ثبوت أن قصد المدعى كان الاضرار بخصمه والنكاية به يجعل عمله خطأ يستوجب التعويض عن الضرر بسبب إساءة استعمال الحق.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثانى - السنة 23 - صـ 953
جلسة 26 من يونيه سنة 1972
برياسة السيد المستشار/ محمود عطيفة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد محمد حسنين، ومصطفى الأسيوطى، وعبد الحميد الشربينى، وحسن المغربى.
(213)
الطعن رقم 670 لسنة 42 القضائية
( أ ) نصب. جريمة: "أركانها". محكمة الموضوع: "سلطتها فى تقدير الدليل".
الطرق الاحتيالية كوسيلة نصب يجب أن يكون من شأنها الإيهام بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزورة أو إحداث الأمل بحصول ربح وهمى أو غير ذلك من الأمور المبينة فى المادة 336 عقوبات على سبيل الحصر. استخلاص محكمة الموضوع أن المشروع الذى عرضه المتهم على المجنى عليه مشروع حقيقى جدى حصل منه على شيك كسمسرة لا يوفر أركان جريمة النصب.
(ب) محكمة الموضوع: "سلطتها فى تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام". دعوى مدنية.
محكمة الموضوع. حقها فى القضاء ببراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية متى تشككت فى صحة إسناد التهمة أو لعدم كفاية أدلة الثبوت ما دام حكمها يفيد تمحيصها الدعوى وإحاطتها بظروفها عن بصر وبصيرة وموازنتها بين أدلة الثبوت وأدلة النفى.
(ج) دعوى جنائية. "نظرها والحكم فيها". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
المادة 222 إجراءات. مقتضاها. تمسك دفاع الطاعن بأن الدعوى الأخرى هى التى يتوقف الفصل فيها على الدعوى المطروحة - والتى أبدى فيها دفاعه كاملا ولم يطلب إيقاف الفصل فيها حتى يفصل فى الدعوى - ليس له النعى بالإخلال بحق الدفاع.
(د) دعوى مباشرة. دعوى مدنية. مسئولية مدنية. تعويض. ضرر. حق الالتجاء للقضاء من الحقوق العامة. لا يسوغ لمن يباشره الانحراف به واستعماله استعمالا كيديا للاضرار بالغير. ثبوت أن قصد المدعى كان الاضرار بخصمه والنكاية به يجعل عمله خطأ يستوجب التعويض عن الضرر بسبب إساءة استعمال الحق.
(هـ، و) دعوى مدنية. مسئولية مدنية. خطأ. ضرر. تعويض. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير ثبوت الخطأ والضرر".
(هـ) تقدير ثبوت الضرر موضوعى من سلطة محكمة الموضوع بغير معقب من محكمة النقض ما دام الحكم بين عناصر الضرر ووجه أحقية طالب التعويض فيه.
(و) استخلاص الحكم فى حدود سلطة التقدير لكيدية إجراءات التقاضى وقصد الإضرار منها يكفى فى إثبات الخطأ التقصيرى الذى يؤدى إلى المساءلة عن الضرر الناتج عن هذا الخطأ.
(ز) محكمة الموضوع: "سلطتها فى تقدير الدليل". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الجدل الموضوعى حول سلطة محكمة الموضوع فى تقدير أدلة الدعوى وعناصرها لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
1 - وإن كانت الطرق الاحتيالية تعد من وسائل النصب إلا أنه يجب لتحقق جريمة النصب بهذه الوسيلة أن يكون من شأنها الإيهام بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزورة أو احداث الأمل بحصول ربح وهمى أو غير ذلك من الأمور المبينة على سبيل الحصر فى المادة 336 من قانون العقوبات، وما دامت محكمة الموضوع فى الدعوى المطروحة قد استخلصت فى حدود سلطتها وبأسباب سائغة أن المشروع الذى عرضه المطعون ضده الأول على الطاعن وعاونه المطعون ضده الثانى فى اتمامه - وهو صفقة شراء الطاعن للعقار - والذى من أجله حصل المطعون ضده الأول من الطاعن على شيك بمبلغ خمسة آلاف جنيه كسمسرة هو مشروع حقيقى جدى فان أركان جريمة النصب لا تكون متوافرة.
