استبعاد المدعي المدني أمام محكمة ثاني درجة طلب التعويض عما أصاب سيارته من تلف.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة الثامنة عشرة - صـ 1179
جلسة 27 من نوفمبر سنة 1967
برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محفوظ، وحسين سامح، ومحمود العمراوي، ومحمود عطيفه.
(248)
الطعن رقم 1739 لسنة 37 القضائية
(أ) مسئولية تقصيرية. "خطأ. ضرر. علاقة سببية". دعوى مدنية. "اختصاص المحاكم الجنائية بنظرها". تعويض. محكمة ثاني درجة. "تسبيب أحكامها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير محكمة أول درجة التعويض وإدخالها ما أصاب سيارة المدعى المدني من تلف ضمن عناصر التعويض. استبعاد المدعي المدني أمام محكمة ثاني درجة طلب التعويض عما أصاب سيارته من تلف. إنشاء المحكمة الأخيرة لنفسها أسباباً جديدة وتقديرها التعويض مقابل ما فات المدعي من كسب في فترة مرضه وما أصابه من آلام مادية وأدبية وما تكبده من مصاريف العلاج وتعديل مبلغ التعويض تبعاً لذلك، بعد تبيانها أركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية. لا مخالفة للقانون.
(ب، ج، د) خطأ. مسئولية جنائية. مسئولية مدنية. حكم. تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(ب) تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً. موضوعي.
(ج) تقدير توافر السببية بين الخطأ والنتيجة. موضوعي.
(د) الخطأ المشترك في نطاق المسئولية الجنائية لا يخلي المتهم من المسئولية. ما دام أن خطأ المجني عليه لم يترتب عليه انتفاء الأركان القانونية للجريمة المنسوبة إلى المتهم.
(هـ) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم رسم القانون نمطاً خاصاً يصوغ فيه الحكم واقعة الدعوى والظروف التي وقعت فيها.
1 - لما كان الحكم المطعون فيه وإن أحال إلى أسباب الحكم الابتدائي فيما يتعلق بما قضى به في الدعوى الجنائية إلا أنه بالنسبة إلى الدعوى المدنية وبعد أن استبعد المدعي بالحقوق المدنية طلب التعويض عما أصاب سيارته من تلف محتفظاً بالحق في رفع الدعوى به على حدة، فقد أنشأ الحكم المطعون فيه لنفسه أسباباً جديدة ارتأى فيها تقدير التعويض مقابل ما فات المدعي بالحقوق المدنية من كسب في فترة مرضه وما أصابه من آلام مادية وأدبية وما تكبده من مصاريف العلاج وانتهى إلى تعديل مبلغ التعويض المقضي به إلى المبلغ الوارد بالمنطوق. وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه سنداً لقضائه في الدعوى المدنية لا يتضمن أنه قد أدخل ضمن عناصر التعويض الذي قضى به ما أصاب سيارة المدعى بالحقوق المدنية من تلف خلافاً لما جرى به قضاء محكمة الدرجة الأولى، وكان الحكم قد بين أركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية فإنه يكون قد أحاط بعناصر المسئولية المدنية إحاطة كافية ولم يخالف القانون في شيء.
2 - تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً مما يتعلق بموضوع الدعوى.
3 - تقدير توافر السببية بين الخطأ والنتيجة أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة ولها أصلها في الأوراق.
4 - الخطأ المشترك في نطاق المسئولية الجنائية لا يخلي المتهم من المسئولية بمعنى أن خطأ المجني عليه لا يسقط مسئولية المتهم، ما دام هذا الخطأ لم يترتب عليه انتفاء الأركان القانونية للجريمة المنسوبة إلى المتهم.
