دعوى التعويض. تكييف محكمة الموضوع للفعل بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه. خضوعه لرقابة محكمة النقض استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية. من سلطة محكمة الموضوع متى كان استخلاصها سائغاً.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 1454
جلسة 29 من يونيه سنة 1976
برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس محكمة النقض وعضوية السادة المستشارين إبراهيم السعيد ذكرى، ومحمد صدقي العصار، ومحمود عثمان درويش، وزكي الصاوي صالح.
(276)
الطعن رقم 262 لسنة 42 القضائية
(1 و2) مسئولية "مسئولية تقصيرية" عمل "إصابات العمل" تعويض.
(1) استناد العامل المضرور في طلب التعويض قبل صاحب العمل إلى قواعد المسئولية التقصيرية. شرطه. أن يكون خطؤه الناشئ عنه الحادث جسيماً. م 42 من القانون 63 لسنة 1964 بشأن التأمينات الاجتماعية.
(2) الخطأ الجسيم في معنى المادة 42 ق 63 لسنة 1964. ماهيته.
(3) مسئولية "مسئولية تقصيرية". تعويض. محكمة الموضوع.
دعوى التعويض. تكييف محكمة الموضوع للفعل بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه. خضوعه لرقابة محكمة النقض استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية. من سلطة محكمة الموضوع متى كان استخلاصها سائغاً.
(4) نقض "أسباب الطعن" "السبب الجديد" "مسئولية تقصيرية".
تمسك المدعى عليه في دعوى المسئولية بخطأ الغير. عدم جواز التحدي بهذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض.
(5) نقض "السبب غير المنتج" مسئولية تقصيرية "حكم" تسبيب الحكم. عمل.
إقامة الحكم قضاءه في دعوى التعويض على أساس المسئولية التقصيرية. النعي على الحكم لاستناده أيضاً للمادتين 108 ق 91 لسنة 1959 و5 من القرار 48 لسنة 1967. غير منتج.
1 - النص في المادة/ 42 من القانون رقم 63 لسنة 1964 الخاص بالتأمينات الاجتماعية الذي يحكم واقعة النزاع على أنه "لا يجوز للمصاب فيما يتعلق بإصابات العمل أن يتمسك ضد الهيئة بأحكام أي قانون آخر، ولا يجوز له ذلك أيضاً بالنسبة لصاحب العمل إلا إذا كانت الإصابة قد نشأت عن خطأ جسيم من جانبه" يدل على أن مجال تطبيق قانون التأمينات الاجتماعية هو في الأحوال التي أراد فيها المشرع أن يرعى جانب العامل نظراً لمخاطر العمل بعدم تحميله عبء إثبات خطأ صاحب العمل أو تقصيره عند المطالبة بالتعويض فإذا ما لجأ العامل إلى أحكام هذا القانون واتخذها سنداً له في طلب التعويض فإنه لا يصح له أن يتمسك بأي قانون آخر ضد صاحب العمل إلا إذا كان خطؤه الذي نشأ عنه الحادث جسيماً فإنه يجوز للعامل المضرور منه التذرع في هذه الحالة بالقواعد العامة للمسئولية التقصيرية دون التقيد باللجوء إلى قانون التأمينات الاجتماعية.
2 - الخطأ الجسيم في معنى المادة الرابعة من قانون إصابات العمل رقم 64 لسنة 1936 التي تقابلها المادة 42 من القانون رقم 63 لسنة 1964 الخاص بالتأمينات الاجتماعية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو الذي يقع بدرجة غير يسيرة ولا يشترط أن يكون متعمداً.
3 - تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه هو من المسائل التي يخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض إلا أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى.