2 - لمحكمة الموضوع أن تقضى بالبراءة ورفض الدعوى المدنية متى تشككت فى صحة اسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت ما دام حكمها قد اشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها عن بصر وبصيرة وفطنت إلى أدلة الثبوت التى قام الإتهام عليها ووازنت بينها وبين أدلة النفى فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة فى صحة عناصر الإثبات، وما دام قد أقام قضاءه على أسباب تحمله.
3 - تنص المادة 222 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه: "إذا كان الحكم فى الدعوى الجنائية يتوقف على نتيجة الفصل فى دعوى جنائية أخرى وجب وقف الأولى حتى يتم الفصل فى الثانية". وإذ كان ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن قوامه أن الدعوى الأخرى التى موضوعها اعطاء الطاعن للمطعون ضده الأول شيكا لا يقابله رصيد هى التى عول فى دفاعه فيها على أن الشيك متحصل من جريمة النصب موضوع الدعوى الحالية، فان مفاد ذلك أن تلك الدعوى هى التى يتوقف الفصل فيها على نتيجة الفصل فى الدعوى المطروحة، ولما كان الاخلال بحق الدفاع الذى يثيره الطاعن يتعلق بالدعوى الأخرى دون الدعوى موضوع هذا الطعن وكان الطاعن قد أبدى فى هذه الدعوى دفاعه كاملا ولم يكن من بين ما طلبه فى هذا الدفاع ايقاف الفصل فيها حتى يفصل فى الدعوى الأخرى التى كانت منظورة فى نفس الجلسة ولم يثبت حضوره فيها فصدر الحكم فيها غيابيا، فان نعى الطاعن على الحكم بدعوى الاخلال بحق الدفاع لا يكون له محل.
4 - من المقرر أن حق الإلتجاء إلى القضاء وإن كان من الحقوق العامة التى تثبت للكافة إلا أنه لا يسوغ لمن يباشر هذا الحق الانحراف به عما شرع له واستعماله استعمالا كيديا ابتغاء مضارة الغير، فاذا ما تبين أن المدعى كان مبطلا فى دعواه ولم يقصد إلا مضارة خصمه والنكاية به فانه لا يكون قد باشر حقا مقررا فى القانون بل يكون عمله خطأ وتحق مساءلته عن تعويض الاضرار التى تلحق الغير بسبب اساءة استعمال هذا الحق.
5 - تقدير ثبوت الضرر أو عدم ثبوته من المسائل الموضوعية التى تدخل فى حدود سلطة محكمة الموضوع بغير معقب من محكمة النقض فى ذلك ما دام الحكم قد بين عناصر الضرر ووجه أحقية طالب التعويض فيه.
6 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد استخلص فى حدود سلطة المحكمة التقديرية وبالأدلة السائغة التى أوردها أن الإجراءات القضائية التى اتخذها الطاعن قبل المطعون ضدهما كانت اجراءات كيدية مشوبة بسوء القصد وقصد منها الاضرار بهما والنيل منهما وكان هذا الذى أورده الحكم كافيا فى اثبات الخطأ التقصيرى فى جانب الطاعن ومن شأنه أن يؤدى إلى ما انتهى اليه الحكم من مساءلة الطاعن عن الضرر الذى لحق المطعون ضدهما بسبب هذا الخطأ فان ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن يكون غير سديد.
7 - الجدل الموضوعى حول سلطة محكمة الموضوع فى تقدير أدلة الدعوى وعناصرها لا يجوز اثارته أمام محكمة النقض.