5 - لم يرسم القانون نمطاً خاصاً يصوغ فيه الحكم واقعة الدعوى والظروف التي وقعت فيها. ولما كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في بيان واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة حسبما خلصت إليه المحكمة بما تتكامل به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دين المتهم بهما، كما أشير فيه إلى نصوص القانون التي حكم بموجبها، فإن ذلك يحقق حكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة...... بأنه في يوم 20/ 9/ 1964 بدائرة مركز طنطا: (1) تسبب خطأ في إصابة كل من أحمد لطفي عبد الحميد وهدى فريد وأحمد فؤاد الجزايرلي وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه ومخالفته القوانين واللوائح بأن قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر بأن لم يهدئ من السير عند الاقتراب من مفارق الطرق للتأكد من خلو الطريق فاصطدم بسيارة المجني عليهم وحدثت إصابتهم نتيجة لذلك. (2) لم يهدئ من السير عند الاقتراب من ملتقى الطرق. وطلبت عقابه بالمادة 244/ 1 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون 127 لسنة 1962 ومخالفة بالمواد 1 و2 و88 و90 من القانون 449 لسنة 1955 والمادة 4 من قرار وزير الداخلية. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم والسيد وزير الزراعة بصفته المسئول عن الحقوق المدنية بمبلغ ثلاثين ألف جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة طنطا الجزئية قضت حضورياً في 27/ 4/ 1966 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المواد 32 و55 و56 من قانون العقوبات بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صيرورة الحكم نهائياً وبإلزامه بأن يؤدي إلى المدعي بالحق المدني مبلغ ثلاثة آلاف جنيه بالتضامن مع المسئول بالحق المدني والمصروفات المدنية المناسبة وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة. فاستأنف المتهم هذا الحكم كما استأنفه كل من المسئول عن الحقوق المدنية والمدعي بها. ومحكمة طنطا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً في 4/ 12/ 1966 بقبول الاستئنافات شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المستأنف بالنسبة للدعوى الجنائية وبتعديله بالنسبة للدعوى المدنية وبإلزام المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية بأن يؤديا متضامنين مبلغ 4000 ج أربعة آلاف جنيه والمصاريف المدنية المناسبة و500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المسئول عن الحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزام الطاعن بالتعويض - بوصفه المسئول عن الحقوق المدنية - متضامناً مع تابعه الذي دانه بجريمة إصابة خطأ، قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه لم يبين كنه الخطأ الذي ارتكبه المتهم (تابع الطاعن) ولم يدلل على وقوع خطأ ما من جانبه وليس فيما تحدث به الحكم عن عبور المتهم للطريق السريع بالسيارة التي كان يقودها ما يوفر ركن الخطأ في الجريمة التي دانه بها، إذ الثابت مما أورده الحكم أن المدعي بالحقوق المدنية هو الذي أخطأ خطأ جسيماً، والواضح من ظروف الدعوى أن ذلك الخطأ كان السبب المباشر في وقوع الحادث، مما تنتفي معه مسئولية المتهم لانقطاع رابطة السببية بين الخطأ المنسوب إلى هذا الأخير والضرر الذي وقع. ولقد دفع الطاعن بذلك في المذكرات المقدمة منه لمحكمة أول درجة وللمحكمة الاستئنافية غير أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لما أثير في هذا الصدد مكتفياً بالقول بأن ما ارتكبه المدعي بالحقوق المدنية لم يخرج عن كونه مجرد مساهمة منه في وقوع الحادث. وقد جاءت بأسباب الحكم مجملة على نحو يفيد أن المحكمة إنما عنت بقضائها بالإدانة التهمة الخاصة بعدم تهدئة سرعة السيارة عند الاقتراب من ملتقى الطرق وهي إحدى التهمتين اللتين أسندتا إلى المتهم على الرغم من أن المحكمة قد انتهت إلى إدانته أيضاً عن تهمة الإصابة الخطأ التي أوقعت عليه عقوبتها باعتبارها عقوبة الجريمة الأشد. هذا إلى أن الحكم قد أخطأ بقضائه بالتعويض مع خلوه مما يفيد ثبوت ركن الخطأ، كما أخطأ بإدخاله ضمن عناصر التعويض الذي قضى به، ما أصاب المدعي بالحقوق المدنية من ضرر نتيجة تلف سيارته، وهو أمر لا يتصل بالواقعة التي رفعت عنها الدعوى الجنائية ولا تختص المحكمة الجنائية بنظره.