4 - لما كان ما تثيره الطاعنة - المدعى عليها في دعوى المسئولية التقصيرية - بشأن خطأ مجلس مدينة..... - خطأ الغير - هو دفاع لم تتمسك به أمام محكمة الاستئناف فإنه يعتبر سبباً جديداً لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
5 - متى كان الحكم قد استقام قضاؤه على ما استظهره في أسباب سليمة على أساس المسئولية التقصيرية فإن النعي باستناده - بصدد إثبات مسئولية رب العمل عن وفاة العامل - إلى المادتين 108 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 والخامسة من قرار وزير العمل رقم 48 لسنة 1967 أياً كان وجه الرأي فيهما يكون غير منتج.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليهم أقاموا الدعوى رقم 799 لسنة 1970 مدني كفر الشيخ الابتدائية ضد شركة مضارب غرب كفر الشيخ بدسوق - الطاعنة - طلبوا فيها الحكم بإلزامها بأن تدفع لهم مبلغ 2000 جنيه، وقالوا شرحاً لدعواهم إن مورثهم المرحوم....... زوج المطعون عليها الأولى ووالد القاصرين...... المشمولين بوصايتها وابن المطعون عليهما الثاني والثالثة كان يعمل لدى الشركة الطاعنة، وفي يوم 8/ 1/ 1969 أصدر أمين مخازن الشركة أمره إلى العمال لتغطية سطح مخزن الأرز بالمشمع بسبب هطول الأمطار، فصعدوا إلى سطح المخزن ومن بينهم مورثهم المذكور، وأثناء قيامه بوضع المشمع على السطح صعقه التيار الكهربائي وتوفى على الأثر، وأبلغت الشرطة بالحادث وحرر عنه المحضر رقم 156 لسنة 1969 عوارض دسوق، وتبين من المعاينة أن ارتفاع المخزن حوالي خمسة أمتار ويجاور حائطه من الجهة القبلية عامود إنارة خاص بالبلدية تمتد منه ثلاثة أسلاك كهربائية تمر فوق سطح المخزن على ارتفاع قريب منه يصل إلى حوالي نصف متر وأن السطح من الصاج ولم تكتمل تغطيته بالمشمع، وأثبت المحقق أنه من الممكن وصول التيار الكهربائي عن طريق مياه الأمطار خاصة وأن الأسلاك قريبة من سطح المخزن ويمكن ملامستها أثناء تغطية السطح بقطع المشمع، وثبت من الكشف الطبي على الجثة أنه يجوز حصول الوفاة من الصدمة العصبية الشديدة نتيجة ملامسة السلك الكهربائي، وإذا لم تتخذ الشركة الاحتياطات اللازمة لحماية مورثهم أثناء عمله على سطح معدني موصل للكهرباء وأثناء هطول الأمطار مما يجعلها مسئولة عن وفاته طبقاً للمادة 163 من القانون المدني والمادة 108 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 والمادة الخامسة من قرار وزير العمل رقم 48 لسنة 1967 وتلتزم بتعويضهم عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقتهم بفقد مورثهم وهو عائلهم الوحيد ويقدرونها بمبلغ 2000 جنيه، فقد أقاموا الدعوى للحكم لهم بطلباتهم. ردت الطاعنة بأن هيئة التأمينات الاجتماعية هي المسئولة عن التعويض وقد أدت للمطعون عليهم مستحقاتهم نتيجة وفاة مورثهم وطلبت رفض الدعوى لعدم ثبوت خطأ في جانبها ولأن الحادث وقع نتيجة خطأ من المورث. وبتاريخ 26/ 4/ 1971 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف المطعون عليهم هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا وقيد استئنافهم برقم 82 سنة 4 ق مدني "مأمورية كفر الشيخ" وفي 21/ 3/ 1972 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون عليهم 1200 جنيه. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعى بها الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب، وتقول في بيان ذلك إن الحكم أقام قضاءه بمسئوليتها عن الحادث وثبوت الخطأ الجسيم في جانبها تأسيساً على مخالفتها حكم المادتين 108 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 والخامسة من قرار وزير العمل رقم 48 لسنة 1967، في حين أن هاتين المادتين لا ينطبقان على واقعة الدعوى لأنهما تواجهان الاحتياطات المطلوب اتخاذها لحماية العمال أثناء العمل بمراعاة نوع العمل الذي يقومون به والآلات التي يعملون عليها بصفة دائمة، والثابت أن الأسلاك الكهربائية التي تسبب عنها الحادث ليست مما يعمل عليها العاملون بالشركة لا بصفة دائمة أو مؤقتة وبالتالي فلا تلزم طبقاً للمادتين المذكورتين بحماية عمالها منها وإنما يقع عليهم أنفسهم واجب الحيطة والتبصر، فضلاً عن أنه يستحيل معرفة