تقادم دعوى التعويض عن بروتستات موقعة دون وجه حق. منازعة من وقعها بشأن مسئوليته عنها في دعوى إلغاء تلك البروتستات. لا يمنع من سريان التقادم.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
المجلد الثاني - السنة 27 - صـ 1741
جلسة 14 من ديسمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين محمد صدقي العصار وعبد الرؤوف عبد المجيد جودة وجمال الدين عبد اللطيف وإبراهيم هاشم.
(320)
الطعن رقم 432 لسنة 42 القضائية
(1 و2 و3) تقادم "تقادم مسقط". تعويض.
(1) تقادم دعوى التعويض عن بروتستات موقعة دون وجه حق. منازعة من وقعها بشأن مسئوليته عنها في دعوى إلغاء تلك البروتستات. لا يمنع من سريان التقادم.
(2) المطالبة القضائية. لا تعد قاطعة للتقادم إلا في خصوص الحق المرفوعة به الدعوى وتوابعه. احتفاظ الطاعن بحقه في التعويض بصحيفة دعوى إلغاء البروتستات الموقعة دون وجه حق. هذه الدعوى لا تقطع التقادم المسقط للتعويض.
(3) بدء سريان التقادم المسقط. مناطه. علم المضرور بوقوع الضرر وبشخص المسئول عنه. لا عبرة بتاريخ تحديد قيمة الضرر بصفة نهائية.
1 - إن منازعة المطعون عليهما - أمام محكمة الموضوع - حول مسئوليتهما عن توقيع البروتستات، لا تعتبر مانعاً من سريان التقادم بالنسبة للتعويض الذي يرجع به الطاعن عليها عن توقيع هذه البروتستات، لأن النزاع المذكور لم يكن ليحول دون مطالبتهما بالتعويض سواء في تلك الدعوى أو بدعوى أخرى مستقلة قبل انقضاء مدة التقادم ذلك أن دين التعويض استحق من الوقت الذي تحقق فيه الضرر للطاعن بتوقيع البروتستات.
2 - يشترط في المطالبة القضائية التي تقطع التقادم المسقط - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يتوافر فيها معنى الطلب الجازم بالحق الذي يراد اقتضاؤه ولهذا فلا تعد صحيفة الدعوى المرفوعة بحق ما قاطعة للتقادم إلا في خصوص هذا الحق وما التحق به من توابعه مما يجب بوجوبه أو يسقط بسقوطه فإن تغاير الحقان أو تغاير مصدرهما. فالطلب الحاصل بأحدهما لا يكون قاطعاً لمدة التقادم بالنسبة للحق الآخر. لما كان ذلك وكانت صحيفة دعوى إلغاء البروتستات لا تحمل معنى الطلب الجازم بالتعويض إذ اكتفى الطاعن فيها بأن يحتفظ لنفسه بالحق في مطالبة المطعون عليهما بالتعويض عما أصابه من توقيع هذه البروتستات، وكان هذا التعويض لا يعتبر من توابع طلب إلغاء البروتستات الذي كان مطلوباً في الدعوى السابقة بالمعنى السالف تحديده إذ أنه لا يجب بوجوبه ولا يسقط بسقوطه، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
3 - تنص المادة 172/ 1 من القانون المدني على أنه "تسقط بالتقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه، وتسقط هذه الدعوى في كل حال بانقضاء خمس عشرة سنة من يوم وقوع العمل غير المشروع". مما مفاده أن المناط في بدء سريان مدة التقادم طبقاً لهذه المادة هو علم المضرور بوقوع الضرر وبشخص المسئول عنه لا باليوم الذي تحدد فيه قيمة الضرر بصفة نهائية.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 233 سنة 1970 مدني كفر الشيخ الابتدائية ضد المطعون عليهما بصحيفة أودعت قلم الكتاب في 19/ 3/ 1970 طلب فيها الحكم بإلزامهما بأن يؤديا له متضامنين مبلغ عشرة آلاف جنيه، وقال بياناً للدعوى إنه كان قد اشترى منهما في 12/ 12/ 1960 شاسيه سيارة نقل لقاء ثمن قدره 1950 جنيهاً تدفع على أقساط وحررت كمبيالة عن كل قسط، وفي 21/ 3/ 1961 اتفق معهما على فسخ البيع وحررا له مخالصة عن قيمة الكمبيالات، إلا أنه فوجئ بأنهما كانا في 20/ 3/ 1961 قد حولا الكمبيالات المذكورة إلى بنكي مصر والجمهورية الذين قاما بتوقيع بروتستات عدم دفع ضده في مواعيد استحقاق الكمبيالات، فأقام ضد المطعون عليهما والبنكين المذكورين الدعوى رقم 303 سنة 1962 مدني كفر الشيخ الابتدائية بطلب الحكم بإلغاء أحد عشر بروتستو عدم دفع وقعت ضده، ولما حكم في تلك الدعوى بطلباته استأنف المطعون عليهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 67 سنة 16 ق طنطا (36 سنة 1 ق مأمورية كفر الشيخ) وقضى فيه بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة للبروتستو المحرر بتاريخ 2/ 3/ 1961 لتوقيعه قبل التخالص وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك، وإذ كان الطاعن تاجراً وتأثرت سمعته المالية والتجارية نتيجة توقيع هذه البروتستات فانكمش حجم معاملاته مما عاد عليه بضرر يقدره بمبلغ عشرة آلاف جنيه، فقد أقام دعواه للحكم له بطلباته. دفع المطعون عليهما بسقوط الدعوى بالتقادم الثلاثي طبقاً للمادة 172 من القانون