الإمساك من الجسم وتقييد الحركة والحرمان من حرية التجول لأية فترة زمنية.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثاني - السنة 10 - صـ 482
جلسة 27 من أبريل سنة 1959
برياسة السيد حسن داود نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: فهيم يسى جندي، ومحمد عطيه اسماعيل، وعباس حلمي سلطان، وعادل يونس المستشارين.
(105)
الطعن رقم 212 لسنة 29 القضائية
(أ) قبض وحبس بدون وجه حق. عناصر الواقعة الإجرامية. فعل القبض. ماهيته.
الإمساك من الجسم وتقييد الحركة والحرمان من حرية التجول لأية فترة زمنية.
(ب) وصف التهمة. ما لا يتعارض مع تقيد المحكمة بواقعة الدعوى.
تغيير الوصف القانوني للواقعة دون إضافة شئ إليها.
ما لا يستلزم تنبيه الدفاع.
النزول بالتهمة إلى وصف أخف عقوبة دون تعديل للتهمة. مثال.
النزول بجناية القبض مع التعذيب البدني إلى جنحة. المادة 280 ع.
نقض. أوجهه. الخطأ في القانون الموضوعي.
انتهاء الحكم إلى اعتبار الواقعة شروعا في جنحة قبض غير معاقب عليه بعد استبعاد الظرف المشدد - بدعوى أن التعذيب البدني لم يكن على درجة من الخطورة - على الرغم من أن مدونات الحكم تؤدي إلى توافر جنحة القبض بدون أمر الجهات المختصة المنصوص عليها في المادة 280 ع.
1 - القبض على شخص هو إمساكه من جسمه وتقييد حركته وحرمانه من حرية التجول دون أن يتعلق الأمر على قضاء فترة زمنية معينة.
2 - الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم، بل هى مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقا صحيحا دون حاجة إلى أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك ما دام أن الواقعة المادية التي اتخذتها المحكمة أساسا للتغيير الذي أدخلته على الوصف القانوني المعطى لها من النيابة العامة هى بذاتها الواقعة المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة ودارت عليها المرافعة دون أن تضيف إليها شيئا، بل نزلت بها من جناية إلى جنحة بعد استنزال الظرف المشدد المغلظ للعقوبة - فإذا كانت الواقعة أن المتهمين اتهما بجناية الشروع في القبض على المجني عليه بدون وجه حق المصحوب بتعذيبات بدنية، وكانت الواقعة كما أوردها الحكم في مدوناته وكما دارت عليها المحاكمة تتوافر بها أركان جنحة القبض على الأشخاص بدون أمر أحد الحكام المختصين بذلك وفي غير الأحوال التي تصرح فيها القوانين واللوائح بالقبض على ذوي الشبهة - وهى الجريمة المعاقب عليها بالمادة 280 من قانون العقوبات - فإن الحكم إذ انتقص من الواقعة الظرف المشدد المستمد من التعذيبات البدينة - بدعوى أنها لم تكن على درجة من الخطورة لتكوين ذلك الظرف وتغليظ العقوبة - وخلص إلى اعتبار الواقعة شروعا في جنحة قبض غير معاقب عليها طبقا للمادة 47 من قانون العقوبات لعدم النص على عقاب الشروع فيها يكون مخطئا في القانون مما يقتضي تصحيحه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بأنهما: شرعا في القبض على "عبد العاطي قاسم أحمد حسنين" بدون أمر من الحكام المختصين وفي غير الأحوال التي تصرح فيها القوانين واللوائح بذلك، وكان القبض مصحوبا بالتعذيبات البدنية التي أحدثت به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي، وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه وهو مقاومة المجني عليه لهما وضبطهما متلبسين. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهما على محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 45، 46، 280، 282 من قانون العقوبات، فقررت بذلك ومحكمة جنايات قنا قضت حضوريا للأول وغيابيا للثاني وببراءة المتهمين مما أسند إليهما بغير مصروفات جنائية، وذلك على اعتبار أن الواقعة هى شروع في جنحة قبض طبقا للمادة 47 عقوبات.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