الوقائع
أقام المدعى بالحق المدنى دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة جنح قصر النيل الجزئية ضد المطعون ضدهما بوصف أنهما فى يوم 10 مايو سنة 1970 بدائرة قسم قصر النيل (المتهم الأول) بصفته فاعلا أصليا (والثانى) بصفته شريكا له بالاتفاق والمساعدة توصلا إلى الاستيلاء على سند دين عبارة عن شيك يحمل رقم 560 صادر لصالح الأول بمبلغ 5000 جنيه على بنك بور سعيد فرع محمد فريد إستحقاق 10 يونيو سنة 1970، وذلك باستعمال الطرق الاحتيالية الموضحة بهذا الإعلان والتى من شأنها إيهام الطالب بالحصول على ربح وهمى وبهدف سلب بعض ثروة الطالب، وطلب عقابهما بالمادة 336 من قانون العقوبات وإلزامهما بأن يدفعا له مبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت. كما أقام المطعون ضدهما دعوى مدنية ضد الطاعن طلبا فيها إلزامه بأن يدفع لهما مبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت، والمحكمة المذكورة قضت حضوريا ببراءة المتهمين مما أسند إليهما وألزمت المدعى المدنى بأن يؤدى لهما مبلغ 51 ج (واحد وخمسون جنيها) على سبيل التعويض النهائى والمصاريف ومبلغ 300 قرش مقابل أتعاب المحاماه، فاستأنف الطاعن والمطعون ضدهما هذا الحكم، ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئنافين شكلا وفى موضوع الدعوى المدنية المقامة من المتهمين وبإجماع الآراء بتعديل الحكم المستأنف بخصوص الدعوى المذكورة وذلك بجعل التعويض المقضى به مؤقتا وألزمت المدعى عليهما بالمصاريف المدنية وخمسة جنيهات أتعابا للمحاماه. وفى موضوع الدعوى المدنية المقامة من المدعى المدنى برفضها وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المدعى بالحق المدنى فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى برفض دعواه المدنية وبإلزامه - فى الدعوى المدنية المرفوعة من المطعون ضدهما - بأن يدفع لهما 51 ج على سبيل التعويض المؤقت قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ فى القانون، ذلك بأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه فى شأن عدم توافر الطرق الاحتيالية فى الواقعة على أن صفقة شراء الطاعن للعقار هى مشروع حقيقى وغير وهمى وأن الصفقة تمت فعلا بانتقال ملكية العقار للطاعن وأنها صفقة مجزية حققت للطاعن ربحا حقيقيا لا وهميا، وفات الحكم أن موضوع الدعوى هو حصول المطعون ضدهما على سند دين عبارة عن شيك بمبلغ 5000 ج أعطاه الطاعن لأولهما كعمولة عن الصفقة وما كان ليعطيه الشيك بهذا المبلغ الذى يرتفع إلى ما يزيد على عشرة أضعاف العمولة التى يستحقها وفقا للمألوف عن مثل هذه الصفقة والتى لم تكن لتتجاوز مبلغ 400 ج إلا تحت تأثير ما استعمله المطعون ضده من طرق احتيالية تدخل فيها المطعون ضده الثانى لتأييد مزاعم المطعون ضده الأول مستغلا وظيفته بالحراسة وذلك بقصد سلب بعض ثروة الطاعن. هذا وقد كان جوهر الطرق الاحتيالية التى أسس عليها الطاعن دعواه المباشرة أن المطعون ضدهما أوهماه بالوسائل التى أوضحها والتى تتحقق بها الطرق الاحتيالية بضرورة تدخل الحراسة على أموال الأعداء الفرنسيين التى يخضع لها ملاك العقار حتى تتم الصفقة وإجراءاتها فى وقت قصير بيد أن الحكم رد على ذلك برد غير سائغ ينطوى على فهم خاطئ لقانونى إنهاء الحراسات