المدني، وقضت المحكمة بتاريخ 28/ 4/ 1971 بسقوط حق الطاعن في إقامة الدعوى بمضي المدة. استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف طنطا وقيد استئنافه برقم 95 سنة 4 ق مدني مأمورية كفر الشيخ، وبتاريخ 18/ 4/ 1972 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب، ينعى الطاعن بالأولين منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، ويقول بياناً لذلك إن الحكم أقام قضاءه بسقوط حق الطاعن في إقامة الدعوى بالتقادم الثلاثي تأسيساً على علمه بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه من تاريخ إقامته الدعوى رقم 303 سنة 1962 مدني كفر الشيخ الابتدائية ضد المطعون عليهما في 27/ 10/ 1962 بطلب إلغاء البروتستات الموقعة ضده، في حين أن النزاع ثار في تلك الدعوى واستئنافها حول تحديد شخص المسئول عن الضرر إذ أنكر المطعون عليهما مسئوليتهما عن توقيع البروتستات تأسيساً على أن السندات التي وقعت بموجبها البروتستات قد ظهرت منهما تظهيراً ناقلاً للملكية إلى الغير قبل تحرير المخالصة عن هذه السندات؛ يدل على ذلك أنه أدخل بنك الإسكندرية وشركة مصر للتجارة الخارجية خصوماً في الدعوى المذكورة، ويبين منها أن الحكم الصادر في الاستئناف بتاريخ 13/ 5/ 1969 هو الذي قطع بمسئولية المطعون عليهما عن توقيع البروتستات، وبالتالي يتعين أن يحتسب التقادم من ذلك التاريخ، هذا إلى أن دعوى التعويض الحالية مؤسسة على خطأ المطعون عليهما بتوقيع البروتستات ويقع عبء إثبات هذا الخطأ على الطاعن وهو الأمر الذي لم يثبت إلا بعد صدور الحكم النهائي سالف الذكر، وإذ احتسب الحكم المطعون فيه بدء التقادم من تاريخ وقوع الضرر دون أن يبين العناصر التي استخلص منها اقتران تاريخ علمه بوقوع الضرر بشخص المسئول عنه فإنه يكون معيباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه، أنه أقام قضاءه بسقوط حق الطاعن في إقامة الدعوى بالتقادم على قوله "إنه لما كان المدعي - الطاعن - أصيب ولا شك بأذى في سمعته من جراء السلوك الخاطئ للمدعى عليهما - المطعون عليهما - لتوقيعهما بروتستات عدم دفع ضده رغم سداده لقيمة الكمبيالات المحرر عنها هذه البروتستات...... وكان المدعي أقام الدعوى رقم 303 سنة 1962 في 27/ 11/ 1962 طالباً فيها إلغاء بروتستات عدم الدفع التي وقعها المدعى عليهما ضده في الفترة من 2/ 12/ 1961 إلى 2/ 10/ 1962 وحصر طلباته في الدعوى الماثلة بتعويض الضرر الذي أصابه من جراء توقيع المدعى عليهما لهذه البروتستات فإنه لا تثريب على هذه المحكمة إن استخلصت علم المدعي بحدوث الضرر الذي أصابه في سمعته وبشخص المسئول عنه من يوم إقامته الدعوى 303 سنة 1962 في 27/ 10/ 1962 ومن ثم فإن مدة الثلاث سنوات محتسبة من هذا التاريخ الأخير وحتى تاريخ إقامة دعوى التعويض - الدعوى الماثلة - في 19/ 3/ 1970 تكون قد انقضت وتكون لذلك دعوى المسئولية قد تقادمت بمضي المدة عملاً بالمادة 172 من القانون المدني"، وكان الحكم المطعون فيه قد أضاف إلى ذلك "والمستأنف - الطاعن - برفعه دعوى إلغاء البروتستات في سنة 1962 يسجل عن نفسه أنه عالم بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه وقد كان من حقه أن يطالب بالتعويض الذي يطلبه الآن في ذات الدعوى الأولى الخاصة بإلغاء البروتستات أو في دعوى أخرى مستقلة في خلال الأجل المحدد في المادة 172 من القانون المدني ولكنه لم يشأ أن يفعل"، وكانت محكمة الموضوع على ما سلف إيراده قد استخلصت في حدود سلطتها التقديرية علم الطاعن بالضرر الذي أصابه وبشخص المسئول عنه من اليوم الذي أقام فيه الدعوى رقم 303 سنة 1962 مدني كفر الشيخ الابتدائية بطلب إلغاء بروتستات عدم الدفع في 27/ 10/ 1962 وقد أكد الحكم المطعون فيه هذا العلم بما ساقه رداً على السبب الثاني من سببي الاستئناف من أن الطاعن أشار في صحيفة تلك الدعوى إلى أن أضراراً قد أصابته من البروتستات التي وقعها المطعون عليهما وأنه يحتفظ بحقه في المطالبة بالتعويض عنها، وكانت منازعة المطعون عليهما حول مسئوليتهما عن توقيع البروتستات لا تعتبر مانعاً من سريان التقادم بالنسبة للتعويض الذي يرجع به الطاعن عليهما عن توقيع هذه البروتستات لأن النزاع المذكور لم يكن ليحول دون مطالبتهما بالتعويض سواء في تلك الدعوى أو بدعوى أخرى مستقلة قبل انقضاء مدة التقادم ذلك أن دين التعويض استحق من الوقت الذي تحقق فيه الضرر للطاعن بتوقيع البروتستات، ولما كان ما استخلصه الحكم سائغاً ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، فإن النعي بهذين السببين يكون على غير أساس.