... وحيث إن النيابة العامة تبني طعنها على أن الحكم المطعون فيه أخطأ القانون حين قضى ببراءة المتهمين من جناية الشروع في القبض على المجني عليه بدون وجه حق المصحوب بتعذيبات بدنية، استنادا إلى استبعاد الظرف المشدد المستمد من التعذيبات البدنية، بقوله إنها لم تكن على درجة من الخطورة يتحقق بها قيام ذلك الظرف. وانتهى الحكم إلى النزول بالواقعة إلى مجرد جنحة شروع في قبض بدون وجه حق غير معاقب عليه بنص خاص، في حين أن الواقعة كما أوردها الحكم يتحقق بها توافر أركان جنحة القبض على الأشخاص بدون أمر قانوني التي يكفي لقيامها مجرد إمساك المجني عليه من جسمه وتقييد حركته وحرمانه من حرية الذهاب والإياب دون حاجة إلى فترة زمنية، وكان يتعين على المحكمة تمحيص الواقعة المطروحة أمامها بجيمع كيوفها وأوصافها، وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقا صحيحا.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إن المجني عليه عبد العاطي قاسم أحمد حسنين بينما كان في وسط زراعة الفول المملوك لوالده حوالي الساعة العاشرة والنصف صباحا فاجأه المتهمان من الخلف وأمسكا بتلابيبه، وجعلا يدفعانه إلى زراعة فول أخرى في الناحية البحرية كان يختبئ فيها خمسة أشخاص آخرين مسلحين بالبنادق، فقاومهما المجني عليه مستغيثا، فأغاثه كل من بيومي محمد ضمراني وعبد الرازق محمد ضمراني وأحمد جلال عبد الرحيم الذين كانوا بزراعتهم القريبة، وقبضوا على المتهمين وعلى الأثر أطلق الأشخاص المختبئون بضعة أعيرة إرهابا وبقصد تمكين المتهمين من الفرار......... وظهر من التحقيق أن القصد من القبض على المجني عليه هو حجزه مقابل رده بالحلوان، وقد تبين من مراجعة التقرير الطبي المتوقع عليه أنه مصاب بجروح وتسلخات رضية أعلا الصدر والرقبة من الناحيتين والكتف الأيسر والأيمن، وهذه الإصابات نتيجة إعمال أظافر آدمية في هذه الأماكن وتحتاج لعلاج أقل من العشرين يوما". وبعد أن أورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال الشهود ومن التقرير الطبي انتقض منها الظرف المشدد المستمد من التعذيبات البدنية بدعوى أنها لم تكن على درجة من الخطورة لتكوين ذلك الظرف وتغليظ العقوبة، وخلص إلى اعتبار الواقعة شروعا في جنحة قبض غير معاقب عليها طبقا للمادة 47 من قانون العقوبات لعدم النص على عقاب الشروع فيها.
وحيث إن الواقعة كما أوردها الحكم في مدوناته وكما دارت عليها المحاكمة تتوافر بها أركان جنحة القبض على الأشخاص بدون أمر أحد الحكام المختصين بذلك وفي غير الأحوال التي تصرح فيها القوانين واللوائح بالقبض على ذوي الشبهة، وهى الجريمة المعاقب عليها بالمادة 280 من قانون العقوبات، ذلك أن القبض على شخص هو إمساكه من جسمه وتقييد حركته وحرمانه من حرية التجول دون أن يتعلق الأمر على قضاء فترة زمنية معينة - لما كان ذلك، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم، بل هى مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقا صحيحا، فإنه كان من المتعين على المحكمة أن تقضي في الدعوى على مقتضى ما تقدم دون حاجة إلى أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك ما دام أن الواقعة المادية التي اتخذتها المحكمة أساسا للتغيير الذي أدخلته على الوصف القانوني المعطى لها من النيابة العامة هى بذاتها الواقعة المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة ودارت عليها المرافعة دون أن تضيف إليها شيئا، بل نزلت بها من جناية إلى جنحة بعد استنزال الظرف المشدد المغلظ للعقوبة.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه وتصحيحه بمعاقبة كل من المطعون ضدهما بالحبس مع الشغل لمدة سنتين عملا بالمادة 280 من قانون العقوبات.
ساحة النقاش