طلب الطاعن أمام محكمة أول درجة تعويضه عن الضرر الذي أصابه نتيجة رفض عطائه. مطالبته أمام محكمة الاستئناف بتعويض على الضرر الذي لحقه بسبب ما نسبته إليه المطعون عليها من وقائع في دفاعها أمام محكمة الدرجة الأولى. طلب جديد. لا يجوز قبوله في الاستئناف.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 998
جلسة 22 من إبريل سنة 1976
برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة الدكتور حافظ هريدي وعضوية السادة المستشارين. أحمد صفاء الدين؛ وعز الدين الحسيني؛ وعثمان الزيني؛ محمدي الخولي.
(190)
الطعن رقم 723 لسنة 41 القضائية
(1) عقد "المزاد".
صاحب الدعوى إلى التعاقد بطريق المزاد. حقه بعد الإعلان عن شروطه وتقديم العطاءات في إضافة شروط جديدة بموافقة أصحاب العطاءات دون حاجة إلى الإعلان عن مزاد جديد.
(2) عقد "المزاد". محكمة الموضوع. نقض.
الدعوى إلى التعاقد بطريق المزاد. قيام السبب المشروع لرفض التعاقد من جانب صاحب هذه الدعوى. من مسائل الواقع. لا رقابة لمحكمة النقض على قاضي الموضوع في ذلك متى أقام قضاءه على أسباب سائغة.
(3) حكم "ما لا يعد قصوراً". نقض.
دفاع الطاعن. عدم استناده إلى أساس قانوني صحيح. إغفال الحكم الرد عليه. لا قصور.
(4) استئناف "الطلبات الجديدة". مسئولية. تعويض.
طلب الطاعن أمام محكمة أول درجة تعويضه عن الضرر الذي أصابه نتيجة رفض عطائه. مطالبته أمام محكمة الاستئناف بتعويض على الضرر الذي لحقه بسبب ما نسبته إليه المطعون عليها من وقائع في دفاعها أمام محكمة الدرجة الأولى. طلب جديد. لا يجوز قبوله في الاستئناف.
1 - إذ كان يبين من الاطلاع على مشروع العقد الذي أعدته نقابة المهن التعليمية - المطعون عليها - لإدارة صيدليتها، وأرسلت صورة منه للطاعن أنه لم يتضمن شروطاً تكشف عن النية في اختيار وسائل القانون العام، فإن قواعد القانون الخاص تكون هي الواجبة التطبيق. وإذ يجوز للمتعاقدين وفقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 147 من القانون المدني تعديل العقد باتفاقهما فإنه يجوز أيضاً لصاحب الدعوة إلى التعاقد بطريق المزاد، بعد الإعلان عن شروطه، وتقديم العطاءات، دون ما حاجة إلى الإعلان عن مزاد جديد، وإذ استخلص الحكم المطعون فيه في حدود سلطته الموضوعية، وبأسباب سائغة - لم تكن محل نعي - إن الطاعن بعد أن تقدم بعطائه قد قبل الشروط المتعلقة بالاعتبارات الشخصية، والتي أضافتها المطعون عليها إلى تلك السابق الإعلان عنها، فإن النعي عليه بمخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه يكون على غير أساس.
2 - قيام السبب المشروع لرفض التعاقد - من جانب صاحب الدعوة إلى التعاقد بطريق المزاد - أو نفيه، هو من مسائل الواقع، التي يستقل بها قاضي الموضوع، دون رقابة من محكمة النقض، متى أقام قضاءه على أسباب سائغة، وإذ كان ما أورده الحكم يؤدي إلى ما انتهى إليه من مشروعية امتناع نقابة المهن التعليمية عن التعاقد مع الطاعن على إدارة صيدليتها ولا مخالفة فيه للقانون، إذ العبرة فيما إذا كان صاحب الدعوة للإيجار قد تعسف في رفضه، أو لم يتعسف، هي بالظروف والملابسات التي كانت محيطة به وقت الرفض لا بعده، فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.
3 - متى كان دفاع الطاعن الوارد بسبب النعي لا يستند إلى أساس قانوني صحيح، فإن إغفال الحكم الرد عليه لا يعد قصوراً مبطلاً له.
