فصل الحكم بندب خبير في أسبابه المرتبطة بالمنطوق في وقوع الخطأ من الطاعن وبأنه قد تسبب عنه ضرر للمطعون ضده. حكم قطعي أنهى الخصومة في شق منها. جواز الطعن فيه استقلالاً.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 24 - صـ 885
جلسة 12 من يونيه سنة 1973
برياسة السيد المستشار/ عباس حلمي عبد الجواد، وعضوية السادة المستشارين: عبد العليم الدهشان، وعدلي بغدادي، ومحمود المصري، ومحمد طايل راشد.
(156)
الطعن رقم 525 لسنة 37 القضائية
(1) حكم. "الأحكام الجائز الطعن فيها". تعويض. مسئولية.
فصل الحكم بندب خبير في أسبابه المرتبطة بالمنطوق في وقوع الخطأ من الطاعن وبأنه قد تسبب عنه ضرر للمطعون ضده. حكم قطعي أنهى الخصومة في شق منها. جواز الطعن فيه استقلالاً.
م 378 مرافعات سابق.
(2) استئناف. "شكل الاستئناف". قوة الأمر المقضي. بطلان نقض. "الأحكام الجائز الطعن فيها".
الحكم بقبول الاستئناف شكلاً - الذي تضمن فصلاً في شق من الموضوع - أثره امتناع الدفع أمام محكمة الاستئناف بعد ذلك ببطلان صحيفته. عدم قبول الطعن بالنقض في الحكم برفض هذا الدفع رغم اشتماله على أسباب تتعلق بشكل الاستئناف. علة ذلك.
(3) أشخاص اعتبارية. دعوى. "الصفة في الدعوى". حكم. "القصور". بطلان.
المدرسة لا تعد شخصاً اعتبارياً متى كانت منشأة فردية مملوكة ملكية خاصة. هي جزء من الذمة المالية لصاحبها. لصاحبها صفة في المخاصمة عنها أمام القضاء. قصور الحكم في أسبابه القانونية لا يبطله ما دام لم يؤثر في نتيجته الصحيحة.
1 - متى كان يبين مما قرره الحكم أنه قطع في أسبابه المرتبطة بالمنطوق بوقوع خطأ من الطاعن - ناظر مدرسة خاصة - بإهماله في تحصيل المصروفات المدرسية، وأن هذا الخطأ تسبب عنه ضرر يستوجب مسئوليته عن تعويض المطعون ضده - مالك المدرسة - عنه، ولم يبق سوى الفصل في مقدار التعويض في ضوء تقرير الخبير، وإذ يعد هذا من الحكم فصلاً قطعياً في شق من الموضوع كان مثار نزاع بين الخصوم وأنهى الخصومة في شأنه بحيث لا يجوز للمحكمة إعادة النظر فيه، فإن الحكم وفقاً لنص المادة 378 من قانون المرافعات السابق - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو مما يجوز الطعن فيه على استقلال لاشتماله على قضاء في الموضوع.
2 - إذ كانت محكمة الاستئناف قد قضت بحكمها الصادر بتاريخ 5/ 5/ 1966 - الذي فصل أيضاً في شق من الموضوع - بقبول الاستئناف شكلاً، فإنه لا يقبل بعد ذلك إثارة أي دفع أمامها يتعلق بهذا الشكل الذي قبلته، ولما كان الدفع ببطلان صحيفة الاستئناف يتضمن تجريحاً للحكم الصادر بقبول الاستئناف شكلاً، والذي لم يطعن فيه الطاعن بطريق النقض في الميعاد، فحاز قوة الأمر المقضي، فإن طعنه في الحكم الصادر بتاريخ 10/ 12/ 1966 برفض ذلك الدفع - للسبب المتقدم يكون غير مقبول، لأن الحكم الأول هو الذي حاز قوة الأمر المقضي، ولم يكن الحكم الأخير إلا تكراراً لأمر استقرت حجيته، ولا يجدي بعد ذلك التمسك بأن هذا الحكم قد أعاد القول في الدفع بعدم قبول الاستئناف ورفضه، إذ كان يتعين على محكمة الاستئناف أن تتقيد بالقضاء بقبول الاستئناف شكلاً بغير إيراد أسباب لتأييده، ومن ثم يكون ما اشتمل عليه حكمها المطعون فيه من أسباب تتعلق بشكل الاستئناف من قبيل الأسباب الناقلة.
