الحكم بالتعويض غير مرتبط حتماً بالحكم بالعقوبة. جواز الحكم به في حالة القضاء بالبراءة. شرط ذلك: ألا تكون البراءة قد بنيت على عدم حصول الواقعة أصلاً أو على عدم صحة إسنادها إلى المتهم أو على كفاية الأدلة على ثبوتها.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 17 - صـ 639
جلسة 17 من مايو سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: مختار مصطفى رضوان، ومحمود عزيز الدين سالم، ومحمود عباس العمراوى، ومحمد أبو الفضل حفني.
(115)
الطعن رقم 1375 لسنة 35 القضائية
(أ، ب) عقوبة. "مصادرة". دخان.
( أ ) المصادرة. الغرض منها؟
طبيعتها: قد تكون عقوبة اختيارية تكميلية، أو وجوبية يقتضيها النظام العام، أو من قبيل التعويضات المدنية في بعض القوانين الخاصة.
(ب) جعل المشرع الحكم بقيمة الدخان المهرب بديلاً عن المصادرة في حالة عدم ضبطه في حكم المادة الرابعة من القانون 160 لسنة 1959 الذي حل محله القانون رقم 92 لسنة 1964 في شأن تهريب التبغ. هي بهذه المثابة عقوبة تنطوي على عنصر التعويض. على المحكمة القضاء بها ما دامت تتعلق بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل. للمجني عليه صفة في المطالبة بها كتعويض أمام درجات القضاء المختلفة حتى في حالة الحكم بالبراءة.
(ج) تعويض. مسئولية جنائية. مسئولية مدنية. حكم.
الحكم بالتعويض غير مرتبط حتماً بالحكم بالعقوبة. جواز الحكم به في حالة القضاء بالبراءة. شرط ذلك: ألا تكون البراءة قد بنيت على عدم حصول الواقعة أصلاً أو على عدم صحة إسنادها إلى المتهم أو على كفاية الأدلة على ثبوتها.
1 - المصادرة إجراء الغرض منه تمليك الدولة أشياء مضبوطة ذات صلة بجريمة - قهراً عن صاحبها وبغير مقابل - وهى عقوبة اختيارية تكميلية في الجنايات والجنح إلا إذا نص القانون على غير ذلك - فلا يجوز الحكم بها إلا على شخص ثبتت إدانته وقضى عليه بعقوبة أصلية. وقد تكون المصادرة وجوبية يقتضيها النظام العامة لتعلقها بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل وهى على هذا الاعتبار تدبير وقائي لا مفر من اتخاذه في مواجهة الكافة. كما قد تكون المصادرة في بعض القوانين الخاصة من قبيل التعويضات المدنية إذ نص على أن تؤول الأشياء المصادرة إلى المجني عليه أو خزانة الدولة كتعويض عما سببته الجريمة من أضرار.
2 - المادة الرابعة من القانون رقم 160 لسنة 1959 الذي حل محله القانون رقم 92 لسنة 1964 في شأن تهريب التبغ إذ نصت على أنه "يضبط الدخان المهرب ويصادر فإذا لم يضبط يضاف إلى التعويض الواجب الحكم به قيمة هذا الدخان" فقد دلت على أن المشرع جعل الحكم بقيمة الدخان المهرب بديلاً عن المصادرة في حالة عدم ضبطه، وبذلك تكون بهذه المثابة عقوبة تنطوي على عنصر التعويض، فهي بوصفها الأول تكون تدبيراً وقائياً يجب على المحكمة أن تحكم بها ما دامت تتعلق بشيء خارج بطبيعته عن دائرة العمل، وهى بوصفها الثاني توفر للمجني عليه صفة في المطالبة بها كتعويض وفي أن يتتبع حقه في ذلك أمام درجات القضاء المختلفة حتى في حالة الحكم بالبراءة. ولما كان للطاعنة (مصلحة الجمارك) مصلحة مؤكدة في المطالبة بمصادرة الدخان الليبي موضوع الاتهام، وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل القضاء بها سواء باعتبارها إجراء وقائياً يجب اتخاذه أو بوصفها من قبيل التعويضات المدنية، فإنه يكون قد جانب صحيح القانون بما يتعين معه نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه والقضاء بمصادرة الدخان المضبوط.
