الضرر المستوجب للتعويض. كفاية إثبات الحكم إدانة المحكوم عليه عن الفعل الذى حكم بالتعويض من أجله بيانا له.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثانى - السنة 23 - صـ 734
جلسة 15 من مايو سنة 1972
برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمود العمراوى، ومحمود عطيفه، وابراهيم الديوانى، والدكتور محمد محمد حسنين.
(164)
الطعن رقم 339 لسنة 42 القضائية
(أ، ب، جـ) دعوى مدنية: "نظرها والحكم فيها". ضرر. تعويض. مسئولية مدنية. رابطة السببية. خطأ. حكم: "تسبيبه. تسبيب غير معيب". "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل".
( أ ) الضرر المستوجب للتعويض. كفاية إثبات الحكم إدانة المحكوم عليه عن الفعل الذى حكم بالتعويض من أجله بيانا له.
(ب) عدم بيان الحكم الضرر بنوعيه المادى والأدبى. لا يعيب الحكم. علة ذلك؟
(جـ) عدم بيان الحكم عناصر الضرر الذى قدر على أساسه مبلغ التعويض. لا ينال من سلامته. ما دام قد بين أركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية.
(د) دعوى مدنية: "نظرها والحكم فيها". إجراءات المحاكمة. دفاع: "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم: "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة استئنافية.
خلو مدونات الحكم من الإشارة إلى المذكرة المقدمة من المدعى المدنى فى فترة حجز الدعوى للحكم أمام المحكمة الإستئنافية. مفاده: التفاته عنها.
نعى الطاعن على الحكم عدم إعلانه بتلك المذكرة. غير سديد. ما دامت المحكمة قد التفتت عنها بخلو مدونات الحكم من الإشارة إليها. وما دام الطاعن لا يدعى أن الحكم قد عول عليها فى قضائه.
(هـ، و) رابطة السببية. محكمة الموضوع: "سلطتها فى تقدير قيام رابطة السببية". خطأ. ضرر. حكم: "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض: "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". قتل خطأ.
(هـ) رابطة السببية. انفراد قاضى الموضوع بتقدير قيامها. ما دام يقيم قضاءه على أسباب سائغة.
(و) مثال لتسبيب سائغ فى توافر رابطة السببية فى قتل خطأ.
(ز، ح) إثبات: "إعتراف". "بوجه عام". محكمة الموضوع: "سلطتها فى تقدير الدليل" نقض: "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم: "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إعتراف.
(ز) الاعتراف فى المسائل الجنائية. من عناصر الاستدلال التى تخضع لتقدير محكمة الموضوع. لها ألا تعول عليه متى تراءى لها مخالفته للحقيقة والواقع.
(ح) إنتهاء المحكمة إلى أن الطاعن هو مرتكب الحادث مطرحة اعتراف شقيقه بإرتكابه. مجادلتها فى ذلك. لا تجوز.
(ط، ى) إثبات: "بوجه عام". "شهود". "معاينة". محكمة الموضوع: "سلطتها فى استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". حكم: "تسبيبه. تسبيب غير معيب". "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل". نقض: "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". جريمة: "أركان الجريمة". شهود. معاينة. قتل خطأ.
(ط) الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. تستخلصها محكمة الموضوع من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث. مثال.
(ى) عدم لزوم أن ترد شهادة الشاهد على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها بوجه دقيق. كفاية أن يكون من شأنها أن تؤدى إلى تلك الحقيقة. باستنتاج سائغ تجريه المحكمة مثال.
عدم بيان الحكم أى من إطارات الجرار صدم المجنى عليها. لا يعيبه. لأنه ليس من أركان الجريمة.
(ك، ل) إجراءات المحاكمة. دفاع: "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة استئنافية: "الإجراءات أمامها". حكم: "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض: "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
(ك) الطلب الذى تلتزم محكمة الموضوع باجابته أو الرد عليه. هو الطلب الجازم الذى يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والاصرار عليه فى طلباته الختامية.
تقرير المحكمة الإستئنافية ضم قضية بناء على طلب المدافع عن الطاعن. حضوره الجلسات المتعاقبة التى نظرت فيها الدعوى بعد ذلك دون تمسكه به. ثم طلبه حجز الدعوى للحكم. إعتباره متنازلا عن طلبه.
(ل) عدم التزام محكمة الموضوع بتعقب المتهم فى كل جزئية يثيرها. مثال لما لا يحتاج من المحكمة إلى رد.
1 - من المقرر أنه يكفى فى بيان وجه الضرر المستوجب للتعويض أن يثبت الحكم إدانة المحكوم عليه عن الفعل الذى حكم بالتعويض من أجله.