4 - مفاد نص المادة 235 من قانون المرافعات أنه لا يجوز إضافة أي طلب جديد لم يكن قد أبدى أمام محكمة الدرجة الأولى، إلا أن يكون هذا الطلب في حدود الاستثناء الوارد في الفقرتين الثانية والرابعة من هذه المادة. وإذ أقام الطاعن دعواه أمام محكمة أول درجة بطلب التعويض عن الضرر الذي أصابه نتيجة رفض المطعون عليها التعاقد معه، دون غيره من الأفعال، فإن مطالبته أمام محكمة الدرجة الثانية بتعويض عن الضرر الذي لحقه، لما نسبته إليه المطعون عليها من وقائع في دفاعها أمام محكمة أول درجة، يكون طلباً جديداً، لا يجوز لمحكمة الاستئناف قبوله، وعليها أن تقضي بذلك ولو من تلقاء نفسها، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، إذ جرى في قضائه على أن ما نسبته المطعون عليها إلى الطاعن من أمور يدخل ضمن دفاعها في دعوى مقامة ضدها، ولا مسئولية عليها في خصوصه، دون أن يبين الحكم ما إذا كانت هذه الوقائع قد ثبتت أم لا - يكون غير منتج ولا جدوى فيه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الدكتور صيدلي...... (الطاعن) أقام الدعوى رقم 731 لسنة 1968 مدني كلي القاهرة ضد نقابة المهن التعليمية (المطعون عليها) طالباً الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 15000 جنيه على سبيل التعويض، وقال بياناً للدعوى إن النقابة المذكورة أعلنت عن مزايدة لإدارة صيدلية المعلمين التابعة لها عن سنتي 1968، 1969، فتقدم بعطائه وسدد قيمة التأمين المطلوب، ورغم أنه كان صاحب أعلى عطاء واستيفائه لكافة الشروط التي تطلبها النقابة في المزايدين فقد التفتت النقابة عن عطائه وأرست المزاد على غيره منحرفة بذلك عن جادة الحق، وإذ أصابته أضرار نتيجة رفض النقابة التعاقد معه، فقد أقام الدعوى بطلباته. وفي 13/ 1/ 1969 حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليها بأن تدفع للمدعي مبلغ 1000 جنيه، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 3448 سنة 87 ق القاهرة. كما استأنفته المطعون عليها في الاستئناف رقم 386 سنة 86 ق القاهرة وفي 20/ 6/ 1970 حكمت المحكمة في موضوع الاستئنافين بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها، وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالشق الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة للقانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم استند في قضائه برفض الدعوى إلى أنه وإن كان مشروع التعاقد الذي أعلنت عنه النقابة المطعون عليها قد تضمن شروطاً مالية بحتة لم يكن الاعتبار الشخصي ملحوظاً فيها، وأن الطاعن تقدم بعطائه بناء على هذه الشروط، إلا أن النقابة قامت بعد ذلك بإحداث تعديل فيها أعطت بمقتضاه أهمية للاعتبار الشخصي بأن أرسلت لكل صاحب عطاء تطلب منه موافاتها ببيانات عن سنة تخرجه من كلية الصيدلة والأعمال التي مارسها منذ تخرجه، وأن الطاعن قبل هذا التعديل بأن أرسل للنقابة خطاباً يحوي البيانات التي طلبتها، فيكون لها أن تفصل في نتيجة العطاء مستهدية بالعاملين المادي والشخصي، وأنها رفضت التعاقد مع الطاعن بسبب مشروع هو عدم ثقتها في شخصه وهو من الحكم خطأ ومخالفة للقانون ذلك أن المزادات المفتوحة والتي يسمح بالاشتراك فيها لمن يشاء، تقوم - وفقاً لأحكام القانون العام - على مبدأ آلية إرساء المزاد ويتعين اختيار أفضل العطاءات من الناحية المالية، ولا يجوز لصاحب الدعوة أن يضيف إلى شروط المزاد أو التعاقد شروطاً أخرى جديدة لم يسبق الإعلان عنها ويتخذها مبرراً لاستبعاد العطاء، لأنه بتقديم العطاءات وحلول ميعاد فتح المظاريف يتحدد مركز كل من أصحاب العطاءات بالنسبة للآخر وبالنسبة للجهة المقدم إليها العطاء، ولا يجوز العبث بهذه المراكز باتفاق لاحق من شأنه تعديلها وإلا أهدرت المراكز التي اكتسبها كل منهم، وإذا رأى صاحب الدعوة ضرورة إضافة شروط جديدة، فإنه يتعين عليه إلغاء المزاد والإعلان عن مزاد آخر بهذه الشروط الجديدة.