3 - إذ كان لا نزاع بين الطرفين في أن المدرسة منشأة فردية مملوكة للمطعون ضده، وبالتالي لا تعد شخصاً اعتبارياً له ذمة مالية مستقلة، بل هي جزء من ذمة صاحبها، فما يصيب تلك المنشأة من أضرار إنما يصيب ذمة المطعون ضده شخصياً، وبالتالي يكون هو صاحب الصفة في المخاصمة عنها أمام القضاء، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى القضاء برفض الدفع بانعدام صفة المطعون ضده في التقاضي، فإنه لا يكون قد أخطأ في القانون، ولا يؤثر في ذلك ما يعيبه عليه الطاعن من قصور في أسبابه القانونية، ذلك لأنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يبطل الحكم مجرد القصور في أسبابه القانونية، ما دام أنه لم يؤثر في النتيجة الصحيحة التي انتهى إليها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن الدعوى رقم 288 لسنة 1965 كلي المنصورة، وطلب فيها الحكم بإلزامه بأن يؤدي إليه مبلغ 500 ج على سبيل التعويض المؤقت، وقال شرحاً لدعواه إنه يملك مدرسة عهد بنظارتها إلى الطاعن، وأنه أهمل في تحصيل المصروفات المدرسية من التلاميذ خلال السنة الدراسية 1963/ 1964، ولم يقم بأداء ما على المدرسة من أقساط استحقت لهيئة التأمينات الاجتماعية، وقد ترتب على ذلك أن وقع حجز على منقولات المدرسة واستولت عليها وزارة التربية والتعليم بتاريخ 4/ 10/ 1964، ولذلك أقام الطاعن دعواه بطلباته السابقة، وبتاريخ 27/ 11/ 1965 قضت المحكمة الابتدائية برفض الدعوى، استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 1 سنة 18 ق المنصورة. وبتاريخ 5/ 5/ 1966 حكمت تلك المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وقبل الفصل في الموضوع بندب خبير للاطلاع على سجلات المدرسة وبيان ما إذا كانت هناك مصروفات لم تحصل من التلاميذ خلال سنة 1963/ 1964 الدراسية ومقدارها وما تم تحصيله منها بعد انتهاء السنة المذكورة، وبعد ذلك وبتاريخ 8/ 10/ 1966 دفع الطاعن ببطلان صحيفة الاستئناف لخلوها من التوقيع عليها من محام مقرر أمام محكمة الاستئناف، وقد قضت تلك المحكمة بتاريخ 10/ 12/ 1966 برفض هذا الدفع، ثم حكمت في 7/ 11/ 1967 بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضده مبلغ 350 ج، طعن الطاعن بطريق النقض في الأحكام الصادرة من محكمة الاستئناف بتاريخ 5/ 5/ 1966 و10/ 12/ 1966 و7/ 11/ 1967، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة إلى الحكم الأول برفض الطعن فيما عدا ذلك، وفي الجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم قبول الطعن في الحكم الصادر بتاريخ 5/ 5/ 1966 أنه قطع في أسبابه بمسئولية الطاعن عن تعويض الضرر، وهو قضاء في صميم موضوع النزاع بين الطرفين أنهى بصفة قطعية جزءاً أساسياً من الخصومة لا تملك المحكمة إعادة النظر فيه، ويجوز الطعن فيه على استقلال عملاً بمفهوم المادة 378 من قانون المرافعات السابق، وإذ فات الطاعن أن يطعن في هذا الحكم في الميعاد المحدد قانوناً للطعن بالنقض فإن طعنه فيه يكون غير مقبول.