2 - لا يعيب الحكم عدم بيانه الضرر بنوعيه المادى والأدبى ذلك بأن فى إثبات الحكم وقوع الفعل الضار من المحكوم عليه ما يتضمن بذاته الإحاطة بأركان المسئولية المدنية، ويوجب بمقتضاه الحكم على مقارفه بالتعويض.
3 - من المقرر أنه متى بين الحكم أركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية فإنه يكون قد أحاط بعناصر المسئولية المدنية إحاطة كافية ولا تثريب عليه بعد ذلك إذا هو لم يبين عناصر الضرر الذى قدر على أساسه التعويض.
4 - متى كان يبين من مدونات الحكم، إنها قد خلت من الإشارة إلى تقديم المذكرة التى يشير إليها الطاعن بوجه النعى، وكان الطاعن لا يدعى أن الحكم قد عول على شئ مما جاء بها وكان مؤدى ذلك أن المحكمة قد التفتت عنها ولم يكن لها تأثير فى قضائها - فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من أن المدعيين بالحقوق المدنية قدما للمحكمة الإستئنافية إبان حجزها الدعوى للحكم مذكرة مصرح بتقديمها ولم يعلن الطاعن بها يكون غير سديد.
5 - من المقرر أن قيام علاقة السببية من المسائل الموضوعية التى ينفرد قاضى الموضوع بتقديرها، ومتى فصل فيها إثباتا أو نفيا فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه فى ذلك على أسباب تؤدى إلى ما إنتهى إليه.
6 - متى كان الحكم المطعون فيه بعد أن دلل تدليلا سائغا على توافر الخطأ فى حق الطاعن مما أدى إلى اصطدام الجرار بالمجنى عليها، خلص إلى حدوث إصاباتها التى أودت بحياتها نتيجة هذا الخطأ واصطدام الجرار بها ومرور إحدى إطاراته فوقها مستندا فى ذلك إلى دليل فنى أخذا بما أورده التقرير الطبى الموقع على المجنى عليها، وكان ما أورده الحكم من ذلك سديدا وكافيا فى التدليل على قيام رابطة السببية بين خطأ الطاعن والضرر الذى حوسب عنه، فلا محل لما يثيره فى هذا الصدد.
7 - من المقرر أن الاعتراف فى المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التى تملك المحكمة كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الإثبات ولها ألا تعول عليه متى تراءى لها أنه مخالف للحقيقة والواقع.
8 - متى كان الحكم بعد أن حصل دفاع الطاعن بما مفاده إنكاره ما نسب إليه وقوله بأنه ذهب إلى مكان الحادث بعد وقوعه فوجد به الجرار المملوك لأبيه يقوده أخوه. عرض لأقوال هذا الأخير بما مفاده قوله أنه كان يقود الجرار المملوك لأبيه فاحتك إطاره الأيمن بالمجنى عليها أثناء سيرها ثم خلص الحكم إلى القول بأنه قد استبان له من عناصر الثبوت فى الدعوى أن الطاعن هو الذى كان يقود الجرار وقت الحادث وأنه مرتكبه، وكان ما أورده الحكم من أدلة كافيا وسائغا وتتوافر به العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى الأدلة السائغة التى ضمنها حكمها فلا يقبل مجادلتها فى تقديرها أو مصادرتها فى عقيدتها لكونه من الأمور الموضوعية التى تستقل بها بغير معقب.
9 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفه من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق. ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه وإن اعتبر من أوجه خطأ الطاعن التزامه أقصى يمين الطريق، إلا أنه لم يورد مؤدى أقوال الشاهد فى هذا الخصوص بل نقل عن محضر المعاينة ما ثبت له منها من أن عرض الطريق يبلغ نحو خمسة أمتار - فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من تعويله على أقوال الشاهد بما تضمنه من أن عرض الطريق يبلغ اثنى عشر مترا وترتيبه على ذلك خطأ الطاعن فى التزامه أقصى يمين الطريق وهو على هذا الاتساع على الرغم من أن الثابت من المعاينة أن عرض الطريق لا يجاوز خمسة أمتار يكون فى غير محله.
10 - لا يشترط فى شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفى أن يكون من شأن الشهادة أن تؤدى إلى تلك الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذى رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها. ومتى كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه نقل عن الشاهد قوله بأن الجرار قد اصطدم بالمجنى عليها ومر فوقها بإطاره الأيمن، وكان لا يعيب الحكم عدم تحديده أى من إطارات الجرار قد صدم المجنى عليها، ذلك لأن هذا ليس ركنا من أركان الجريمة، فإن ما ينعاه
الطاعن من أن الحكم اكتفى بالقول بأن الجرار الذى كان يقوده اصطدم بالمجنى عليها ومر فوقها بإطاره الأيمن دون أن يعنى ببيان ما إذا كان هذا الإطار هو الأمامى أو الخلفى - يكون غير سديد.
