متى كان قرار نقل الطالب إلى وظيفة غير قضائية المطعون فيه قد برئ من العيوب التي تسوغ إلغاءه فإن طلب التعويض عنه يكون على غير أساس.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 70
جلسة 18 من مارس سنة 1976
برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة الدكتور حافظ هريدي وعضوية السادة المستشارين: أحمد صفاء الدين، عز الدين الحسيني، عبد العال السيد، عثمان الزيني.
(18)
الطلب رقم 1 لسنة 43 ق "رجال القضاء"
(1) نقل "النقل النوعي". ترقية "التخطي في الترقية".
سلطة الجهة الإدارية في اتخاذ القرارات بما يلائم إصدارها. حقها في فصل أي عضو من أعضاء النيابة أو نقله إلى وظيفة أخرى غير قضائية بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية. جواز اقتران هذا النقل بالتخطي في الترقية.
(2) نقل "النقل النوعي". دفوع "الدفع بعدم الدستورية". قانون.
النص في الدستور على أن يبين القانون شروط وإجراءات تعيين أعضاء الهيئات القضائية ونقلهم. شموله للنقل المكاني والنقل النوعي على السواء. مؤدى ذلك. اعتبار الدفع بعدم دستورية المادة 129 من قانون السلطة القضائية فيما أجازه من نقل أعضاء النيابة إلى وظيفة غير قضائية غير جدي.
(3) تعويض. قرار إداري.
سلامة قرار نقل الطالب إلى وظيفة غير قضائية المطعون فيه من العيوب التي تسوغ إلغاءه. أثره. رفض طلب التعويض عنه.
1 - للجهة الإدارية سلطة اتخاذ القرارات بما يلائم إصدارها متى كانت مبينة على وقائع صحيحة ومستفادة من مصادر ثابتة في الأوراق. وإذ كانت الأحكام المتعلقة بتأديب أعضاء النيابة لا تمس طبقاً لنص المادة 129 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 - الحق في فصل أي عضو منهم أو نقله إلى وظيفة أخرى غير قضائية بغير الطريق التأديبي، وذلك بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية وكان القانون لا يمنع من أن يجتمع في شأن عضو النيابة تخطيه في الترقية، ونقله إلى وظيفة غير قضائية، وكان الثابت في الأوراق أن النائب العام قد عرض على المجلس الأعلى للهيئات القضائية ما أسفرت عنه التحقيقات فيما نسب إلى الطالب من مآخذ، فوافق المجلس على نقله إلى وظيفة أخرى غير قضائية، وعلى هذا الأساس صدر القرار الجمهوري رقم.... بنقله إلى وزارة الصناعة ثم قرار وزير العدل رقم.... برفع اسمه من سجل أعضاء النيابة، وكانت المآخذ المسندة إلى الطالب والثابتة بملف خدمته تؤدي إلى إصدار القرار المطعون فيه فإن النعي على هذا القرار والقرار الوزاري المترتب عليه بمخالفة القانون وسوء استعمال السلطة يكون على غير أساس.
2 - إذ كان النص في الدستور على عدم قابلية القضاة للعزل هو نص خاص، وكانت المادة 167 السابقة عليه قد نصت على أن يبين القانون شروط وإجراءات تعيين أعضاء الهيئات القضائية ونقلهم، وورد النص بذلك مطلقاً يشمل النقل المكاني والنقل النوعي على السواء، فإن ما يدفع به الطالب من عدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة 129 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 فيما أجازه من نقل أعضاء النيابة العامة إلى وظيفة أخرى غير قضائية يكون دفعاً غير جدي، ويتعين الالتفات عنه.
3 - متى كان قرار نقل الطالب إلى وظيفة غير قضائية المطعون فيه قد برئ من العيوب التي تسوغ إلغاءه فإن طلب التعويض عنه يكون على غير أساس.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً.