وحيث إن هذا الدفع في محله، ذلك أن الثابت من الحكم الصادر من محكمة الاستئناف بتاريخ 5/ 5/ 1966 أنه إذ قضى بندب خبير لبيان مقدار المصاريف المدرسية التي لم تحصل من التلاميذ قد أسس قضاءه على قوله "إن اللائحة التنفيذية لقانون التعليم الخاص أوجبت على الناظر تحصيل المصروفات المقررة على التلاميذ إذا كانت المدرسة بمصروفات، ومن ثم يتعين عليه - أي الطاعن - القيام بهذا الالتزام الذي فرضته عليه لائحة التعليم التي يلتزم بالخضوع لأحكامها فإذا امتنع عن تنفيذ هذا الواجب عن عمد أو إهمال عد مسئولاً والتزم قبل المستأنف - المطعون ضده - بالتعويض عن الأضرار التي يقوم الدليل على أنها لحقته بسبب تقصيره أو إهماله، وبما أن المستأنف ضده - الطاعن لا يجادل في هذه الدعوى، بل أقر أنه طوال العام الدراسي لم يتخذ أي إجراء لتحصيل الرسوم من الطلبة أو أولياء أمورهم، واستمر في مسلكه هذا رغم أن المستأنف - الطاعن - صاحب المدرسة نبهه في مراسلاته وإنذاراته أكثر من مرة لتلافي هذا التقصير وما يترتب عليه من أضرار يقع على عاتقه عبء تعويضه عنها، فظل ممعناً في إهماله رغم أن مجلس إدارة المدرسة سجل عليه في الاجتماع الذي عقده في 2/ 4/ 1964 هذا الإهمال، وكلفه بإنذار أولياء أمور الطلبة بخطابات مسجلة لسداد الرسوم وإرسال خطاب لمديرية التربية والتعليم بطلب منع الذين لم يسددوا الرسوم من دخول الامتحان، إلا أنه بدلاً من أن يذعن لما كلف به ويحاول تصحيح ما وقع فيه من خطأ أو إهمال ويتدارك ما قد يلحق بالمستأنف المطعون ضده من أضرار بسبب تعنته، خصوصاً وقد أوشك العام الدراسي على الانتهاء وإذا لم تحصل الرسوم المتأخرة قبل نهايته صعب تحصيلها بعد ذلك - ظل ممتنعاً عن تنفيذ ما كلف به، فلم يرسل الإخطارات لأولياء أمور الطلبة ولم يحاول إيجاد حل لهذا الموقف مع المنطقة التعليمية، وهو لم يكتف بهذا الإهمال بل عمد رغبة منه في الكيد بالمستأنف - المطعون ضده - وإلحاق الضرر به بسبب ما بينهما من خلافات منذ بدء التحاقه ناظراً للمدرسة، ولأن المستأنف أظهر له رغبته في عدم التعاون معه - إلى إرسال برقية مؤرخة 1/ 4/ 1964 زعم فيها على غير حق أن المنطقة التعليمية قررت غلق المدرسة وهو ما اعترف به في مذكرته المقدمة لمحكمة أول درجة وإن حاول تبرير مسلكه بأنه أراد أن يحثه على الحضور للمدرسة ليحاول تدارك المخالفات التي تأخذها عليه المنطقة التعليمية (ثانياً) أن مثل هذه البرقية لابد أن تحدث إذا ما شاع أمرها أثراً سيئاً لدى أولياء أمور الطلبة فيمتنع من كان عازماً منهم على سداد الرسوم عن سدادها ولا يخفف من مسئولية المستأنف ضده - الطاعن - أو يرفع عنه هذا الجزاء عن التقصير الذي أشارت إليه المحكمة ما يحاول إلصاقه بالمستأنف - المطعون ضده عن تقصير في تدارك أو معالجة المخالفات التي أخطر بها، لأنه غير مسئول عن محاسبته، بل المسئول عن ذك المنطقة التعليمية وهي صاحبة السلطة في إيقاع الجزاء المناسب في مثل هذه الحالة، ولأن إهمال صاحب المدرسة أو تقصيره في القيام بواجباته لا يبرر مطلقاً قعوده أو تقاعسه هو عن القيام بما يفرضه عليه عمله من واجبات" - ولما كان يبين من هذا الذي قرره الحكم أنه قطع في أسبابه المرتبطة بالمنطوق بوقوع خطأ من الطاعن بإهماله في تحصيل المصروفات المدرسية، وأن هذا الخطأ تسبب عنه ضرر يستوجب مسئوليته عن تعويض المطعون ضده عنه، ولم يبق سوى الفصل في مقدار التعويض في ضوء تقرير الخبير، وإذ يعد هذا من الحكم فصلاً قطعياً في شق من الموضوع كان مثار نزاع بين الخصوم وأنهى الخصومة في شأنه، بحيث لا يجوز للمحكمة إعادة النظر فيه فإن الحكم وفقاً لنص المادة 378 من قانون المرافعات السابق - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو مما يجوز الطعن فيه على استقلال لاشتماله على قضاء في الموضوع، وإذ كان هذا الحكم قد صدر في 5/ 5/ 1966 ولم يقرر الطاعن بالطعن فيه بالنقض إلا بتاريخ 28/ 12/ 1967 مع الحكم الذي قضى بالتعويض الصادر في 7/ 11/ 1967 فإن الطاعن يكون قد فوت ميعاد الطعن في الحكم الأول ومدته ثلاثون يوماً من تاريخ صدوره ويكون الطعن فيه غير مقبول. لما كان ذلك، وكان مبنى السببين الثاني والثالث والشق الأول من السبب الرابع من الأسباب التي أقيم عليها الطعن أن محكمة الاستئناف أخطأت في القانون، ذلك أن الطاعن ليس ملزماً بتحصيل المصروفات المدرسية، لأنها من الأمور المالية التي تدخل في اختصاص المطعون ضده وذلك طبقاً لمفهوم المادة 29 من اللائحة التنفيذية لقانون التعليم الخاص وصريح نص المادة 43 من اللائحة الداخلية للمدرسة، وأن مسئولية الطاعن طبقاً للمادة السابعة من اللائحة المدرسية مقصورة على وجوب مراعاة عدم تحصيل مصروفات تجاوز المصروفات المقررة وذلك حماية للتلاميذ وأولياء أمورهم، غير أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر وقضى بمساءلة الطاعن عن عدم تحصيله المصروفات، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون، ولما كانت هذه الأسباب موجهة إلى قضاء الحكم الصادر في 5/ 5/ 1966 فحسب فإن النعي بها وعلى ما سبق بيانه يكون غير مقبول.