11 - من المقرر ان الطلب الذى تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذى يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه فى طلباته الختامية. ومتى كان المدافع عن الطاعن - بعد أن طلب أمام المحكمة الاستئنافية ضم ملف قضية دون أن يفصح عن علة هذا الطلب وأمرت المحكمة بضمه ثم توالى نظر الدعوى فى جلسات متعاقبة حضرها الطاعن جميعا ولم يتمسك أو المدافع عنه بتنفيذ ذلك الطلب - طلب بالجلسة الأخيرة حجز الدعوى للحكم فقررت المحكمة ذلك وصرحت للخصوم بتقديم مذكرات إلى ما قبل الجلسة بأسبوع، وإذ كان الطاعن لا يذهب فى أسباب طعنه إلى القول بأنه قدم مذكرة فى الأجل الأخير أصر فيها على طلبه بضم ملف الجنحة شارحا علة هذا الطلب، بل إنه إذ طلب حجز الدعوى للحكم فيها بحالتها قد عد متنازلا عنه بعدم تمسكه به وإصراره عليه فإن ما يثيره الطاعن لا يكون مقبولا.
12 - متى كان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بتعقب المتهم فى كل جزئية يثيرها، وكان ما ينعاه الطاعن من أن الحكم اعتبر من قبيل خطأ الطاعن عدم استعماله آلة التنبيه وإغفاله الرد على دفاعه من أن الصوت الذى يصدره الجرار أثناء سيره يغنى عن استعمال آلة التنبيه مردودا بأنه يبين من الحكم أنه اعتبر من قبيل خطأ الطاعن سيره بالجرار دون استعمال آلة التنبيه على الرغم من ازدحام الطريق بالأهليين، ولما كان ما أورده الحكم من ذلك يسوغ به ما رتبه عليه من توافر الخطأ فى حق الطاعن فإنه لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على دفاع الطاعن فى هذا الخصوص.
الوقائع
إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 10 نوفمبر سنة 1968 بدائرة مركز المحلة. (1) تسبب خطأ فى موت..... وكان ذلك ناشئا عن إهماله وعدم مراعاته للقوانين واللوائح بأن قاد جرارا بحالة ينجم عنها الخطر فصدم المجنى عليها وأحدث إصاباتها التى أودت بحياتها. (2) قاد جرارا بحالة ينجم عنها الخطر، وطلبت عقابه بالمواد 238/ 1 من قانون العقوبات و1 و2 و81 و88 من القانون 449 لسنة 1955، وادعى كل من..... و..... عن نفسه وبصفته وليا شرعيا على أولاده القصر....... مدنيا قبل المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية صاحب الجرار الذى ارتكب به الحادث متضامنين بمبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف، ومحكمة مركز المحلة الجزئية قضت حضوريا بتاريخ 24 نوفمبر سنة 1969 عملا بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لإيقاف التنفيذ بلا مصروفات جنائية وإلزامه والمسئول عن الحقوق المدنية متضامنين بأن يدفعا للمدعى بالحق المدنى مبلغ مائة جنيه، وكذا المصروفات ومبلغ مائة قرش مقابل أتعاب المحاماه، فاستأنف المتهم هذا الحكم، ومحكمة طنطا الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريا بتاريخ 27 أبريل سنة 1971 بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الوكيل عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
من حيث إن مبنى الطعن هو ان الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائى الذى دان الطاعن بجريمة القتل الخطأ وألزمه التعويض قد أخل بحق الطاعن فى الدفاع وشابه قصور فى التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق واعتراه البطلان، ذلك بأن الطاعن تمسك بمرحلتى المحاكمة بانتفاء صلته بالحادث وأنه لم يقد الجرار وقت وقوع الحادث بل كان أخوه هو الذى يقوده باعترافه فى قضية الجنحة رقم 3654 سنة 1968 مركز المحلة الكبرى المقيدة ضده فى تاريخ الحادث ذاته لقيادة الجرار غير المرخص بتسييره وبلا رخصة قيادة وعلى الرغم من استجابة المحكمة لضم ملف هذه الجنحة فقد قضت فى الدعوى دون ضمه، كما خلص الحكم المطعون فيه إلى توافر ركن الخطأ من أقوال الشاهد..... مخالفا لما شهد به هذا الشاهد أمام المحكمة الاستئنافية كما أخذ بأقواله من أن عرض الطريق يبلغ اثنى عشر مترا مخالفا لما هو ثابت بمحضر المعاينة من أن عرض الطريق لا يجاوز خمسة أمتار كما لم يعن الحكم ببيان أى الإطارات اصطدمت بالمجنى عليها كما أغفل الرد على دفاع الطاعن من أن