لموظفي الجمارك - الذين منحوا صفة الضبط القضائي طبقاً لأحكام القانون 66 لسنة 1963 - في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية، أو في حدود نطاق الرقابة الجمركية.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 17 - صـ 563
جلسة 3 من مايو سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: مختار مصطفى رضوان، ومحمود عزيز الدين سالم، وحسين سامح، ومحمد أبو الفضل حفني.
(101)
الطعن رقم 91 لسنة 36 القضائية
( أ ) مأمورو الضبط القضائي. تهريب جمركي. جمارك.
اعتبار القانون رقم 9 لسنة 1905 - في شأن منع تهريب البضائع - كافة موظفي الجمارك وعمالها من رجال الضبطية القضائية أثناء قيامهم بتأدية وظيفتهم. تأكيد الشارع هذه الصفة لهم في المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة وفي القانون 623 لسنة 1955 بأحكام التهريب الجمركي. القانون 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك قضى في المادة 25 منه باعتبار موظفي الجمارك الذين يصدر بتحديد وظيفتهم قرار من وزير الخزانة من مأموري الضبط القضائي في حدود اختصاصهم. هذا القانون لم يلغ القانون 9 لسنة 1905 فظلت أحكامه نافذة وسارية المفعول. بقاء صفة الضبط القضائي التي أسبغها على موظفي وعمال الجمارك أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم إلى أن يصدر قرار وزير الخزانة استناداً إلى القانون 66 لسنة 1963 فينحسر عمن لم ترد وظيفته به صفة مأمور الضبط القضائي بينما تستمر هذه الصفة بالنسبة إلى كل موظف أدرج عمله في ذلك القرار باعتباره قراراً كاشفاً ومحدد للوظائف التي يعتبر العاملون فيها من مأموري الضبط القضائي.
(ب) جمارك. تهريب جمركي. قبض. تفتيش.
لموظفي الجمارك - الذين منحوا صفة الضبط القضائي طبقاً لأحكام القانون 66 لسنة 1963 - في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية، أو في حدود نطاق الرقابة الجمركية إذا ما قامت لديهم دواعي الشك في البضائع والأمتعة أو مظنة التهريب فيمن يوجدون بداخل تلك المناطق. عدم تطلب الشارع بالنسبة إلى الأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية. يكفى أن تقوم لدى الموظف المنوط بالمراقبة والتفتيش في تلك المناطق حالة تنم عن شبهة في توافر التهريب الجمركي فيها. الشبهة المقصودة؟ تقديرها موضوعي.
1 - يبين من الرجوع إلى القانون رقم 9 لسنة 1905 في شأن منع تهريب البضائع والذي تضمن على استقلال بعض الأحكام الإجرائية الواجب إتباعها في سبيل تنظيم إجراءات القبض والتفتيش وغيرها، أنه نص في المادة السابعة منه على اعتبار كافة موظفي الجمارك وعمالها من رجال الضبطية القضائية أثناء قيامهم بتأدية وظيفتهم، ثم جاء الشارع في المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 243 لسنة 1953 يؤكد هذه الصفة لهم بما نص عليه من اعتبار النصوص الواردة في القوانين والمراسيم الأخرى في شأن تخويل بعض الموظفين اختصاص مأموري الضبط القضائي بمثابة قرارات صادرة من وزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص، ثم ردد القانون رقم 623 لسنة 1955 بأحكام التهريب الجمركي ذلك الحكم حين أضفى صفة الضبط القضائي على موظفي الجمارك وكل موظف يصدر بتعيينه قرار من وزير المالية والاقتصاد وإذ صدر القرار الجمهوري بالقانون رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك أكد بدوره المبدأ سالف البيان حين نص في المادة 25 منه على أنه يعتبر موظفو الجمارك الذين يصدر بتحديد وظيفتهم قرار من وزير الخزانة من مأموري الضبط القضائي وذلك في حدود اختصاصهم. والقانون المشار إليه حين عدد في مادته