حيث إن الطلب استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الأوراق - تتحصل في أنه بتاريخ 11/ 1/ 73، تقدم الطالب إلى قلم كتاب هذه المحكمة بعريضة قيدت برقم 1 سنة 43 ق "رجال القضاء" يطلب فيها الحكم بإلغاء القرار الجمهوري رقم 1623 لسنة 72 وقرار وزير العدل رقم 1430 لسنة 72 فيما تضمناه من نقله بغير الطريق التأديبي إلى وزارة الصناعة ورفع اسمه من سجل أعضاء النيابة العامة مع إلغاء كل ما ترتب عليها من آثار بما فيها الحركة القضائية التي تضمنت تخطيه في الترقية إلى درجة قاض، وإعادته إلى عمله بالنيابة العامة في الأقدمية التي كان عليها محتفظاً بحقه فيما فاته من ترقيات أو علاوات أو بدلات والحكم له بمبلغ ثلاثين ألف جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقته من ذلك. وقال في بيان طلبه أنه تبين من التفتيش على عمله بنيابة جرجا الجزئية في المدة من 1/ 2/ 71 إلى 30/ 4/ 71 وجود أوامر جنائية في بعض المخالفات بتوقيعات مزورة عليه واعترف معاون تلك النيابة في هذا الحين بأنه زور توقيعه عليها لانشغاله في تأليف كتاب عن التصوف بعنوان "كرامات الأولياء" وفي توزيع هذا الكتاب عن طريق بعض الأفراد والهيئات، وانتهى التحقيق في هذه الوقائع بمذكرة نسب إليه فيها تقاعسه عن العمل تاركاً معاون النيابة وكاتبها يزوران توقيعه وأن بعض القضايا كان يقدم إلى المحكمة دون اعتماد منه وأنه ألف كتاباً بقصد تحقيق ربح مادي وقام بتوزيعه مستغلاً نفوذ وظيفته، وفي 23/ 12/ 72 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 1623 لسنة 72 بنقله إلى وزارة الصناعة ثم صدر في 28/ 12/ 72 قرار وزير العدل رقم 1430 لسنة 72 برفع اسمه من سجل أعضاء النيابة العامة اعتباراً من 24/ 12/ 72 تاريخ تسلمه العمل بالإدارة القانونية بالشركة الشرقية للدخان تنفيذاً للقرار الجمهوري المشار إليه. وقد جاء هذان القراران مشوبين بمخالفة أحكام الدستور والقانون، ذلك أن نص الفقرة الأخيرة من المادة 129 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 الذي خول الحكومة حق فصل أي عضو من أعضاء النيابة العامة أو نقله إلى وظيفة أخرى غير قضائية بغير الطريق التأديبي بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية - والتي صدر على أساسها القرار الجمهوري المطعون فيه - هذا النص جاء مطلقاً من أية قواعد أو معايير محددة للحالات التي يطبق بشأنها مخالفاً بذلك ما نص عليه الدستور من عدم جواز الفصل بغير الطريق التأديبي إلا في الحالات التي يحددها القانون وعدم قابلية القضاة للعزل، وإذ كان رجال النيابة هم قضاة التحقيق وتشملهم هذه الحصانة وكان النقل إلى وظيفة غير قضائية ينطوي على معنى العزل ومخالفته للدستور ظاهرة لا محل معها لوقف الدعوى وتكليفه باستصدار حكم المحكمة العليا في شأنها، وكان القرار المطعون فيه علاوة على ذلك مشوباً بإساءة استعمال السلطة لأن ما نسب إليه لا يؤدي إلى إقصائه عن وظيفته القضائية ولا يجوز مجازاته عن فعل واحد مرتين إحداهما بالتخطي في الترقية والأخرى بالجزاء الذي تضمنه فقد تقدم بطلبه للحكم بطلباته المتقدمة وطلبت الحكومة رفض الطلب وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها منتهية إلى طلب رفض طلبات الطالب.
وحيث إنه لما كان للجهة الإدارية سلطة اتخاذ القرارات بما يلائم إصدارها متى كانت مبينة على وقائع صحيحة ومستفادة من مصادر ثابتة في الأوراق وكانت الأحكام المتعلقة بتأديب أعضاء النيابة لا تمس - طبقاً لنص المادة 129 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 - الحق في فصل أي عضو منهم أو نقله إلى وظيفة أخرى غير قضائية بغير الطريق التأديبي وذلك بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية وكان القانون لا يمنع من أن يجتمع في شأن عضو النيابة تخطيه في الترقية ونقله إلى وظيفة غير قضائية - إذ كان ذلك وكان الثابت في الأوراق أن النائب العام قد عرض على المجلس الأعلى للهيئات القضائية ما أسفرت عنه التحقيقات فيما نسب إلى الطالب من مآخذ فوافق المجلس في 8/ 8/ 72 على نقله إلى وظيفة أخرى غير قضائية، وعلى هذا الأساس صدر القرار الجمهوري رقم 1623 لسنة 72 بنقله إلى وزارة الصناعة ثم قرار وزير العدل رقم 1430 لسنة 72 برفع اسمه من سجل أعضاء النيابة، وكانت المآخذ المسندة إلى الطالب والثابتة بملف خدمته تؤدي إلى إصدار القرار المطعون فيه، فإن النعي على هذا القرار والقرار الوزاري المترتب عليه بمخالفة القانون وسوء استعمال السلطة يكون على غير أساس. وإذ كان النص في الدستور على عدم قابلية القضاة للعزل هو نص عام وكانت المادة 167 السابقة عليه قد نصت على أن يبين القانون شروط وإجراءات تعيين أعضاء الهيئات القضائية ونقلهم وورد النص بذلك مطلقاً يشمل النقل المكاني والنقل النوعي على السواء، فإن ما يدفع به الطالب من عدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة 129 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 72 فيما أجازه من نقل أعضاء النيابة العامة إلى وظيفة أخرى غير قضائية يكون دفعاً غير جدي ويتعين الالتفات عنه.
وحيث إنه متى كان القرار المطعون فيه قد برئ من العيوب التي تسوغ إلغاءه فإن طلب التعويض عنه يكون على غير أساس.
ساحة النقاش