وحيث إنه لما كان يبين من الاطلاع على مشروع العقد الذي أعدته النقابة المطعون عليها لإدارة صيدليتها وأرسلت صورة منه للطاعن أنه لم يتضمن شروطاً تكشف عن النية في اختيار وسائل القانون العام، فإن قواعد القانون الخاص تكون هي الواجبة التطبيق. وإذ يجوز للمتعاقدين - وفقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 147 من القانون المدني - تعديل العقد باتفاقهما، فإنه يجوز أيضاً لصاحب الدعوة إلى التعاقد بطريق المزاد بعد الإعلان عن شروطه وتقديم العطاءات، أن يضيف شروطاً جديدة بموافقة أصحاب العطاءات، دون ما حاجة إلى الإعلان عن مزاد جديد، وإذا استخلص الحكم المطعون فيه في حدود سلطته الموضوعية وبأسباب سائغة لم تكن محل نعي أن الطاعن بعد أن تقدم بعطائه قد قبل الشروط المتعلقة بالاعتبارات الشخصية التي أضافتها المطعون عليها إلى تلك السابق الإعلان عنها، فإن النعي عليه بمخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث وبكل من الشق الثالث من السبب الأول والشق الثاني من السبب الثاني، على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والتناقض والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن المطعون عليها رفضت التعاقد معه دون مبرر مما يستوجب مسئوليتها، إذ قامت اللجنة المختصة بفتح مظاريف العطاءات بتاريخ 25/ 11/ 1967، ولما تبينت أن الطاعن هو صاحب أكبر عطاء حاولت تعطيل إجراءات المزاد والتحلل منها، فوجهت في 25/ 11/ 1967 خطابات إلى مقدمي العطاءات لموافاتها ببيانات عن سني تخرجهم والأعمال التي مارسوها والتعاقدات التي تمت معهم خلال السنوات الخمس الأخيرة، كما طلبت في 26/ 11/ 1967 من مكتب أمن وزارة الصحة إفادتها بمعلوماته عنهم، كي تتخذ من كل هذه البيانات ذريعة للتفصيل بين أصحاب العطاءات واستبعاد من تريد استبعاده، وطلب الطاعن تكليف المطعون عليها بتقديم محضر فتح المظاريف، وكلفتها المحكمة بذلك بجلسة 13/ 6/ 1970 فامتنعت عن تقديم المحضر المذكور لتخفي على قاضي الدعوى تاريخ فتح المظاريف وهل هو سابق أم لاحق على خطاباتها المرسلة إلى مقدمي العطاءات ومكتب الأمن، وبالرغم من ذلك فقد ذهب الحكم المطعون فيه خلافاً للواقع، إلى أن المظاريف فتحت في 28/ 11/ 1967، وجرى في قضائه على أن امتناع النقابة عن التعاقد مع الطاعن كان لأسباب مشروعة استناداً إلى عدم ثقة المطعون عليها في شخصه بالنظر لما جاء بتحريات مكتب أمن وزارة الصحة من تقديمه لعدد من المحاكمات التأديبية، وأنه لا يصح القول بأنه كان على النقابة أن تتحرى صحة هذه التحريات وحسبها أن يقدمها لها مكتب حكومي، وأنه لا اعتداد بالشهادات المقدمة من الطاعن والصادرة من نقابة الصيادلة والدالة على عدم تقديمه للمحاكمة التأديبية، وللطاعن إذا شاء أن يقاضي مكتب الأمن لأنه المسئول الأول والأخير عن إصدار القرار الذي اتخذته النقابة، ويقول الطاعن أن هذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه مخالف للقانون ويشوبه التناقض والقصور، إذ رغم تسليمه بعدم صحة تحريات مكتب الأمن فقد جعل منها سبباً مشروعاً لرفض التعاقد، فضلاً عن الصحيح أن تتحمل النقابة تبعة قرارها باستبعاد عطاء الطاعن لأنها المسئولة قبله عن القرار الذي اتخذته ولها إذا أرادت الرجوع على مكتب الأمن.