صدور أمر بضبط المتهم وإحضاره ممن يملكه وحصوله صحيحاً طبقاً للقانون. حق مأمور الضبط القضائي في تفتيش المتهم قبل إيداعه سجن نقطة البوليس تمهيداً لتقديمه إلى سلطة التحقيق.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 7 - صـ 1217
جلسة 27 من نوفمبر سنة 1956
برياسة السيد حسن داود - المستشار، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمد محمد حسنين، وفهيم يسى الجندي - المستشارين.
(337)
القضية رقم 886 سنة 26 القضائية
( أ ) غرفة الاتهام. إجراءات. إعلان. دفاع. عدم إعلان المتهم للحضور أمام غرفة الاتهام. عدم تمسك محامي المتهم أمام محكمة الجنايات بذلك وعدم طلبه أجلاً لتحضير دفاعه. لا إخلال بحق الدفاع.
(ب) غرفة الاتهام. إجراءات. التمسك ببطلان أمر الإحالة إلى محكمة الجنايات لعدم إعلان المتهم بالحضور أمام غرفة الاتهام. لا محل له.
(جـ) تفتيش. قبض. صدور أمر بضبط المتهم وإحضاره ممن يملكه وحصوله صحيحاً طبقاً للقانون. حق مأمور الضبط القضائي في تفتيش المتهم قبل إيداعه سجن نقطة البوليس تمهيداً لتقديمه إلى سلطة التحقيق.
1 - متى تبين أنه حضر مع المتهم أمام محكمة الجنايات محاميان أحدهما موكل والآخر منتدب وأبدى المحاميان دفاعهما دون أن يشير أحدهما في مرافعته إلى عدم إعلان المتهم بالحضور أمام غرفة الاتهام ولا أمام محكمة الجنايات ودون أن يطلب أجلاً لتحضير دفاعه - فإن دعوى المتهم بأن المحكمة أخلت بحقه في الدفاع لا يكون لها أساس عملاً بالمادة 334 من قانون الإجراءات الجنائية.
2 - لا محل للتمسك ببطلان إجراءات الأمر الصادر بإحالة المتهم إلى محكمة الجنايات لعدم إعلانه بالحضور أمام غرفة الاتهام إذ لم يستوجب قانون الإجراءات الجنائية حضور المتهم أمام غرفة الاتهام كشرط لنظر الدعوى بحضوره أمام محكمة الجنايات طبقاً للمادة 191 إجراءات ولأن القانون لم يخول للمتهم الطعن في أوامر غرفة الاتهام الصادرة بإحالته إلى محكمة الجنايات.
3 - متى صدر الأمر بضبط المتهم وإحضاره من سلطة تملك إصداره وحصل صحيحاً موافقاً للقانون فإن تفتيشه قبل إيداعه سجن نقطة البوليس تمهيداً لتقديمه إلى سلطة التحقيق يكون صحيحاً أيضاً، لأن الأمر بالضبط والإحضار هو في حقيقته أمر بالقبض ولا يفترق عنه إلا في مدة الحجز فحسب، وفي سائر الأحوال التي يجوز فيها القبض قانوناً على المتهم يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه مهما كان سبب القبض أو الغرض منه كما هو مقتضى المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن: بأنه أحرز جواهر مخدرة (حشيشاً) بقصد التعاطي بدون مسوغ قانوني. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته على محكمة الجنايات لمحاكمته طبقاً للمواد 1 و2 و34 و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والجدول ( أ ) المرفق به فقررت الغرفة بذلك وأمام محكمة جنايات الجيزة دفع الحاضر عن المتهم بأن المتهم لم يمثل أمام غرفة الاتهام لوجوده في المعتقل ومن ثم تكون إجراءات إحالته إلى المحكمة باطلة كما دفع ببطلان أمر النيابة بشأن ضبط وإحضار المتهم لعدم قيامه على تحقيق مفتوح ودفع أيضاً ببطلان التفتيش الذي قام به ضابط البوليس. وبعد أن أتمت المحكمة المذكورة نظرها قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 و2 و34 و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 الخاص بمكافحة المخدرات والفقرة 12 من الجدول رقم واحد بمعاقبة المتهم سيد عبد الواحد ثعيلب بالسجن لمدة خمس سنين وبغرامة قدرها خمسمائة جنيه مصري ومصادرة الجوهر المخدر المضبوط ورفضت الدفوع المقدمة من المتهم. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
... وحيث إن مبنى الوجهين الأول والثاني، هو أن الحكم المطعون فيه جاء مشوباً ببطلان في الإجراءات وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن غرفة الاتهام أصدرت بجلسة 23 من أبريل سنة 1955 أمرها بإحالة الطاعن إلى محكمة جنايات الجيزة بينما كان محبوساً في سجن قنا دون أن يعلن بالحضور للجلسة المذكورة ودفع محاميه أمام محكمة الجنايات ببطلان إجراءات أمر الإحالة، ولكن المحكمة رفضت هذا الدفع استناداً إلى أسباب مخالفة للقانون، أما ورقة التكليف بالحضور التي وجهت إلى الطاعن في مسكنه للحضور أمام غرفة الاتهام فلا يعتد بها لأن إعلانها لم يتم بسبب وقف إجراءاته عند حد التأشير على الورقة المذكورة بمضمون إجابة شيخ البلد بأن الطاعن محبوس في السجن ولم يتم الإعلان في السجن بعد ذلك، هذا إلى أن الطاعن لم يعلن كذلك للحضور أمام محكمة الجنايات بورقة تكليف بالحضور وفقاً لنصوص المواد 233 و234 و374 و381 من قانون الإجراءات الجنائية. وإنما أحضرته النيابة العامة من سجن قنا الذي كان معتقلاً فيه بأمر عسكري منذ 23 من مارس سنة 1955 بمقتضى خطاب أرسلته للسجن المذكور لحضور جلسة 24 من أكتوبر سنة 1955، وفي هذه الجلسة طلب محامي الطاعن تأجيل نظر الدعوى للاطلاع والاستعداد نظراً للظروف المتقدمة، ولكن المحكمة رفضت طلبه دون أن تبين في حكمها علة ذلك.