وحيث إن الحكم المطعون فيه - فيما اعتنقه من أسباب الحكم الابتدائي - بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دين المتهم بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها عرض لدفاع كل من المتهم والطاعن (بوصفه المسئول عن الحقوق المدنية) ثم خلص إلى إدانة المتهم بقوله "وحيث إن المحكمة تستخلص مما تقدم ومما ثبت لديها من الأوراق أن المتهم كان قادماً من طريق بسيون الفرعي متجهاً إلى طنطا حسبما قرر في أقواله وأنه كان بسبيل عبور الطريق السريع وقد انتهى من عبور منتصفه وقد حصل التصادم لدى استدارته في النصف الثاني الذي كان المدعي بالحق المدني قادماً فيه وفي طريقه إلى القاهرة. وحيث إن تعليمات المرور توجب على عابري الطرق الرئيسية التبصر بخلو الطريق والتهدئة من سيرهم منعاً من حصول الحوادث وقد قرر الشاهد محروس حامد الصعيدي أن المتهم كان يعبر الطريق السريع عند وقوع الحادث مؤيداً لما قرره المدعي بالحق المدني ومرافقيه وهو خطأ بذاته يوجب لمساءلته عن هذه التهمة ذلك الخطأ الذي ترتب عليه ما حاق بالمدعي بالحق المدني من أضرار نتيجة إصابته التي انتهى فيها التقرير الطبي الشرعي إلى أن حالته أصبحت ذات صفة نهائية وقد تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة هي كسر ملتحم بالفخذ الرفقي الأيسر مع علامات التهاب عظمي متصلة بالمفصل المذكور مع الإعاقات الموصوفة بحركات مفصل الفخذ الحرقفي الأيسر والتي قدرت بنحو 20% ومع توفر علاقة السببية بين الخطأ والضرر غير أن المحكمة وقد انتهت إلى ما انتهت إليه من ثبوت الخطأ في حق المتهم الذي يوجب مساءلته ترى أن المدعي بالحق المدني قد أسهم بقدر في إحداث هذه النتيجة، ذلك أن الثابت من الأوراق أن المتهم وقد كان قادماً من طريق بسيون الفرعي متجهاً إلى طنطا قد عبر نصف الطريق السريع البحري الأمر الذي حدا بالشاهد محروس حامد الصعيدي أن يهدئ من سرعته ليسمح للمتهم بالعبور من نصف الطريق الأول وقد كان الوضع أولى بالنسبة للمدعي بالحق المدني وأحسن باعتبار أن المسافة والفاصل الزمني بينهما أطول ومع عدم وجود عوائق للرؤية في مكان الحادث كان يمكنه مفاداة الحادث فيما لو لم يكن منشغلاً عن ملاحظة الطريق بالحديث مع من كان يرافقه وهو ما ترجحه المحكمة. هذا فضلاً عن أن الثابت بالمعاينة والتقرير الفني أن مصادمة المدعي بالحق المدني لسيارة المتهم كانت من الجانب الأيمن وخلف العجلة الأمامية اليمنى بمسافة 165 متراً مما يرجح أن المتهم كان قد أوشك على عبور الطريق السريع وكان في مكنة المدعي بالحق المدني أن يفسح له الجانب الأيمن بالانحراف إلى يسار اتجاهه قليلاً لإمكان تفادي الحادث. أما وقد حصل الحادث على هذا النحو فإن الذي تراه المحكمة أن المدعي بالحق المدني قد أسهم في وقوع الحادث وهو ما تضعه موضوع الاعتبار... وحيث إنه متى كان ذلك وجه الرأي فيما تقدم وكان الثابت لدى المحكمة أن التهم المسندة إلى المتهم مرتبطة ارتباطاً وثيقاً فترى لذلك إدانته عملاً بمواد الاتهام ومع تطبيق المادة 32 ع اكتفاء بعقوبة الجريمة الأولى وهي الأشد". لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت ركن الخطأ في حق المتهم كما هو معرف به في القانون، واستظهر في بيان مفصل عناصر الخطأ الذي