الصوت الذى يصدره الجرار يتضاءل إلى جانبه صوت آلة التنبيه كما خلا الحكم من التدليل على توافر علاقة السببية كما أن المدعيين بالحقوق المدنية قدما مذكرة فى فترة حجز القضية للحكم أمام المحكمة الاستئنافية ورغم عدم إعلانها للطاعن قضت المحكمة فى الدعوى كما خلا الحكم من بيان إسمى المدعيين بالحقوق المدنية وصفتهما فى المطالبة بالتعويض وعلاقتهما بالمجنى عليها وأساس التعويض المقضى به وعناصره وماهية الضرر الذى أصاب المحكوم لهما به وهل هو ضرر مادى أو أدبى وأساس المسئولية المدنية لكل من المحكوم عليهما بالتعويض وسند التضامن بينهما، وكل ذلك مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن قد طلب أمام المحكمة الإستئنافية بجلسة 21 من ابريل سنة 1971 ضم ملف تلك الجنحة دون أن يفصح عن علة هذا الطلب فأمرت المحكمة بضمه ثم توالى نظر الدعوى فى جلسات متعاقبة حضرها الطاعن جميعا ولم يتمسك أو المدافع عنه بتنفيذ ذلك الطلب وبجلسة 6 من ابريل سنة 1970 طلب المدافع عن الطاعن حجز الدعوى للحكم فقررت المحكمة ذلك وصرحت للخصوم بتقديم مذكرات إلى ما قبل الجلسة بأسبوع، وإذ كان الطاعن لا يذهب فى أسباب طعنه إلى القول بأنه قدم مذكرة فى الأجل الأخير أصر فيها على طلبه بضم ملف الجنحة شارحا علة هذا الطلب وكان من المقرر أن الطلب الذى تلتزم محكمة الموضوع باجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذى يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه فى طلباته الختامية وكان المدافع عن الطاعن لم يتمسك بطلب ضم القضية ولم يفصح عما يرمى اليه من طلبه بل إنه إذ طلب حجز الدعوى للحكم فيها بحالتها قد عد متنازلا عنه بعدم تمسكه به واصراره عليه فان ما يثيره الطاعن لا يكون مقبولا. لما كان ذلك، وكان يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أثبت دفاع الطاعن - وحصله بما مفاده انكاره ما نسب اليه وقوله بأنه ذهب إلى مكان الحادث بعد وقوعه فوجد به الجرار المملوك لأبيه يقوده أخوه - عرض لأقوال هذا الأخير بما مفاده قوله أنه كان يقود الجرار المملوك لأبيه فاحتك اطاره الأيمن بالمجنى عليها أثناء سيرها ثم خلص الحكم إلى القول بأنه قد استبان له من عناصر الثبوت فى الدعوى أن الطاعن هو الذى كان يقود الجرار وقت الحادث وأنه مرتكبه وكان من المقرر أن الإعتراف فى المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التى تملك المحكمة كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الإثبات ولها ألا تعول عليه متى تراءى لها أنه مخالف للحقيقة والواقع. وكان ما أورده الحكم من أدلة كافيا وسائغا، وتتوافر به العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى الأدلة السائغة التى ضمنتها حكمها فلا يقبل مجادلتها فى تقديرها أو مصادرتها فى عقيدتها لكونه من الأمور الموضوعية التى تستقل بها بغير معقب، فإن منعى الطاعن بهذا الوجه يضحى برمته فى غير محله. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من تعويله على أقوال الشاهد بما تضمنته من أن عرض الطريق يبلغ اثنى عشر مترا وترتيبه على ذلك خطأ الطاعن فى التزامه أقصى يمين الطريق وهو على هذا الاتساع، على الرغم من أن الثابت من المعاينة أن عرض الطريق لا يجاوز خمسة أمتار فانه لما كان يبين من مطالعة الحكم أنه وان اعتبر من أوجه خطأ الطاعن التزامه أقصى يمين الطريق، إلا أنه لم يورد مؤدى أقوال الشاهد فى هذا الخصوص بل نقل عن محضر المعاينة ما ثبت له منها من أن عرض الطريق يبلغ نحو خمسة أمتار، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى اليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفه من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق فان منعى الطاعن فى هذا الشق من وجه الطعن يكون فى غير محله. