التزام الناقل البحري بتفريغ البضاعة وتسليمها إلى أصحابها. أثره. اعتبار مقاول التفريغ في مركز التابع للسفينة. ليس للمراسل إليه سوى الرجوع على الناقل بتعويض الأضرار الناجمة عن عمل المقاول. بدعوى مباشرة لمساءلته.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 444
جلسة 16 من فبراير سنة 1976
برئاسة السيد المستشار أحمد فتحي مرسي، وعضوية السادة المستشارين: محمد صالح أبو راس، حافظ رفقي، عبد اللطيف المراغي، سعد العيسوي.
(91)
الطعن رقم 721 لسنة 40 القضائية
نقل بحري. دعوى "الدعوى المباشرة". مسئولية. تعويض. مقاولة.
التزام الناقل البحري بتفريغ البضاعة وتسليمها إلى أصحابها. أثره. اعتبار مقاول التفريغ في مركز التابع للسفينة. ليس للمراسل إليه سوى الرجوع على الناقل بتعويض الأضرار الناجمة عن عمل المقاول. تضمين سند الشحن نصاً يفوض الربان في اختيار مقاول التفريغ. جواز الرجوع في هذه الحالة على المقاول بدعوى مباشرة لمساءلته.
عقد النقل البحري يلقي على عائق الناقل التزاماً بتسليم البضاعة سليمة إلى أصحابها، وإذ كان التسليم يستلزم تفريغ البضاعة، فإن تدخل مقاول التفريغ إنما يكون لحساب الناقل وتحت مسئوليته، ويكون مركزه مركز التابع للسفينة، ولا يكون للمرسل إليه إلا الرجوع على الناقل لتعويض الأضرار الناجمة عن عمل المقاول إذ لا تربطه بهذا الأخير أي علاقة قانونية مباشرة تجيز له الرجوع عليه شخصياً، وذلك كله ما لم يتضمن سند الشحن نصاً يفوض الربان اختيار مقاول التفريغ والتعاقد معه نيابة عن ذوي الشأن، إذ يكون للمرسل إليه في هذه الحالة دعوى مباشرة قبل مقاول التفريغ والتعاقد لمساءلته عن الأضرار الناجمة عن عمله، لما كان ذلك وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه فيما يتصل بقيام علاقة قانونية مباشرة بين الشركة المطعون ضدها - المحال إليها حقوق المرسل إليه - وبين الشركة الطاعنة (بوصفها مقاول تفريغ) على أن سند الشحن قد تضمن بنداً يجيز للربان اختيار مقاول التفريع نيابة عن المرسل إليه، وكانت الطاعنة قد تمسكت في دفاعها أمام محكمة الاستئناف بأن البند الوارد في السند هو بند استثنائي يتعلق بالبضائع المفرغ في بور سعيد والسويس نظراً للحالة التي كانت تسود القناة في ذلك الحين، ولا صلة له بالبضائع التي تفرغ في ميناء الإسكندرية ودللت على ذلك بما ورد في عنوان ذلك البند، وكان من شأن هذا الدفاع - لو صح - أن يغير وجه الرأي في الدعوى إذ يترتب عليه أن يصبح سند الشحن خالياً من أي نص يفوض الربان اختيار مقاول التفريغ في ميناء الوصول وهو ميناء الإسكندرية وبالتالي انتفاء العلاقة القانونية بين المرسل إليه ومقاول التفريغ بحيث لا تكون له قبله أي دعوى مباشرة، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يتناول بحث هذا الدفاع الجوهري أو يرد عليه فإنه يكون معيباً قاصر البيان [(1)].
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 1163 سنة 1959 تجاري كلي الإسكندرية ضد أولاد.... الذين اندمجت شركتهم في توكيل طيبه للملاحية التابع للشركة الطاعنة وطلبت الحكم بإلزامهم بأن يدفعوا لها مبلغ 1477 جنيهاً و430 مليماً والفوائد القانونية، وأسست دعواها على أن...... "استورد رسالة" بلاموط مطحون" شحنت على الباخرة "بني دورم" التابعة للطاعنة من ميناء أزمير إلى الإسكندرية بموجب سند شحن وإذ وصلت السفينة في 31/ 1/ 1959 ظلت البضاعة بعد تفريغها على أرصفة ميناء الإسكندرية في حيازة وتحت حراسة الناقلة حتى تم تسليمها للمستورد الذي قام بسحب 337 جوالاً من الرسالة من الجمرك خلال المدة من 25 إلى 28 فبراير سنة 1959 نقلها إلى مخازنه بالقاهرة حيث اكتشف وجود تلف بها مما حدا بها إلى توجيه احتجاج للناقلة بتاريخ 26/ 2/ 1959 كما أخطر المطعون ضدها المؤمن لديها بهذا التلف فأقامت الأخيرة دعوى إثبات الحالة رقم 120 سنة 1959 مستعجل الإسكندرية وقدم الخبير المنتدب فيها تقريره أثبت فيه أن البضاعة قد تلفت بسبب مياه الأمطار وقت أن كانت في حيازة وحراسة الناقلة، ولما كانت المطعون ضدها قد قامت بسداد قيمة الأضرار للمستورد الذي تنازل لها عن كافة حقوقه قبل الغير وأن الطاعنة بوصفها أمينة النقل البحري ملزمة قانوناً بتسليم البضاعة كاملة وسليمة بالحالة التي وصفت بها في سند الشحن ومن ثم تسأل عن هذا الأضرار. ومحكمة أول درجة قضت بتاريخ 31/ 12/ 1960 أولاً: برفض الدعوى قبل المدعى عليهم بصفتهم وكلاء عن السفينة "بني دروم" في مصر. ثانياً: بإلزام المدعى عليهم بصفتهم أمناء التفريغ للشحنة موضوع التداعي بأن يدفعوا للمدعية (المطعون ضدها) مبلغ 1277 جنيهاً و221 مليماً والفوائد بواقع 5% سنوياً. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 153 لسنة 17 ق تجاري الإسكندرية كما أقامت المطعون ضدها استئنافاً فرعياً طلبت فيه تعديل الحكم لها إلى مبلغ 1485 جنيهاً و464 مليماً. ومحكمة استئناف الإسكندرية قضت بتاريخ 12/ 6/ 1970 أولاً: في الاستئناف الأصلي برفضه ثانياً: وفي الاستئناف الفرعي بتعديل الحكم المستأنف وإلزام توكيل طيبه الملاحي الدامج لشركة أولاد ياقوت بصفته الشخصية بأن يدفع للمطعون ضدها مبلغ 1485 جنيهاً و464 مليماً والفوائد بواقع 5%. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه. وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وبالجلسة التزمت النيابة برأيها.