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن عرض لوقائع الدعوى ودفاع الطرفين، استند في قضائه بمشروعية رفض المطعون عليها التعاقد مع الطاعن إلى قوله "إن النقابة رفضت التعاقد معه لعدم ثقتها في شخصه نظراً لما جاء في تحريات مكتب أمن وزارة الصحة بخصوصه من تقديمه لعدد من المحاكمات الشخصية التأديبية، وهي على حق تصرفها هذا الذي يستند إلى سبب مشروع لا مسئولية عليها فليس هناك ما يضطرها إلى التعاقد مع شخص ليتعامل مع أعضائها في موضوع الأدوية وهو موضوع حيوي هام بالنسبة لهم وهذا الشخص قدمته نقابته للمحاكمة التأديبية في عدد من القضايا، ولا يصح القول إنه كان عليها أن تتحرى عن صحة تلك البيانات فحسبها أن يقدمها لها مكتب أمن وزارة الصحة - التابع له المستأنف ضده (الطاعن) - وهو مكتب حكومي المفروض أن يتمتع بالثقة والحيدة، ولا يقدح في هذا القول ما تقدم به المستأنف ضده من شهادات من نقابة الصيادلة أنه غير مقدم لأية محاكمة تأديبية لأن هذه الشهادات لم تكن تحت بصر النقابة وهي تتخذ قرارها بعدم التعاقد معه". ولما كان قيام السبب المشروع لرفض التعاقد أو نفيه هو من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع دون رقابة من محكمة النقض متى أقام قضاءه على أسباب سائغة، وكان هذا الذي أورده الحكم يؤدي إلى ما انتهى إليه من مشروعية امتناع النقابة عن التعاقد مع الطاعن، ولا مخالفة فيه للقانون، إذ العبرة فيما إذا كان صاحب الدعوى للإيجار قد تعسف في رفضه أو لم يتعسف هي بالظروف والملابسات التي كانت محيطة به وقت الرفض لا بعده وإذ لا يفسد الحكم ما استطرد إليه تزيداً عن أن للطاعن مقاضاة مكتب الأمن لأنه مسئول عن قرار النقابة وعن نسبة وقائع للطاعن لم يثبت صحتها، إذ كان ذلك، وكان ما أثبته الحكم من أن فتح المظاريف قد تم بتاريخ 28/ 11/ 1967 له أصله الثابت بمحضر اجتماع هيئة النقابة المطعون عليها المؤرخ 28/ 11/ 1967، فإن النعي على الحكم بكل ما تضمنه هذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل الشق الأول من السبب الثاني القصور في التسبيب، ذلك أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على ما تمسك به الطاعن أمام محكمة الموضوع من أن المزايدات العامة المفتوحة تقوم على آلية إرساء المزاد واختيار أفضل العطاءات من الناحية المالية، وأنه يعد الإعلان عنها وعن شروطها وتقديم العطاءات لا يجوز إضافة شروط لم يسبق الإعلان عنها، وإنما يجب إلغاء المزايدة والإعلان عن مزايدة أخرى بالشروط الجديدة.
وحيث إن هذا النعي غير منتج ذلك أنه لما كان دفاع الطاعن الوارد بسبب النعي على ما تقدم بيانه عند الرد على الشق الثاني من السبب الأول لا يستند إلى أساس قانوني صحيح، فإن إغفال الحكم الرد عليه لا يعد قصوراً مبطلاً له.