وحيث إن ما يثيره الطاعن في هذين الوجهين غير سديد، إذ لم يستوجب قانون الإجراءات الجنائية حضور المتهم أمام غرفة الاتهام كشرط لنظر الدعوى بحضوره أمام محكمة الجنايات بما نص عليه في المادة 191 منه من أنه "إذا صدر أمر بإحالة متهم بجناية إلى محكمة الجنايات في غيبته ثم حضر أو قبض عليه تنظر الدعوى بحضوره أمام المحكمة" ولأن القانون لم يخول للمتهم الطعن في أوامر غرفة الاتهام الصادرة بإحالته إلى محكمة الجنايات، لما كان ذلك وكان يبين من محضر جلسة 24 من أكتوبر سنة 1955، أنه حضر مع الطاعن أمام محكمة الجنايات محاميان أحدهما موكل والآخر منتدب وطلب المحامي الموكل تأجيل نظر الدعوى للاستعداد لأنه وكل في القضية حديثاً فرفضت المحكمة قبول هذا العذر ولكنها أجلت الدعوى لليوم التالي لتعلن النيابة العامة الشاهد الغائب، وفي اليوم المذكور أبدى المحاميان دفاعهما دون أن يشير أحدهما في مرافعته إلى عدم إعلان الطاعن بالحضور أمام غرفة الاتهام ولا أمام محكمة الجنايات ودون أن يطلب أجلاً لتحضير دفاعه، وكانت المادة 334 من قانون الإجراءات الجنائية تقضي بأنه "إذا حضر المتهم في الجلسة بنفسه أو بواسطة وكيل عنه فليس له أن يتمسك ببطلان ورقة التكليف بالحضور وإنما له أن يطلب تصحيح التكليف أو استيفاء أي نقص فيه وإعطاءه ميعاداً لتحضير دفاع قبل البدء في سماع الدعوى وعلى المحكمة إجابته إلى طلبه". فإن دعوى الطاعن بأن المحكمة أخلت بحقه في الدفاع لا يكون لها أساس.
وحيث إن حاصل الوجه الثالث هو أن وكيل النيابة أمر بتاريخ 15 من نوفمبر سنة 1954 بعد اطلاعه على محضر الجناية رقم 129 سنة 1953 العياط بضبط الطاعن وإحضاره، وقام ضابط بوليس نقطة العطف بتنفيذ هذا الأمر فقبض على الطاعن وفتشه فعثر في أحد جيوب حافظته على قطعة من الحشيش وأمام محكمة الجنايات دفع الدفاع عن الطاعن ببطلان أمر الضبط والإحضار لأنه لم يصدر في تحقيق مفتوح عن تهمة معينة موجهة إلى الطاعن، ودفع كذلك ببطلان التفتيش الذي أجراه ضابط النقطة لأنه لم يصدر به أمر من سلطة التحقيق ولا صدر منها أمر بحبس الطاعن وإيداعه السجن وإنما كان أمر النيابة العامة مقصوراً على الضبط والإحضار أي على مجرد إحضاره وتقديمه للمحقق وأبدى الدفاع أيضاً أن صدور الأمر إلى الضابط بضبط الطاعن وإحضاره كان يوجب عليه إجراء تحقيق بحضور كاتب يوقع على المحاضر طبقاً لنص المادة 73 من قانون الإجراءات، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه لم يذكر أن إجراءات القبض والتفتيش هي من إجراءات جمع الاستدلالات التي تستوجب لاتخاذها أن يكون لدى مأمور الضبط القضائي دلائل كافية على وقوع جريمة معينة من متهم حاضر أمامه كما تقضي بذلك المادة 34 من القانون المذكور، وقد رد الحكم على الدفوع المتقدمة بأسباب تتجافى مع حكم القانون، يضاف إلى ذلك أن الطاعن طلب إلى المحكمة بجلسة المحاكمة ضم محضر الجناية المشار إليه آنفاً ولكنها التفتت عن هذا الطلب رغم لزوم الاستجابة إليه لتقدر هي مبررات الأمر الذي أصدرته النيابة العامة بضبط الطاعن وإحضاره.