نوع الحماية التي يتطلب اتخاذها إذ لا يتصور سواء كان الجو صحواً أم مطيراً أن يحث خطر من هذه الأسلاك التي قامت البلدية بتركيبها وهي جهة لها خبرتها حتى يكون من واجب الطاعنة أن تتوقاه، علاوة على أن مناط تطبيق نص المادة 42 من القانون رقم 63 لسنة 1964 التي استند إليها الحكم أن تكون الإصابة قد نشأت عن خطأ جسيم من جانب صاحب العمل، ولو صحت نسبة الخطأ إليها فلا يمكن وصفه بالجسامة إذ لا يسوغ اعتبار عدم عزل التيار الكهربائي بمناسبة العمل الذي كان يقوم به مورث المطعون عليهم لوناً من العمد أو الغش أو افتراض نية الإيذاء وهي جميعاً صور الخطأ الجسيم مما يكون معه الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون، هذا إلى أن الطاعنة تمسكت بأن الحادث كان نتيجة خطأ مورث المطعون عليهم إذ لم يتخذ الحيطة حتى لا يسقط على أحد الأسلاك الكهربائية أو يستند إليها وهي تمتد فوق المخزن على ارتفاع نصف فتحة، واستدلت على ذلك بما جاء في التقرير الطبي عن وصف الإصابة ومكانها وبما ثبت من المعاينة من وجود السلك تحت الجثة، كذلك فإنه لو كان أحد الأسلاك عارياً كما قرر الحكم فإن الخطأ يقع على عاتق مجلس مدينة دسوق مالك تلك الأسلاك والمشرف عليها، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع وقضى بمسئوليتها بناء على ثبوت الخطأ الجسيم في جانبها تأسيساً على أنها كلفت العمال بالعمل بالقرب من أسلاك ناقلة للتيار الكهربائي على سطح معدني وهو موصل جيد للكهرباء أثناء هطول الأمطار، دون أن يبين الحكم مصدر هذه الوقائع، بل إنها تخالف الثابت بالأوراق، ذلك أنه لم يثبت سقوط المطر محملاً بالتيار الكهربائي على السطح المعدني إذ لم يصعق أحد آخر ممن كانوا بالسطح، ولم يثبت أن المطر سهل اتصال التيار الكهربائي بجسم العامل أو أن الأسلاك كانت عارية وهو ما يصيب الحكم بمخالفة الثابت في الأوراق والقصور.
وحيث إن النعي بجميع أسبابه مردود، ذلك أنه لما كان المطعون عليهم قد أقاموا الدعوى استناداً إلى المسئولية التقصيرية المنصوص عليها في المادة 163 من القانون المدني، وكان يبين من الرجوع إلى الحكم المطعون فيه أنه قضى بإلزام الطاعنة بالتعويض تأسيساً على ما قرره من أن "الثابت من محضر ضبط الواقعة والمعاينة التي أجراها المحقق أن العامل المتوفى - مورث المطعون عليهم - كان قائماً بفرد المشمع لتغطية سطح المخزن لحماية الأرز المخزون به من مياه الأمطار وهذا السطح من الصاج ويجاور الحائط الخاص بالمخزن من الجهة القبلية عامود الإنارة الخاص بالبلدية وتمتد منه ثلاثة أسلاك كهربائية تمر فوق سطح المخزن بطوله وقريبة من سطح المخزن بحوالي نصف متر تقريباً.... وقد يوجد بعض المشمعات تغطي جانباً من السطح، واتضح من المعاينة أنه من الممكن أثناء هطول الأمطار وصول التيار الكهربائي عن طريق المياه خاصة وأن السلك قريب لسطح المخزن ويمكن ملامسة المتوفى لهذا السلك أثناء قيامه بتغطية السطح بالمشمع، وثبت من التقرير الطبي أن مورث المدعين - المطعون عليهم - وجدت به من الإصابات حرق ناري مستعرض بالظهر فوق الإليتين وأرجع سبب الوفاة إلى الصدمة العصبية الشديدة نتيجة ملامسة السلك الكهربائي لمكان الحرق..... وأن الثابت مما تقدم أن السلك الكهربائي ممتد قريباً من سطح المخزن المصنوع من الصاج وهو موصل جيد للكهرباء وقد كلف العامل المتوفى من رئيسه المباشر بالقيام مع عمال آخرين بفرد المشمعات على سطح المخزن لحماية مخزون الأرز من مياه المطر التي كانت تتساقط في ذلك الوقت بغزارة مما سهل اتصال التيار الكهربائي بجسم العامل فصعق وتوفى على الفوز نتيجة لذلك، وهو ما يستخلص منه أن الشركة المدعى عليها - الطاعنة - قد كلفت عمالها بالعمل بالقرب من أسلاك ناقلة للتيار الكهربائي على سطح معدني يعتبر موصلاً جيداً للكهرباء أثناء هطول الأمطار بغزارة على هذا السطح دون أن توفر أي حماية لهؤلاء العمال من أخطار التيار الكهربائي أو تستعمل أية وسيلة لعزل التيار الكهربائي، وذلك مستفاد من محضر المعاينة التي قام بها محقق المحضر رقم 156 لسنة 1961 عوارض دسوق..... ولم تذكر الشركة في دفاعها أنها اتخذت أي إجراء لوقاية عمالها من أخطار التيار الكهربائي الأمر