والعقوبات إذ أن رفع الحراسة ليس معناه إنهاءها بتسليم الأموال إلى الخاضعين لها الأمر الذى لم يكن يتيسر معه للطاعن العلم بأن ملاك العقار قد تسلموه فى 29/ 1/ 1966 أى قبل التعاقد بأمد طويل كما ذهب الحكم وبالتالى فليس بالمستبعد أن يكون قد دخل فى تقديره أن وضع يد الحراسة على العقار امتد حتى يوم 26/ 7/ 1971 وهو اليوم السابق على تسليم العقار إليه. كما أن الحكم لم يفطن إلى أقوال شاهدى الطاعن وإلى المستندات المقدمة منه والثابت منها أن تدخل المطعون ضده الثانى لتأييد مزاعم المطعون ضده الأول كان بصفته موظفا بالحراسة وليس بصفته يعمل تحت التمرين بمكتب وكيلى ملاك العقار كما أورد الحكم بما يكشف عن أن الحكم لم يحط بظروف الواقعة وأدلة الثبوت فيها عن بصر وبصيرة. فضلا عن أنه كان معروضا على المحكمة الاستئنافية فى ذات الجلسة التى صدر فيها الحكم المطعون فيه علاوة على الدعوى المطروحة دعوى أخرى موضوعها إتهام الطاعن بإعطاء شيك بدون رصيد وهو الشيك الذى كان المطعون ضدهما قد توصلا إلى الاستيلاء عليه باستعمالهما الطرق الاحتيالية والتى كان قد أسس الطاعن دفاعه فيها على أن الشيك متحصل من جريمة نصب - موضوع الدعوى المطروحة - وقد قضى فى تلك الدعوى الأخرى غيابيا بإدانة الطاعن مما كان يتعين معه على المحكمة أن ترجئ الفصل فى الدعوى الحالية حتى يصبح الحكم فى الدعوى الأخرى نهائيا وبذلك لا تكون قد أغلقت الباب فى وجه دفاع الطاعن فى المعارضة فى حكم الإدانة المشار إليه، أما وهى لم تفعل فإنها تكون قد أخلت بدفاع الطاعن فى تلك الدعوى وأخيرا فإن الحكم وقد قضى للمطعون ضدهما بمبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت بعد أن كان الحكم الابتدائى قد اعتبر هذا المبلغ تعويضا نهائيا إلا أنه لم يورد أسبابا لما قضى به فى هذا الشأن واقتصر على القول بأن الطاعن لم يرفع دعواه المباشرة إلا بعد أن أعلنه المظهر إليه الشيك بالدعوى الأخرى وأن تراخيه فى التبليغ عن وقائع النصب يكشف عن عدم جديته فى اتهامه بل كيدية هذا الاتهام مع أن هذا الذى قاله الحكم لا يؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها إذ أن الطاعن لم يكن فى حاجة لدفع ما وجه إليه فى الدعوى المباشرة المرفوعة ضده بشأن الشيك إلى إقامة دعوى مباشرة عن جريمة النصب بل كان يكفيه أن يتمسك فى تلك الدعوى بأن الشيك متحصل من جريمة نصب، علاوة على أنه لا يحكم بالتعويض عن إساءة استعمال حق التقاضى إلا إذا ثبت للمحكمة أنه لم يقصد بالدعوى سوى مجرد مضارة الخصم ولم يستظهر الحكم أن الطاعن أراد بدعواه الكيد للمطعون ضدهما، فضلا عن أن الحكم استبدل التعويض المؤقت بالتعويض النهائى على مجرد الاحتمال الذى يتمثل فى أن المطعون ضدهما لم يحددا بعد بصفة نهائية الاضرار التى لحقت بهما، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بعد أن حصل ما أورده الطاعن فى عريضة الدعوى المباشرة التى انتهى فيها إلى أن المطعون ضدهما قد ارتكبا الجريمة المنصوص عليها فى المادة 336 من قانون العقوبات وأسانيده فى هذا الذى انتهى إليه عرض لأقوال شهود الطاعن وما تضمنته المذكرة المقدمة منه ولدفاع المطعون ضدهما وللمستندات المقدمة منهما تأييدا لهذا الدفاع أورد قوله "وكان الثابت من استقراء وقائع الدعوى على النحو الذى فصله