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن من أن الحكم اكتفى بالقول بأن الجرار الذى كان يقوده اصطدم بالمجنى عليها ومر فوقها باطاره الأيمن، دون أن يعنى ببيان ما إذا كان هذا الاطار هو الأمامى أو الخلفى، فانه لما كان يبين من مطالعة الحكم أنه نقل عن ذلك الشاهد قوله بأن الجرار قد اصطدم بالمجنى عليها ومر فوقها باطاره الأيمن، وكان الأصل أنه لا يشترط فى شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفى أن يكون من شأن الشهادة أن تؤدى إلى تلك الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذى رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها وكان لا يعيب الحكم عدم تحديده أى من إطارات الجرار قد صدم المجنى عليها ذلك لأن هذا ليس ركنا من أركان الجريمة، فإن منعى الطاعن بهذا الشق لا يكون سديدا. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن من أن الحكم اعتبر من قبيل خطأ الطاعن عدم استعماله آلة التنبيه وإغفاله الرد على دفاعه من أن الصوت الذى يصدره الجرار أثناء سيره يغنى عن استعمال آلة التنبيه، مردودا بأنه لما كان يبين من مطالعة الحكم أنه اعتبر من قبيل خطأ الطاعن سيره بالجرار دون استعمال آلة التنبيه على الرغم من إزدحام الطريق بالأهلين، وكان ما أورده الحكم من ذلك يسوغ به ما رتبه عليه من توافر الخطأ فى حق الطاعن، وكان لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على دفاع الطاعن فى هذا الخصوص، لأن المحكمة غير ملزمة بتعقب المتهم فى كل جزئية يثيرها، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن لا يكون مقبولا. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قيام علاقة السببية من المسائل الموضوعية التى ينفرد قاضى الموضوع بتقديرها، ومتى فصل فيها إثباتا أو نفيا فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه فى ذلك على أسباب تؤدى إلى ما انتهى إليه. وكان يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بعد أن دلل تدليلا سائغا على توافر الخطأ فى حق الطاعن مما أدى إلى إصطدام الجرار بالمجنى عليها، خلص إلى حدوث إصاباتها التى أودت بحياتها نتيجة هذا الخطأ واصطدام الجرار بها ومرور إحدى إطاراته فوقها، مستندا فى ذلك إلى دليل فنى أخذا بما أورده التقرير الطبى الموقع على المجنى عليها وكان ما أورده الحكم من ذلك سديدا وكافيا فى التدليل على قيام رابطة السببية بين خطأ الطاعن والضرر الذى حوسب عنه، فلا محل لما يثيره فى هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم من أن المدعيين بالحقوق المدنية قدما للمحكمة الاستئنافية إبان حجزها الدعوى للحكم فيها مذكرة مصرح بتقديمها ولم يعلن الطاعن بها، فإنه لما كان يبين من مدونات الحكم، أنها قد خلت من الإشارة إلى تقديم تلك المذكرة وكان الطاعن لا يدعى أن الحكم قد عول على شئ مما جاء بها، وكان مؤدى ذلك أن المحكمة قد التفتت عنها ولم يكن لها تأثير فى قضائها فإن هذا النعى يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان لا يبين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة بدرجتيها أن الطاعن أو المدافع عنه قد دفع بعدم قبول الدعوى المدنية أو بانتفاء صفة المدعيين بالحقوق المدنية فى المطالبة بالتعويض وكان الحكم الاستئنافى قد أشار فى صدره إلى اسم كل من المدعيين بالحقوق المدنية وإلى اسم الطاعن والمسئول عن الحقوق المدنية، فإن ما يثيره الطاعن من خلو الحكم المطعون فيه من اسمى المدعيين بالحقوق المدنية يكون غير ذى محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل الخطأ التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، وكان من المقرر أنه يكفى فى بيان وجه الضرر المستوجب للتعويض أن يثبت الحكم إدانة المحكوم عليه عن الفعل الذى حكم بالتعويض من أجله، وأنه لا يعيب الحكم عدم بيانه الضرر بنوعيه المادى والأدبى ذلك بأن فى إثبات الحكم وقوع الفعل الضار من المحكوم عليه ما يتضمن بذاته الإحاطة بأركان المسئولية المدنية، ويوجب بمقتضاه الحكم على مقارفه بالتعويض كما أن من المقرر أنه متى بين الحكم أركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية فانه يكون قد أحاط بعناصر المسئولية المدنية احاطة كافية ولا تثريب عليه بعد ذلك إذا هو لم يبين عناصر الضرر الذى قدر على أساسه مبلغ التعويض، فان ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعين الرفض.
ساحة النقاش