الذي يشكل مخالفة لأحكام المادة 108 من قانون العمل والقرار الوزاري رقم 48 لسنة 1967 المنفذ له، ويكون قد تحقق في جانب الشركة المستأنف عليها الخطأ الجسيم الموجب لمساءلتها طبقاً للفقرة الأخيرة من المادة 42 من القانون رقم 63 لسنة 1964 والمادة 163 مدني، وكان النص في المادة 42 من القانون رقم 63 لسنة 1964 الخاص بالتأمينات الاجتماعية الذي يحكم واقعة النزاع على أنه "لا يجوز للمصاب فيما يتعلق بإصابات العمل أن يتمسك ضد الهيئة بأحكام أي قانون آخر، ولا يجوز له ذلك أيضاً بالنسبة لصاحب العمل إلا إذا كانت الإصابة قد نشأت عن خطأ جسيم من جانبه"، يدل على أن مجال تطبيق قانون التأمينات الاجتماعية هو في الأحوال التي أراد فيها المشرع أن يرعى جانب العامل نظراً لمخاطر العمل بعدم تحميله عبء إثبات خطأ صاحب العمل أو تقصيره عند المطالبة بالتعويض، فإذا ما لجأ العامل إلى أحكام هذا القانون واتخذها سنداً له في طلب التعويض فإنه لا يصح له أن يتمسك بأي قانون آخر ضد صاحب العمل إلا إذا كان خطؤه الذي نشأ عنه الحادث جسيماً فإنه يجوز للعامل المضرور منه التذرع في هذه الحالة بالقواعد العامة للمسئولية التقصيرية دون التقيد باللجوء إلى قانون التأمينات الاجتماعية، وكان الخطأ الجسيم في معنى المادة الرابعة من قانون إصابات العمل رقم 64 لسنة 36 التي تقابلها المادة 42 من القانون المذكور - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو الذي يقع بدرجة غير يسيرة ولا يشترط أن يكون متعمداً، ولئن كان تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه هو من المسائل التي يخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض، إلا أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام استخلاصها سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى، وكان يبين من الحكم المطعون فيه وعلى ما سلف ذكره أنه قضى بمسئولية الطاعنة بالتعويض على أساس المسئولية التقصيرية المقررة في القانون المدني لارتكابها خطأ جسيماً أدى إلى وفاة مورث المطعون عليهم يتمثل في عدم اتخاذها الحيطة اللازمة لحماية العمال من أخطار الكهرباء أثناء عملهم بالقرب من أسلاك ناقلة للكهرباء تمتد على مسافة نصف متر من سطح المخزن المصنوع من الصاج وهو موصل جيد للكهرباء أثناء سقوط الأمطار، وكان الحكم قد التزم صحيح القانون إذ اعتبر ما وقع من الطاعنة من أفعال خطأ جسيماً موجباً لمسئوليتها، وكان الحكم قد استند في استخلاص خطأ الطاعنة إلى أسباب سائغة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها مستمداً ذلك مما استخلصه من أقوال الشهود والمعاينة التي أجراها محقق الشرطة في محضر العوارض الذي حرر عن الحادث، وإذ كانت هذه الأدلة كافية لحمل قضاء الحكم ولها أصلها الثابت في الأوراق فلا عليه إن هو لم يرد على ما أثارته الطاعنة من دفاع في أسباب النعي، إذ ليس على الحكم أن يفند كل ما لم يأخذ به من حجج الخصوم ما دام أنه قد انتهى إلى ثبوت الخطأ في جانب الطاعنة بأدلة كافية لأن في أخذه بها الرد الضمني المسقط لما يخالفها، وكان يبين من مراجعة أقوال الشهود في محضر العوارض أن أمين المخازن بالشركة قرر أن تساقط الأمطار ساعد على اتصال التيار الكهربائي بجسم العامل فصعقه، كما أنه ثبت من التقرير الطبي أن الوفاة كانت بسبب الصدمة العصبية الشديدة نتيجة ملامسة سلك كهربائي مكان الحرق مما مقتضاه أن السلك الكهربائي الذي لمسه العامل عار أو غير معزول مما لا محل معه لتعييب الحكم بمخالفة الثابت بالأوراق في هذا الخصوص، أما ما أثارته الطاعنة بشأن خطأ مجلس مدينة دسوق فهو دفاع لم تتمسك به أمام محكمة الاستئناف ويعتبر سبباً جديداً لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض، لما كان ذلك وكان الحكم قد استقام قضاءه على ما استظهره في أسباب سليمة على أساس المسئولية التقصيرية فإن النعي باستناده إلى المادتين 108 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 والخامسة من قرار وزير العمل رقم 48 لسنة 1967 أياً كان وجه الرأي فيهما يكون غير منتج ويكون النعي على الحكم بجميع أسبابه على غير أساس مما يتعين معه رفض الطعن.
ساحة النقاش