المدعى فى صحيفة الادعاء المباشر ومذكرته والمستندات المقدمة منه أنه قد ذهب إلى أن المتهم الأول (المطعون ضده الأول) قد استحصل منه على الشيك موضوع الدعوى نتيجة الطرق الاحتيالية التى استعملها عليه وشاركه فيها المتهم الثانى (المطعون ضده الثانى) وقد لخص هذه الطرق الاحتيالية فى ثقته بالمتهم الأول والتى استغلها الأخير واستعانة المتهم الأول بالمتهم الثانى الذى ادعى بدوره صلته بمراقب عام الحراسة وأنه يمكنه تسهيل إجراءات الصفقة وما ادعاه المتهم الأول من أن هناك آخرين شاركوه فى إتمام الصفقة وسوف يشاركوه فى الأتعاب وقد قام بتحرير شيك لهم بالأتعاب فضلا عن علم المتهم الأول برغبة المدعى المدنى الجامحة فى امتلاك إحدى عقارات عائلة..... واستغلاله لهذه الرغبة كما أن العقار لم يحقق الربح المنشود نظرا لأن ثمنه 27000 ج بينما إيراده الشهرى لا يجاوز 65 ج وأنه لم يستطع استغلال الشقق المفروشة كما وعده بذلك المتهمان. ولما كان المدعى المدنى قد ذهب إلى أنه حرر الشيك وأصدره تحت تأثير الاحتيال الذى وقع عليه من المتهمين وكان ذلك بتاريخ 10/ 5/ 1970 وأن عقد البيع الذى توسط فى إتمامه المتهم الأول قد سجل فى 19/ 7/ 1970 وأن المدعى المدنى قد ذهب فى صحيفة دعواه إلى أنه تكشف له عدم أمانة المتهم الأول وأنه لم يبذل جهدا فى إتمامها كما استبان له أن إيراد العقار لا يتناسب مع الثمن الذى دفعه، كل ذلك انكشف أمام المدعى المدنى وأصبح واضحا وجليا عند إتمام إجراءات التسجيل وأثناء الاعداد للتوقيع على العقد النهائى والذى توقع عليه فعلا بتاريخ 19/ 7/ 1970 إلا أنه لم يبلغ بهذه الوقائع فور اكتشافها متهما كلا من المتهمين بالنصب ولم يتخذ أى إجراء ضدهما طيلة مدة قاربت السنة إذ باشر هذا الادعاء بصحيفة أعلنت فى أبريل سنة 1971 وبعد أن قام المظهر إليه الشيك باقامة جنحة مباشرة متهما المدعى المدنى فى الدعوى الراهنة باصداره شيكا بدون رصيد وهو الاتهام موضوع الجنحة رقم 558 سنة 1971 قصر النيل والتى أعلنت صحيفتها فى يناير سنة 1971 كل ذلك يكشف عن عدم جدية المدعى المدنى فى اتهامه بل كيدية الاتهام بل إن كافة الأمور التى ألصقها المدعى المدنى بالمتهمين لا ترقى إلى الطرق الاحتيالية التى تتطلبها جريمة النصب إذ أن المتهم الأول وهو سمسار عقارات وقد ذهب المدعى المدنى إلى أنه يثق فيه لتعاملهما منذ سنة 1962 وأنه سبق أن سلمه مبلغ 5000 جنيه عربون صفقة دون أية مستندات تفيد استلامه لهذا المبلغ ورغم ذلك فقد تمت هذه الصفقة وهذا السمسار الذى هو محل ثقة المدعى المدنى قد عرض على الأخير شراء العقار رقم 6 بشارع الجزيرة بالزمالك ولم يكن هذا المشروع الذى عرضه المتهم الأول على المدعى المدنى وهميا بل هو صفقة حقيقية وقد تمت فعلا بالتوقيع على العقد التمهيدى ثم العقد النهائى وانتقلت ملكية العقار إلى المدعى المدنى بل إن هذا العقار قد حقق رغبة المدعى المدنى فى شرائه والمفروض فى مشترى العقار أن يفحص كل المستندات المتعلقة بايراده وما يعود عليه من ربح وفى مكنته ذلك إذ يمكنه مطالعة عقود الإيجار أو الكشف عن قيمة الإيجار الحقيقى من مأمورية الضرائب العقارية وهو إذ أقدم على الشراء إنما أقدم بعد توافر علمه بمزايا العقار على أن هذا العقار كان مجزيا بدليل أن المدعى المدنى قام برهنه بعد ذلك