وحيث إن الحكم المطعون فيه عرض لما يثيره الطاعن في هذا الوجه ورد عليه بقوله "إن الثابت من الأوراق أن وكيل النيابة أثبت في صدر محضر التحقيق أنه بعد اطلاعه على المحضر رقم 129 سنة 1953 جنايات العياط أصدر أمراً بتاريخ 15 نوفمبر سنة 1954 بضبط وإحضار المتهم سيد عبد الواحد ثعيلب وعلى هذا يكون وكيل النيابة قد اطلع على محضر تحقيق جناية وقد تضمن هذا التحقيق اتهام هذا المتهم وقد قدرت سلطة الاتهام كل الظروف اللازمة في هذا التحقيق ورأت إصدار هذا الأمر وهو من صميم سلطتها... وحيث إنه عن الدفع الثالث فالثابت أن الضابط قام بإجراء هذا التفتيش تمهيداً لوضع المتهم في غرفة سجن نقطة البوليس تمشياً مع الأوامر والتعليمات الصادرة إليه وذلك رعاية لمصلحة المتهم نفسه حتى لا يدخل في هذه الغرفة وهو مسلح بأي سلاح أياً كان نوعه حتى شفرات الحلاقة وبحثاً أيضاً وراء مواد أخرى سامة أو حارقة أو خطرة من أي نوع حتى لا يستعملها المراد وضعه في هذا السجن استعمالاً من شأنه الإضرار بنفسه أو بحياة الغير، كما وأن هذه التعليمات تحتم على الضابط أن يحصي ما يكون مع المقبوض عليهم من نقود وأن يعد هذه النقود في حضورهم خوفاً من ادعائهم من ذلك بأنها اختلست أو حدث بها عجز، وأثناء إجراء الضابط كل ذلك عثر عرضاً على ورقة السلوفان ووجد بداخلها هذا الحشيش، ولم يكن يقصد من وراء ذلك تفتيش المتهم بحثاً عن هذا الجوهر المخدر ومن ثم فترى المحكمة أن هذا التفتيش قد وقع صحيحاً ويكون الدفع في غير محله ويتعين الرفض" ولما كان ما قاله الحكم من ذلك وأسس عليه قضاءه صحيحاً في القانون ويصح الاستناد إليه في رفض ما دفع به الطاعن إذ أنه ما دام الأمر بضبط المتهم وإحضاره قد صدر من سلطة تملك إصداره وحصل صحيحاً موافقاً للقانون، فإن تفتيشه قبل إيداعه سجن نقطة البوليس تمهيداً لتقديمه إلى سلطة التحقيق، يكون صحيحاً أيضاً لأن الأمر بالضبط والإحضار هو في حقيقته أمر بالقبض ولا يفترق عنه إلا في مدة الحجز فحسب، وفي سائر الأحوال التي يجوز فيها القبض قانوناً على المتهم يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه مهما كان سبب القبض أو الغرض منه كما هو مقتضي المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية، هذا إلى أنه من المقرر أن التفتيش في حالة الدعوى أمر لازم لأنه من وسائل التوقي والتحوط من شر من صدر الأمر بضبطه وإحضاره إذا ما سولت له نفسه التماساً للفرار أن يعتدي على غيره بما قد يكون محرزاً له من سلاح أو نحوه، لما كان ذلك وكان ما أثبته الحكم المطعون فيه فيما تقدم قد أفاد بذاته أن ضم أوراق قضية الجناية رقم 195 سنة 1953 العياط غير منتج لأنها ليست مطروحة على المحكمة للفصل فيها حتى تقرر إن كان أمر النيابة العامة الصادر فيها بضبط المتهم وإحضاره له ما يبرره، لما كان ما تقدم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الوجه لا يكون له محل.
وحيث إن مؤدى الوجه الرابع هو أن المحكمة أثبتت على لسان الطاعن أنه أنكر علمه بصدور الأمر بضبطه وإحضاره وأن التهمة ملفقة عليه بدس المخدر له من ضابط البوليس، ولكن المحكمة لم تعن بتحقيق هذا الدفاع فشاب حكمها القصور.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به جميع العناصر القانونية لجناية إحراز مادة مخدرة بقصد التعاطي التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى إدانته، لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن، فيما تقدم، هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلزم المحكمة بالرد عليها رداً صريحاً إذ يكون الرد عليها مستفاداً من الحكم بإدانته اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردها، فإن هذا الوجه يكون خليقاً بالرفض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ساحة النقاش