3 - إنه وإن كان الأصل أن الحكم بالتعويض غير مرتبط حتماً بالحكم بالعقوبة فيجوز الحكم به في حالة القضاء بالبراءة، إلا أن شرط ذلك ألا تكون البراءة قد بنيت على عدم حصول الواقعة أصلاً أو على صحة إسنادها إلى المتهم أو على كفاية الأدلة على ثبوتها، لأنه في هذه الحالة لا تملك المحكمة أن تحكم بالتعويض على أحد لأن المسئوليتين الجنائية والمدنية تتطلبان معاً إثبات حصول الواقعة من جهة وإثبات صحة إسنادها إلى صاحبها من جهة أخرى. ولما كان مؤدى ما قضى به الحكم المطعون فيه من براءة المتهمين ورفض الدعوى المدنية قبلهما تأسيساً على بطلان القبض والتفتيش الواقع عليهما أن المحكمة استبعدت الدليل المستمد من هذا الإجراء والذي لا يوجد في الدعوى دليل سواه فتكون الواقعة التي أسس طلب التعويض عليها قد فقدت دليل إسنادها إلى المتهمين وصحة نسبتها إليهما - فلا تملك المحكمة الحكم عليهما بالتعويض عنها. ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بعدم قضائه للطاعنة بالتعويض المدني المضبوط على غير أساس من القانون ويتعين رفضه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بأنهما في يوم 9 من أبريل سنة 1962 بدائرة بندر المنصورة: (أولاً) استوردا وأحرزا الدخان الليبي المعروف بالطرابلسي. (وثانياً) قاما بتهريب البضائع "الدخان" المبين بالمحضر. وطلبت عقابهما بالمواد 1 و2 و3 و4 من القانون رقم 160 لسنة 1959 والمواد 1 و2 و4 من القانون رقم 623 لسنة 1955. وقد ادعت مصلحة الجمارك بحق مدني قبل المتهمين وطلبت القضاء لها عليهما بمبلغ 496 ج و 500 م على سبيل التعويض. ولدى نظر الدعوى أمام محكمة بندر المنصورة الجزئية دفع المتهمان ببطلان التفتيش والقبض. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتاريخ 16 من ديسمبر سنة 1963 عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهمين ورفض الدعوى المدنية وألزمت المدعية المصروفات وقد أخذت المحكمة في أسبابها بالدفع قائلة إنه في محله. فاستأنفت المدعية بالحق المدني هذا الحكم. ومحكمة المنصورة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت بتاريخ 21 من يونيه سنة 1964 حضورياً للأول وغيابياً للثاني بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفة المصاريف المدنية. فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن المقدم من مصلحة الجمارك بصفتها مدعية بالحقوق المدنية هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببراءة المطعون ضدهما من تهمة حيازة دخان ليبي وتهريبه وبرفض الدعوى المدنية المقامة منها ضدهما قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه أسس قضاءه على بطلان الضبط مع أن تلك الحالة تستوي مع حالة عدم الضبط التي أوجبت المادة الرابعة من القانون رقم 160 لسنة 1959 الحكم فيها بتعويض يعادل قيمة الدخان علاوة على التعويض الواجب الحكم به طبقاً للمادة الثالثة من ذلك القانون. كما أغفل الحكم القضاء بمصادرة الدخان المضبوط مع أنه ثبت من التحليل أنه من النوع الليبي المحظور حيازته وتداوله قانوناً - ومصلحة الطاعنة في المطالبة بهذه المصادرة قائمة باعتبار أن التعويض يعد بديلاً عنها في حالة عدم ضبط الدخان.