وحصل على دين رهن بضمان العقار يجاوز ضعف قيمة هذا العقار ومن ثم فان الربح كان حقيقيا وليس وهميا وأن القول بأنه قد لوحظ فى هذا الغرض تعلية العقار فمردود بأن صلاحية العقار للتعلية والذى تتحمل أساساته هذه التعلية يرتفع ثمنه لا بمقدار إيراده الفعلى بل بإمكان استغلاله وبذلك لا يكون مقبولا من المدعى المدنى أن يدعى أن الربح لم يكن مجزيا لأنه ارتضاه وحقق ربحا فعليا بدليل عقد القرض المضمون بالرهن كما أن القول بعدم استلام المدعى المدنى للشقق المفروشة فإن العقد لم يتضمن شرطا بهذا النوع ولم يثبت أن المتهم الأول أوهمه بهذا الأمر ولو كان هذا الأمر مطروحا لتناوله عقد البيع ضمن شروطه، أما ما ذهب إليه المدعى المدنى من أن المتهم الأول استغل رغبته الجامحة فى امتلاك أى عقار من عقارات عائلة..... لثأر قديم بين هذه العائلة وعائلة المدعى المدنى فإن استغلال الهوى الجامح على فرض وجوده لا يدخل ضمن الطرق الاحتيالية التى أوردتها المادة 336 عقوبات على سبيل الحصر، وأن مجال ذلك هو مدى فساد الإرادة فى مجال التعاقد وهو أمر لا يدخل فى دائرة التجريم وإنما يطرح على المحكمة المدنية التى تناقش مدى توافر أركان العقد بل إن هذا الذى ذهب إليه المدعى المدنى لم يحرص على أن يثيره فى مجاله الحقيقى فى الدعوى المدنية رقم 70 سنة 1971 مدنى كلى الجيزة التى أقامها بطلب تخفيض أجر الوكالة الخاص بالمتهم الأول عن الصفقة موضوع الدعوى الراهنة ولو كان قائما لما تقاعس عن إثارته فى عريضة دعواه التى قدمها المتهم الأول بحافظة مستنداته والتى جاءت خلوا من الإشارة إلى استغلال الهوى الجامح ورغبة المدعى المدنى فى الثأر من عائلة....... وعلم المتهم الأول بذلك، أما عن التفويض الصادر لوكيل الملاك ببيع العقار بمبلغ 25000 ج فلم يثبت فى يقين المحكمة أن المتهم الأول يعلم به وهو أمر متردد بين الملاك ووكلائهم فضلا عن أن المدعى المدنى قد ارتضى الشراء بهذا السعر. وحيث إنه عن الزعم باستعانة المتهم الأول بالثانى وذلك لإمكان إرضاء الحراسة التى يعمل بها الأخير حتى تتم الصفقة فإن الأمر مردود بأن العقار موضوع الصفقة قد رفعت عنه الحراسة منذ أمد بعيد قبل التعاقد حسبما هو ثابت من المستندات المقدمة، وكان فى مقدور المدعى المدنى أن يصل علمه بهذه الواقعة بل هو يعلم بذلك بدليل أنه سبق أن أصدر تفويضا لشراء العقار رقم 8 بشارع الجزيرة المملوك لذات ملاك العقار موضوع الصفقة الراهنة ولو كان العقار موضوعا تحت الحراسة لكان التصرف فيه من قبل الحراسة وليس من قبل وكيل ملاكها الأستاذ..... مما يؤكد أن الحراسة لا شأن لها بالصفقة ولم يقدم المدعى المدنى ثمة دليل على أن هناك أية إجراءات فى إتمام الصفقة وتسجيل العقد اقتضت تدخل الحراسة بل إن الذى وقع له العقد هو وكيل الملاك وهو أمر لا يمكن وقوعه لو كان العقار خاضعا للحراسة. وقد ثبت للمحكمة أن المتهم الثانى إنما تدخل فى إجراءات الصفقة بصفته يعمل تحت التمرين بمكتب الأستاذين..... و..... حسبما ثبت من الشهادة المقدمة من مكتبهما وهما الوكيلان عن الملاك البائعين. ومن ثم تخلص المحكمة من كل ما تقدم مجتمعا أنه لا قيام للاحتيال الذى نسبه المدعى المدنى للمتهمين وأنه ليس هناك ثمة طرق احتيالية صدرت منهما كان من ثمرتها إيهامه بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزورة أو إحداث الأمل بحصول ربح وهمى إلى آخر تلك الأمور التى تتم نتيجة الاحتيال التى أوردتها المادة 336 عقوبات وتضحى التهمة المسندة للمتهمين غير متكاملة الأركان فى حقهما ومن ثم يتعين القضاء ببراءتهما عملا بنص المادة 304/ 1 إجراءات جنائية" فإن هذا الذى انتهى إليه الحكم يتفق وصحيح القانون ذلك بأنه وإن كانت الطرق الاحتيالية تعد من وسائل النصب إلا أنه يجب لتحقق جريمة النصب بهذه الوسيلة أن يكون من شأنها الإيهام بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزورة أو إحداث الأمل بحصول ربح وهمى أو غير ذلك من الأمور المبينة على سبيل الحصر فى المادة 336 من قانون العقوبات، وما دامت محكمة الموضوع فى الدعوى المطروحة قد استخلصت فى حدود سلطتها وبأسباب سائغة أن المشروع الذى عرضة المطعون ضده الأول على الطاعن وعاونه المطعون ضده الثانى فى إتمامه - وهو صفقة شراء الطاعن للعقار - والذى من أجله حصل المطعون ضده الأول من الطاعن على شيك بمبلغ 5000 جنيه كسمسرة هو مشروع حقيقى جدى فإن أركان جريمة النصب لا تكون متوافرة. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تقضى بالبراءة ورفض الدعوى المدنية متى تشككت فى صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت ما دام حكمها - كما هو الحال فى هذه الدعوى - قد إشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها عن بصر وبصيرة وفطنت إلى أدلة الثبوت التى قام الاتهام عليها ووازنت بينها وبين أدلة النفى فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة فى صحة عناصر الإثبات وما دام قد أقام قضاءه على أسباب تحمله فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم فى هذا الصدد يكون فى غير محله. لما كان ذلك، وكانت المادة 222 من قانون الاجراءات الجنائية تنص على أنه "إذا كان الحكم فى الدعوى الجنائية يتوقف على نتيجة الفصل فى دعوى جنائية أخرى وجب وقف الأولى حتى يتم الفصل فى الثانية" وكان ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن قوامه أن الدعوى الأخرى التى موضوعها إعطاء الطاعن للمطعون ضده الأول شيكا لا يقابله رصيد هى التى عول فى دفاعه فيها على أن الشيك متحصل من جريمة النصب موضوع الدعوى الحالية، فإن مفاد ذلك أن تلك الدعوى هى التى يتوقف الفصل فيها على نتيجة الفصل فى الدعوى المطروحة، ولما كان الاخلال بحق الدفاع الذى يثيرة الطاعن يتعلق بالدعوى الأخرى دون الدعوى موضوع هذا الطعن وكان الطاعن قد أبدى فى هذه الدعوى دفاعة كاملا ولم يكن من بين ما طلبه فى هذا الدفاع إيقاف الفصل فيها حتى يفصل فى الدعوى الأخرى التى كانت منظورة فى نفس الجلسة ولم يثبت حضوره فيها فصدر الحكم فيها غيابيا، فإن نعى الطاعن على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائى المؤيد لاسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه قد أورد فى خصوص الدعوى المدنية المرفوعة من المطعون ضدهما قبل الطاعن قوله "وحيث إنه عن الدعوى المدنية التى أقامها المتهمان ووجهاها للمدعى المدنى بإلزامه بأن يؤدى لهما مبلغ 51 جنيه على سبيل التعويض المؤقت بنص المادة 267 إجراءات جنائية فلما كانت المحكمة قد خلصت على النحو سالف الاشارة إليه إلى عدم توافر الاحتيال فى