الثانية القوانين التي رأى إبطال العمل بأحكامها لم ينص على إلغاء القانون رقم 9 لسنة 1905 باعتباره قانوناً إجرائياً بحتاً ولا يمت بصلة إلى تلك القوانين الموضوعية التي ألغيت ومن بينها اللائحة الجمركية الصادرة في 2 من أبريل سنة 1884 والقوانين المعدلة لها وعلي أساس أنه لا يدخل في نطاق تلك القوانين الموضوعية المعدلة اللائحة الجمركية إذ هو قانون يتميز بطابع إجرائي خاص عالج قواعد وأحكام التهرب من الوجهة الإجرائية على استقلال ودون الأخذ بقواعد قانون تحقيق الجنايات على إطلاقها بالنظر إلى الصفة المدنية التي كانت بارزة حين إصداره في أفعال وجرائم التهريب، ومن شأن ما تقدم أن تظل أحكام القانون رقم 9 لسنة 1905 حية نافذة وسارية المفعول، بما مؤداه أن تبقى صفة الضبط القضائي التي أسبغها على موظفي وعمال الجمارك أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم قائمة ولاصقة بهم جميعاً بما يعطيهم الحق في مزاولة واجبات وظائفهم في ضوئها. وليس من شأن أحكام المادة 25 من القانون رقم 66 لسنة 1963 أن تخلع عنهم كلهم أو بعضهم تلك الصفة قبل أن يصدر القرار الوزاري المحدد للوظائف التي يتمتع بها شاغلوها، فإذا صدر ذلك القرار الوزاري القائم على أساس تفويض تشريعي ينحسر عمن لم ترد وظيفته به صفة مأمور الضبط بينما تستمر هذه الصفة بالنسبة إلى كل موظف أدرج عمله في ذلك القرار باعتباره قراراً كاشفاً ومحدداً للوظائف التي يعتبر العاملون فيها من مأموري الضبط القضائي ومقيداً من وقت نفاذه لأحكام القانون رقم 9 لسنة 1905.
2 - يؤخذ من استقراء نصوص المواد من 26 إلى 30 من القانون رقم 66 لسنة 1963 أن الشارع منح موظفي الجمارك الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائي في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية، أو في حدود نطاق الرقابة الجمركية إذا ما قامت لديهم دواعي الشك في البضائع والأمتعة أو مظنة التهريب فيمن يوجدون بداخل تلك المناطق، وأن الشارع بالنظر إلى طبيعة التهريب الجمركي وصلته المباشرة بصالح الخزانة العامة ومواردها وبمدى الاحترام الواجب للقيود المنظمة للاستيراد والتصدير لم يتطلب بالنسبة إلى الأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو اشترط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في القانون المذكور، بل إنه تكفى أن تقوم لدى الموظف المنوط بالمراقبة والتفتيش في تلك المناطق حالة تنم عن شبهة في توافر التهريب الجمركي فيها - في الحدود المعرف بها في القانون - حتى يثبت له حق الكشف عنها. والشبهة المقصودة في هذا المقام هي حالة ذهنية تقوم بنفس المنوط بهم تنفيذ القوانين الجمركية يصح معها في العقل القول بقيام مظنة التهريب من شخص موجود في حدود دائرة المراقبة الجمركية وتقدير ذلك منوط بالقائم بالتفتيش تحت إشراف محكمة الموضوع.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 28 من أغسطس سنة 1963 بدائرة قسم الميناء بمحافظة الإسكندرية: جلب جواهر مخدرة "حشيشاً" بدون ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للمواد 1 و2 و3 و33/ 1 - 2 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند رقم 12 من الجدول رقم (1) المرافق. فقرر بذلك. ولدى نظر الدعوى أمام محكمة جنايات الإسكندرية دفع الحاضر مع المتهم ببطلان القبض والتفتيش. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتاريخ 15 ديسمبر سنة 1964 عملاً بالمواد 1 و2 و3 و33/ 1 - 2 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند 12 من الجدول رقم (1) المرافق بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمه مبلغ ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة، وقد ردت المحكمة في أسبابها على الدفع قائلة بأنه في غير محله متعيناً رفضه. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.. الخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة جلب جواهر مخدرة بدون ترخيص كتابي من الجهة المختصة قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان إجراءات تفتيشه استناداً إلى أن من أجراه لم يكن يملكه بالتطبيق لأحكام القانون رقم 66 لسنة 1963 - بإصدار قانون الجمارك - الذي وقعت الجريمة المسندة إليه في ظله ورفضت المحكمة هذا الدفع بقوله إن المادة 26 من القانون المشار إليه إنما تبيح لموظفي الجمارك إجراء التفتيش واتخاذ كل ما يرونه من إجراءات وتدابير في نطاق الدائرة الجمركية وأنه وقد صح تفتيش الطاعن وكشف هذا التفتيش عن جريمة من جرائم القانون العام فإنه يصح الأخذ بنتيجته التي كانت ثمرة إجراء مشروع في ذاته. وهذا الذي ذهبت إليه المحكمة غير سديد في القانون ذلك بأن القانون رقم 66 لسنة 1963 وضع أحكاماً مغايرة للأحكام المنصوص عليها في قوانين الجمارك التي ألغاها والتي كانت تسبغ على موظفي الجمارك قاطبة صفة مأموري الضبط القضائي في شأن الجرائم المنصوص عليها فيها فنص في مادته الخامسة والعشرين على ألا تمنح تلك الصفة إلا لموظفي الجمارك الذين يصدر بتحديد وظيفتهم قرار من وزير الخزانة وهو ما يتعين معه تفسير أحكام المادة 26 في ضوئها وقصر إباحة اتخاذ الإجراءات الواردة بالمادة الأخيرة على الموظفين الذين اكتسبوا صفة مأموري الضبط القضائي بموجب القرار الذي يصدر من وزير الخزانة تنفيذاً لأحكام المادة الأولى وهو ما لم يصدر إلا في 23 من ديسمبر سنة 1963. ومن ثم تنتفي تلك الصفة عن كافة موظفي الجمارك في الوقت الذي وقعت فيه الجريمة التي دين الطاعن بها ويسقط عمن تولى تفتيشه الحق في إجرائه. وهو ما تبطل به إجراءات التفتيش وكل ما ترتب عليه من آثار ونشأ عنه من دلائل ويستوجب نقض الحكم المطعون فيه وتبرئة الطاعن مما أسند إليه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق استمدها مما شهد به كل من الشهود محمد حسن وصفي الجراد بمحطة الركاب البحرية ومصطفى عبد اللطيف جميعي مأمور الجمرك ومصطفى عبد العزيز مصطفى المراجع بالجمرك ومما أثبته وكيل النيابة المحقق في محضره في شأن وصف الحزام المضبوط مع الطاعن ومحتوياته وما اتخذه من إجراءات أخرى ومما تضمنه الإقرار المقدم من المتهم وجواز سفره ومما أثبته تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي وبعد أن أورد الحكم مضمون كل دليل من هذه الأدلة عرض للدفع المبدي من الطاعن وأثبته ورد عليه في قوله: "وحيث إن الدفاع عن المتهم (الطاعن) دفع ببطلان القبض والتفتيش بمقولة: وفضلاً عن ذلك فإن شاهدي الإثبات الأول والثاني لم تخول لهما صفة مأموري الضبط القضائي إلا بموجب قرار وزارة الخزانة رقم 71 لسنة 1963 الصادر بتاريخ 23/ 12/ 1963 بشأن تحديد وظائف مأموري الضبط القضائي. ولما كان الحادث قد وقع بتاريخ 28/ 8/ 1963 فإنه لم يكن يسوغ لهما اتخاذ أي إجراء من إجراءات التفتيش قبل المتهم. وأضاف الدفاع أن الشاهد الأول وقد تبين أن المتهم يخفي حشيشاً في الحزام فإنه كان يتعين عليه إخطار النيابة العامة بالحادث وترك الحزام بالحالة التي كان عليها دون فكه إذ أنه غير مختص إلا بضبط الجرائم الجمركية فإذا ما ظهرت أمامه جريمة تدخل في نطاق القانون العام امتنع عليه اتخاذ أي إجراء من إجراءات التفتيش، وهو إذ خالف القانون وفك الحزام فإنه بذلك يكون قد أتى إجراءاً باطلاً يبطل الدليل