وحيث إن الطعن بالنسبة إلى الحكمين الصادرين في 10/ 12/ 1966، 7/ 11/ 1967 قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الصادر في 10/ 12/ 1966 الخطأ في تطبيق القانون، ويقول في بيان ذلك إنه دفع ببطلان صحيفة الاستئناف لخلوها من توقيع محام مقرر أمام محكمة الاستئناف غير أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع استناداً إلى القول بأن المستأنف محام في المعاش وأنه لا يلزم في هذه الحالة طبقاً لنص المادة 25 من قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 التوقيع على صحيفة الاستئناف من محام آخر، هذا في حين أن المستفاد من نصوص القانون المشار إليه أن حق التوقيع على صحف الاستئناف قاصر على المحامين المشتغلين فعلاً دون غيرهم مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه وقد قضت محكمة الاستئناف بحكمها الصادر بتاريخ 5/ 5/ 1966 بقبول الاستئناف شكلاً فإنه لا يقبل بعد ذلك إثارة أي دفع أمامها يتعلق بهذا الشكل الذي قبلته، ولما كان الدفع ببطلان صحيفة الاستئناف يتضمن تجريحاً للحكم الصادر بقبول الاستئناف شكلاً والذي لم يطعن فيه الطاعن بطريق النقض في الميعاد على النحو السالف بيانه فحاز قوة الأمر المقضي، فإن طعنه في الحكم الصادر في 10/ 12/ 1966 للسبب المتقدم يكون غير مقبول، لأن الحكم الأول هو الذي حاز قوة الأمر المقضي، ولم يكن الحكم الأخير إلا تكراراً لأمر استقرت حجيته، ولا يجدي بعد ذلك - التمسك بأن هذا الحكم قد أعاد القول في الدفع بعدم قبول الاستئناف ورفضه، إذ كان يتعين على محكمة الاستئناف أن تتقيد بالقضاء بقبول الاستئناف شكلاً بغير إيراد أسباب لتأييده، ومن ثم يكون ما اشتمل عليه حكمها المطعون فيه من أسباب تتعلق بشكل الاستئناف من قبيل الأسباب الناقلة، وبالتالي يكون النعي عليها بالخطأ في تطبيق القانون بفرض صحته غير منتج، ولهذا فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الرابع على الحكم المطعون فيه الصادر في 7/ 11/ 1967 الخطأ في القانون والقصور في التسبيب، ويقول في بيان ذلك إنه دفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة استناداً إلى أن للمدرسة شخصيتها المعنوية وبالتالي تكون هي صاحبة الصفة في التقاضي، إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع بقوله إن المطعون ضده رفع الدعوى بصفته الشخصية لا بصفته ممثلاً للمدرسة وهذا من الحكم خطأ في القانون ولا يصلح رداً على الدفع بل هو ترديد له بما يشوبه بالقصور، ويضيف الطاعن أنه طلب من الخبير بيان أسماء الطلبة الذين تخلفوا عن دفع المصروفات المدرسية والمستندات الدالة على ذلك لأن دفاتر المدرسة غير منتظمة لكنه لم يحقق هذا الدفاع الجوهري كما التفت الحكم المطعون فيه عن ذلك مما يعيبه بالقصور في التسبيب أيضاً.