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى فيما يجمل فيما أثبته معاون المباحث من أن الرقيب.. والمخبر.. أبلغاه أنهما شاهدا المتهمين - المطعون ضدهما - يستقلان عربة من عربات الركوب ويحملان بها غرارتين من الجوت فرابهما أمرهما واشتبها في أن تكون محتويات الغرارتين من الأشياء المسروقة فقاما بمناظرة محتوياتهما فوجداها دخاناً جافاً مما يستعمل في صناعة الدخان المعسل فقاما بضبطهما واصطحباهما إلى القسم وقد قرر المتهمان أنهما اشتريا الدخان من شخص عيناه. وثبت من التحليل أن المضبوطات من النوع الطرابلسي. وتدخلت مصلحة الجمارك في الدعوى مطالبة بتعويض مدني قدره 496 ج و500 م تأسيساً على المادة 3 من القانون 160 لسنة 1959. وقد أنكر المتهمان ما اسند إليهما ودفعا ببطلان القبض والتفتيش لوقوعهما في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وأخذت المحكمة بهذا الدفع وقضت ببراءتهما ورفض الدعوى المدنية قبلهما. لما كان ذلك، وكانت المصادرة إجراء الغرض منه تمليك الدولة أشياء مضبوطة ذات صلة بجريمة - قهرا عن صاحبها وبغير مقابل - وهى عقوبة اختيارية تكميلية في الجنايات والجنح إلا إذا نص القانون على غير ذلك - فلا يجوز الحكم بها إلا على شخص ثبتت إدانته وقضى عليه بعقوبة أصلية. وقد تكون المصادرة وجوبية يقتضيها النظام العام لتعلقها بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل وهى على هذا الاعتبار تدبير وقائي لا مفر من اتخاذه في مواجهة الكافة. كما قد تكون المصادرة في بعض القوانين الخاصة من قبيل التعويضات المدنية إذ نص على أن تؤول الأشياء المصادرة إلى المجني عليه أو خزانة الدولة كتعويض عما سببته الجريمة من أضرار. لما كان ذلك، وكانت المادة الرابعة من القانون رقم 160 لسنة 1959 الذي حل محله القانون رقم 92 لسنة 1964 في شأن تهريب التبغ إذ نصت على أنه "يضبط الدخان المهرب ويصادر فإذا لم يضبط يضاف إلى التعويض الواجب الحكم به قيمة هذا الدخان" فقد دلت على أن المشرع جعل الحكم بقيمة الدخان المهرب بديلاً عن المصادرة في حالة عدم ضبطه وبذلك تكون بهذه المثابة عقوبة تنطوي على عنصر التعويض، فهي بوصفها الأول تكون تدبيراً وقائياً يجب على المحكمة أن تحكم بها ما دامت تتعلق بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل. وهى بوصفها الثاني توفر للمجني عليه صفة في المطالبة بها كتعويض وفي أن يتتبع حقه في ذلك أمام درجات القضاء المختلفة حتى في حالة الحكم بالبراءة. لما كان ذلك، وكان يبين مما سلف بيانه أن للطاعنة مصلحة مؤكدة في المطالبة بمصادرة الدخان الليبي موضوع الاتهام، وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل القضاء بها سواء باعتبارها إجراء وقائياً يجب اتخاذه أو بوصفها من قبيل التعويضات المدنية، فإنه يكون قد جانب صحيح القانون بما يتعين معه نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه والقضاء بمصادرة الدخان المضبوط. لما كان ما تقدم، وكان النعي على الحكم المطعون فيه بعدم قضائه للطاعنة بالتعويض المدني المضبوط مردوداً بأنه وإن كان الأصل أن الحكم بالتعويض غير مرتبط حتماً بالحكم بالعقوبة فيجوز الحكم به في حالة القضاء بالبراءة إلا أن شرط ذلك ألا تكون البراءة قد بنيت على عدم حصول الواقعة أصلاً أو على عدم صحة إسنادها إلى المتهم أو على عدم كفاية الأدلة على ثبوتها لأنه في هذه الحالة لا تملك المحكمة أن تحكم بالتعويض على أحد لأن المسئوليتين الجنائية والمدنية تتطلبان معاً إثبات حصول الواقعة من جهة وإثبات صحة إسنادها إلى صاحبها من جهة أخرى. لما كان ذلك، وكان مؤدى ما قضى به الحكم المطعون فيه من براءة المتهمين ورفض الدعوى المدنية قبلهما تأسيساً على بطلان القبض والتفتيش الواقع عليهما أن المحكمة استبعدت الدليل المستمد من هذا الإجراء والذي لا يوجد في الدعوى دليل سواه فتكون الواقعة التي أسس طلب التعويض عليها قد فقدت دليل إسنادها إلى المتهمين وصحة نسبتها إليهما - فلا تملك المحكمة الحكم عليهما بالتعويض عنها. ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الشطر من وجه الطعن على غير أساس من القانون ويتعين رفضه.
ساحة النقاش