اعتراف المتهم لرجلي البوليس بإحرازه مخدراً استصحابهما له إلى أقرب مأمور من مأموري الضبطية القضائية.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة التاسعة - صـ 300
جلسة 17 من مارس سنة 1958
برياسة السيد مصطفي فاضل وكيل المحكمة, وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل, ومحمود محمد مجاهد, وفهيم يسى جندي, ومحمد عطية إسماعيل المستشارين.
(84)
طعن رقم 122 سنة 28 ق
(أ) قبض. مواد مخدرة. اعتراف المتهم لرجلي البوليس بإحرازه مخدراً. استصحابهما له إلى أقرب مأمور من مأموري الضبطية القضائية. صحيح.
(ب) تفتيش. الإذن به. اعتراف المتهم بإخفاء المخدر في مكان خاص من جسمه إذن النيابة باستخراج المخدر من مكانه. صحيح.
(ج) تفتيش. تنفيذه. قيام الطبيب بإخراج المخدر من المكان الذي أخفاه فيه المتهم المأذون بتفتيشه. صحيح.
1- متى كان الثابت من بيان واقعة الدعوى أن المتهم اعترف لرجل البوليس الملكي بإحرازه المخدر وإخفائه في مكان خاص من جسمه, فاستصحباه باعتبارهما من رجال السلطة العامة إلى أقرب رجل من رجال الضبطية القضائية فإنه لا يصح القول بأنهما تعرضا لحريته بغير حق.
2- إن الإذن الصادر من النيابة باستخراج المخدر الذي اعترف المتهم بإخفائه في مكان خاص من جسمه هو إذن صحيح واستخراج المخدر من مكانه بناء على ذلك يكون صحيحاً أيضاً.
3- إن قيام الطبيب بإخراج المخدر من المكان الذي أخفاه فيه المتهم المأذون بتفتيشه لا تأثير له علي سلامة الإجراءات, ذلك أن الطبيب إنما قام به بوصفه خبيراً ولا يلزم في القانون أن يكون الخبير من رجال الضبطية القضائية أو أن يباشر عمله تحت إشراف أحد.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز جواهر مخدرة "أفيوناً" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1 و2 و33 ج و35 و37/ 2 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبند (أ) من الجدول المرفق. فقررت بذلك. وفي أثناء نظر هذه الدعوى أمام محكمة جنايات أسيوط دفع الحاضر عن المتهم ببطلان القبض وإذن التفتيش وعملية التفتيش. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملا بمواد الاتهام 1 و2 و33 ج و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبند (أ) من الجدول رقم 1 الملحق - أولاً - برفض الدفوع ببطلان القبض وإذن التفتيش وعملية التفتيش وبصحتها جميعاً. وثانياً - بمعاقبة نصر مسعود علي بالأشغال الشاقة المؤبدة بتغريمه ثلاثة آلاف جنيه والمصادرة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.
المحكمة
... وحيث إن مبنى الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون والخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال ذلك بأن الطاعن دفع أمام محكمة الموضوع ببطلان القبض عليه وبطلان الإذن الصادر بعد ذلك من النيابة بتفتيشه تأسيساً على أن الطاعن لم يكن في حالة تلبس فلم يكن من حق رجلي البوليس الملكي - وهما من غير رجال الضبطية القضائية أن يجريا القبض عليه - ولكن المحكمة رفضت الدفع بمقولة إن الطاعن كان في حالة تلبس لما بدا عليه من ارتباك عند سؤاله بمعرفة رجلي البوليس الملكي عند المحطة التي ركب منها لقطار ومن تظاهره بالمرض ومن اعترافه لهما بوجود المخدر معه مخبأ في مكان ما بجسمه في حين أن ما ذكره الحكم من الطاعن لا يؤدي لقيام حالة التلبس لأن أحدا لم يشهد مع الطاعن مخدراً كما رفض الحكم الدفع ببطلان إجراءات التفتيش الحاصل من طبيب المستشفى لحصوله بدون إذن من الطاعن وفي غير حضور الشهود على ما تقضي به المادة 51 من قانون الإجراءات الجنائية هذا بالإضافة إلى أنه ليس من رجال الضبطية القضائية - وقد وقع الحكم - وهو في سبيل التدليل على قيام حالة التلبس في خطأ في الإسناد - إذا قال أنه ورد في أقوال الضابط والمخبرين أن الطاعن كان في حالة إعياء وشفتاه جافتان ويبدو عليه العطش والارتباك في حين أن رجلي البوليس الملكي لم يذكر شيئاً في التحقيقات ولا أمام المحكمة عن تلك الأعراض - كما اعتمد الحكم في إدانة الطاعن على أقوال الشهود الذين أجروا القبض والتفتيش الباطل فسرى فساد الرأي في هذا الفهم إلى الحكم في الدعوى.