المستمد منه. وحيث إن الدفع بادي الذكر مردود بما نصت عليه المادة 26 من القرار الجمهوري بالقانون رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك المعمول به وقت الحادث ويجرى نصها على هذا النحو "لموظفي الجمارك الحق في تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية وفي الأماكن والمستودعات الخاضعة لإشراف الجمارك، وللجمارك أن تتخذ كافة التدابير التي تراها كفيلة بمنع التهريب داخل الدائرة الجمركية" ولما كان شاهد الإثبات الأول من موظفي الجمارك ويعمل جراداً بمحطة الركاب البحرية بجمرك الإسكندرية ومنوطاً به اتخاذ التدابير الجمركية بالنسبة لركاب البواخر الذين يصلون إلى ميناء الإسكندرية، فإنه يسوغ له بمقتضى النص المذكور تفتيش هؤلاء الركاب داخل الدائرة الجمركية، وإذ كان الشاهد المذكور قد قام بتفتيش المتهم في الدائرة الجمركية التي يعمل بها بمقتضى الحق المخول" فإن إجراء هذا التفتيش يغدو صحيحاً في القانون. فإذا ما عثر أثناء هذا التفتيش المشروع على دليل يكشف عن جريمة غير جمركية معاقب عليها بقانون آخر فإنه يصح الاستشهاد بهذا الدليل في تلك الجريمة على أساس أنه ثمرة إجراء مشروع في ذاته ولم يرتكب في سبيل الوصول إليه أية مخالفة، وبناء على ذلك يكون ضبط الحزام الذي وجد حول خصر المتهم بعد الاشتباه في كونه يحوى حشيشاً إجراءاً صحيحاً إذ كان نتيجة إجراء مشروع فإذا ما تولت سلطة التحقيق بعد ذلك فض هذا الحزام وثبت أنه يحوي حشيشاً صح الاستشهاد بهذا الدليل في جريمة جلب جواهر مخدرة إلى الأراضي المصرية، وفضلاً عن أن شاهد الإثبات الأول يحق له تفتيش الأشخاص في حدود الدائرة الجمركية التي يعمل بها كصريح النص آنف الذكر فإنه لم يقم بتفتيش المتهم إلا بعد أن قامت الدلائل على أنه يخفى أشياء محظوراً إدخالها إلى الأراضي المصرية على نحو ما هو ثابت في أقواله وبعد أن أذن مأمور الجمرك بإجراء هذا التفتيش. ومن ثم يغدو الدفع في غير محله حقيقاً بالرفض" لما كان ذلك، وكان يبين من الرجوع إلى القانون رقم 9 لسنة 1905 في شأن منع تهريب البضائع والذي تضمن على استقلال بعض الأحكام الإجرائية الواجب إتباعها في سبيل تنظيم إجراءات القبض والتفتيش وغيرهما، أنه نص في المادة السابعة منه على اعتبار كافة موظفي الجمارك وعمالها من رجال الضبطية القضائية أثناء قيامهم بتأدية وظيفتهم ثم جاء الشارع في المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 243 لسنة 1953 يؤكد هذه الصفة لهم بما نص عليه من اعتبار النصوص الواردة في القوانين والمراسيم الأخرى في شأن تخويل بعض الموظفين اختصاص مأموري الضبط القضائي بمثابة قرارات صادرة من وزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص ثم ردد القانون رقم 623 لسنة 1955 بأحكام التهريب الجمركي ذلك الحكم حين أضفى صفة الضبط القضائي على موظفي الجمارك وكل موظف يصدر بتعيينه قرار من وزير المالية والاقتصاد. وإذ صدر القرار الجمهوري بالقانون رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك أكد بدوره ترديد المبدأ سالف البيان حين نص في المادة 25 منه على أنه "يعتبر موظفو الجمارك الذين يصدر بتحديد وظيفتهم قرار من وزير الخزانة من مأموري الضبط القضائي وذلك في حدود اختصاصهم" ولما كان القانون رقم 66 لسنة 1963 المشار إليه حين عدد في مادته الثانية القوانين التي رأى إبطال العمل بأحكامها لم ينص على إلغاء القانون رقم 9 لسنة 1905 في شان منع تهريب البضائع باعتباره قانوناً إجرائياً بحتاً ولا يمت بصلة إلى تلك القوانين الموضوعية التي ألغيت - ومن بينها اللائحة الجمركية الصادرة في 2 من أبريل سنة 1884 