وحيث إن حاصل الشق الأول من السبب الأول مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه جرى في قضائه على أن إعلان النقابة المطعون عليها عن مزايدة إدارة الصيدلية. وإرسالها صوراً من مشروع التعاقد إلى عدد من الصيادلة يعتبر إيجاباً، وأن الطاعن عندما تقدم بعطائه أوضح نسبة الربح التي تؤول للنقابة، وأثبت في نهاية رده أنه "على استعداد للممارسة"، وأن اقتران قبول الطاعن بهذه العبارة يعتبر رفضاً لإيجاب النقابة وإيجاباً جديداً من الطاعن عملاً بالمادة 96 من القانون المدني، ورتب الحكم على ذلك عدم مسئولية المطعون عليها إذا لم تقبل هذا الإيجاب وهو من الحكم خطأ في تكييف الواقع في الدعوى ومخالفة للقانون، وذلك أنه طبق على واقعة النزاع حكم المادة المذكورة ظناً منه أن التعاقد كان بطريق الممارسة لا بطريق المزاد وأن طرح الصفقة في المزاد هو الإيجاب والتقدم بالعطاء هو القبول، في حين أن طرح الصفقة في المزاد والإعلان عنها وعن شروطها هو مجرد دعوة إلى التعاقد عن طريق التقدم بعطاء، والتقدم بالعطاء هو الإيجاب، أم القبول فهو إرساء المزاد على من يرسو عليه هذا إلى أن عبارة "علماً بأني مستعد للممارسة" التي أوردها الطاعن بعطائه، لا تدل على رفضه لدعوى النقابة، ولكنها مجرد تحفظ من حق كل مزايد التمسك به.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن على دعامتين كل منهما مستقلة عن الأخرى، الأولى أن تقدم الطاعن بعطائه مقترناً بعبارة "أنه على استعداد للممارسة" يعتبر رفضاً لإيجاب النقابة ويتضمن إيجاباً جديداً لا مسئولية على المطعون عليها إن هي لم تقبله والثانية أن المطعون عليها رفضت التعاقد مع الطاعن بسبب مشروع وكانت هذه الدعامة تكفي لأن يقوم عليها وحدها الحكم - وقد ثبت عدم صحة النعي الموجه إليها - فإن تعييبه في الدعامة الأخرى، أياً كان وجه الرأي فيه يكون غير منتج.
وحيث إن حاصل الشق الرابع من السبب الأول والشق الثالث من السبب الثاني الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، ذلك أن المطعون عليها قررت في المذكرة المقدمة منها لمحكمة أول درجة أنها رفضت التعاقد مع الطاعن لأسباب مبررة من التحريات التي أجرتها بنفسها وأوضحت أنه ليس أهلاً للثقة ولا يمكن الاطمئنان إليه لسبق اتهامه بتبديد أدوية ونقل أدوية من صيدلية كان يعمل بها إلى صيدليته الخاصة، وامتناعه عن دفع دين مستحق عليه لإحدى شركات الأدوية، وتحرير محاضر تموينية عديدة ضده لبيعه أدوية بأكثر من السعر الجبري، وإذا جرى قضاء المحكمة على أن ما نسبته النقابة إلى الطاعن من هذه الأمور يدخل ضمن دفاعها في دعوى مقامة ضدها ولا مسئولية عليها في خصوصه، دون أن يبين الحكم ما إذا كانت هذه الوقائع قد ثبتت أم لا، مع أنها تعتبر قذفاً في حق الطاعن وتخدش الناموس والاعتبار، فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المادة 235 من قانون المرافعات إذ نصت على أنه "لا تقبل الطلبات الجديدة في الاستئناف وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبولها. ومع ذلك يجوز أن يضاف إلى الطلب الأصلي الأجور والفوائد والمرتبات وسائر الملحقات التي تستحق بعد تقديم الطلبات الختامية أمام محكمة أول درجة الأولى وما يزيد من التعويضات بعد تقديم هذه الطلبات، وكذلك يجوز مع بقاء موضوع الطلب الأصلي على حالة تغيير سببه والإضافة إليه، ويجوز للمحكمة أن تحكم بالتعويضات إذا كان الاستئناف قد قصد به الكيد". فإن مفاد هذا النص أنه لا يجوز إضافة أي طلبات جديدة لم يكن قد أبدى أمام محكمة الدرجة الأولى إلا أن يكون هذا الطلب في حدود الاستثناء الوارد في الفقرتين الثانية والرابعة من هذه المادة. وإذ أقام الطاعن دعواه أمام محكمة أول درجة بطلب التعويض عن الضرر الذي أصابه نتيجة رفض المطعون عليها التعاقد معه دون غيره من الأمثال، فإن مطالبته أمام محكمة الدرجة الثانية بتعويض عن الضرر الذي لحقه، لما نسبته إليه المطعون عليها من وقائع في دفاعها أمام محكمة أول درجة، يكون طلباً جديداً، لا يجوز لمحكمة الاستئناف قبوله، وعليها أن تقضي بذلك ولو من تلقاء نفسها، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص، يكون غير منتج ولا جدوى فيه.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ساحة النقاش