وحيث إن هذا الوجه في شقه الأول مردود لأنه لا نزاع بين الطرفين في أن المدرسة منشأة فردية مملوكة للمطعون ضده، وبالتالي فإنها لا تعد شخصاً اعتبارياً له ذمة مالية مستقلة بل هي جزء من ذمة صاحبها، فما يصيب تلك المنشأة من أضرار إنما يصيب ذمة المطعون ضده شخصياً، وبالتالي يكون هو صاحب الصفة في المخاصمة عنها أمام القضاء، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى القضاء برفض الدفع بانعدام صفة المطعون ضده في التقاضي، فإنه لا يكون قد أخطأ في القانون ولا يؤثر في ذلك ما يعيبه عليه الطاعن من قصور في أسبابه القانونية، ذلك لأنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يبطل الحكم مجرد القصور في أسبابه القانونية، ما دام أنه لم يؤثر في النتيجة الصحيحة التي انتهى إليها الحكم. والنعي في شقه الثاني مردود أيضاً، ذلك أنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه أورد في هذا الخصوص قوله "وأما ما أثاره المستأنف ضده - الطاعن - من أن دفاتر المدرسة غير منتظمة بحيث لا يطمأن إلى البيانات المستخرجة منها، فإنه لا يوجد بتقرير الخبير ما يشير إلى ذلك، بل إن الخبير المنتدب قد تمكن من فحص تلك السجلات واستخراج البيانات المطلوبة على أسس حسابية سليمة تطمئن إليها المحكمة، وإذ كان هذا الذي استخلصه الحكم سائغاً ومستمداً من أوراق الدعوى وملابساتها وكافياً لحمل قضائه، فإن النعي بهذا الوجه يكون غير سديد.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الخامس والأخير على الحكم المطعون فيه الصادر في 7/ 11/ 1967 القصور في التسبيب، ويقول في بيان ذلك إن الحكم ألزمه بمبلغ 316 ج و600 م، في حين أن الخبير وإن أثبت أن مقدار المصروفات التي لم يقم الطاعن بتحصيلها حتى نهاية العام الدراسي 1963/ 1964 هو المبلغ المشار إليه إلا أن الثابت أنه قد تم تحصيل مبلغ 118 ج و800 م من ذلك المبلغ في بداية العام الدراسي التالي بعد استيلاء الوزارة على المدرسة مما كان يتعين معه على محكمة الاستئناف أن تقصر حكمها على إلزام الطاعن بالفرق بين المبلغين 193 ج و800 م، إذ للمطعون ضده الحق في أن يرجع على الوزارة بما حصلته من المصروفات المستحقة له، وإذ أغفل الحكم المطعون فيه ذلك فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أورد في خصوص ما يثيره الطاعن قوله "إن الخبير المنتدب انتهى في تقريره إلى أن المستأنف ضده - الطاعن - أهمل في تحصيل مبلغ 311 ج و600 م أثناء فترة إدارته للمدرسة، إلا أن مبلغ 118 ج و800 م من تلك المتأخرات قد أمكن تحصيله في بداية العام الدراسي التالي، وبعد ترك المستأنف ضده - الطاعن - لعمله بالمدرسة، ولا جدال في أن هذا الإهمال من جانب المستأنف ضده قد فوت على المستأنف دخول مبلغ 311 ج و600 م في ذمته قبل استيلاء الوزارة على المدرسة، إذ أن ما حصل بعد ذلك لم يصل إلى يده في الوقت الذي تحصل فيه كافة نفقات المدرسة في الفترة السابقة على الاستيلاء التي كان يتولى المستأنف ضده فيها عمله بالمدرسة، وعلى هدي هذا النظر يكون تقريره ما يستحقه المستأنف - المطعون ضده - من تعويض" ويبين من ذلك أن الحكم أدخل ضمن المبلغ المحكوم به ما تم تحصيله من مصروفات متأخرة قدرها 118 ج و800 م في العام الدراسي 1964/ 1965 بعد استيلاء وزارة التربية والتعليم على المدرسة دون أن يبين ما إذا كان من حق المطعون ضده الرجوع على الوزارة بالمبلغ المشار إليه وأثر ذلك على مسئولية الطاعن عنه، مما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب بما يستوجب نقضه لهذا السبب في خصوص قضائه بإلزام الطاعن بذلك المبلغ.
ساحة النقاش