والقوانين المعدلة لها - وعلي أساس أنه لا يدخل في نطاق تلك القوانين الموضوعية المعدلة للائحة الجمركية إذ هو قانون يتميز بطابع إجرائي خاص عالج قواعد وأحكام التهرب من الوجهة الإجرائية على استقلال ودون الأخذ بقواعد قانون "تحقيق الجنايات" على إطلاقها بالنظر إلى الصفة المدنية التي كانت بارزة - حين إصداره - في أفعال وجرائم التهريب. ولما كان من شأن ما تقدم أن تظل أحكام القانون رقم 9 لسنة 1905 حية نافذة وسارية المفعول بما مؤداه أن تبقى صفة الضبط القضائي التي أسبغها على موظفي وعمال الجمارك أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم قائمة ولاصقة بهم جميعاً بما يعطيهم الحق في مزاولة واجبات وظائفهم في ضوئها وليس من شأن أحكام المادة 25 من القانون رقم 66 لسنة 1963 أن تخلع عنهم كلهم أو بعضهم تلك الصفة قبل أن يصدر القرار الوزاري المحدد للوظائف التي يتمتع بها شاغلوها فإذا صدر ذلك القرار الوزاري - القائم على أساس تفويض تشريعي - تنحسر عمن لم ترد وظيفته به صفة مأمور الضبط بينما تستمر هذه الصفة بالنسبة إلى كل موظف أدرج عمله في ذلك القرار باعتباره قراراً كاشفاً ومحدداً للوظائف التي يعتبر العاملون فيها من مأموري الضبط القضائي ومقيداً - من وقت نفاذه - لأحكام القانون رقم 9 لسنة 1905. لما كان ذلك، وكان يؤخذ من استقراء نصوص المواد من 26 إلى 30 من القانون رقم 66 لسنة 1963 أن الشارع منح موظفي الجمارك الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائي في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية أو في حدود نطاق الرقابة الجمركية إذا ما قامت لديهم دواعي الشك في البضائع والأمتعة أو مظنة التهريب فيمن يوجدون بداخل تلك المناطق. وأن الشارع - بالنظر إلى طبيعة التهريب الجمركي وصلته المباشرة بصالح الخزانة العامة ومواردها وبمدى الاحترام الواجب للقيود المنظمة للاستيراد والتصدير - لم يتطلب بالنسبة إلى الأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في القانون المذكور، بل إنه يكفى أن تقوم لدى الموظف المنوط بالمراقبة والتفتيش في تلك المناطق حالة تنم عن شبهة في توافر التهريب الجمركي فيها - في الحدود المعرف بها في القانون - حتى يثبت له حق الكشف عنها. لما كان ذلك، وكانت الشبهة المقصودة في هذا المقام هي حالة ذهنية تقوم بنفس المنوط بهم تنفيذ القوانين الجمركية يصح معها في العقل القول بقيام مظنة التهريب من شخص موجود في حدود دائرة المراقبة الجمركية، وتقدير ذلك منوط بالقائم بالتفتيش تحت إشراف محكمة الموضوع. ولما كان يبين مما أثبته الحكم المطعون فيه أن التفتيش الذي وقع على الطاعن إنما تم في نطاق الدائرة الجمركية وبعد أن قامت لدى الموظفين المختصين اعتبارات قوية - على نحو ما هو وارد بمدونات الحكم - تدعو إلى الاشتباه في توافر فعل التهريب الجمركي في حقه وأن الجراد محمد حسن وصفي هو الذي أجرى التفتيش بحضور مأمور الجمرك مصطفى عبد اللطيف جميعي والمراجع مصطفى عبد العزيز مصطفى وكلهم من مأموري الضبط القضائي بموجب القانون رقم 9 لسنة 1905 وكذلك قرار وزير الخزانة رقم 71 لسنة 1963 باعتبار بعض موظفي الجمارك من مأموري الضبط القضائي، ومن ثم يكون التفتيش صحيحاً وإذ أنتج هذا التفتيش دليلاً يكشف عن جريمة جلب جوهر مخدر فإنه يصح الاستشهاد بهذا الدليل على تلك الجريمة على اعتبار أنه نتيجة إجراء مشروع قانوناً. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون على صواب فيما انتهى إليه من رفض الدفع وإدانة الطاعن.
وحيث إنه لما تقدم جميعه يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ساحة النقاش