ومن حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب؛ وفي بيان ذلك تقول إن محكمة الدرجة الأولى، عندما تعرضت لتكييف العلاقة بين صاحب البضاعة ومقاول التفريغ فرقت بين حالتين: الحالة الأولى هي: ألا يتضمن سند الشحن نصاً يجيز للسفينة اختيار مقاول التفريغ. وفي هذه الحالة يكون مقاول التفريغ تابعاً للناقل ولا تقوم أي علاقة مباشرة بينه وبين صاحب البضاعة الذي لا يكون له إلا الرجوع على الناقل. والحالة الثانية أن يوجد في سند الشحن نص يجيز للناقل اختيار مقاول التفريغ وفي هذه الحالة تقوم علاقة مباشرة بين المرسل إليه ومقاول التفريغ تجيز له مساءلته شخصياً عن أعماله. وقد انتهت محكمة أول درجة إلى تطبيق الحالة الثانية على واقعة الدعوى استناداً إلى أن سند الشحن يتضمن شرطاً يجيز للسفينة اختيار مقاول التفريغ ورتبت على ذلك مسئولية الشركة الطاعنة مباشرة أمام المرسل إليه عن التلف الذي أصاب البضاعة. وقد تمسكت الشركة الطاعنة في دفاعها أمام محكمة الاستئناف بأن محكمة أول درجة وقعت في خطأ ظاهر إذ أن البند الخاص بالتفريغ الوارد في سند الشحن إنما هو بند استثنائي ينصب على البضائع المفرغة في بور سعيد والسويس بسبب الحالة في تلك المنطقة ولا ينصب على البضائع المفرغة في الإسكندرية ومن ثم فلا يحكم واقعة الدعوى، وأنه باستبعاد هذا البند يصبح سند الشحن خالياً من أي شرط يجيز للسفينة اختيار مقاول التفريغ. وبالتالي يكون الناقل هو المسئول قبل المرسل إليه ولا تكون هناك علاقة مباشرة بين هذا الأخير وبين مقاول التفريغ تجيز له الرجوع عليه. ومع ذلك لم تلتفت محكمة الاستئناف لهذا الدفاع الجوهري أو ترد عليه مما يجعل حكمها مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن عقد النقل البحري يلقي على عاتق الناقل التزاماً بتسليم البضاعة سليمة إلى أصحابها، وإذ كان التسليم يستلزم تفريغ البضاعة، فإن تدخل مقاول التفريغ إنما يكون لحساب الناقل وتحت مسئوليته، ويكون مركزه مركز التابع للسفينة، ولا يكون للمرسل إليه إلا الرجوع على الناقل لتعويض الأضرار الناجمة عن عمل المقاول إذ لا تربطه بهذا الأخير أي علاقة قانونية مباشرة تجيز له الرجوع عليه شخصياً. وذلك كله ما لم يتضمن سند الشحن نصاً يفوض الربان اختيار مقاول التفريغ والتعاقد معه نيابة عن ذوي الشأن، إذ يكون للمرسل إليه في هذه الحالة دعوى مباشرة قبل مقاول التفريغ لمساءلته عن الأضرار الناجمة عن عمله. وإذ كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه فيما يتصل بقيام علاقة قانونية مباشرة بين الشركة المطعون ضدها وبين الشركة الطاعنة (بوصفها مقاول تفريغ) على أن سند الشحن قد تضمن بنداً يجيز للربان اختيار مقاول التفريع نيابة عن المرسل إليه، وكانت الطاعنة قد تمسكت في دفاعها أمام محكمة الاستئناف بأن البند الوارد في السند هو بند استثنائي يتعلق بالبضائع المفرغة في بور سعيد والسويس نظراً للحالة التي كانت تسود منطقة القناة في ذلك الحين، ولا صلة له بالبضائع التي تفرغ في ميناء الإسكندرية ودللت على ذلك بما ورد في عنوان ذلك للبند، وكان من شأن هذا الدفاع - لو صح - أن يغير وجه الرأي في الدعوى. إذ يترتب عليه أن يصبح سند الشحن خالياً من أي نص يفوض الربان اختيار مقاول التفريغ في ميناء الوصول وهو ميناء الإسكندرية، وبالتالي انتفاء العلاقة القانونية بين المرسل إليه ومقاول التفريغ بحيث لا تكون له قبله أي دعوى مباشرة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يتناول بحث هذا الدفاع الجوهري أو يرد عليه، فإنه يكون معيباً قاصر البيان بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
[(1)] راجع نقض 11/ 6/ 1975 مجموعة المكتب الفني السنة 26 ص 1197.
ساحة النقاش