وقع منه متمثلة في كونه - وهو قادم بالسيارة التي كان يقودها من طريق فرعي - عبر بها الطريق السريع دون تبصر أو التحقق من خلو هذا الطريق - ودون أن يهدئ من سرعة سيارته - ثم ربط الحكم بين هذا الخطأ وإصابة المجني عليهم نتيجة اصطدام السيارة التي كان يسير بها المدعي بالحقوق المدنية في الطريق السريع بالسيارة التي قدم بها المتهم من الطريق الفرعي. لما كان ذلك، وكان ما انتهت إليه المحكمة فيما تقدم سائغاً وكافياً في التدليل على نسبة الخطأ إلى المتهم ووقع الحادث نتيجة هذا الخطأ، وكان تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنيً مما يتعلق بموضوع الدعوى، كما أن تقدير توافر السببية بين الخطأ والنتيجة أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة ولها أصلها في الأوراق - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. وإذ كان الخطأ المشترك في نطاق المسئولية الجنائية لا يخلي المتهم من المسئولية - بمعنى أن خطأ المجني عليه لا يسقط مسئولية المتهم ما دام هذا الخطأ لم يترتب عليه انتفاء الأركان القانونية لجريمة الإصابة الخطأ المنسوبة إلى المتهم وهو ما لم يتحقق في الدعوى المطروحة وكان الحكم بعد أن دلل على خطأ الطاعن استظهر رابطة السببية بين هذا الخطأ والنتيجة التي حدثت، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص بدعوى فساد الاستدلال والقصور في التسبيب لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان القانون لم يرسم نمطاً خاصاً يصوغ فيه الحكم واقعة الدعوى والظروف التي وقعت فيها، وكان مجموع ما أورده الحكم كافياً في بيان واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة حسبما خلصت إليه المحكمة بما تتكامل به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دين المتهم بهما، كما أشير فيه إلى نصوص القانون التي حكم بموجبها، فإن ذلك يحقق حكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم يكون النعي على الحكم من هذه الناحية غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه وإن أحال إلى أسباب الحكم الابتدائي فيما يتعلق بما قضى به في الدعوى الجنائية إلا أنه بالنسبة إلى الدعوى المدنية وبعد أن استبعد المدعي بالحقوق المدنية طلب التعويض عما أصاب سيارته من تلف محتفظاً بالحق في رفع الدعوى به على حدة - وذلك على ما يبين من محضر جلسة 5/ 10/ 1966 - فقد أنشأ الحكم المطعون فيه لنفسه أسباباً جديدة ارتأى فيها تقدير التعويض مقابل ما فات المدعي بالحقوق المدنية من كسب في فترة مرضه وما أصابه من آلام مادية وأدبية وما تكبده من مصاريف العلاج وانتهى إلى تعديل مبلغ التعويض المقضي به إلى المبلغ الوارد بالمنطوق وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه سنداً لقضائه في الدعوى المدنية لا يتضمن أنه قد أدخل ضمن عناصر التعويض الذي قضى به ما أصاب سيارة المدعي بالحقوق المدنية من تلف - خلافاً لما جرى به قضاء محكمة الدرجة الأولى - وكان الحكم قد بين أركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية فإنه يكون قد أحاط بعناصر المسئولية المدنية إحاطة كافية ولم يخالف القانون في شيء. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ساحة النقاش