الطاعن الأول، فإن البوليس لم يستصدر من النيابة العامة أمرا بالقبض عليه وتفتيشه أسوة بالطاعن الأول، وبعد تنفيذ أمر التفتيش بالنسبة لهذا الأخير واعترافه على الطاعن الثانى قصد رجال البوليس إلى موقف الاوتوبيس رقم 10 بعد أن ساروا مسافة كيلومترين وانتظروا نحو ساعة إلى أن أقبل الطاعن الثانى فقبضوا عليه وفتشوه، وهو إجراء باطل لعدم صدور أمر به من سلطة التحقيق ولانتفاء حالة التلبس أما ما زعمه رجال البوليس تبريرا للقبض عليه وتفتيشه من أنه أخرج من جيبه نقودا فهو زعم غير صحيح، وعل فرض صحته فلا تأثير له على بطلان الإجراءات لأن تخليه عن حيازة النقود لم يكن اختياريا، وإنما كان وليد الخوف من القبض والتفتيش الباطلين.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى فى قوله "إن القائمقام صديق فريد مفتش مباحث القاهرة قد علم من التحريات أن المتهم الأول شفيق حنا سدراك الشهير بالأسيوطى (الطاعن الأول) يقلد ضرب المسكوكات الفضية من ذات القرشين فعهد فى يوم 3 أبريل سنة 1954 إلى أحد المرشدين بشراء كمية من المسكوكات المقلدة من المتهم وسلمه لهذا الغرض ثلاثين قرشا فذهب المرشد بصحبة أحد من رجال البوليس الملكى من قسم مكافحة التزييف ووقف رجل البوليس بعيدا عن محل المتهم الأول الذى يستأجره لكى الملابس وشاهد المرشد يقابل هذا المتهم ثم يخرج معه ويجلسان فى مقهى قريب بآخر محطة المترو بمصر الجديدة ثم يعودان سويا إلى المحل وينصرف المرشد وحده وقد سلمه هذا المرشد خمسا وعشرين قطعة مزيفة من ذات القرشين متقنة التقليد فعاد بها إلى مفتش المباحث الذى أمره هو وزميليه رجال البوليس الملكى أحمد على ناصف وفتحى السيد بمراقبة المتهم الأول مراقبة مستمرة وقد قام رجال البوليس الثلاثة بهذه المراقبة من يوم 4 ابريل سنة 1954 إلى يوم 14 ابريل سنة 1954 وكانوا يقدمون تقريرات يومية بنتيجة مراقبتهم وقد تبين من هذه التقارير أن المتهم الأول اعتاد التردد على أحد المقاهى بشارع هارون الرشيد بمصر الجديدة حيث يجلس صرافو التذاكر بسيارات الأجرة العامة وأنه تقابل مع المتهم الثانى أمين محمد سعد سليمان صراف التذاكر (الطاعن الثانى) فى يوم 14 من أبريل سنة 1954 وسلمه لفافة صغيرة بها نقود صغيرة وأن هذين المتهمين اعتادا التقابل والجلوس منفردين بمقهى هارون الرشيد ودأب المتهم الأول على تسليم المتهم الثانى لفافات صغيرة مماثلة للفافة الأول التى كان بها النقود. وقد عهد مفتش المباحث إلى مرشده بالذهاب إلى منزل المتهم الأول والاتفاق معه على تسليم كمية كبيرة من النقود المزيفة فوعده المتهم بتقليد هذه النقود وتسليمها إليه فى يوم 14 من أبريل سنة 1954 ولما تأكد مفتش المباحث من صدق التحريات والمراقبات ومن أن المتهم الأول يزيف النقود بمنزله استصدر من النيابة بتاريخ 13 من أبريل سنة 1954 إذنا بتفتيش هذا المنزل بحارة حسن يوسف بعزبة سنفردة القبلية قسم الزيتون وتفتيش محله بشارع النزهة بمصر الجديدة وتفتيشه هو شخصيا لضبط ما يوجد من نقود مزيفة أو أدوات تزييف، وقد انتقل مفتش المباحث القائمقام صديق فريد ومعه الصاغان عبد الرحيم العبودى وعلى حجازى والمخبران أحمد على ناصف وفتحى السيد إلى الحجرة التى يقيم بها المتهم فوجدوه يباشر عملية التزييف إذ شاهدوا موقد غاز مشتعلا بجواره قالب معدنى يسمى زيزق عبارة عن قمعين من معدن به فجوة توضع بها قطعة من فئة القرشين ويضغط