وحيث إن مبنى النعي بالسبب الثالث أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه لم يعتبر الدعوى الأولى بإلغاء البروتستات قاطعة للتقادم رغم أنه ضمن صحيفتها أن أضراراً قد أصابته وأنه سيطالب بالتعويض عنها، في حين أن صحيفة الدعوى المرفوعة بحق ما تكون قاطعة للتقادم في خصوص هذا الحق وما التحق به من توابعه، وإذ تعتبر دعوى التعويض تابعة لدعوى إلغاء البروتستات فإن احتفاظ الطاعن لنفسه في الدعوى الأولى بالحق في المطالبة بالتعويض عن توقيع هذه البروتستات يكون قاطعاً للتقادم، ويكون الحكم إذ قضى بسقوط الدعوى قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه يشترط في المطالبة القضائية التي تقطع التقادم المسقط - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يتوافر فيها معنى الطلب الجازم بالحق الذي يراد اقتضاؤه ولهذا فلا تعد صحيفة الدعوى المرفوعة بحق ما قاطعة للتقادم إلا في خصوص هذا الحق وما التحق به من توابعه مما يجب بوجوبه أو يسقط بسقوطه، فإن تغاير الحقان أو تغاير مصدرهما فالطلب الحاصل بأحدهما لا يكون قاطعاً لمدة التقادم بالنسبة للحق الآخر. لما كان ذلك وكانت صحيفة دعوى إلغاء البروتستات لا تحمل معنى الطلب الجازم بالتعويض إذ اكتفى الطاعن فيها بأن يحتفظ لنفسه بالحق في مطالبة المطعون عليهما بالتعويض عما أصابه من توقيع هذه البروتستات، وكان هذا التعويض لا يعتبر من توابع طلب إلغاء البروتستات الذي كان مطلوباً في الدعوى السابقة بالمعنى السالف تحديده إذ أنه لا يجب بوجوبه ولا يسقط بسقوطه، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب غير سديد.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه قضى بسقوط حق الطاعن في إقامة دعواه بمضي المدة استناداً إلى علمه بالضرر الذي أصابه وبشخص المسئول عنه من اليوم الذي أقام فيه الدعوى رقم 303 لسنة 1962 بطلب إلغاء بروتستات عدم الدفع في 27/ 10/ 1962 في حين أنه لم يكن المطعون عليهما في ذلك الوقت قد وقعا أكثر من أحد عشر بروتستاً وقد استمر في توقيع بروتستات أخرى أثناء نظر الدعوى واستئنافها الذي فصل فيه بتاريخ 13/ 5/ 1969، كما أن الضرر الذي لحقه من هذا العمل غير المشروع لم يتحدد بصفة نهائية إلا حين اضطر إلى وقف نشاطه التجاري نهائياً في أواخر سنة 1969 مما يتعين معه أن يحتسب تاريخ بدء التقادم من أي من هذين التاريخين، وقد أقيمت الدعوى الحالية بطلب التعويض في 19/ 3/ 1970 فلا تكون قد سقطت بالتقادم.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان يبين من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه أن بروتستات عدم الدفع التي ألغيت بالحكم الصادر في الدعوى رقم 303 سنة 1962 مدني كفر الشيخ الابتدائية وكانت موضوع دعوى التعويض هي عشر بروتستات وهي التي وقعت بعد تاريخ المخالصة وآخرها كان بتاريخ 2/ 10/ 1962 قبل رفع دعوى إلغاء البروتستات في 27/ 10/ 1962، وكانت المادة 172/ 1 من القانون المدني تنص على أن "تسقط بالتقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه وتسقط هذه الدعوى في كل حال بانقضاء خمس عشرة سنة من يوم وقوع العمل غير المشروع"، مما مفاده أن المناط في بدء سريان مدة التقادم طبقاً لهذه المادة هو علم المضرور بوقوع الضرر وبشخص المسئول عنه لا باليوم الذي تحدد فيه قيمة الضرر بصفة نهائية، مما لا محل معه لتحدي الطاعن باحتساب مدة التقادم من تاريخ وقف نشاطه التجاري نهائياً في سنة 1969، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ساحة النقاش