الدعوى وأنه ليس هناك ثمة طرق احتيالية ارتكبها المتهمان قبل المدعى المدنى وأنه من شأن اتهامه لهما بالنصب الاساءه إليهما والاضرار بهما وإيقافهما موقف المتهمين رغم كيدية هذه الدعوى وأنها أقيمت متأخرا وجاءت لاحقة للدعوى التى أقامها المظهر إليه الشيك من المتهم الأول - قبل المدعى المدنى لاتهامه بإصدار شيك لا يقابله رصيد وبعد أن تداولت الدعوى الأخرى بالجلسات، الأمر الذى يوفر الخطأ فى حق المدعى المدنى لتعسفه فى استعمال حق الالتجاء إلى القضاء واتهامه المتهمين على خلاف الحقيقة بارتكاب جريمة النصب وما يترتب على ذلك من ضرر مادى وأدبى يتمثل فى مباشرة إجراءات هذا التقاضى وما يستتبعه من نفقات وما لازم هذا الاتهام الذى ألصقه بهما من آلام نفسية وكان هذا الضرر نتيجة خطأ المدعى المدنى مباشرة وهو السبب فى إحداثه الأمر الذى يستوجب مساءلته بالمسئولية التقصيرية ويتعين معه إلزامه بتعويضهما عملا بنص المادة 163 مدنى وترى المحكمة أن فى مبلغ 51 جنيه التى طلبها المتهمان تعويضا مناسبا ونهائيا وكافيا لحد الضرر الذى أصابهما ومن ثم تقضى بإلزام المدعى المدنى بأن يؤديه لهما على سبيل التعويض النهائى" كما أورد الحكم المطعون فيه فى شأن ما قضى به من جعل التعويض المقضى به مؤقتا وليس نهائيا قوله: "وحيث إنه عن استئناف المتهمين وطلبهما جعل التعويض وقتيا فإنه بالنظر إلى أنهما لم يحددا الأضرار التى لحقت بهما بصفة نهائية ومن ثم ترى المحكمة لظروف الاتهام وظروفهما إجابتهما إلى طلبهما المذكور وذلك بإلغاء الحكم المستأنف بخصوص نهائية التعويض وجعله مؤقتا" وكان من المقرر أن حق الالتجاء إلى القضاء وإن كان من الحقوق العامة التى تثبت للكافة إلا أنه لا يسوغ لمن يباشر هذا الحق الانحراف به عما شرع له واستعماله استعمالا كيديا ابتغاء مضارة الغير، فإذا ما تبين أن المدعى كان مبطلا فى دعواه ولم يقصد إلا مضارة خصمه والنكاية به فإنه لا يكون قد باشر حقا مقررا فى القانون بل يكون عمله خطأ وتحق مساءلته عن تعويض الأضرار التى تلحق الغير بسبب اساءة استعمال هذا الحق وتقدير ثبوت الضرر أو عدم ثبوته من المسائل الموضوعية التى تدخل فى حدود سلطة محكمة الموضوع بغير معقب من محكمة النقض فى ذلك ما دام الحكم قد بين عناصر الضرر ووجه أحقية طالب التعويض فيه. ولما كان الحكم المطعون فيه قد استخلص فى حدود سلطة المحكمة التقديرية وبالأدلة السائغة التى أوردها أن الإجراءات القضائية التى اتخذها الطاعن قبل المطعون ضدهما كانت إجراءات كيدية مشوبة بسوء النية وقصد منها الاضرار بهما والنيل منهما وكان هذا الذى أورده الحكم كافيا فى إثبات الخطأ التقصيرى فى جانب الطاعن ومن شأنه أن يؤدى إلى ما انتهى إليه الحكم من مساءلة الطاعن عن الضرر الذى لحق المطعون ضدهما بسبب هذا الخطأ فان ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكانت مدونات الحكم تكشف عن إنه قد أحاط بالدعوى وفطن إلى عناصر الاتهام فيها والتزم فيما قضى به صحيح القانون وعول فى قضائه على أسباب سائغة تؤدى إلى ما رتبه عليها، فان ما يثيره الطاعن ينحل إلى جدل موضوعى حول سلطة محكمة الموضوع فى تقدير أدلة الدعوى وعناصرها بما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا ومصادرة الكفالة وإلزام الطاعن المصاريف.
ساحة النقاش