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إنه بينما كان المخبران كامل عبد الله وإبراهيم عبد الظاهر عائدين بالقطار من المنيا لأسيوط جلسا مصادفة في مقعدين مقابلين للمقعد الذي يجلس به المتهم نصر مسعود علي وكان يخفي وجهه يتظاهر بالمرض يدو عليه الارتباك فلما سألاه عما به كشف عن وجهه فعرفاه إذ أنه من تجار المخدرات المعروفين لهما فاستفسرا منه عن الجهة التي قدم منها فأخذ يتخبط في إجابته ثم اعترف لهما أنه يخفي في شرجه أبنبوتين بهما أفيون وأبدى استعداده لإخراجهما وتسليمها لهما على أن يتغاضيا عن تحرير محضر له - ولما وصل القطار لأسيوط أمسكا به وصادف وجود السيد رئيس مكتب المخدرات بالمحطة فسلماه له ولما سأله اعترف له بإخفائه مخدراًَ في شرجه داخل أنبوتين وطلب منه أن يصحبه إلى مكان منزو لإخراجهما فاصطحبه لأحد الفنادق إلا أنه عاد فعدل فاقتاده القسم البوليس وحرر له محضراً وعرض الأمر على السيد وكيل النيابة الذي انتدب السيد طبيب أول المستشفى لفحص شرج المتهم فاخرج منه بمعاونة زميل له أنبوتين بهما أفيون استدل الحكم على ثبوت الواقعة بأقوال اليوزباشي وهيب صادق رئيس مكتب مكافحة المخدرات بأسيوط والمخبرين كامل عبد الله وإبراهيم عبد الظاهر والطبيبين صبري جورج عطية وأيوب جرجس المصري ومن نتيجة تحليل المادة المخدرة ثم عرض الحكم للدفع ببطلان القبض وإذن التفتيش وما تلاهما بقوله "ومن حيث إنه ثبت من أقوال الضابط والمخبرين أن المتهم كان في حالة إعياء ظاهر وكانت شفتاه جافتين ويبدو عليه العطش والارتباك وهي المظاهر الخارجية لمن يحمل مواد مخدة في شرجه على ما سلف تفصيله في أقوال الضابط ولما ناقشه المخبران من الجهة التي قدم منها أجابهما إجابة مضطربة ثم اعترف لهما بعد ذلك أنه يخفي أفيوناً في شرجه كل هذا مجتمعاً يكون حالة التلبس التي تجيز القبض على المتهم فالقبض قد تم صحيحاً والإذن الصادر بالتفتيش وقع باطلاً لأن المتهم كان في حالة غيبوية فإن ذلك بفعل المتهم وعدم تعاونه مع الطبيبين في ذلك مما اضطر معه إلى تخديره لإخراج ما معه من ممنوعات محظور حيازتها من ناحية وحرصا على حياته من ناحية أخرى".
وحيث إن ما قاله الحكم بصدد بين واقعة الدعوى يفيد أن المتهم اعترف لرجل البوليس الملكي بإحرازه المخدر وإخفائه في مكان خاص من جسمه فإذا كان رجلا البوليس الملكي قد استوقفاه ـ باعتبارهما من رجال السلطة العامة من واجبهما التبليغ عن الجرائم واستصحباه إلى أقرب رجل من رجال الضبطية القضائية - فلا يصح القول بأنهما تعرضا لجريته بغير حق - لأن اعترافه لهما بإحراز المخدر - قد أباح لهما أن يستحضراه في الحال إلى من يمكنه الحصول منه على الإيضاحات اللازمة في شأن هذه الواقعة والتثبت من صحة تفاصيل هذا الاعتراف ويكون القبض الحاصل عليه بعد ذلك - بمعرفة الضابط قبضاً صحيحاً قانوناً ثم إن الإذن الصادر من النيابة باستخراج المخدر بعد اطلاعها على محضر ضبط الواقعة واقتناعها مما جاء فيه بأن ثمت دلائل قوية على أن المتهم يحرز في جسمه مخدراً هو إذن صحيح باستخراج المخدر من مكانه بناء على ذلك يكون صحيحاً أيضاً - ومتى كان الأمر كذلك فلا يصح الطعن على الحكم من جهة استشهاده على المتهم بالدليل المستمد من الإجراءات التي تمت على هذا الأساس - فيكون الحكم قد أصاب في رفض ما تمسك به الطاعن من بطلان القبض والإذن بالتفتيش الصادر من وكيل النيابة - لما كان ذلك - وكان الثابت من أقوال طبيبي المستشفى أن الطاعن رفض إخراج المخدر طواعية واختياراً مما اضطرهما إلى استعمال البنج في استخراجه - فما وقع على الطاعن من إكراه بسبب عدم إذعان المتهم - إنما كان بالقدر اللازم لتمكين الطبيب من استخراج المخدر من المكان الذي أخفاه فيه الطاعن ولا تأثير لذلك على سلامة الإجراءات وكان الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع ببطلان ما قام به الطبيب فلا يصح له إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض - ومن ناحية أخرى فإن قيام الطبيب بإخراج المخدر من المكان الذي أخفاه فيه الطاعن إنما قام به بوصفه خبيراً ولا يلزم في القانون أن يكون الخبير من رجال الضبطية القضائية أو أن يباشر عمله تحت إشراف أحد - وكان ما ذكره الحكم من أقوال الشهود بشأن حالة الطاعن الصحية - له أصله الثابت في الأوراق - وقد أورد مؤدي أقوال كل منهم تفصيلاً فدل بذلك على أنه كان ملماً بها مدركاً لها ولم تغب عنه حقيقتها فيما خلص إليه من نتائج - لما كان ذلك فإن الطعن لا يكون له محل.
وحيث إنه لكل ما تقدم يكون الطعن على غير أساسا متعيناً رفضه موضوعاً.
ساحة النقاش