عليها فيطبع على معدن هذا القالب بأحد وجهيها فى ناحية والوجه الآخر فى ناحية أخرى، ثم يصب بها معدنا مصهورا ويضغط عليه فيتم اصطناع القطعة المزورة، وقد وجد بالفعل بهذا الزيزق قطعة من فئة القرشين لم يتم المتهم تزييفها كما عثر مفتش المباحث بنفس الحجرة أسفل صوان "دولاب" بها على علبة من الصفيح قريبا من موقد النار بداخلها قطعتان من فئة القرشين مزيفتان لم يتم برد حوافيهما وملعقة من الزجاج ساخنة وبها قطع من المعدن وزيزق آخر وقطع صغيرة من المعدن المستعمل فى التزييف، وعثر مفتش المباحث أيضا بجوار موقد النار على مبراة قديمة ومقص كبير تدل حالتهما على أنهما يستعملان فى التزييف إذ بهما بقايا معدنية كما عثر على مبرد يستعمل فى التزييف وعلى بقايا قطع معدنية نتيجة قص حوافى العملة المزيفة وعلى قطعتين صحيحتين من العملة الفضية ذات القرشين يبدو من لونها أنها استعملت فى طبع وجهى العملة بالزيزق وعلى منديل صغير به مسحوق أبيض تبين من التحليل أنه مسحوق الرخام الذى يستعمل فى صنع قوالب التزييف وفتش نفس المتهم الأول فعثر بجيب جلبابه الأيمن على ثمانى عشرة قطعة حديثة الصنع والتزييف، وبجيب صغير بنفس جلبابه على خمس قطع مزيفة تزييفا متقنا إلا أنها كانت لا تزال فى حاجة إلى برد حوافيها، وقد سأل مفتش المباحث المتهم الأول شفويا أثناء التفتيش فاعترف بأنه يزيف النقود لحاجته إليها وضعف موارده المالية، وقد علم مفتش المباحث أثناء عملية التفتيش من رجلى البوليس الملكى اللذين كانا يصاحبانه أنهما فى مراقبتهما للمتهم الأول قبيل التفتيش شاهداه يسلم المتهم الثانى أمين سعد سليمان صراف التذاكر بشركة سيارات الأتوبيس نقودا مزيفة فصحبهما إلى موقف السيارات بمصر الجديدة وطلب منهما إرشاده عنه وأثناء وقوفهم جميعا قدمت إحدى السيارات ونزل منها هذا المتهم فاتجه إليه مفتش المباحث بحضور الصاغين علي حجازى وعبد الرحيم العبودى وسأله عما معه من نقود فضية صغيرة فأخرج المتهم من جيبه نقودا فضية ومعدنية وعرضها على المفتش فوجد من بينها أربعا وثلاثين قطعة من فئة القرشين يدل شكلها على أنها مزيفة وأنها من نوع القطع المزيفة المضبوطة لدى المتهم الأول كما عثر على نقود صغيرة أخرى صحيحة... وقد ضبط هذا المتهم وفتش منزله بعد ذلك فلم يعثر على شئ. واعترف المتهم الأول لأول وهلة وفى كافة أدوار التحقيق بأنه اعتاد تزييف هذه النقود منذ عدة شهور وأنه سلم منها خمسا وعشرين قطعة للمتهم الثانى مقابل ثلاثين قرشا يوم ضبطه وانه اعتاد تسليمه مثل هذا المبلغ يوميا لترويجه بين ركاب سيارات الأجرة إذ يسهل له عمله كصراف للتذاكر ترويج هذه المسكوكات المزيفة - ولما كان يبين من ذلك أن الطاعن الأول الذى صدر أمر النيابة العامة بتفتيشه وتفتيش مسكنه قد ضبط متلبسا بجريمة تزييف نقود فضية، وكان قيام هذه الحالة مما يبيح لرجال الضبط القضائى الذين شاهدوا وقوعها أن يقبضوا بغير أمر من النيابة على كل من يقوم لديهم الدليل على مساهمته فيها وأن يفتشوه سواء أكان فاعلا أصليا أم شريكا، وكان الطاعن الأول عند ضبطه متلبسا بالجريمة قد اعترف بأن الطاعن الثانى ساهم فى ارتكابها وكانت الدلائل على هذه المساهمة قد قامت أيضا من مراقبة رجال البوليس للطاعن الأول، فإن إجراءات القبض على الطاعن الثانى وتفتيشه تكون صحيحة فى القانون.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعاً.
ساحة النقاش